البدع السودانية كثيرة يا أستاذ أبو زيد

 


 

 


 

Morizig@hotmail.com

 

كتب الأستاذ عثمان أبو زيد وهو من أهل مجلس الصحافة والمطبوعات ومن أهل الإعلام عموما مقالا يشير فيه إلى بدعة رسوم تأشيرة الخروج من السودان وفى تبادل للحديث ذات مرّة مع بعض زملاء له من بعض الدول العربية والإفريقية، اكتشف الرجل " أنهم عندما يغادرون بلادهم لا يلزمهم أبداً أن يحصلوا على تأشيرة خروج ، بل يكفي وضع ختم المغادرة فقط على جواز السفر."!  وأدرك الرجل حينها " أن هذا الإجراء ربما لا يكون له وجود اليوم إلا في بلد واحد من مخلفات الشيوعية هي فيتنام ، وقد كان موجوداً سابقاً في ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية!"  ونسى الأستاذ أبوزيد أن السودان كان له نصيب من هذه المخلفات الشيوعية والإستعمارية والرأسمالية وهى كثيرة جدا إذا إحصيناها.  ورسوم تأشيرة الخروج هو تشريع قديم جدا تعاملنا مع واقعه فى العهد المايوى وما قبل ذلك فقد كنا أطفالا لا نعى للحياة والقوانين وإجراءات السفر شيئا. والأدهى وأمر من ذلك أن أضافت الإنقاذ الإسلامية بكامل وعيها إلى تلك المخلفات الشيوعية والإستعمارية رسوما أخرى تسمى رسوم المغادرة! وكأنها تقول لك : إنت مارق ماشى وين تمشى كرعينك مكسرة؟!  وغدا سندفع رسوم رجوع إذا سكتنا عن الكلام المباح!.

وأضيف لموضوع تأشيرة الخروج الذى أثاره الأستاذ أبو زيد ، موضوعا آخر يتعلق بزيارة المرضى فى المستشفيات الحكومية. فمنذ أن فتّحت أعيننا لم يغب عنها مشهد تكدس الناس أمام أبواب المستشفيات للدخول ومنظر ذلك الغفير سئ الخلق الذى يدفع الناس عن الباب دفعا، وصاحبه هامان الذى وكل بجباية رسوم الدخول من الزوار!  ما زال هذا المنظر يتكرر يوميا منذ الستينات أو السبعينات حتى يومنا هذا.  زيارة المرضى بالقروش يا جماعة!!!  زيارة المريض التى أمر بها الإسلام ومن قبله جميع الأديان السماوية وإتفقت معهم جميع الأديان الوضعية بالقروش فى بلادى العزيزة التى فلقت رأسنا بحديثها عن قيمها وكرمها وخصوصية إنسانها الذى نزل من الثريا على أجنحة جبريل عليه السلام!!! وحتى يوم العيد تفرض المستشفيات رسوما للدخول على المرضى لزيارتهم ومباركة العيد لهم !!   نعم ، الزيارة بالقروش وليس مجانا تعظيما لشعائر الله!! وليست المستشفيات الحكومية فقط التى تفرض هذه المكوس، فبعض المستشفيات الخاصة أيضا نحت نفس النحو الظالم !!  فهذه بدعة سودانية أصيلة يا أستاذ أبو زيد تضاف لبدع وليس إبداعات هذا البلد العجيب وليس كمثلها شئ فى بلاد العالم ! 

ويبدو أن الإدارة فى بلادنا بعد أن تسودنت تميزت بالبلاهة والبلادة والرتابة والتقليد ، وذلك واضح فى عملية تغيير المدراء ، فعندما يأتى مدير فى مكان مدير آخر لا يتعب المدير الجديد نفسه لمعرفة أسباب القرارات السابقة ولا يجهد عقله فى تقييمها ومراجعتها لمعرفة صلاحيتها للزمن الذى هو فيه! بل يسع هؤلاء المدراء ما وسع المشركين من الكسل والخمالة الفكرية التى تمثلت فى مقولتهم الشهيرة: " إنا وجدنا آباءنا على أمة (دين) وإنا على آثارهم مقتدون".  فقرار مواعيد الزيارة الذى إتخذه مدير فى الخمسينات أو الستينات من القرن الماضى وحدد بدايته بالساعة 3 ظهرا و نهايتها بالساعة 6 مساء ، لم يراجعه أحد لأنّه من الموروثات التى لا يمسها حتى المطهرون!!  نعم ، زيارة فى عز الحر فى بلد فيه الشمس تكيد للإنسان كيدا، والسحائى يترصد بالناس فى الشوارع، ورائحة العرق تزكم الأنوف وتضايق المرضى و تزيدهم مرضا، ومع ذلك كله لا أحد يراجع القرار!!  والجدير بالذكر أنّ عواملا أخرى قد دخلت للساحة مما يستوجب مراجعة القرار القديم، ومن تلك العوامل تغيير مواعيد الخروج من العمل ، و توفر المواصلات التى لم تعد تتوقف الساعة السادسة مساء  كما كانت فى الماضى. وفى ظنى أن مواعيد العمل السابقة وشح المواصلات سابقا هما السبب الرئيسى لإتخاذ ذلك القرار فى وقته وقد كان صائبا بالرغم من قسوة الجو خاصة فى الصيف.

 

فنحن يا أستاذ أبو زيد نطالب بمراجعة إيرادات الدولة لتتوافق مع الشريعة الإسلامية التى نهت نهيا قاطعا لا خلاف حوله عن أكل أموال الناس بالباطل، والنهى ليس موجها للأفراد فحسب بل موجه للدولة على حد سواء. فإذا كانت رسوم تأشيرة الخروج ورسوم زيارة المرضى من الموروثات الرأسمالية أو الشيوعية أو البوذية أو سمّها ما شئت ، فعلى الإسلاميين تصحيح الوضع لا زيادة الطين بلة. وفى ظنى أنّه ما زال أمام الإسلاميين كثير من الوقت لتصحيح كثير من الأخطاء الموروثة وغير الموروثة وذلك قبل أن تغرغر روح دولتهم التى ينطبق عليها قول الله تعالى:  " ولكل أمة (جماعة) أجل ، فإذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون."  فهل ياترى سيبلغ الأستاذ أبو زيد النصيحة قبل أن تأتى تلك الساعة التى لا ريب فيها ؟.

 

آراء