يا قلبى لا تحزن: هذا العام تم قبول طلاب بكليات الطب بنسب 50% فقط
يا قلبى لا تحزن: هذا العام (2010) تم قبول طلاب بكليات الطب بنسب 50% فقط لا غير!
ب. عوض محمد احمد
جامعة بحر الغزال, الخرطوم
لا ادرى لماذا لم تلفت المفارقات المذهلة التى حفلت بها نتيجة القبول للجامعات و بالاخص القبول لكليات الطب فى الجامعات و الكليات الخاصة انظار اهل الاكاديميا السودانية. مفارقات لا تخطر فى ذهن (احرف) روائى, الكم بعضا منها:
1. احدى الكليات الجامعية الخاصة كانت نسبة القبول لكلية الطب, (و بقية الكليات الطبية مثل الاسنان و الصيدلة) هى 50% (خمسون فى المائة), و بدون مفاضلة (بمعنى انه تم قبول كل من تقدم لهذه الكلية)
2. كلية جامعية اخرى كانت نسبة القبول للطب 60%, و للمفارقة فان نسبة القبول لكلية المختبرات فى نفس الكلية كانت اكثر من نسبة الطب (62%). ترى كيف ينظر هؤلاء الى اولئك؟ و هل يقبل التقنيون المتخرجون من كلية المختبرات ان يعملوا مساعدين للاطباء الذين دخلوا الكب بنسب اقل منهم؟
3. و الحال اسوا و اضل فى كلية اخرى, كانت نسبة القبول لكلية التمريض و القبالة اعلى (نعم اعلى) من نسب القبول لكلية طب الاسنان (56.1% للاسنان مقابل 56.6% للتمريض)
4. و كذا الحال فى كلية اخرى زادت نسبة القبول للمختبرات اكثر من 10% مقارنة مع كلية الطب (68.6% مقابل 57.6%), وفى نفس الكلية زادت نسبة القبول للتمريض عن نسبة الطب. و اكاد اجزم ان شيئا ليس يسيرا من الندم قد اصاب اولئك الذين فاتهم اوكازيون القبول للطب, و ربما استقالوا من كلياتهم ليتسنى لهم القبول بالطب, ان كانوا من ذوى اليسار.
4. فيما عدا جامعة العلوم الطبية (مامون حميدة) و جامعة كررى (التابعة للجيش) لم يتم الالمتزام بتوجيه سابق من سلطات التعلم العالى بالا تقل نسبة القبول لكليات الطب عن ال 80%. فمعظم الكليات الخاصة قبلت نسبا تتراوح بين ال 50% و 78%. و لا ندرى كيف يكون الحال عندما تباشر هذه الكليات عملية القبول المباشر فى الكليات و التى سوف تعلن نتائجها فى الاسابيع المقبلة.
الوضع اقرب للمزرى. و لا ندرى كيف يمكن لهؤلاء الطلاب الاستمرار فى دراسة مجهدة و طويلة مثل دراسة الطب بمثل هذه النسب المجهرية. و لا ندرى نظرة الجمهور و متلقى الخدمة الصحية لهؤلاء الطلاب ان قدر لهم الاستمرار و الحصول على اجازة الطب. و يزداد موقف هذه الكليات سؤءا اذا قارنا نسب قبول طلابها التى بلغت الغاية فى التدنى مع نسب القبول للكليات الحكومية و التى كانت فى حدها الادنى اكثر من 86%. لاشك ان هناك اسبابا لهذا التدنى المريع فى نسب قبول الكليات الطبية من ضمنها كثرة تلك الكليات و منها ارتفاع رسوم الدراسة و فى نفس الوقت تدنى مداخيل المغتربين و زجال الاعمال السودانيين الذين تعودوا على ارسال ابنائهم لتلك الكليات, و منها ايضا تدنى شعبية دراسة الطب, حيث لم يعد الدراسة الاكثر تاهيلا للمهن المربحة (مقابل دارسى النفط و هندسة الاتصالات على سبيل المثال). و قد راى الجميع راى العين اطباء السودان يضربون عن العمل الاسابيع الطوال خلال هذا الصيف من اجل زيادة مرتباهم بضع عشرات من الجنيهات)
الم يكن من الاكرم ان تم تجميد القبول لاى كلية لم تجد طلابا تحصلوا على 80%؟ هل احتاطت الوزارة لاى تدنى فى الدرحات فى عملية القبول الداخلى؟ و الوضع يكال ايضا الكليات الاخرى فى الجامعات الخاصة. فكل كليات الهندسة و من غير استثناء تقريبا كانت نسبة القبول فيها 50% (و من غير درجات المفاضلة), و كذا الخال فى دراسات علوم و هندسة الحاسوب و تقنية المعلومات. انه لامر محزن ان تجد كليات ذات صيت حسن مثل كومبيوترمان و البيان و قاردن سيتى تقبل فى جميع كلياتها نسبة ال 50%. و الحال كهذا فان هناك عدد ليس يسيرا من الكليات الخاصة سوف لن تجد العدد الكافى من الطلاب هذا العام الامر الذى ربما يتسبب فى تعثرات مالية و ادارية كبيرة (خصوصا فى ظل دعم شحيح من قبل الدولة و دعم خارجى شبه معدوم).
كما نرجو اعادة النظر لصالح امكانية قبول طلاب المساق الادبى الحاصلين على نسب كبيرة فى الكليات العلمية, فى ظل عدم امكانية حصول الكليات التطبيقية الخاصة على طلاب دوى نسب كبيرة من المساق العلمى. اذ شتان بين طالب ادبى حصل على 80% او اكثر, و بين طالب علمى حصل على 50 او 60%. علاوة على اولئك الطلاب الادبيين قد درسوا مواد علمية (احياء, كيمياء, فيزياء) بجرعات مناسبة و بنفس المقدار الذى درسه العلميين خلال السنتين الاوائل من الدراسة الثانوية. بالاضافة الى انهم فى السنة الثالثة يدرسون نفس منهج الرياضيات و اللغة الانجليزية. فى ظل هذه المعطيات فان التقسيم الى ادبى و علمى فى المرحلة الثانوية يبدو اقرب للوهمى منه للحقيقى او المؤثر تربويا. التشعيب الحقيقى الى ادبى و علمى تمت تجربته لفترة محدودة فى منتصف و اوخر السبعينات من القرن المنصرم, حيث كان يتم منذ السنة الثانية, و كان الادبيون يدرسون منهجا خفيفا فى مواد العلوم و الرياضيات. و يجدر التنبيه الى انه فى فترة معينة فى الثمانينات و فى ظل تدهور نسب الادبيين تم فتح المجال للعلميين للتقديم لبعض الكليات النظرية. يبدو ان الامر يكاد ينقلب الان لصالح الادبيين. فنظرة, على سبيل المثال, لدرجات القبول لكليات التربية فى مختلف الجامعات الحكومية بما فيها الجامعات العريقة ترى التفاوت الكبير فى نسب القول للاقسام الادبية و العلمية (كثير من الاقسام العلمية قبلت طلابا بنسب 50% او اكثر قليلا, ليدرسوا الفيزياء و الكيمياء لطلاب الثانويات بعد اربع سنوات, فتامل!!)
الامر قمين بتدخل اولى الامر لتدارك ما يمكن تداركه, و من اجل تفادى اى شبهات تلحق بسمعة الكليات و الجامعات الاهلية من جهة, و من اجل تفادى اى انهيار لها من جراء انصراف الطلاب عنها, فى وقت تمس الحاجة فيه فى بلادنا لدور للتعليم الاهلى فى ظل ضيق مواعين التعليم الحكومى
Awad Ahmed [awad.sd@gmail.com]