متلازمة الأمن و التنمية
1 November, 2009
في الوضع العاصف الذي يحيط بالسودان و يهدد امنه و بقائه كدولة يقفز السؤال عن دور التنمية في تحقيق الامن القومي بمختلف مكوناته. مكونات الامن القومي نفسها متغيرة حسب المناخ الدولي و الاقليمي و الوضع الداخلي للبلاد. لذلك فان حصر مفهوم الامن القومي في الدفاع و جهاز الامن و المخابرات و الاجهزة الشرطية يعتبر مفهوما قاصرا في عالم اليوم. تبدلت استراتيجيات الامن القومي في العالم و اتسعت ليصبح الامن منظومة دولية شاملة ، لا يشكل الامن القومي لدولة ما الا جزءا بسيطا منها ، في علاقته بما يمكن ان يحدث بالداخل و ينعكس علي الآخرين خارج الحدود الوطنية للدولة. ما يهمنا هنا فقط علاقة الامن القومي بالسياسات الاقتصادية و بالدور المتعاظم للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية في المحافظة علي و صيانة الامن في هذا العالم الذي يتغير بسرعة بينما نسير نحن ، في اغلب الأحيان الي الوراء. في هذا الوضع الإصرار علي الأنماط القديمة في السلوك و وضع السياسات و التعامل مع الظواهر التي تهم المجتمع يعتبر مدمرا لأمن البلاد و استقرارها.
من المهددات الكبري للأمن القومي التخلف الاقتصادي و الفقر و التهميش ، لقد أضاءت الأزمة المالية العالمية الكثير من المناطق المظلمة و أوضحت كيف يمكن للكساد الاقتصادي ان يشكل خطورة كبري علي الأمن القومي. جعل ذلك الدول الاقوي اقتصاديا تتسابق لإنقاذ اقتصادها من الكساد حتي تقلل من حجم التداعيات الاجتماعية و السياسية و بالتالي تدارك الإخلال بالامن القومي. كل ذلك لم يحد من خطورة التداعيات المصاحبة للكساد الاقتصادي فقد ادي تنامي البطالة و تراجع الدخول الي ظهور حالات من التطرف و ازدياد النزعات العنصرية مما ادي الي صعود الكثير من الاحزاب اليمينية المتطرفة الي السلطةاو تنامي شعبيتها. بل ان الامر ذهب ابعد من ذلك في استجابة السياسيين لاتجاهات الراي العام اليميني فظهرت قوانين للهجرة و التشغيل معادية للأجانب ، إضافة للتداعيات الاجتماعية و الدينية السالبة.
جوانب اخر ي تهدد الامن القومي مثل تفشي الامراض و الاوبئة و من الامثلة علي ذلك الاهتمام الكبير بمرض ( HIN1) ، المعروف بانفلونزا الخنازير و الجدل المحتدم حول عقاقير التطعيم منه. كذلك الحال بالنسبة لاوضاع التعليم و جودة مخرجاته ، يدخل في ذلك ايضا التعامل الخارجي للدولة في التبادل التجاري و التعاون الاقتصادي الدولي بما فيه التمويل و الاستثمار. التعامل مع المكونات الأمنية داخل البلد, يتطلب العمل علي وجود مجتمعات معافاة , مما يستدعي توسيع المشاركة الشعبية في اتخاذ القرارات المصيرية عبر مؤسسات متوافق عليها من مختلف الجهات الفاعلة و من الجماعات و الأفراد. إن ما يحدد شرعية اي حكومة هو الالتزام بأحكام القانون في الداخل, وقواعد القانون الدولي في الخارج ، مع ضرورة ان تلبي القوانين الداخلية جميع متطلبات الحياة و ان تراعي ، بشكل منصف الحقوق و الواجبات لجميع المواطنين و تكفل عدالة المساواة امام القانون و اتاحة الفرص و الحريات الأساسية.
في السياق اعلاه يتم وضع الاستراتيجيات الجديدة للامن القومي و من اهم الجوانب التي تهمنا فيه هي تلك الخاصة بضرورة ربط الامن القومي باستراتيجيات التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و العمل بشعار ( لا امن بلا تنميه و لا تنميه بلا امن ) . نجد ذلك مضمنا في عمل الكثير من المنتديات و المؤتمرات و الدراسات التي تتحدث عن متلازمة الأمن القومي و التنمية.
في إطار الفكرة أعلاه لابد من البحث عن سبل تجاوز الأزمات السياسية و الاقتصادية التي تعاني منها البلاد و ايجاد المخرج المؤدي الي تدارك الأخطار الداخلية و الخارجية التي تهدد الامن القومي. في هذا الاطار ندعو للاهتمام بنوعية حياة الناس و استعادة الثقة في مؤسسات الدوله و اتقان حسابات الربح و الخسارة في القرارات المصيرية التي تهم البلاد و المواطن.
Dr.Hassan.
hassan bashier [hassanbashier141@hotmail.com]