محمد الشاطر وخطيبته النيتو!!

 


 

 

 

سطر جديد

 

                (شناة النيتو يا يابا).. هكذا كن يقلنها الحبوبات في زمن مضى، تعبيراً عن قبح ودمامة فتاة ما. ترى من تكون النيتو هذه؟ وما مدى قبحها ودمامتها التي صارت مضرب الأمثال؟ الإجابة وجدتها وأنا أطالع في كتاب أثير إلى قلبي، هو كتاب (الأحاجي السودانية) والذي جمع مادته الراحل البروفسير عبد الله الطيب وقدم له وهو يقول (كانت الجدات في زمن مضى يسلين أطفالنا بُعيد المساء بحكايات ومسائل من الأُنس يقال لها الحُجا. كان الغرض من هذه الحكايات شحذ الأذهان وإدخال السرور على نفوس الأطفال ريثما يغلب عليهم النعاس، وقد راعينا في كتابتها الطريقة القديمة وحرصنا على أن نحتفظ بكثير مما في عباراتها من أسجاع وما أشبه).        طابت ذكراك سيدي البروفسير، فقد حفظت لنا إرثاً عظيماً وكنزاً ثميناً كان مآله (لولا جهدك) الضياع والتبعثر.

                ويرى كثير من التربويين أن الأحاجي السودانية هذه تُنمي أفاق الخيال لدى الطفل لطلب المعرفة مما ينعكس على تحصيله العلمي وأدائه المدرسي فيما بعد. ذهبت الأحاجي وإندثرت ولم يعد الأطفال يتحلقون حول (عنقريب) الحبوبة ليشهدوا مسرحاً حياً يتجدد كل يوم.

                أما النيتو هذه كما جاءت في كتاب الأحاجي، فقد كانت بنتاً شينة المظهر وكان أبوها غنياً ويريدها أن تتزوج لكن قبح منظرها حال بينها وهذا الحلم. احتال أبوها على محمد الشاطر وأوهمه بجمالها الفتاك وحسنها البديع مما جعله يتسرع ويتقدم لخطبتها بعد أن دفع لوالدها مهراً (قنطار من دهب) دون أن يكلف نفسه عناء التحقق من حقيقة جمالها. بعد أن تورط محمد الشاطر في هذه (الخطبة المأزق) سمع أقاويل الناس عن قبح ودمامة خطيبته (النيتو) فأرسل خادمه بشارة ليتلصص ويرى (النيتو) بعينه ليعود ويصفها له. نجح بشارة في مهمته وأنقل لكم هذا الحوار الطريف ما بين محمد الشاطر وخادمه بشارة:

محمد الشاطر:  كيف وش النيتو؟

بشارة:          كدوسك الـ مصيته.

محمد:          كيف عيون النيتو؟

بشارة:          كديسك الـ زازيته

محمد:          كيف خشم النيتو؟

بشارة:          كنتوش ملاحك الـ تكيته.

محمد:          كيف شعر النيتو؟

بشارة:          صوف كديسك الـ بليته.

محمد:          كيف إيد النيتو؟

بشارة:          مغيزلك الـ تريته.

محمد:          كيف نهد النيتو؟

بشارة:          قرقادك الـ شويته

محمد:          كيف بطن النيتو؟

بشارة:          كرتوبك الوسط الديار رميته.

محمد:          كيف ظهر النيتو؟

بشارة:          قوسك الـ حنيته

محمد:          كيف كفل النيتو؟

بشارة:          طارك الـ دقيته

محمد:          كيف كرعين النيتو؟

بشارة:          ود السقد الـ سكيته وإتمطرق طالب بيته

محمد:          شن يحلني من النيتو؟

بشارة:          جملك إن شديته ومالك إن خليته.

       

ما أدقّ وصفك يا بشارة، فما تركت للنيتو المسكينة شيئاً واحداً تختال به، وهكذا شدّ محمد الشاطر جمله وترك ماله وهرب تاركاً النيتو تندب حظها.

fadil awadala [fadilview@yahoo.com]

 

آراء