دمعات حرّى على المؤتمر الوطني!! … بقلم: الطيب مصطفى
3 February, 2010
زفرات حرى
eltayebmstf@yahoo.com
تحدّثنا عن إغداق المؤتمر الوطني العطاء بلا حساب على أعدائه وفي ذات الوقت بخله وتنكُّره لأصدقائه ممن يُخلصون له ويمنحونه بلا مقابل.. وتحدّثنا تحديداً عما قام به مؤخراً من إيثار للحركة الشعبية التي تتربص به وتتآمر آناء الليل وأطراف النهار وتسعى إلى اقتلاعه... إيثارها بالتنازل عن الترشُّح لمنصب رئيس حكومة الجنوب على حساب نفسه وعضويته وعلى حساب لام أكول الذي تلقّى طعنة نجلاء رغم إخلاصه ومنافحته عن الرئيس البشير الذي تسعى الحركة إلى توقيفه واعتقاله بالتعاون مع محكمة الجنايات الدولية وقوى الاستكبار المعادية للسودان الشمالي وقلنا إن ذلك ينم عن منهج في التفكير أخذ به المؤتمر الوطني منذ ما قبل نيفاشا... منهج الانبطاح وشن الحرب على نفسه جراء الهزيمة النفسية التي تلبسته منذ نيفاشا بل قبلها... تلك الهزيمة النفسية التي استغلتها الحركة الشعبية من لدن قرنق وحتى اليوم وطفقت تنهال عليه بالصفعات واللطمات التي ظل يتلقاها مُحنياً رأسه بل وظهره للحركة وباقانها وعرمانها بل لكل حَمَلََة السلاح والضاغطين بغير سلاح بمن فيهم من كشروا في وجهه خلال التظاهرات التي حاصرت البرلمان مؤخراً.
ما أروع الحكمة التي قالها مارتن لوثر كنج قبل أن يقتله العنصريون البيض في أمريكا والتي يجيد استخدامها عنصريو الحركة الشعبية اليوم في سعيهم لاستئصال شأفتنا وطمْس هُويتنا بعد أن اكتشفوا حالة الانهزام والانكسار النفسي التي يعاني منها المؤتمر الوطني فقد قال الداعية الحقوقي مارتن لوثر كنج:
No man can ride your back unless it is bent والتي تعني: «لا أحد يستطيع امتطاء ظهرك ما لم يكن محنياً»!!
لقد انحنى ظهر المؤتمر الوطني حتى أوشك على الانكفاء على وجهه وهل من انكفاء أكبر من أن يرتكب المؤتمر الوطني الخطأ الأكبر بعد نيفاشا حين تكرم بدون طلب من الحركة الشعبية بالتنازل عن التنافس في رئاسة حكومة الجنوب حتى بدون أن يجلس ويتفاوض مع الحركة كما فعل في نيفاشا التي كانت الحركة تطالب وكان المؤتمر الوطني يرضخ وكانت تهاجم وكان المؤتمر الوطني يدافع بشباك مثقوبة وكانت تزمجر وتكشِّر عن أنيابها وأنياب مسانديها من خواجات أمريكا وبريطانيا والنرويج وكان المؤتمر الوطني يبتسم ويفتح ذراعيه (ويقلد) لكنه كان رغم ذلك يفاوض في مائدة مستديرة أو مستطيلة أما اليوم فإنه لم يجلس معها وإنما نفحها بعطاء من لا يخشى الفقر... عطاء بلا مقابل وبلا تفاوض... عطاء لعدو لدود ووحش كاسر وغادر!!
ماذا فعلت الحركة في المقابل وماذا فعل لئيمُها باقان الذي يُعتبر أكبر من عبَّر عبْر التاريخ عن مضمون بيت الشعر:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ٭٭ وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
يتمرد اللئيم إذا أكرمته حتى ولو لم يكن متمرداً فكيف إذا كان في الأصل متمرداً يُضمر في نفسه من الأحقاد مايتضاءل أمامه حقد هند بنت عتبة وهى تمضغ كبد حمزة؟!
ماذا فعل باقان في المقابل؟!!
لقد سخر الرجل من كل هذا العطاء الذي لا يجرؤ حاتم الطائي على مجرد التفكير فيه وهاجم المؤتمر الوطني ثم خرجت علينا الحركة الشعبية ببيان منشور في الصحف العربية والإنجليزية يقول: «سرت عديد من الشائعات في عدد من الأوساط الإعلامية للتشويش على ترشيحنا الرفيق ياسر عرمان لرئاسة الجمهورية في الانتخابات القادمة ونقول بصوت جهور وقاطع رداً على مردِّدي تلكم الأقاويل بأن الحركة الشعبية لتحرير السودان لم ولن تسحب ترشيح الرفيق ياسر عرمان..» ويمضي البيان إلى المطالبة بالمزيد «فعلى المؤتمر الوطني أن ينأى بنفسه عن أسلوب المناورات وإطلاق الإشاعات وتغبيش الوعي طالما ارتضينا الاحتكام لصناديق الاقتراع» ثم يقول البيان «تعلمون أنه لا سبيل لإحداث تحول ديمقراطي حقيقي وقيام انتخابات حُرة ونزيهة دون إيجاد معالجة لقضية التعداد السكاني..» ثم يطلب البيان ما سمّاه بمعالجة القضايا العالقة!!
إذن فإن الرفاق لم يرتووا ولن يرتووا إلا على دمائنا!! أما المؤتمر الوطني فإني أؤكد لكم أنه سيستجيب لهذا الاستفزاز وهذا اللؤم بمزيد من العطاء ومزيد من التنازلات وهل رأينا في المؤتمر منذ نيفاشا غير الانبطاح والتنازل؟!
الأمر الطبيعي هو أن يبدِّل المؤتمر الوطني حالة الخنوع والانكسار هذه وينتصر لكرامته ويثأر ويعلن عن تراجعه عن ترشيح سلفا كير ويتحول من حالة الدفاع والاستكانة إلى حالة الهجوم وإلى مطالبة الحركة بالتحول الديمقراطي في جنوب السودان وبكل ما ظلت تطالبه به.. الأمر الطبيعي أن يزأر المؤتمر الوطني كما كان يفعل قبل نيفاشا لكن هل يملك أن يزأر أو يكشِّر عن أنيابه من نزع أسنانه وخلع أضراسه؟!