هل من الممكن أن يقولها الأستاذ/محمد إبراهيم نقد بهذا الشكل ؟؟

 


 

سارة عيسى
3 December, 2009

 

    هكذا وجدت الخبر منشوراً في موقع سودانيز أولاينز ، من دون تفاصيل ترقى لمستوى الحدث ، الأستاذ نقد وهو يجتمع مع وفد من المتضررين من خزان كجبار أكد للحاضرين أن حلايب مصرية ، ولا أعلم ماهي المناسبة التي دعته لقول ذلك ،  قالها بهذا الشكل : منو القال ليكم حلايب سودانية ، كما أنه طالب المتشككين بالرجوع إلى دار الوثائق السودانية ، إذاً قطعت جهيزة قول كل خطيب ، ويا ليت الأستاذ نقد ترك هذه الحجج لكل من الدكتور مصطفى الفقيه أو هانئ رسلان ، فهذان يطالعان حتى المواقع الإلكترونية السودانية ويردان على كتاب المنتديات في كل كبيرة وصغيرة في كل ما يتعلق بالمصالح المصرية ، مصر لم تكن في حاجة لشهادة الأستاذ نقد ، ودار الوثائق القومية أصبحت ملكاً للمصريين مثلها ومثل الري المصري ومدرسة جمال عبد الناصر وجامعة القاهرة فرع الخرطوم ، والأنظمة السودانية المتعاقبة سلمت دار الوثائق القومية لمصر حتى يساعدها ذلك في إسترجاع طابا من إسرائيل ، هذه طيبة السودانيين التي حكى عنها الرئيس المصري حسني مبارك ، فبعد تحرير طابا عن طريق الوثائق السودانية أنتقل الحلم المصري في التوسع جنوباً ، كتب الدكتور فرج فودة أن الخطر القادم لمصر يأتي من  الجنوب وليس من الشرق  ، وعندما أحتلت مصر حلايب لم تدفع بالوثائق السودانية ، بل أنها زعمت أن حلايب تُستخدم كقاعدة لتصدير السلاح للجماعات الإرهابية في مصر ، وهذه تهمة وصفها رجال الإنقاذ بعيب لا ننكره وشرف لا ندعيه ، كانت حكومة الجبهة الإسلامية القومية منهمكة في حرب الجنوب ، وبعد محاولة إغتيال الرئيس حسني مبارك في أديس أببا أستغلت مصر الظرف الطارئ  ، فكان أمام النظام إحدى الحسنيين ، فإما أن تطالب مصر بحقها وتُصعد الموضوع إلى مجلس الأمن ، وهذا سوف يُفضي إلى قائمة مطلوبين رسميين شاركوا في التخطيط والإعداد لتلك العملية الفاشلة ، أو أن يتراجع النظام عن حقه في حلايب والموافقة الضمنية لعملية التمصير المُمنهجة في حلايب ،  فأختار النظام الخيار الثاني مؤثراً السلامة للاشخاص مقابل التخلي عن الحق الوطني ، نعم أنا أتفهم موقف حزب المؤتمر الوطني من هذه القضية التي صنعها بنفسه ،فهو قد باع القضية لأنه كان يحلم بنصر سريع في حرب الجنوب ، ولا أعتقد أن الآلة العسكرية المصرية سوف تخيف السودانيين ، فتشاد التي نسخر منها أستطاعت أن تطرد العقيد وجنوده من قطاع أوزو الغني باليورانيوم ، وتاريخ مصر يقول أنها لم تغزو السودان منفردة ،فهي دخلت السودان في عهد الألباني محمد علي باشا ، ثم دخل جنودها مع جيش كتنشر باشا الإنجليزي ،  كما أن حرب مصر ضد السودان سوف تضر بمكانتها دولياً وهي بلد تعتمد على المساعدات الأمريكية ، كما أن هذه الحرب سوف تقطع شعرة معاوية فيما يخص مياه النيل ، فنحن في السودان نجهل مصدر قوتنا ، وسوف يجد السودان دعماً دولياً في هذه الحرب لم يحظى به في حرب الجنوب ، ومن الممكن أن تتحول حلايب إلى بعبع يطرد النوم من مضاجع الحكومة المصرية ودرس ثاني بعد فشلها في حرب اليمن  فالواقع يقول أننا بالفعل كنا سوف نكسب قضية حلايب سواء بالقانون الدولي أو عن طريق الحرب ، طبعاً إن كانت هناك إرادة لذلك مع نظافة قلوبنا من تضارب المصالح ،لكن الطآمة الكبرى أن ينتقل هذا الهوان لتلك الأحزاب التي نسميها وطنية ، الحزب الشيوعي السوداني يعيش أيضاً في جلباب الطائفية ويهتف لقيادة الزعيم الأوحد ، ولا فرق عندي بين الرئيس البشير والأستاذ نقد ، فكلاهم يطلق الكلام على  عواهنه ثم يتراجع  عنه بعد فوات الأوان ، سوف يقول الأستاذ نقد أن تصريحه تم تفسيره عن طريق الخطأ أو تم تحريفه ، وربما يتهم حزب المؤتمر الوطني بأنه وراء تسريب هذا التصريح القنبلة ، لكن تأييد الأستاذ نقد للرئيس البشير في وجه المحكمة الدولية ، وقصة إجتماع الشيوعيين في قاعة الصداقة والصرف البذخي الذي نقلته وسائل الإعلام الحكومية  ، وغير كل ذلك قصة إخراج المخابرات السودانية لنقد من مخبئه الذي كان يعتز به ، كل ذلك يعطينا أكثر من دلالة أن العلاقة بين الحزبين المؤتمر الوطني والشيوعي هي سمن على عسل وليست بالضرورة أن تكون علاقة خصمين يختلفان في مصادرهما الفكرية  ، أزمتنا في النضال أننا دائماً ما  نجعل الشيوعيين يتقدموننا في المعارك ، لذلك فازت قائمتي  المؤتمر الوطني وأنصار السنة  في إنتخابات طلاب جامعة الخرطوم ، فلا زال موقف الحزب الشيوعي السوداني غامضاً من أزمة دارفور ، والموقف الناصع الوحيد أنه رفض المحكمة الجنائية الدولية  عندما طالبت بتمكين قيم العدالة وبأنه لا حصانة لرئيس طالما أنه متورط في قتل الأبرياء ، فقد كان الحزب الشيوعي السوداني يراسل أحد الدبلوماسين الأمريكيين وهو السيد/هيرمان كوهين ويتفنن في سرد قصص التعذيب وبيوت الأشباح  في بداية عهد الإنقاذ ، كانت صحيفة مساء الخير الناطقة بلسان الجبهة الديمقراطية تنشر تلك الوثائق في مقهى النشاط ، وقد ساعد الحزب الشيوعي في وضع السودان تحت قائمة الإرهاب الأمريكية وقد أعتز وقتها بذلك ، فهذه التقارير وفرت للإدارة الأمريكية مخزوناً من المعلومات وذريعة لوضع السودان تحت تلك اللائحة  ، ومن هذا تضرر السودانيين كشعب ولم يتضرر النظام  الذي أكد أكثر من مرة أنه لا يحتفظ بودائع مالية في أمريكا ، ولكن عندما أقتضت الحاجة أن يتم الدفاع عن الرئيس البشير كشخص أرتكب بعض التجاوزات في دارفور كان أول من رفض المحكمة الدولية هم الشيوعيون ، ربما يكون السبب جهوياً بحكم أن الحزب الشيوعي بعد مجيء الإنقاذ أصبح لا يضم غير الشماليين ، فقد عافه الجنوبيون وأبناء دارفور ، أو أن الحزب الشيوعي تحول لحالة مثل حالة حزب مصر الفتاة في شمال الوادي ، بذلك تكون القيادة المركزية هي مجرد وهم مثلها ومثل المجلس الأربعيني للجبهة الإسلامية القومية ، فيكون السيد/نقد هو السكرتير العام واللجنة المركزية في وقت واحد .

 

سارة عيسي

sara issa (sara_issa_1@yahoo.com

 

آراء