كأساً.. وسكراً.. ولا خمراً ترى!!
31 May, 2010
يوناميد تعرف نفسها بعثة هجين بين الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة احتفلت بيوم إفريقيا ودعتنا للاحتفاء بذلك اليوم الخامس والعشرون من مايو الذي يصادف الذكرى السنوية لتأسيس منظمة الوحدة الإفريقية بتاريخ 25 مايو عام 1963م، حيث وقعت 30 دولة أفريقية مستقلة، من 32 دولة، ميثاقاً تأسيسياً في أديس أبابا، أثيوبيا. وتقول (تأسس يوم أفريقيا، والذي عرف في وقت سابق بيوم حرية أفريقيا أو يوم تحرير أفريقيا، في المؤتمر الأول للدول الأفريقية المستقلة، والذي جمع القادة الأفريقيين والسياسيين النشطين من مختلف الدول الأفريقية، في تشاد في 15 أبريل 1958م. وقد تم الاحتفاظ باسم وتاريخ يوم أفريقيا عندما تحولت منظمة الوحدة الأفريقية الى الاتحاد الأفريقي عام 2002م). بعد الاطلاع على هذه الدعوة تناثرت أمامي أسئلة شتى أولها ما الداعي لهذا الاحتفال بمنظمة شبعت موتاً وأقامت على أنقاضها اتحاد أكثر مواتاً وكلا المنظمتين لم تنهضا بإفريقيا بعد الاستقلال، إن لم تكونا قد ساهمتا في تدهور حالتها مما دعا أبرز مفكريها وهو علي المزروعي لإعادة استعمارها!!.لا شيء يدعو للاحتفاء بذلك اليوم، بل هناك ما يدعو للأسى. لو تأملت يونميد نفسها ومبررات وجودها بالسودان في ذلك اليوم لأقامة مناحة لا احتفالاً باستقلال إفريقيا وأين هو؟ الله.. آلاف الجنود الأجانب مثل يونميد وغيرها احتشدوا مرة أخرى في أرجائها وكأنّا يا تحرير لا رحنا ولا جينا!! فبأي حق نرفع راية استقلالنا وعلى أي أساس نحتفل؟. لو جاء آباء الاستقلال الأوائل الذين أسهوا في مسيرة تحريرها لسخروا من دعوة يونميد للاحتفال ولذرفوا بحراً من الدموع حزناً وأسفاً على تضحياتهم التي ضاعت هباء.
بإفريقيا الآن أكثر من عشر بعثات سلام اثنين منها في السودان إحداهما في دارفور والأخرى في جنوب السودان. في غرب إفريقيا بعثة سلام فشلت في ليبيريا وبجنوبها بعثة أكثر فشلاً وفساداً للسلام في الكنغو. بالقرن الافريقي في الحدود بين إثيوبيا واريتريا بعثة سلام. باختصار كل القارة الإفريقية - لأسباب تخصها أو تخص آخرين - تحتضن الآن الآلاف من القوات الأجنبية أكثر مما كانت عليه في أزمنة الاستعمار.
إفريقيا الآن أكبر قارة مديونية للعالم إذ بلغت مديونياتها حتى بعد مبادرة الهيبك 535 مليار دولار، نصيب السودان منها 36 مليارا!!. الحروب بإفريقيا حدِّث ولا حرج في دافور لا زالت الحرب مشتعلة في الكنغو.. لن تنتهي حروبها التي أفنت أكثر من ثلاثة ملايين حتى يتم نهب كافة المعادن بأراضيها!!. في الصومال لا زال شباب المجاهدين يقتلون رفاقهم وإخوانهم في الدين من المجاهدين السابقين.! كل أسباب الحرب تحتشد الآن على الحدود بين اثيوبيا واريتريا. أكثر من عشرين حرباً وصراعاً داخلياً بالقارة وأكثر من خمسة عشر مليون لاجئ بأرجائها ومن بنيها. أغلب شعوب دول القارة تحت خط الفقر ولا يتحازو متوسط دخل الفرد دولاراً في اليوم. الشهر الماضي في مؤتمر عقد بزيورخ قال المختصون إن ثلاثين مليار دولار تبدد سنوياً في الفساد بالقارة الإفريقية!!. لم يجد السيد محمد فتحي صاحب جائزة (مو) رئيساً واحداً يستحق أن يُمنح الجائزة (خمسة ملايين دولار) فألغى الجائزة والاحتفال بها هذا العام!! باختصار إفريقيا مستنقع للحروب والأمراض والفقر والفساد، فبأي شيء تحتفل إلا أن تكون يونميد تدعونا للاحتفال بالخيبة!!.
في نهاية رسالتها, وبالمناسبة غالباً ما تصيبني رسائل مكتب إعلام يونميد بالغم إذ إنها لا تحوي إلا سيرة القتل والخطف، ولذا قبل فتح أي رسالة بريدية أقول يا ساتر. في نهاية رسالتها تقول يونميد (كان موضوع يوم إفريقيا لعام 2010م هو «بناء السلام والحفاظ عليه عبر الرياضة»). ليت يونميد تركتنا ننسى أوجاعنا ونحن نستقبل كأس العالم الذي يحل ضيفاً لأول مرة بالقارة الإفريقية، فكرة القدم هي البهجة الوحيدة الباقية لشعوب هذه القارة التعيسة. لنسعد بمباريات الكأس وننسى لشهر كوارثنا، وأقترح على مكتب إعلام يونميد أن يأخذ إجازة طيلة فترة الكأس حتى يرتاح ويريح ويدعنا نثمل بالكأس دون خمر ترى!!.