المؤتمر الوطني وشن الحرب على النفس!!

 


 

الطيب مصطفى
31 January, 2010

 

 

زفرات حرى

 

eltayebmstf@yahoo.com

وهكذا تواصل الحركة الشعبية امتطاء ظهر المؤتمر الوطني المنحني منذ اتفاقية نيفاشا بل قبل ذلك يوم قرر أن يدير ظهره لشعار (لن نُذل ولن نُهان) ويوم أناخ ظهره للحركة الشعبية وللقوى الدولية المساندة لها ولم تصدِّق الحركة من هول المفاجأة ما يحدث أمامها من مشاهد مسرح العبث فطفقت تطالب بما لم تكن تحلم به وظل المؤتمر الوطني يبادلها بكرم بل الأحرى بانهزام وإذلال للنفس لم تعهده البلاد منذ قيام الإنقاذ.

حتى أضعكم في المشهد الذي أحدِّثكم عنه اليوم أقول إن آخر ما تفتقت عنه عبقرية أصحاب القرار في المؤتمر الوطني هو أن يقرر الحزب عدم الترشح لمنصب رئيس حكومة الجنوب ثم لا يكتفي بذلك وإنما يعلن أن مرشحه هو مرشح الحركة الشعبية سلفا كير ميارديت!!.

هل تعلمون ما حدث فور إعلان المؤتمر الوطني ترشيح سلفا كير؟! لقد أجاب عدوه اللدود باقان أموم بأن مرشح المؤتمر الوطني هو لام أكول ثم قال بعد ذلك إن الحركة لن تسحب ترشيح عرمان من رئاسة الجمهورية بل إن الأدهى والأمرّ هو أن الحركة ممثلة في رئيسها طالبت دول (الإيقاد) بالضغط على المؤتمر الوطني بسبب ما سمّاه بتعليق الحوار مع الحركة الشعبية فقد شدّ سلفا كير الرحال إلى نيروبي واجتمع بالرئيس الكيني كيبالي لذلك الغرض!!.

منظمة (الإيقاد) لمن لا يعلمون أو لا يذكرون هي المنبر التفاوضي الذي ورّطنا في كارثة نيفاشا التي نتجرع اليوم علقمها المُر وهي التي دعمت دولُها الإفريقية الحركة الشعبية بمساندة شركاء الإيقاد أمريكا وصويحباتها الأوروبيات المتعاطفات مع الحركة الشعبية والمبغضة للسودان الشمالي وذلك بعد أن رفضت الحركة الشعبية المنبر التفاوضي العربي المتمثل في المبادرة المصرية الليبية!!.

بربكم من يستطيع أن يجيب على السؤال.. لمصلحة من يدفع المؤتمر الوطني لعدوه اللدود الحركة الشعبية ما لم تكن تتوقعه أو تحلم به... الحركة التي ظلت تكيد للمؤتمر الوطني آناء الليل وأطراف النهار تعاوناً مع المحكمة الجنائية الدولية لتوقيف الرئيس البشير وإنشاءً لما يسمى بقوى إجماع جوبا وضغطاً على المؤتمر الوطني من خلال تسيير التظاهرات والمسيرات من أجل إحداث انتفاضة تطيح بحكومة المؤتمر الوطني وتضييقاً على المؤتمر الوطني في جنوب السودان الذي قُتلت بعض قياداته وسُجن المئات وحُرقت دُوره ومُنع نشاطه في وقت تطالب فيه الحركة ليل نهار بالتحول الديمقراطي وبإشاعة الحريات في الشمال؟!.

لمصلحة من يشن المؤتمر الوطني الحرب على نفسه ومن الذي يفكر له ويتخذ قراراته؟!.

إن الحركة الشعبية التي تحقق انتصارات مستمرة على خصمها المنبطح لا يفكر لها غير باقان وعرمان اللذين ينفذان إستراتيجية مُحكمة لتحقيق أهداف الحركة ولذلك مهما تحدثنا عن احتكار القرار في المؤتمر الوطني لمجموعة صغيرة تعدُّ على أصابع اليد الواحدة لا يمكن تخيُّل أن هذه المجموعة من السذاجة التي تجعلها عاجزة عن فهم وإدراك ما لا يستعصي على الصبية الصغار فأين بربكم تكمن علة المؤتمر الوطني؟ لا أستطيع أن أجد إجابة إلا في شيء واحد ومشكلة واحدة يعاني منها المؤتمر الوطني منذ كارثة نيفاشا هو حالة الهزيمة النفسية والانكسار والخوف الذي أخذ بتلابيب المؤتمر الوطني ولم يستطع منه فكاكاً... تلك الحالة التي تصيب المذعورين ممن وصفهم القرآن الكريم بقوله تعالى: (يحسبون كل صيحة عليهم)!!.

هؤلاء يظنون مثلاً أن استجابتهم السريعة للضغط من قوى إجماع جوبا بعد قيامها بالتظاهر واستخدامها الذكي للإعلام وحصارها للبرلمان والذي ألجأه إلى التعجيل بإجازة القوانين في البرلمان... يظنون وتزيِّن لهم أوهامهم أنه ليس انهزاماً وانكساراً بينما الحقيقة هي أنه حتى أعداء الحركة الشعبية من أمثالنا لا يمكن أن يفهموه إلا كذلك ومن أسفٍ فإن المؤتمر الوطني ما انفك منذ توقيع نيفاشا يؤكد تلك الحقيقة للحركة الشعبية ولغيرها بأنه لا يعترف إلا بوسيلة وحيدة للتعامل معه هي استخدام ثقافة البندقية والضغوط أما التعامل بالحسنى فإنه لا يجدي معه البتة!!.

بربكم ماذا فعل لام أكول حتى يعامَل مثل هذه المعاملة القاسية غير أنه تعامل بالحسنى مع المؤتمر الوطني ومنذ أن كان في وزارة الخارجية وقدَّم الدعم لرئيس المؤتمر الوطني وأعلن عن مساندة ترشيحه لرئاسة الجمهورية؟!.

من هو الأجدر بالمؤازرة في منصب رئيس حكومة الجنوب... سلفاكير أم د. لام أكول... لا أقول من حيث المؤهِّلات الأكاديمية والخبرات إذ لا يوجد وجه للمقارنة وإنما من حيث مصلحة المؤتمر الوطني وكذلك من حيث الجانب الأخلاقي؟! بربكم ماذا يقول لام أكول الذي ظل يتعامل بصدق يتّسق مع شخصية الرجل الذي يتحلى بأخلاق رفيعة وهو يُركل من قِبل المؤتمر الوطني الذي يساند أعداءه الذين يوجهون إليه الصفعات المتلاحقة؟!.

إن الحركة الشعبية التي أحالت جنوب السودان إلى دولة منهارة شهد بانهيارها أصدقاؤها ليست جديرة بحكم الجنوب الذي تشنُّ الحركة الحرب عليه وعلى قبائله جميعاً ما عدا القبيلة المهيمنة على كل شيء ومن اليسر بمكان الإطاحة بحكومته بعد أن ذاق شعب الجنوب الأمرّين من بطش وتنكيل الحركة التي أجاعته وروّعته وكان من الممكن أن يكسب المؤتمر الوطني المعركة معوِّلاً على المقارنة بحال الجنوب قبل نيفاشا حين كان يحكمه، وحاله اليوم بعد أن حكمته الحركة بمنطق شريعة الغاب لكن المؤتمر الوطني بروح الانهزام التي سيطرت عليه لم يترشح ولم يمكِّن الرجل الذي أخلص له وأضاع فرصة فضح ممارسات الحركة القمعية في جنوب السودان وفرصته لتصحيح نيفاشا من خلال حكمه للجنوب أو حكم الرجل المؤهَّل للحكم د. لام أكول.

وا حرّ قلباه.. وا حرّ قلباه ويا حسرتاه على المؤتمر الوطني

 

 

آراء