من هو الرئيس القادم فى السودان وما هى التحديات التى تواجهه -4- … بقلم: تاج السر حسين

 


 

 

 – royalprince33@yahoo.com

ختمت مقالى السابق بمرورعابر وسريع على بعض التحديات التى سوف تواجه الرئيس القادم وهو بحسب القراءات العميقه والتحليلات المنطقيه سوف يكون سودانى غير (عمر البشير) الذى سوف تتسبب عودته لمقعد الرئاسة فى فصل الجنوب على اقل تقدير لا كما يعتقد بعض السطحيين سودانيين وغير سودانيين بأنه قادر على لم شمل الوطن وعلى المحافظه على امنه وأستقراره، ولا املك الا ان اردد لهؤلاء الحديث الذى يقول: (اللهم اغفر لقومي فإنهم لايعلمون).

وعلى كل فمن ضمن أهم التحديات التى تواجه الرئيس القادم، قضية هامة للغايه تتمثل فى كيفية العودة بالدوله السودانيه الى زمن الديمقراطيه والعداله والمساواة لتصبح دولة (المواطن) لا دولة (الحزب)، وليتها كانت كذلك هى فى الحقيقه كانت دولة (مجموعه) أو جماعه !!

والرجوع لدولة الموطن يعنى ان يصبح العلم والكفاءة والخبرة والأخلاق هى المرتكزات الأساسيه التى تحدد نيل هذا الشخص أو ذاك فى ظيفه (ما) عليا أو دنيا، دون النظر الى اى فوارق أخرى وهذا يعنى عدم التفرقة بين المواطنين بسبب معتقداتهم الفكريه أو الحزبيه أو الدينيه أو البايولوجيه أو الجهويه والأخيره هذه من اسوا واقبح افرازات عهد الأنقاذ.

ومن أهم الأسباب التى جعلت الفساد يستشرى ويزكم الأنوف خلال العشرين سنه الماضيه ان المعيار الذى كان يحدد من خلاله بقاء الشخص فى وظيفته أو اقصائه أو ترفيعه الى وضع أعلى ظل يعتمد على الولاء و(المظاهر) الدينيه الخارجيه للشخص أكثر من الأهتمام بما يعرف عنه من التزامات بالقيم والمبادئ والأنتماء للسودان كمواطن محب ومخلص لبلده ووظيفته.

وللأسف سيطر هذا الفهم الغريب على جميع المجالات الحيويه، وظائف سياديه، وظائف عليا، وظائف عاديه، نقابات، اتحادات، مجالات الأعلام والثقافه والرياضه والفنون، مستشارين فى السفارات .. الخ.

ولم يستثنى من هذا غير نفر قليل حمل السلاح وواجه النظام فسعى النظام لمصالحته باتفاقات لا تنفذ وببعض الوظائف، أو فئة قليله كانت تظهر نوعا من المعارضه فتم شراء صمتها بوظائف توفر لهم مكاسب ماديه وتعطى النظام مظهرا  يجعل البعض يظن بأنه يتقبل الآخرين ويتيح لهم الفرص.

وهذا الجانب لا يمكن ان يعالج الا اذا صدر قرار رئاسى من اول يوم يعلن من خلاله الرئيس المنتخب بانه لا فرق بين السودانيين جميعا الا بما يمتلكه الشخص من علم وكفاءة وخبره واخلاص لوطنه ومواطنيه، اى كما ذكرنا  الا يميز السودانيين بسبب انتماءتهم الدينيه أو العرقيه أو الجهوية أو بسبب النوع ذكر أم أنثى، ونحن فى السودان كنا سباقين للعديد من الدول فى منطقتنا وكان لنا شرف منح المرأة الكثير من الحقوق حتى وصلت الى قاضيه ووزيره بل وحكم كرة قدم!

الى أن حدثت الرده واصبحت المرأة تهان فى مجتمعنا وتذل ويتهجم عليها الرجال المهووسين فى اماكن الدراسه أو الترويح البرئ عن النفس ليفتشوا ان كانت ترتدى زيا محتشما أم لا ، ثم تؤخذ وتجلد دون شفقة أو رحمه!

لا أدرى هل يعقل ان يمنح اباء وامهات واقارب هؤلاء اصواتهم للبشير؟

وذكرت من ضمن التحديات الجسام التى تواجه الرئيس القادم، كيفية التعامل مع خدمه مدنيه وعسكريه (تأدلجت) وتسيست بالكامل حتى فى المواقع التى تمنع وتحرم (التسييس) مثل القوات النظاميه والسلك الدبلوماسى.

ولقد ضحكت مرة فى داخلى حينما التقيت صدفة بصديق بعد فترة طويلة من الزمن خارج الوطن يعمل فى احدى المؤسسات شبه الحكوميه الهامه ومعه رئيسه فى العمل وكنت اعرف جيدا بانه لا يربطه بالمؤتمر الوطنى أو (الحركة الأسلامويه) اى رابط من قريب أو بعيد، وقد منح وظيفه كبيره فى تلك المؤسسه بسبب المنطقه التى تربطه بأحد المسوؤلين، وقد اتى فى مهمة عمل، وشعرت بأنه لا يريدينى أن اتطرق فى حديثى الى جوانب ربما تكشف اتجاهه الفكرى (القديم)، ودون اى داع أو مناسبه ذكر متلعثما معلومات عن نفسه وعن شخص آخر لا أعرفه واضح انه قصد منها لفت نظر رئيسه (الأنقاذى) شكلا وموضوعا، فقال :-

(طبعا انا مؤتمر وطنى وزميلى فلان مؤتمر شعبى)!

لحظتها أدركت ما فعلته الأنقاذ ببعض السودانيين وكيف جعلت منهم منافقين يرضون بالذل والدنئيه من اجل لقمة العيش الهنية، وتذكرت عندها الحديث النبوى (رحم الله اهل مكة اما ايمانا صراح او كفرا صراح).

ومن التحديات التى تواجه الرئيس القادم كيفية التخلص من هذا الكم المهول من الوزراء ووزراء الدوله ومساعدى ومستشارى الرئيس بصورة تشبه حال مدرج جامعى فى كلية أدبيه مكتظ بالطلاب، ويزيد عددهم عن مجلس وزراء أكبر دوله فى العالم، واذا نظرنا لوزارة الخارجية وحدها نجد فيها 3 وزراء لكن المضحك والمبكى فى آن واحد أن وكيل الوزارة كما هو واضح تفوق صلاحياته صلاحية الوزير الأول!

والمضحك والمبكى كذلك ان منصب مساعد رئيس الجمهورية كبيرا أم صغيرا (دون أعباء) اصبح يقدم كحافز ضمن اول البنود للتوصل الى حل مع احدى الحركات أو التنظيمات التى تعارض النظام!

وهذه الترهل فى قمة السلطه التنفيذيه لا حل أو فكاك منه الا بالتفكير الجاد فى التحول الى نظام فدرالى يقسم السودان الى 5 أقاليم على الأقل، أقليم هو قائم وموجود فى الاساس وأعنى الأقليم الجنوبى يضاف اليه الأقليم الشمالى والشرقى والغربى والأوسط، وأن يتراضى أهل الأقليم  ويتفقوا على عدد من الولايات والمحافظات التى تناسب احتياجاتهم الأداريه، وأن يصبح حكام الأقاليم الخمسه بمثابة المجلس الرئاسى الذى يمثل سيادة البلد وأن يتم تبادل الرئاسة بصورة دوريه بين الأقاليم لفترتين لا يزيد مجموعها عن 8 سنوات، بالطبع هذا كله لا يمكن ان يتحقق الا بالرجوع الى اتفاقية نيفاشا اذا اختار الجنوبيون الوحده فى 9 يناير 2011 واذا عمل الشماليون على ان تصبح الوحده جاذبه وخيارا اولا باسقاط مرشح المؤتمر الوطنى فى الأنتخابات.

وهذا كله دون شك يحتاج الى موافقة البرلمان الأتحادى وقبل ذلك الى ادارة حوار جاد مع المفكرين وأهل القانون والأدارة وعلم الأجتماع.

ومن التحديات التى تواجه الرئيس القادم اضافة الى المشاكل والأزمات المعروفه والتى تسببت فيها الأنقاذ والمتمثله فى اللجوء والنزوح والتشرد واعادة تعمير القرى التى احرقت أو ايجاد بديل لأهلها، هنالك مشاكل أخرى مثل التخلص من جيش العطاله والمتبطلين فى زمن تدنى فيه التعليم فى جميع مراحله من الأساس وحتى الجامعه، وكيفية معالجة التدنى فى مجال الصحه والتطبيب حتى اصبح السودانى يتجه نحو دول الجوار من أجل معالجة صداع بسيط؟

ومن اهم الجوانب والتحديات التى تواجه الرئيس الجديد، كيفية التخلص من ثقافة (الأتحاد الأشتراكى) والخطب الحماسيه والرئيس الملهم الذى لم تلد حواء غيره الذى يصعد المنابر ويتحدث عن انجازات عاديه تتحقق فى كل يوم فى مختلف بلدان العالم مثل افتتاح (جسر) أو (سد) أو انتصار عداء فى العاب القوى، فهذه الأنجازات والأنتصارات فى الأول يشرف عليها مختصون كل فى مجاله ويصرف عليها من مال الوطن الذى يجود به دافع الضرائب المواطن البسيط وهؤلاء واؤلئك هم الأحق بالشكر والتقدير.

 

آراء