شكك الكاتب والمحلل السياسي البروفسور الطيب زين العابدين في إمكانية إجراء الاستفتاء في مواعيده المضروبة في التاسع من يناير 2011م وتوقع تأجيله لأسباب "فنية" و"لوجستية" تنأى عن المسببات "السياسية"، واستبعد إعلان الحركة الشعبية للاستقلال من برلمان الشطر الجنوبى واعتبرها "مزايدة" سياسية. حوار: بهرام عبد المنعم: تصوير: أبو حريرة * وفقا للمُعطيات الراهنة هل سيقوم الاستفتاء في مواعيده المضروبة؟ أشك في ذلك.. لأن المفوضية أُنشئت متأخرة جدا وكان من المفترض أن تنشأ قبل عامين وبعدما أنشئت حدث جدال طويل حول وظيفة الأمين العام، الذى عُين مؤخرا جدا، والسيد رئيس المفوضية لديه بعض التحفظات على تصويت الأعضاء الجنوبيين لتصويتهم ككتلة واحدة وهذا مخالف لقانون المفوضية، لأن المطلوب من أعضاء المفوضية "الحياد"، هم ليسو أعضاء حزبيين لذا يمتنع عليهم التصويت ككتلة واحدة، هذا الامر يعني أنهم يلتقون قبل الاجتماع ومن ثم الاتفاق على التصويت ككتلة واحدة، وتلك الممارسات شكا رئيس المفوضية لرئاسة الجمهورية جراءها، ولرئيس حكومة الجنوب الفريق أول سلفاكير ميارديت ، وتفهمت الرئاسة أسباب القلق، فالآن المفوضية في بداية تحضيراتها للاستفتاء، قانون الاستفتاء نفسه يتضمن مواقيت معينة ، فهو مثلا يقول ان نهاية تسجيل الناخبين تتم قبل ثلاثة شهور من بداية الاقتراع وهذا يصعب جدا عمله، فإما أن يتغير القانون او أن تطلب المفوضية بعض الوقت شهر أو شهرين وأنا أظن سيحدث تأجيل لكنه تأجيل فني ولوجستي وليس لأسباب سياسية وسيتم من قبل المفوضية حتى تستطيع تكملة تسجيل الناخبين والإعداد للاستفتاء في وقت معقول. *لكن الشريكين اتفقوا على تعديل المواقيت الزمنية تفاديا للتأجيل؟ اتفقا نظريا، والشريكين في مرات كثيرة اتفقا على قضايا دون استشارة الآخرين واتضح مؤخرا وجود مشاكل بينهما ، لأن التعديل يتم بواسطة البرلمان والبرلمان يمكن أن يكون له حديث آخر، وفي الماضي قبل إجراء الانتخابات تم الاتفاق على إعطاء الجنوب (40) مقعدا إضافيا ولكن البرلمان رفضها باعتبار أن المدة زمنية قصيرة ولا تكفي وستحدث تلك الإضافات مشكلة جديدة،كما ان الشريكان يتم التشاور بينهما في الغرف المغلقة ومن ثم الاتفاق دون التشاور مع جهات دستورية أو قانونية، كما ان أعضاء المؤتمر الوطني في البرلمان غير متحمسين للتأجيل، لأن التأجيل يتم بأسس وليس عملا عشوائيا، ومدة الثلاثة شهور للسماح بالطعون وأن الطعون لديها أيضا مراتب كالاستئناف لجهة أعلى ولكن في نهاية الأمر فإن توقعاتي سيحدث تأجيل لفترة قصيرة لأسباب لوجستية وفنية وليس لأسباب سياسية. *لكن الحركة الشعببية قالت إنها لن تقبل تأجيل الاستفتاء ولو لساعات؟ أعتقد أن ذلك نوع من المزايدات السياسية، وإذا راجعنا "سجلات" المؤتمر الوطني والحركة الشعبية نجد أنهم في مرات كثيرة يقولون كلام "ساكت" ومن بعد ذلك يتراجعوا عنه، والمقصود هو التأجيل "السياسي" كأن تقول الحركة الشعبية أنها لم تتفق مع شريكها المؤتمر الوطني على مناقشة قضايا ما بعد الاستفتاء مثلا. وهذا تأجيل سياسي وأنها بصدد التفاكر حول تلك القضية، تأجيل كهذا فإن الحركة الشعبية سترفضه، لكن المؤتمر الوطني إذا ناقشها حول التأجيل لمدة أسبوع أو أسبوعين لتكملة الثغرات فلن يكون لديها منطق لرفض تلك الحيثيات. *هل المؤتمر الوطني جاد في إجراء الاستفتاء في مواعيده المضروبة؟ الجدية تتعلق بالنوايا، والنوايا هذه يعلم بها رب العالمين، لكن إذا أردنا التحليل السياسي فإن المؤتمر الوطني ليس "متحمس" كثيرا لإجراء الاستفتاء في مواعيده لكنه التزم وجدّده على مستوى رئيس الجمهورية ورئيس المؤتمر الوطني في مناسبات عديدة بأن الحزب حريص على إجراء الاستفتاء في مواعيده، كما أن المؤتمر الوطني تنازل عن بعض القضايا التي كانت من الممكن أن تؤدي إلى تأجيل الاستفتاء، كتمسك الحزب في بداية الأمر بترسيم الحدود قبل إجراء الاستفتاء باعتبار أن القضية ستقود إلى أزمة في المستقبل وفي اعتقادي فإن الأمر منطقي لكنهم تنازلوا عن تلك المسألة وتراجعوا عنها، وبالتالي طالما إن الحزب تنازل عن تلك القضية فإنه سيتنازل عن القضايا الأخرى، والسؤال الذي يفرض نفسه ما هى المصلحة في تأجيل الاستفتاء، باعتبار أن الاستفتاء سيجري في مواعيده وإن تأجل لأسبوع، أو شهر، أو شهرين، أو ثلاثة، بل بالعكس إن مطالبة المؤتمر الوطني بتأجيل الاستفتاء ستضيف إليه نقاط سالبة ، بجانب إلصاق تهمة نقض العهود إلى سجله. *هل خطة إعلان الاستقلال من داخل برلمان الجنوب ممكنة؟ غير ممكنة لأن القانون لا يسمح بها وكذلك الدستور، واتفاقية نيفاشا لا تسمح والحركة باستمرار ظلت تتهم شريكها المؤتمر الوطني بعرقلة تنفيذ الاتفاقية ولا يمكنها أن تخرقها بتلك الصورة، ثم إن المؤتمر الوطني لن يعترف بإعلان الانفصال من داخل البرلمان، والسؤال إذا رفض المؤتمر الوطني التعامل مع الجنوب كحكومة منفصلة فماذا ستعمل الحركة الشعبية في تلك الحالة؟ *ما هو رد فعل المؤتمر الوطني تجاه الخطوة إذا تمت؟ المؤتمر الوطني لن يعترف بإعلان الاستقلال من داخل البرلمان، والحركة الشعبية لن تستطيع إعلان الانفصال لوحدها سيمّا وأنها صبرت مدة طويلة (5) سنوات في انتظار تلك الخطوة، فمن الغباء السياسي والحماقة الإقدام على إنفصال الانفصال من داخل برلمان حكومة الجنوب. ثم إن المجتمع الدولي سيكون في غاية الإحراج وإن كان متعاطفا مع الحركة الشعبية وسيعدّها خرق للاتفاقية مع الأخذ في الاعتبار أنه ظل في كل مرة يتحدث عن ضرورة تنفيذ الاتفاقية، والسؤال الذي يفرض نفسه هل سيسمح المجتمع الدولي للحركة الشعبية بخرق الاتفاقية. *المؤتمر الوطني قال إنه سيفاجئ المراقبين بتحقيق الوحدة كما فأجاهم من قبل في تحقيق السلام الشامل وإجراء الانتخابات ما هو تعليقك؟ أعتقد ده كلام "ساكت" لأن الانفصال سيسبب للمؤتمر الوطني "حرج" سياسي ومسؤولية تاريخية في السودان، وأهل الشمال لا يريدون الانفصال والمؤتمر الوطني يحكم هذا الشمال لمدة (20) عاما منفردا، ووقع الاتفاقية مع الحركة الشعبية منفردا، ونفذّها منفردا ولم يشرك الآخرين فيها على الإطلاق، والسؤال ما هى حجته الآن في أعقاب استلامه لسودان موحد، وتسليمه للأجيال المقبلة سودان منقسم، والمؤتمر الوطني تقع على عاتقه مسؤولية تاريخية ووطنية وهو مسؤول عنها لذلك يبحث الآن عن مبررات لحفظ ماء وجهه والقول بأن الوحدة "ممكنة"، ونحن نرى الآن الجنوبيين والنخب الجنوبية في اى إتجاه يسيرون، ومن يطالع الصحف الإنجليزية والفضائيات ويشاهد المظاهرات في التاسع من كل شهر، بالإضافة إلى أحاديث أمين عام الحركة الشعبية باقان أموم حول الانفصال سيتأكد أن الحركة الشعبية مع الانفصال، والمؤشرات كثيرة جدا، رئيس الجمهورية استقبل استقبالات حارة في الجنوب لكن الجنوبيون لم يصوتوا له وإنما صوتوا لمرشح منسحب وهو ياسر عرمان وهو مؤشر قوي جدا على الانفصال. *هذا يعني أن الانفصال واقع لا محالة؟ أعتقد ذلك.. والمؤتمر الوطني الان يحاول طمأنة نفسه لكن تقييمهم الداخلي أن الانفصال سيحدث. *من سيتحمل مسؤولية الانفصال التاريخية حال وقوعه الحركة الإسلامية أم المؤتمر الوطني؟ هل الحركة الإسلامية حاكمة؟ المؤتمر الوطني هو الحاكم، المؤتمر الوطني نفسه ليس حاكما، الذين يحكمون لا يتعدون الـ(5- 6) أشخاص في المؤتمر الوطني لكنهم بالطبع حركة إسلامية لكنهم يحكمون بحكم مناصبهم الدستورية ولأنهم على قيادة الحزب الحاكم، وهم المسؤولين الأوائل باعتبارهم مهندسو الاتفاقية "ساطوها وطبقوها" لكن المسؤولية في نهاية المطالف تضامنية، ولطالما أنك تتحدث بإسم حزب، إذا الحزب راض عن تلك القرارات فإن الحزب مسؤول عن الانفصال، وأنا أسألك هل نما إلى علمك أن الحركة الإسلامية سئلت عن رأيها في تلك القضية؟ وهل توجد دار للحركة الإسلامية؟ هل أقامت الحركة الإسلامية محاضرة أو ندوة باسمها؟ وهل الحركة الإسلامية موجودة على الساحة السياسية وتعمل؟ وأجيب وأقول لا توجد حركة إسلامية لأنها جسم "مجمد" تجتمع كل (4) سنين لانتخاب أمين عام وبعد ذلك يضعوه في "الديب فريزر" إلى أن تتنهي فترة الـ(4) سنوات تلك، لكن لا يوجد حراك للأمين العام على أساس أن كل نشاطه ينتقل إلى المؤتمر الوطني، فالحركة الإسلامية لا تفعل شئيا وحتى نشاط الطلاب والنقابات سُلم إلى المؤتمر الوطني "صرة في خيط"، والحركة الإسلامية "مُجمدة"، الدولة فيها أعضاء كثر ينتمون إلى الحركة الإسلامية لكنهم لا يتصرفون كمؤسسة للحركة الإسلامية و يتصرفوا كأفراد ، أي أحد منهم في أي موقع في وزارة الزراعة أو الخارجية أو الأمن يتصرف كفرد، ولا يلتقي بأشخاص داخل الحركة الإسلامية حتى على مستوى مؤسسته، وزير الخارجية مثلا ينتمي إلى الحركة الإسلامية لكنه لا يجتمع مع أشخاص ينتمون إلى الحركة الإسلامية في وزارة الخارجية بغرض التشاور معهم. *الإدارة الأمريكية هددت بفرض عقوبات على المؤتمر الوطني حال تدهورت الأضاع عقب إجراء الاستفتاء ما هو أثر تلك العقوبات على السودان ؟ العقوبات أغلبها اقتصادية مذكورة، لكن أيضا توجد حوافز كإعفاء ديون السودان وبيعه معدات زراعة ورى ولكن الولايات المتحدة الأمريكية وحوافزها ليست ذات قيمة لأن العقوبات مفروضة على السودان أصلا. *لماذا ليست لديها قيمة؟ هل العقوبات التي فرضت على السودان عطلّت اقتصاده؟ الاقتصاد السوداني نسبة نموءه بلغت (10%)، صحيح أن بعض الإسبيرات تصل إلى السودان من أمريكا ولكن الحصول عليها يتم بواسطة جهة ثالثة كأسبيرات الطيران والسكك الحديدية، لكن في نهاية المطاف فإن العقوبات الأمريكية ليست فعّالة ولن تجبر الحكومة للخضوع، وبالتالي ليست لديها قيمة، كما أن الحوافز مشكوك فيها، لأن أمريكا وعدت الحكومة بحوافز حال توقيعها على اتفاقية السلام الشامل لكنها تراجعت عن الإيفاء بالتزاماتها، أو كأن يرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وأقول إن العراق لم يرفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب رغم أن أمريكا كانت تحكم تلك البلاد وهيأت الأجواء لإجراء الانتخابات، وبما أن العقوبات يجيزها "الكونغرس" وهو يتعرض في ذات الوقت لجماعات الضغط اليهودية والمسيحية وحقوق الإنسان، بالتالي ليس بالسهولة رفع تلك العقوبات، والحكومة الأمريكية لا تستطيع أن ترفعها منفردة والكونغرس له عداء مع السودان خاصة "الكوكس" الإفريقي فالبتالي فإن العقوبات ليست بذات جدوى. *اجتماعات نيويورك في الرابع والعشرين من الشهر الجاري هل ستكون حاسمة ونهائية؟ القضايا المختلف عليها ليست بالسهولة للاتفاق عليها في لقاء خلال ساعات معدودة لأن الشريكين "المؤتمر الوطني والحركة الشعبية" ناقشوا تلك القضايا ولفترة طويلة جدا، والسؤال الذي يطرح نفسه هل الاجتماع سيحسم مشكلة الحدود أم أبيي، أم مياه النيل؟ في وجهة نظري هذا غير ممكن، وأقول إن حكومة السودان "غلطانة" في الاستجابة لحضور الاجتماع باعتباره سيكون اجتماع للضغط عليها، ولن يكون هناك نقاش موضوعي لأنهم هددوها بالعقوبات، وكان على الولايات المتحدة الأمريكية أن تفرض عقوباتها على الطرف الذي يتعنت ويتلكأ في تنفيذ ما يليه من حقوق حول بنود اتفاقية السلام الشامل، لكنها لوّحت بمعاقبة حكومة السودان ابتداء باعتبار أن الشمال لا يرغب في الانفصال وأن كافة العراقيل ستحدث منه، والحقيقة أن العقوبات لا تبنى على افتراض. وفي حقيقة الأمر أن الجيش الشعبي لم يكمل انتشاره وإلى الآن متواجد في جنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان طبقا لتقرير مفوضية التقويم والتقدير، ولماذا لا يسأل الجيش الشعبي؟ ولماذا لا تمارس السلطات الاتحادية في الجنوب كالجمارك والطيران المدني؟ وهو خروج عن الاتفاقية ولكن تلك القضايا لا تذكر إطلاقا، ومعظم انتهاكات حقوق الإنسان وحُريات التعبير والتنظيم موجودة في الجنوب. *لماذا يصمت المؤتمر الوطني على السلطات الاتحادية في الجنوب؟ لأنه "خائف" من الطرف الأجنبي ويريد إرضاء الحركة الشعبية بكل الوسائل والمؤتمر الوطني حدثت فيه خلافات في قانون الاستفتاء سيمّا وأن الهيئة البرلمانية رفضت التعديلات التي أدخلت على القانون لكن القيادات المتنفذة في الحزب فرضوا على الهيئة البرلمانية إدخال تلك التعديلات، وقضية الانفصال والوحدة تهم كل الأحزاب الشمالية وكان من المفترض إشراكها في القرار، ولكن توجه لها دعوة برتوكولية فقط في بيت الضيافة ويخاطبها رئيس الجمهورية وينتهي الموضوع، والأحزاب ما كان لها الاستجابة لتلك الدعوة حقيقة لأنها دعوة "برتوكولية" وليست ذات قيمة، أنا أعتقد أن المؤتمر الوطني حال تشاوره مع الأحزاب الشمالية وضمها إلى جانبه في موقف موحد كان وضعه سيكون في موقف قوي، لكنه أراد الوقوف لوحده مما أدى للاصطفاف ضده من قبل الحركة الشعبية والمجتمع الدولي، والمؤتمر الوطني يضعف موقف الشمال حقيقة، وتمسكه بتلك الصورة يجعل الشمال في موقف ضعيف تجاه الحركة الشعبية وإن طالبت بمطالب غير مقبولة. *سباق التسلح بين الشمال والجنوب هل هو استعداد للحرب؟ يوجد الإحساس بالحرب وأي شخص ينظر إلى الساحة السياسية بصورة موضوعية سيقول إن هناك حرب، لكن حقيقة أن الجيش السوداني ليس مستعدا للحرب، ويكفي أنه لم يحسم مشكلة دارفور، واستعان "بالجنجويد" و"حرس الحدود" كما أن الحركات المسلحة ما زالت موجودة إلى الآن في دارفور، وأن الحكومة استعانت بـ(16) ألف جندي من "يوناميد" لحفظ السلام في الاقليم، وحتى داخل المعسكرات الدولة ليست لديها قوات نظامية لحفظ الأمن، وكذلك في أماكن العودة الطوعية لا توجد حماية لضمان عودة اللاجئين. *ما هو شكل الحرب في السودان حال نشوبها من جديد؟ ستكون حرب بين دولتين، وفي الماضي كانت الحكومة المركزية تحارب حركات تمرد تحمل "الكلاشنكوف" وبالكثير مدافع، والآن توجد دولة في الجنوب لديها دبابات وطائرات وبإمكانها إرسال صواريخ لتدمير الجسور في الخرطوم، وستكون حربا من نوع مختلف وحرب "استنزاف"، لذلك أعتقد أن أسوأ سيناريو الانتهاء إلى انفصال وإلى الحرب. لذلك ينبغي بذل كل الجهود حال وقوع الانفصال لأن يكون سلميا وجوار حسن وعلاقات تعايش بين الدولتين مع بعضها البعض بدلا من الانتهاء إلى انفصال وإلى حرب. *الحركة الشعبية تتحدث عن ضرورة عرض دستوري جديد وقالت إن المؤتمر الوطني حال تلاعبه بالاتفاقية فإنها ستساهم في قيادة اصطفاف سياسي يتجاوز المؤتمر الوطني ما هو تعليقكم؟ أعتقد أن هذا الحديث صادر من بعض الوحدويون داخل الحركة الشعبية وليس من قيادة الحركة الشعبية وأظن أن البيان الذي تضمن هذا الحديث أصدره ياسر عرمان ولا أظنه يمثل الرأي الحقيقي للقيادة العليا للحركة الشعبية، وكان على ياسر عرمان تحديد المطالب التي يريدها في التعديلات الدستورية، لأن الدستور الحالي يتيح للحركة الشعبية الإنفراد بحكم الجنوب والمشاركة في حكم الشمال بنسبة الثلث ، الحركة "عاوزة شنو أكتر من كده"، ورئيس الجمهورية لا يستطيع أن يعين موظف صغير في جنوب السودان، الحركة لديها جيش لوحدها، وبعثات دبلوماسية منفصلة في الخارج ، ولديها سلطات كاملة في جنوب السودان، بالعكس الذي عليه الشكوى من الوحدة الحالية هو شمال السودان، لأن الوحدة ليست متعادلة أو متوازنة، والشمال وضعه مختل، لأن النيل الأزرق لديها وضع معين وكذلك جنوب كردفان وكذلك دارفور وشرق السودان، "دي دولة شنو دي؟" دولة بها (3) جيوش أولها جيش الحركة الشعبية، وثانيها القوات المسلحة وثالها القوات المدمجة، "هل سمعت بوضع زى ده من الله خلقك في بلد واحدة؟" هذا وضع مختلف وينبغي على الشخص الذي يدعو إلى أسس جديدة ، وهو حق ، لكن عليه أن يوضح لنا ما هى الأسس الجديدة المطلوبة ، أعتقد أن الشمال عليه أن يرفض انحصار حكم الجنوب على الحركة والمشاركة في حكم الشمال بالثلث، العرض الذي قدمه جون قرنق في 2005م كان أكثر عدالة بإنشاء وحدتين كونفدراليتين على أن يكون الشمال دولة لها حكومتها وبرلمانها والجنوب كذلك، بالإضافة إلى علامة فوقية رمزية وفي رأيي هذا وضع أكثر عدالة ، الشمال في نفس الوقت يستطيع أن يكون متوزان بدلا عن وجود أوضاع مختلفة لدارفور والشرق والنيل الأزرق وكردفان، نحن لا نعلم إلى أين ستقود المشورة الشعبية ولايات النيل الأزرق وجنوب كردفان، حقيقة فإن الوضع الدستوري الموجود حاليا غير مقبول وغير عادل ولا بأس من دعوة جديدة لكن الدعوة لا بد أن تكون محددة، كأن يطلبوا رئيس جمهورية بالتناوب مثلا، وهذا في اعتقادي مطلب معقول جدا، وأنا شخصيا أؤيده، وهذه فرصة لتغيير رئاسة الجمهورية وإطلاق شخصية جديدة من وقت لآخر، والمطالب لا بد أن تكون محددة، ولكن أن تكون دعوة عامة كهذه فإنها غير صحيحة، ثم أن الوضع الحالي مختل لمصلحة الجنوب وليس لمصلحة الشمال. *ما هو هدف الحوار بين الوحدويون والانفصاليين الذي تنظمه المنظمة الوطنية لدعم الوحدة للطوعية؟ الانفصال خطير جدا على الشمال والجنوب ومن الممكن أن يتسبب في عنف بين القبائل، يمكن أن يؤدي إلى تمزق أكثر في الشمال، ودارفور يمكن أن تطالب بتقرير مصير، وجائز ايضا النيل الأزرق وجنوب كردفان، بالتالي فإن الانفصال سيقود إلى مشاكل في الشمال والجنوب وسيفقد الشمال نصف عائدات البترول التي يعتمد عليها الاقتصاد السوداني، كما سيفقد الجنوب كل خدمات البترول الموجودة في الشمال، وسيفقد السودان التعايش الموجود بين مئات الآلاف من المواطنين على الولايات الحدودية، لدينا (5) ولايات شمالية وأخرى جنوبية مشتركة في الحدود ومئات الآلاف من تلك القبائل تعبر الحدود بحيواناتهم وبالتالي هذا التعايش سنفقده ، كما لدينا مليون ونصف جنوبي في الشمال والحركة الشعبية لن تستطيع إقناعهم بالرجوع إلى الجنوب والسكن في معسكرات وهذا في رأيي حديث للإعلام وليس هدفا حقيقيا يمكن أن ينفذ، ومن الممكن نشوب حرب حال إغفال قضية ترسيم الحدود وتجاهل أزمة أبيي، لذلك ينبغي تفادي هذا الانفصال الذي يمكن أن يؤدي إلى حرب، وبالتالي لا بد من فتح حوار حول قضيتي الوحدة والانفصال ومناقشتها بالمفتوح، وإلى الآن قيادات المؤتمر الوطني والحركة الشعبية تجتمع في الغرف المغلقة ولا يعلم الشعب السوداني عن تلك الاجتماعات شئيا، لا يمكن أن يحدد مصير السودان خمسة أشخاص، وأقول أن الحكومة حديثها حول ترسيم الحدود لن يقنع أحد ولا يمكنها أن تفرض على القبائل الحدودية الانضمام إلى الجنوب، لا تستطيع أن تضمن ذلك مع الأخذ في الاعتبار أنها قبائل محاربة، وتحمل سلاح، وتستطيع أن تدافع عن نفسها وأراضيها ومراعيها ولا يمكن أن تقول الحكومة للمسيرية بانها قبلت بضم أراضيها للجنوب ولن تقبل ، بالتالي ستؤدي تلك المآلات إلى "مآسي" وحروب وعنف سيؤثر على تعايش امتد لمئات السنين، ولأول مرة المسيرية والدينكا سيكونو في حالة احتكاك بعد التوقيع على اتفاقية السلام الشامل وبعد تقرير الخبراء حول منطقة أبيي. *ألا تعتقد أن الحوار كان ينبغي تدشينه في الجنوب وليس الخرطوم؟ نريد أن يقول كل شخص رأيه في الوحدة والانفصال، والحديث في الشمال محصور حول الوحدة، وفي الجنوب حول الانفصال، ونحن كقوى موجودة في الشمال إذا أردنا بداية الحوار علينا أن لا ندشنه منطقيا في جوبا باعتبار أن الجنوبيين سيطالبون بتدشين الحوار في الخرطوم أولا، لكن المنظمة مُسجلة في في جوبا وملكال وواو ، وبعد بداية الحوار سننتقل به إلى الجنوب إذ سمح لنا ونتوقع السماح، لدينا عدة مشاريع أخرى ليست محصورة في قضية الحوار فقط، كما لدينا نشاط حول ولايات التماس الحدودية، ونشاط مع الجامعات الجنوبية، لكن لا بد من فرقعة إعلامية عالية المستوى لكسر الحواجز، وأردنا كسر تلك الحواجز في قلب الخرطوم، ومن ثم الانتقال إلى المناطق الأخرى.