رئيس حزب الأمة السوداني المعارض: إجراءات الانتخابات فيها «فاولات» وأساليب فاسدة

 


 

 

الصادق المهدي: السيناريو المحتمل جهنمي.. ونتوقع سنة كبيسة

الشرق الاوسط:

قال رئيس حزب الأمة السوداني المعارض الصادق المهدي في حوار مع «الشرق الأوسط» في الخرطوم أنه إذا ما سارت إجراءات الانتخابات كما هي الآن، ولم تتم معالجة ما يشوبها من أخطاء، واستمرت في ذات الوقت الخلافات بين شريكي الحكم في السودان (حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) فإن السيناريو المتوقع لمستقبل البلاد، يبدو «جهنميا»، متوقعا في ذات الوقت «سنة كبيسة» على السودانيين، بسبب الجفاف، وانخفاض منسوب مياه النيل، وارتفاع أسعار المحصولات الزراعية. وقيّم المهدي العملية الانتخابية التي تمضي في بلاده الآن قائلا إنها «بين بين»، وأضاف: «هناك دلائل على الموضوعية والنزاهة، وفيها «فاولات»، واتهم الحزب الحاكم مباشرة بارتكاب أساليب فاسدة في عمليات التسجيل للانتخابات، واقترح المهدي «لقاء قمة سياسيا سودانيا» لخلق المناخ الملائم للانتخابات وعمليات التحول الديمقراطي، وقدم نماذج مثل «تحويل منازل منسوبين إلى الحزب الحاكم إلى مواقع للتسجيل». وقال إن مشكلة دارفور يمكن أن تُحَلّ في ظرف ثلاثة أشهر إذا ما خلصت النيات.

 

* كيف تقيّمون العمليات والإجراءات التي تجري في البلاد الآن لإجراء الانتخابات العامة في أبريل (نيسان) المقبل؟

 

ـ التجربة حتى الآن «بين بين».. فيها دلائل على موضوعية واهتمام بالنزاهة، وفيها «فاولات»، أسمّيها تجاوزات وتعديات وأساليب فاسدة. نحن الآن بصدد عمل دراسة كاملة لهذا الأمر، تشمل العاصمة والأقاليم، وحتى الجنوب لأن حول العملية الانتخابية طعونا، كما أن الدراسة تأتي من حرصنا الشديد على الانتخابات باعتبارها الوسيلة الوحيدة للتداول السلمي للسلطة. نحن نعمل كل ما يمكن عمله كي تجري انتخابات نزيهة لحسم مسألة التداول السلمي للسلطة، ولكن هذا كله يعتمد على التقييم النهائي للمخالفات المرصودة.

 

* هل تتم خطوات عملية الآن من جانبكم؟

 

ـ في خطتنا الآن تشجيع الناخبين على تسجيل أسمائهم في السجل الانتخابي، وإحصاء المخالفات، ومطالبة الجهات المعنية بتصحيح المخالفات، وبتمديد السجل. هذا يعني تمديدا للإجراءات الأخرى، وقلنا للجهات المعنية أن تجرى الانتخابات في نهاية أبريل المقبل، بدلا من أول أو منتصف أبريل، كما نحن مشغولون بالتناول السياسي للقضايا، حيث نرى أن المناخ غير ملائم، وفيه لغة إقصائية، ولغة عدائية متبادلة، وهذا من شأنه أن يقلل من فرص سلامة الانتخابات، وعليه اقترحنا «قمة سياسية» سودانية لتكون وسيلة من وسائل تحضير المناخ المناسب للانتخابات المقبلة.

 

* تحدثتم عن «فاولات»، أي تجاوزات في هذه المرحلة من العملية الانتخابية، فهل بيدكم نماذج؟

 

ـ نعم، هناك جهات رسمية استغلت وضعها، وكانت في مواقع التسجيل، لا شك أنها أثرت على العملية بذلك، وهناك تجاوزات كبيرة مثل تسجيل جهات بالقائمة مع أن القانون يقول إن التسجيل للفرد، وهناك جهات جرى تسجيلها في مواقع العمل وهذا غير قانوني، وهناك إعلام رسمي غير محايد من شأنه أن يؤثر في العملية، كما أن هناك طعنا أساسيا يتمثل في مشاركة اللجان الشعبية في عملية التسجيل، لأن اللجان الشعبية مكونة في ظل الشمولية، وهي منحازة إلى الشمولية، وهناك مناطق كان التسجيل فيها يتم في منازل أفراد ينتمون إلى حزب المؤتمر الوطني الحاكم، لا إلى مواقع عامة، مثل المدارس وغيرها، وهؤلاء لا بد من التصدي لهم، وهناك طعون في كيفية التسجيل في جنوب السودان من قِبل معارضي الحركة الشعبية، كل هذه المسائل تحتاج إلى دراية للتأكد من كل ما نعتبره أساليب فاسدة، وسنتفاهم مع حلفائنا، وسنتحدث مع المفوضية وحزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، باعتبار أن الموضوع يهمنا جميعا. القضية لا تخص مفوضية الانتخابات وحدها، قبول الأطراف كافة للإجراءات التي تمضي الآن شرط من شروط صحة الانتخابات، وعليه فإن لقاء القمة السياسي المقترح إذا لم يجد لكل تلك الأمور حلا فإننا نجد أنفسنا أمام انتخابات ـ كما قلنا ـ «كرزائية»، أو انتخابات تصير جزءا من المشكلة في البلاد لا جزءا من الحل، فلا بد من أن نستخدم كل الوسائل الممكنة لتجنب حدوث ذلك.

 

* وإذا لم تتوفر الاستطاعة لتجنبها؟

 

ـ نقول: لكل حادث حديث، ونحن نريد أن نغلّب أن الجميع أبرياء إلى أن يثبت العكس.

 

* إلى أي مدى تنعكس خلافات شريكي الحكم على خطوات التحول الديمقراطي، من وجهة نظركم؟

 

ـ هذه خلافات خطيرة جدا، إن اتفاقية السلام الشامل الذي وقع في نيفاشا بكينيا، أقامت شرعية الرئاسة والدستور والقانون على التفاهم الثنائي، وإذا انفضّ هذا التفاهم فسينعكس سلبا على عملية السلام والدستور والقوانين. والصحيح للأمور ليس كما يحدث الآن، عبر التفاوض الثنائي ويكون فيه لأحد من الطرفين حق الفيتو في أي قضية مطروحة، ليكون مصير البلاد في يده. وأخيرا أدخلوا بدلا عن الثنائية طرفا ثالثا وهو المبعوث الأميركي، يقصد إليه ثلاثية شكلت أخيرا لبحث تنفيذ اتفاق نيفاشا. المبعوث الأميركي مهما كانت نياته حسنة فهو غير ملم بالواقع، وفي النهاية دوره لا يزيد عن النيات الحسنة أو استخدام العصا والجزرة، لذا نحن نرى أن الحل في القمة السياسية السودانية، التي نقترحها، والتي تضم: «رئاسة الجمهورية بمكوناتها الحالية: حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، وحزب الأمة القومي المعارض، والحزب الاتحادي الديمقراطي المعارض بزعامة محمد عثمان الميرغني، وحزب المؤتمر الشعبي المعارض، بزعامة الدكتور حسن عبد الله الترابي، والحزب الشيوعي المعارض بزعامة محمد إبراهيم نقد، وحركة تحرير السودان بزعامة مني أركو مناوي كبير مساعدي الرئيس السوداني، وجبهة الشرق بزعامة موسى محمد أحمد مساعد الرئيس السوداني، ومن شخصين آخرين رجل وامرأة تختارهما هذه القوى، ويمثلان من وجهة نظر هذه القوى المجتمع المدني السوداني. اللقاء السياسي هذا أفضل من الآلية الثلاثية لحسم الخلافات الماثلة بين الشريكين، وهي محاولة سودانية جادة لسَودنة عملية السلام، والتحول الديمقراطي، وجعلها عملية قومية، ونرى أن تتبنى القمة السياسية تقرير لجنة حكماء إفريقيا برئاسة أمبيكي، وقادرة من خلال ما يجري في الدوحة من حوار بين أنباء دارفور خلق رأي عام دارفوري يمهد لمبادرة وآلية جامعة لتناول مشكلة دارفور ضمن القضايا الأخرى التي ستتناولها القمة السياسية.

 

* ماذا تتوقع إذا ما سارت كما هي عليه الآن واستمرت الخلافات بين الشريكين؟

 

ـ هذا يعني الفشل، والفشل يؤدي إلى مشكلات خطيرة، داخلية وخارجية، وهناك تداعيات المحكمة الجنائية الدولية بشأن قضية دارفور قد تدخل البلاد في مخاطر عقوبات دولية، عدم إنجاح التحول الديمقراطي يؤثر سلبا على الاستفتاء وعلى السلام، والسيناريو ما لم تحسم القضايا المطروحة الآن عاجلا تبدو «جهنمية» ومدمرة.. خصوصا أنني هذا العام أرى أنها سنة «كبيسة» في السودان يتعرض فيه لشبح مجاعة ومُحْل في آن واحد، الآن أسعار الذرة والعلف في ارتفاع شديد، وهذا إنذار مبكر، ونهر النيل منسوبه هذا العام أقل من المعدل الوسط، ومراقد المياه خالية من المياه، كل هذا يحتاج جهد محلي ودولي، ولكن للأسف بعض المسؤولين يتبعون نفس أسلوب نميري عندما ظل يردد أن البلاد بخير ولا توجد فيها مجاعة إلى أن ضربت المجاعة البلاد في عام 1984، الوضع الحالي في السودان ينبه كل من له «قلب وسمع».

 

* هل توقع إجراء انتخابات بسلام في إقليم دارفور، في ظل الظروف الراهنة هناك؟

 

ـ إجراء الانتخابات هناك يتوقف على حل المشكلة، والحل ممكن إذا جرى مجهود كبير وخلصت النيات، هذا ممكن خلال ثلاثة أشهر، ولكن غير ممكن إلا إذا دخلنا في مناورات و«محاككات»، الأطراف في السودان يمكن أن تصل إلى إعلان مبادئ، وأتوقع أن يحصل تقرير أمبيكي على تأييد من داخل مجلس الأمن في الخامس عشر من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، فإذا حدث ذلك يساعد لإعلان مبادئ وآلية جامعة، ومن خلال لقاء القمة السوداني المقترح يمكن التوصل إلى سلام في دارفور خلال ثلاثة أشهر.

 

* وهل يُتوقع عقد اجتماع آخر للقوى السياسية التي شاركت في إعلان جوبا الصادر من مؤتمر جوبا للقوى السياسية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؟

 

ـ نعم، سيُعقد اللقاء. لم يحدَّد الموعد، ولكن التحضيرات له تمضي، لأن تحالف جوبا يساعد كثيرا في بلورة الرؤى القومية للأمور السودانية.

 

* إلى أي مدى حزب الأمة مستعد للانتخابات، خصوصا أنه تعرض لانشقاقات في الفترة الماضية؟

 

ـ نحن مستعدون، وأريد أن أوضح هنا أن حزب الأمة بخير، وسيظل، لأن هذا الحزب يستمد شرعية من ثلاثة أشياء: الشرعية التاريخية للحزب، حيث استطاع على مدي التاريخ أن يحقق الإنجازات الكبيرة، والشرعية النضالية، وقد ظل حزب الأمة يناضل منذ الاستقلال مرورا بأكتوبر، والانتفاضة، والتصدي للإنقاذ الآن، والشرعية الفكرية، حيث ظل يقدم المبادرات الفكرية طوال العهود الماضية، وحتى الآن، وله رؤى ومواقف عبر المنابر المختلفة من ورش إلى مؤتمرات، وغيره.كل هذا حوّل الحزب إلى «بحيرة من الشرعية»، أي سمكة تخرج من هذه البحيرة تموت، خصوصا إذا كانت هذه السمكة لم تخرج بسبب مثل الاصطياد، ولكنها شبعت وخرجت. على كلٍّ نحن نتعامل مع المخالفين بأبوية ولم نتخذ مواقف غير ذلك، وهذا أسلوب أفضل من القمع.

 

آراء