للمترشحين, ضعوا النقاط فوق الحروف قبل المطالبه بالاصوات؟

 


 

 

Aburoba04@gmail.com

أتابع  كغيرى من السودانيين فى داخل البلاد وخارجها أخبار الحملات الانتخابيه المختلفة وأسماء المترشحين والمترشحات (وأقول المترشحين والمترشحات وليس المرشحين والمرشحات لعدم استيفائهم لشرط الثانيه والتى تتطلب التنافس الحر داخل الحزب أو التنظيم قبل الفوز بتمثيلهم) وفى تلك الاخبار نقرأ التصريحات الناريه والوعود الجميلة المزركشه والتى توعدنا بكل (خطط) التنميه ووعود المترشحين لنا بتعبيد الطرق وتنمية المنطقة واحقاق العدالة وتذليل أسباب التطور وجلب (لبن الطير) فى مسعاهم لاقناعنا وترغيبنا فى التصويت لصالحهم وهو حق مشروع لطالبى المناصب العامة ليمكنهم من طرح تصوراتهم وبرامجهم ويتركوا لنا الحق فى انتخابهم او رفضهم. ولكن ماتفتقده تلك الحملات الانتخابيه أو على الاقل ما لم ألحظه شخصيا ولم أقرأه فى ماكتبه الكثيرين فى الداخل والخارج, ومن تصريحات المترشحين أنفسهم هو وجود برامج مفصلة وخطط بها المعلومات والارقام التى تدعمها لتجعلها حقيقة وتمكنها من اجتياز الامتحان التحليلى من قبل أهل الاختصاص.

دعنى ابين ما ذهبت اليه فى بداية حديثى هذا, نقرأ وعلى سبيل المثال فقط  للتوضيح أن مترشحا يعلن ترشحه ويطرح (برنامحه الانتخابى) والذى يحوى الكثير والجميل من تنمية المنطقة تجاريا, اعمار البنيه التحتيه, تحسين التعليم, تطوير المرافق الصحيه وما الى ذلك من الاشياء والخطط التى يتمناها كل مواطن ومواطنه فى ولايات السودان المختلفه ولكن ما يفتقده ذلك الخطاب العاطفى والرنان هو الغياب الكامل للتفاصيل والمعلومات والحقائق العلميه التى تمكن أو تضمن صيرورة تلك الاحلام حقيقة وتحويلها الى برامج قابله للتنفيذ بعد قليل من التعديل. ما يفتقده الخطاب السياسى هو مايلى: اذا كنت مترشحا كوالى للولاية الشمالية على سبيل المثال وذكرت فى خطابك أنك ستقوم بتطوير القطاع الصحى, ماذا تعنى بذلك؟ هل قمت باجراء مسح لمعرفة عدد المستشفيات والمراكز الصحيه فى المنطقة وقارنتها باحصائيات وزارة الصحة؟ هل درست احيتاجات تلك المستشفيات بعد اجراء حملة جمع معلومات بواسطة أعيانك ؟ هل تعلم عدد الاطباء وتخصصاتهم وتوزيعهم الجغرافى فى تلك الولايه؟ هل يتناسب ذلك التوزيع الجغرافى مع عدد السكان وأماكن تركزهم؟ هل قارنت ميزانية وزارة الصحة الاتحادية التى تتلقاها تلك الولايه وصحة نسبتها مقارنة بالولايات  التى يتقارب عدد سكانها ومساحتها مع هذه الولاية؟ ماهى خططك لتحفيز واستقطاب الاختصاصين المتكدسين فى الخرطوم لولايتك؟ كيف يمكنك أن تجد التمويل لكل هذه المشاريع التى فشل فيها كل الذين سبقوك؟ هل يمكنك اطلاعنا على ارقام التمويل ومصادرها لاصلاح القطاع الصحى وكيفية التأكد من صحتها؟ نريد هذه المعلومات لنقيمها ونقيمك على ضوئها ليتسنى لنا المقارنه بين أرقامك وأرقام منافسك من الحزب الآخر.

فالنعرج على مترشحنا الافتراضى الذى ينوى الظفر باصواتنا للفوز بمنصب والى ولاية شمال كردفان واسئلتنا له تنصب حول خططه ووعوده التى طرحها علينا وهى حل مشكلة المياه فى مدينة الأبيض وبقية أجزاء الولايه بتحويل حلمنا الذى طال الى حقيقه وهو مدها بخط مائى من النيل. كيف سيتم تحقيق ذلك المشروع, هل ستمدها بخط من النيل عبر شمال كردفان الى الابيض مرورا بجبرة و بارا أم ستأتينا من النيل الابيض قرب كوستى مرورا بشرق كردفان الى أم روابة والى الابيض؟ ماهى مصادر التمويل, من الحكومة الاتحاديه ام تمويل خارجى؟ ولماذ تعتقد أنك ستنجح فى استقطاب ذلك التمويل الذى (عجزت) أو (رفضت) حكومة الانقاذ عن توفيره طوال العشرين عاما الماضية؟ لذلك المترشح لولاية النيل الازرق, ماذا تعنى عندما صرحت على الصحف أنك ستشجع الاستثمار وتخفض الضرائب وتذلل العقبات للمستثمر, ماهى تفاصيل خطتك لتنفيذ ماوعدت به؟ اذا قمت بتخفيض الضرائب, ماهو مصدرك المعاكس الذى يمكن أن يسد تلك الفجوة الضريبية التى تحتاجها للصرف على بنود أخرى فى غاية الأهميه. لماذا يصوت أهل البحر الأحمر لذلك المترشح وهم لا يدرون ماهى مصادر تمويله وارقامها ودعائمها التى استند عليها  لتطوير القطاع السياحى واعادة اعمار ميناء بورتسودان عندما طرح برنامجه الانتخابى ؟ هل درست نسبة الاقبال على النقل البحرى, وماهو مستقبل الملاحة على القرن الافريقى فى العشرين عاما القادمة؟ هل هناك تداعيات للقرصنه الصوماليه على مستقبل الملاحة البحريه المتجهه الى بورتسودان؟ فى ظل دراسة الجدوى الاستثماريه لتطوير الميناء, هل غطت دراستك كل الجوانب؟  اذا كنت من اعضاء الحزب الحاكم الحالى, لماذا ننتخبك وقد فشل تنظيمك فى حل هذه المعضلات وتفاقمت معاناتنا طوال العشرين عاما الماضيه ولم تأتى لانقاذنا, فكيف نصوت لك وقد استنفذت فرصك (أكرر فرصك وليس فرصتك)؟

اعلم تماما أن هناك من يأتينى فى الرد على أسئلتى هذه ويدعونى الى قراءة برنامجه الانتخابى الذى يحوى كل ما التبس على ولم أجد له اجابه له. ما رايته ورآه الناخبين والكتاب الذين أطالعهم وتصريحات المترشحين أنفسهم لم أجد غير البرامج العامه من تنمية, اعمار, استنفار, اصلاح, تطوير, وما الى ذلك من الخطوط العامة دون وجود أرقام أو معلومات. أنا لا أطالب بأدق التفاصيل ولكن لابد من وجود ارقام, ولتكن أرقام  تقديدرية ولكن يجب أن تكون فى حدود نسب الاحتمالات القياسيه المتبعه فى علم الاحصاء والرياضيات القياسيه. تلك الاسئلة ليست باسئله وهميه ولكنها فى غاية الواقعية لما لها من تداعيات على حياة أهلنا الكرام ومستقبل أبنائهم. رغم تقديرنا وأحترامنا للمترشحين كأشخاص الا أن مانطالبهم به هوالارقام والحقائق التى تمس حياة أهلنا لأن مانقرأه من تصريحات لهؤلاء المترشحين يكاد يشه الضحك على الدقون. أنا لا أجزم بغياب تلك الخطط وتلك المعلومات التى تتوفر بداخلها كثير من الاجابات لأسئلتى الكثيرة والملحه لدى (بعض) المترشحين وداخل اروقة (بعض) الاحزاب ولكن غيابها أو عدم تمليكها للناخب هو مايحير بل وأعتبره اما استخفاف بعقلية المواطن والذى هو فى غاية الذكاء أو بالأحرى أذكى مما يتصور المترشح, أو كسل مؤسسى من قبل الأحزاب وممثليها وعدم وجود الآليه الحزبيه التى يمكنها أن ترى أهمية تمليك المواطن تلك الرؤيا لتميز نفسها او حزبها عن بقية منافسيها من الأفراد او الاأحزاب. وسؤالى أو مطالبتى للأحزاب والمترشحين بتمليك المعلومة للمواطن نابع من ايمانى وقناعتى أن معظم المترشحين من الطبقة (المتعلمة) و(المستنيرة) ولا يخفى على فطنة القارئ الفرق بين الاثنين. تلك الفئتان تدريان تماما أهمية وحتمية ما أدعوا اليه ولكن لا أدرى لماذا التلكؤ فى القيام بما يجب فعله؟.

  أن ما أدعو له هو مطالبتنا للمترشحين للارتقاء الى مستوى التفكير العلمى لادارة البلاد والتى تتطلب قليل من الرغى والخطب الناريه وكثير من التخطيط والدراسات المدعمه بالأرقام لأننا فى عصر المعلومات الذى لايقبل التأويل والغلاط والملاجاه. احترام المواطن وعقل المواطن درجه من الرقى فى حد ذاتها وحافزا لحامل المنصب العام للتفانى فى الخدمه والاخلاص لأنك تضع فى اعتبارك قيمة من تخدم وتضحى من أجله. صحيح اننى أنادى بارتقاء المترشح وتطلعه لنظم الاداره المستحدثه والتفكير الخلاق الذى هو بمثابة الوقود للتطوير فى هذا العصر ولكن للمواطن أيضا واجب لا يقل أهميه عن واجبات المترشحين. يتحتم على المواطن ان لا يقبل هذا الضحك على الدقون وأن يسأل ذلك المترشح بدلا من الجلوس متربعا على الكراسى للاستماع لتلك الخطب التى لا تحمل فى مضامينها غير ما يؤهلها للدخول فى المطارحات الشعريه والأدبيه كالتى تشبه ما كان يجرى من مناظرات والقاء فى سوق عكاظ كما درسناه وسمعنا به ايام الثانوى والله هو المستعان.

 

 

 

آراء