عرمان والحرب على الذات!! …. بقلم: الطيب مصطفى
18 April, 2010
زفرات حرى
eltayebmstf@yahoo.com
سأكتب غداً بإذن الله عن الانتخابات وأبعاد النصر الكاسح الذي حققه البشير لكن قبل ذلك أسمحوا لي أن أقول إن الرويبضة عرمان يخوض الحرب ضد نفسه بتدبير من اللطيف الخبير وهل أدلُّ على ذلك من قرار سحب الحركة من انتخابات الشمال حتى يخلو السودان الشمالي من الحركة الشعبية لتدمير السودان وتنكفئ جنوباً بمشروعها القميء بعد أن منّت نفسها بحكم السودان جميعه بما فيه الشمال الذي ظلت تعمل على طمس هُويته الحضارية؟!
هاكم دليلاً آخر على الحرب التي يشنها عرمان على نفسه فقد قال الرجل في مؤتمر صحافي حاول أن يبرر به الخلاف والمعركة المحتدمة بين جناح أولاد قرنق الذين يقودون قطاع الشمال وجناح سلفا كير... قال: (أنا وسلفا كير والأمين العام باقان أموم زملاء رحلة طويلة ورفاق خنادق استمرت ربع قرن لا تفرقنا انتخابات ثلاثة أيام)!!
صدقت أيها الرجل بالرغم من أنك لا تجيد فضيلة الصدق فقد والله كنت في خندق واحد مع هؤلاء تحارب منه أهلَك الشماليين فكم بربك قتلت من أبناء الشمال الذين عققتهم منذ أن تركت مقاعد الدراسة هرباً من الخرطوم بعد حادثة مقتل الشهيدين الأقرع وبلل والتحقت بالحركة الشعبية في جنوب السودان؟!
لقد أراد قطاعُ الشمال وحليفُه الصادق المهدي من خلال مقاطعتهم للانتخابات إفشالها وذلك لا يحدث ما لم يقلّ عددُ المقترعين عن النسبة المطلوبة الأمر الذي قادهم وغيرَهم من المقاطعين إلى بثّ الشائعات وذلك لتخويف الناخبين حتى يغادروا العاصمة بل والسودان جميعه.
سأعود إلى الخلاف الذي شقّ الحركة الشعبية أو كاد في وقت لاحق إن شاء الله.
كرم الله عباس!!
قبل نحو عامين كنت قد اعترضت على تعيين أحدهم في منصب الوالي ولم يستبن القائمون بالأمر النصح إلا ضحى الغد وهأنذا أقول إن كرم الله عباس يحمل مشروع قنبلة موقوتة وسيعلم من رشحوه ما جنته أيديهم في وقت ليس ببعيد فالرجل شخصية خلافية يسعد على الدوام بخوض المعارك حتى ولو ضد طواحين الهواء وأخشى ما أخشاه أن تجره شخصيتُه غير المتوازنة إلى شنّ تمردات وثورات على البلاد والعباد بل وعلى المركز لا يعلم مآلاتها إلا الله.
خذ مثلاً المعركة في غير معترك التي خاضها الرجل ضد أنصار السنة في وقت يحتاج فيه لتجميع الناس حوله فقد جاء في صحيفة (الصحافة) بعض حيثيات الخلاف الذي نشب بينه وبين جماعة أنصار السنة حيث قال الرجل في لقاء جماهيري إن (الدين ليس لحية طويلة وتقصير للثياب) وبلغ الأمر بالرجل درجة دعوة المنقَّبات إلى ترك الحجاب!!
بالله عليكم هل هذا وقت الحديث عن هذه الأمور؟! ثم هل من الكياسة والحكمة تأليب أنصار السنة عليه في هذا الوقت الذي تشتعل فيه المعركة الانتخابية وهل يحق للرجل أن يتدخل في خيارات الناس الشخصية ويطلب من المنقّبات خلع نقابهنّ وهل يعمد هذا الرجل عندما يولّى على القضارف إلى الاستعانة بقوانين ساركوزي وأتاتورك ويمنع الحجاب في ولايته؟!
أكثر ما أخشاه أن تكون معركته مع د. عبد الرحمن الخضر بكل هدوئه وشخصيته الوفاقية عندما كان والياً على القضارف.. أن تكون معركته معه مقدِّمة وتمريناً لصراع أشد مع المركز ولا يخالجني أدنى شك في أن ذلك كائن طال الزمن أم قصر ما لم يحدث تغيير جذري في شخصيته التي تهوَى العيش في أجواء الخلاف لكن متى بربكم غلب وطغى التطبُّع على الطبع؟!
بين منبر السلام العادل وسودانير!!
منبر السلام العادل مدين باعتذار للإخوة الذين تجمعوا منذ المساء الباكر يوم الأربعاء قبل الماضي في مدينة بورتسودان للاستماع إلى طرحه حول الأوضاع السياسية في البلاد فقد جنت عليهم وعلينا ــ كعهدها دائماً ــ الخطوط الجوية السودانية وتسبب تأخيرها في إلغاء سفرنا وبالتالي عدم قيام الندوة التي كان مقرراً قيامها في تلك الليلة بعد أن أُعلن عنها في (الإنتباهة) لعدة أيام ورُوِّج لها داخل مدينة بورتسودان.
بتُّ مقتنعاً تماماً أن الحكومة قد ارتكبت (جليطة) وخطأً فادحاً في بيع سودانير لشركة لا يعنيها أمرُ الطيران في شيء.
لو كان الأمر متعلقاً باستثمار آخر غير سودانير لهان الأمرُ ولتقبلنا المجاملات وخلافه لكن أن يظل ناقلُنا الوطني أسيراً لهذه الشركة بالرغم من تأثير ذلك على سمعة بلادنا في الداخل وأهم من ذلك في الخارج فهو أمرٌ جلل لا يقايَض بثمن أو مقابل مهما عظُم.
قبل أيام قليلة صدر قرار من الاتحاد الأوربي بمنع الطيران السوداني من استخدام المطارات الأوربية ويقيني أن القائمين بالأمر سيُحيلون الأمر كما جرت العادة إلى (شماعة) الكيد السياسي التي أثقلناها وردمناها بأقذار لا تقوى على حمْلها فأين الخلل يا تُرى؟!
من الخاسر يا تُرى: منبر السلام العادل والخمسة الذين حُرموا من السفر والمواطنون الذين تجمعوا للاستماع والمشاركة في الندوة أم سودانير التي فقدت هؤلاء وغيرهم أم سمعة وطن تُمرِّغ سودانير من أنفه كل يوم بل كل ساعة في التراب وتُحيله إلى مسخرة وساحة للتندُّر والسخرية (وكأنه ناقص)؟!
أذكر أنه قبل نحو تسع سنوات أو قل قبل أن يُذهب الله عنا أذى السلطة ويعافينا من هذا الداء الوبيل الذي أحال الصراع حول بلادنا إلى أحاديث وكاد أن يمزقها كل ممزَّق.. أقول إنه وقتها تحدثت من داخل مجلس الوزراء في القطاع الاقتصادي الذي يضم كل وزراء الوزارات الاقتصادية وقلت إنه يجب علينا أن نُصدر قراراً يُلزم الوزراء باستخدام سودانير دون غيرها في حِلِّهم وترحالهم حتى نقدم القدوة لأهلنا (الغبش) ولا نكون ممَّن يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم ونعبِّر عن وطنيتنا وسُقتُ من الأسباب ما يعضِّد حجتي فإذا (بالعاقلين) من الوزراء ينصحوني بالكفّ عن هذه المثاليات التي تضر ولا تنفع واتخذوا من تأخير طائرات سودانير سبباً لإسقاط اقتراحي فكيف يجوز أن يُحرم وزير وتُحرم الدولة من المشاركة في اجتماع مهم ذي آثار خطيرة قد تضيع بعدم حضوره مصلحة وطنية أكبر؟! واقتنعت بحجتهم بعد تجارب مريرة مع سودانير.
لكن بربكم ما الذي تغير بعد سنوات من بيع سودانير؟!
إني لأطلب من د. عوض الجاز الذي لا يعرف المجاملة أن ينظر في العقد الموقّع مع المالك الجديد ويُزيل الضرر الذي تُلحقه سودانير بالسودان وسمعته ووالله إني لأشهد بأن إدارة سودانير قبل بيعها كانت تبذل جهداً خارقاً لمسناه بأيدينا وأرجلنا لكن...!!