صديقى الأم درمانى كمال آفرو هل منحت صوتك لمن لا يعتزون بأم درمان!
17 April, 2010
royalprince33@yahoo.com
انها استراحة محارب بالفكره والكلمه لا يستطيع أن يستريح كالآخرين وهو يرى بعينيه الوطن يتمزق ويتشتت وتتهدد وحدته ونسيجه الأجتماعى فلا يملك غير أن يردد مع خليل فرح (آه آه عازه آه آه) وأن يرفع يديه داعيا (اللهم اغفر لقومى فأنهم لا يعلمون) !
صديقى العزيز العاشق لأم درمانه كمال آفرو رجل قومى وأجتماعى من ظراز فريد منحه الله محبة الناس جميعا، فحتى الذين يكرهونه يحبونه، يلقب بوالى دار الرياضه أم درمان ووزير الشوؤن الأنسانيه ويقوم بكثير من الأعمال الخيره منها ما يظهر فى العلن ومنها ما لا يعرف ويدفن فى صدور الرجال، يبادر من نفسه بالتوسط لحل المشاكل بين الصحفيين ورجال المجتمع على خلاف انتماءتهم وكثيرا ما ساهم فى حل خلافات أصبحت فى عداد المئوس منه وما كان من الممكن ان يفصل فيها الا عن طريق المحاكم، رغم هلالية كمال آفرو الزرقاء وانتمائه لأسرة هلاليه عريقه الا انه اختار لعموده الصحفى الذى كان مقروء خلال فتره جميله عنوانا هو (بالقلم الأحمر).
الزعيم الهلال وأم درمان العظيمه هما من جمعا بيننا على تبائن اتجاهاتنا الفكريه والسياسيه التى يرتفع فيها صوت الأختلاف أحيانا الى اعلى درجه ثم نعود فى آخر المساء ونجتمع على فنجال شاى أو قهوه فى الأماكن التى يحبها كما آفرو فى القاهره، وعند حضوره يجمع الناس من كافة الوان الطيف الثقافى والرياضى والسياسى ، منهم من ياتون جهرا وعلنا وبعضهم يظهر خلسة.
وفى الأول والآخر كمال آفرو انسان ام درمانى عاشق لأم درمان مثل عدد كبير من أهل السودان مجامل يعرف الأصول، رغم حدته احيانا الا انه رقيق كالنسائم تجرى دموعه لأتفه الأسباب ولذلك لا يتحمل فراق الأصدقاء ولا يحب موادعتهم، يكون معك يوميا وحينما تتصل به وتجد هاتفه مغلقا فهذا دليل على انه فى طريقه للمطار.
علاوة على ذلك فقد منح كمال آفرو شجاعة أدبيه وموهبة الخطابة وحلو الحديث الذى ينتقيه كما تنتقى اطائب التمر حتى لو كان الموضوع يمجد شخصية لا تستحق التمجيد، ومن خلال حديثه الساحر ذاك كثيرا ما اقنع المستمعين بمالا يمكن ان يقنع بشر.
ما دفعنى لتخصيصه بهذه الأستراحه هو مشاهدتى واستماعى له يتحدث من خلال شاشة الفضائيه السودانيه ضمن قبيلة الرياضيين خلال برنامج الرياضه يوم الجمعه الماضى وملاحظتى لأصبعه الصغير مخضب بحبر الأنتخابات ولعل الحظ ساعده فلم ينغمس اصبعه فى الحبر الذى يزول خلال ساعات قلائل، أو ربما تم تخصيصه باطائب الحبر وهم يعرفون كمال آفرو لو وضعوا فى يده حبرا مضروب فعن طريق سخريته المعهوده سوف يتفشى الخبر ويعم القرى والحضر.
ولبرهة من الزمن نسيت الموقف والأنتخابات بزخمها وفبركتها وتزويرها قبل أن تبدأ وحرمان المفوضيه المايويه لثمانية مليون مهاجر سودانى عن قصد وتعمد من المشاركه فيها وسرحت مع صباع صديقى كمال آفرو المخضب وعادت بى الذكريات الى زمن جميل فى أم درمان حيث كان أصدقاء العريس يلتفون حوله يخضبون أصبعهم الصغير مجاملة له ولا يتميز احد عليهم سوى وزيره وهو اقرب الأصدقاء الذى يعرف بالخضاب الذى يغمر احدى يديه بكاملها.
ثم سرحت مره آخرى مع المكان الذى تحدث منه كمال آفرو وهو دار الرياضه بأم درمان ولى فيها ذكريات وشجون وسعدت باللعب على تراب ارضها، وشاهدت فيها افذاذ كرة القدم السودانيه الذين لا يمكن ان يجود الزمن بمثلهم ومنهم من ظهر ولمع ومنهم من لم يسمع به الناس ولا يعرفه الا رواد دار الرياضه بأم درمان، هذه الدار التى كانت أندية الخرطوم وبحرى بجميع مسمياتها الصبابى أو كوبر أو الأتحاد يختارون بكامل ارادتهم أن تقام مبارياتهم عليها اعترافا منهم بذوق وأدب وحس روادها العالى وعشقهم للكره حد الجنون وتحليهم بروح سمحه لا تعرف الكراهية أو التعصب أو العنصريه وهذه الثقافه وحدها تكفى لتحقيق وحدة السودان دون انتخابات أو استفتاء.
واصلت هذا السرحان خارج دار الرياضه لأتذكر معالم ام درمانيه مميزه منتقاه ليست بعيده عن تلك الدار مثل (الريفيرا) والحفلات التى كانت تقام فيها للترفيه عن الاسر بالمجان والتى كان يصدح فيها كبار الفنانين أمثال الراحل سيد خليفه والراحل أحمد المصطفى وغيرهم من الفنانين، و مثل قهوة (أولاد الفكى) القريبه من منتدى الرياضيين وقتها (جورج مشرقى) التى يشتاق اهل ام درمان الى جو يشبه جوها فلا يجدون لمحه ونفحه منه الآن الا فى مقاهى الشقيقه مصر، ولذلك فكمال آفرو من مدمنى القاهره لا يهمه فيها غير ضرورات الحياة من مراجعات وفحوصات طبيه دوريه ليست بالضروره لشخصه أو لأحد من اسرته وأن يجتمع مع الأصدقاء والمعارف يتبادلون الطرائف والذكريات وكلما هو جميل فى السودان وأم درمان بصورة خاصه.
ومن معالم ام درمان التى مرت بخاطرى لحظتها مدرسة أم درمان الثانويه للبنات – أدب وعلم وجمال وكفى .. التى تقع على الشرق من بوابة عبدالقيوم وعلى الغرب من نهر النيل بعد ان يلتقى الفرع الأزرق بالأبيض عند (المقرن) ويسيران متلاصقين لمسافه كل منهما محتفظ بلونه وخصوصيته وكأن النيل الذى اصبح حزينا الآن و(مده أنحسر) كما يغنى احد الفنانين، يقول لأهل السودان فى صمته هكذا يجب ان تكونوا مثلى لحظة التقاء النيلين الأزرق والأبيض وحده فى تنوع وتعدد ثقافى ودينى بدون هيمنة أو فرض أو تعال أو وصايه من احد لأحد.
ثم عدت من تلك الرحله مع الذاكره سريعا وقبل ان تكتمل لكى استمع الى كلمات صديقى كمال آفرو وهو يتحدث عن انحيازهم للرياضيين وقرارهم بتائيدهم ودعمهم بغض النظر عن لونهم وانتماءتهم السياسيه فى الأنتخابات التى قضى امرها وحسم وما كانت تحتاج الى بذخ وصرف ومال يهدر أو جهد بشرى يبذل ، وهنا اتوقف واسال صديقى الظريف كمال اذا خيرت بين الحبيب الصادق المهدى الذى عرفناه رياضيا يجيد لعبة البولو وأى رياضى آخر من كوبر أم فداسى، فمن تختار؟
لا أدرى هل تكون اجابتك حسب ما تقول الطرفه بسؤال :
( ومن يجيد السباحه منهم) ؟
أم تأتى همسا وتقرأ على عينيك التى اشاهدها وأفهم ما تود أن تقوله حينما يأتى ضيف على المقهى من معارفك الكثر من غير اهل ام درمان وعند انصرافه يدخل يده فى جيبه مصر على سداد الفاتوره قائلا: (انجلش بوكت)؟
على ذات تلك النظره استوقفنتى لمحه فى حديث صديقى كمال آفرو العذب الشيق الأنيق قال فيها انهم يؤيدون من بين اؤلئك الرياضيين (القوى الأمين) .. وهذه عباره اصبحت هذه الأيام تعنى جهة ما بعينها ولا داعى للشرح والأسهاب .. ومع الأخذ فى الأعتبار بأن الأمانه ربما لم يتغير مفهومها كثيرا وأن اصبحت نادره ولا يمكن بأى حال من الأحوال ان تقارن بألأمانه التى كانت على عهد ابو ذر الغفارى أو عصر عمر بن عبدالعزيز، الذى يطفئ لمبة الحكومه المصنوعه من الخيط والزيت ويشعل اللمبه الخاصه به والتى يدفع تكلفتها من ماله الخاص حينما يؤانس جليسه فى امر لا علاقة له بالدوله، لكن مقاييس القوه دون شك تغيرت تماما حيث اصبحت القوه للقانون الذى يساوى بين الرجال والنساء وباسمه تحاكم المرأة القاضيه شقائقها الرجال، واصبحت القوه للأصابع الناعمه المطليه بالمنكير التى تفوقت وأجادت علم الحاسوب والذى اوكلت لها مهمة الضغط على مفاتيح الكروز والتوما هوك فتصيب الهدف على بعد الآف الأميال بدقه تفوق خيال وتصور مصمم البرنامج نفسه.
والقوه فى الحاضر اصبحت للعلم وللمنطق وللحجه والمقدره على الأقناع، اى لم تعد القوه عضلات مفتوله وشوارب معدوله وتحد بقطع لأرنبة الأنوف وتهديد بالضرب بالأحذيه أو بالضرب تحت الحزام.
والحديث ذو شجون وطالما يتناول أم درمان وأنسان ام درمان يمكن ان يمتد بنا الى ما نهايه ولا زال الليل طفل يحبو كما كنا نقول فى حفلات الزواج التى تمتد للثالثه صباحا خاصه اذا كان الفنان مبدع زيدان ابراهيم أو صلاح مصطفى فى زمن ما كان فيه الفنانون الكبار أمثال كابلى وعثمان حسين يميلون للمشاركه فى حفلات الزواج والختان، ولا داع لذكر الأسباب!!
الآن يا صديقى وفى الخرطوم التى كان يغنى لها (النيل جميل والخرطوم بالليل) اصبح العريس فى كثير من الأوقات لا يلحق بحفل زفافه الذى ينتهى فى الساعه الحادية عشر ليلا!
واختتم هذه الأستراحه سائلا صديقى كمال آفرو هامسا ولا اريد منه اجابه حتى لا أحرجه، هل منح صوته لمن لا يعتزون بام درمان ولا يتشرفون باهلها وأم درمان ملخص السودان وبوتقته التى ضمت بين ضلوعها ابن الشمال الى جانب ابن الجنوب؟ وأم درمان تمثل نموذجا حقيقيا لتعدد الثقافات والأديان ويعيش الناس فيها فى أمن وسلام وتسامح وسبق من قبل ان طلبت من الأمم المتحده أن تجرى دراسه لهذه المدينه والحياة فيها فى السابق حتى تعرف السبب فى ذلك وحتى توصى بتوزيع تلك الدراسه على جميع دول العالم خاصة التى تعانى من مشاكل الصراعات والنزاعات الدينيه والطائفيه.
وأخيرا :-
* يا صديقى العزيز وبعد أن شاهدت أصبعك مخضبا بحبر لم تمسسه ماء، هل صوت لصالح من قتلوا فى نهار شهر رمضان الكريم شقيقنا وزميلنا فى الدراسة وملاعب الكره ابن أم درمان الشهيد تاج الدين فتح الرحمن الضابط الخلوق المؤدب المهذب الأديب الذى كان يرتدى بزة عسكرى، شقيق زميلنا وصديقنا ثابت الذى حينما يفتح فى(عشرة كونكان) يصعد على الطاوله ساخرا من منازليه بنادى الهلال فيثيرالضحك والسرور بين الحاضرين جميعا رغم شعورى بما يعانيه من حزن نتيجة فقدانه لشقيقه الشهيد .. وهكذا اهل ام درمان يظهرون الفرح وهم فى قمة احزانهم؟
* أم عملت بنصيحة حبيبك الأمام الصادق المهدى ( اكلوا توركم وادو زولكم)؟
* على كل فى الحالتين انا ضائع وفى الحالتين يبقى الود بيننا ونبقى فى انتظاركم قبل ملاقاة الأياب بين الزعيم الهلال وبرازيل مصر، الأسماعيلى.