رئيس البرلمان أحمد ابراهيم الطاهر: الحركة الشعبية زهدت في لقاء المؤتمر الوطني، وقطعت كل الاتصالات معنا

 


 

 

حوار: خالد البلولة ازيرق
قال الاستاذ أحمد ابراهيم الطاهر رئيس المجلس الوطني، ان المؤسسات الدستورية في البلاد لن تتأثر اذا كانت نتيجة الاستفتاء لصالح الانفصال، وانها ستستمر لمدة خمس سنوات، في وقت استبعد فيه اجراء انتخابات مبكرة في البلاد اذا لم تستجد أمور سياسية تدعو لذلك، واتهم الطاهر في حواره مع «الصحافة» أبناء أبيي في الحركة الشعبية بسوقها والمجتمع الدولي الي تحقيق مخططاتهم في المنطقة، وقال ان الحركة الشعبية سعت لحتفها في أبيي لأنها تريد الارض بلا انسانها، واضاف انه لا يمكن لأحد ان يقصي المسيرية من استفتاء أبيي، وقال الطاهر ان الاستفتاء يمكن ان يؤدي الي الوحدة اذا حذفت المزايدات السياسية وبعض التسخين الذي تقوم به الحركة الشعبية للوضع، وكشف ان الدستوريين الجنوبيين سينتقلون الي الجنوب اذا وقع الانفصال، مشير الي ان ذلك لن يؤثر علي شرعية المؤسسات الدستورية المنتخبة، وتاليه الحوار:-
* كيف تنظر لمستقبل السودان من خلال الثلاثة اشهر المتبقية علي حق تقرير المصير؟
= طبعاً المسألة هذه ليست مفاجئة للكل..هي خلاصات اتفاق السلام الذي وقع عام 2005م، هذا الاتفاق طبعاً تم علي فترات واخذ حوالي «12» سنة من التفاوض مع الحركة الشعبية، وفي هذه الاعوام كانت الحرب مستعرة بين الطرفين، وحقيقة انهكت البلد جداً ودمرت الاقتصاد وأزهقت الارواح..حقيقة ارجعت البلد خطوات للوراء...صحيح الحرب مسنودة من الخارج كما يعلم الجميع ولكن طبعاً كان لابد للقائمين علي الأمر ان يحاولوا ان ينزعوا فتيل الحرب ويحاولوا ان يعودوا بالبلد الي حالة الاستقرار... وطبعاً السلم عنده ثمن مثل ما الحرب أيضا كان عندها ثمن، وعند المقارنة بين ثمن السلم وثمن الحرب، رجح فيه خيار السلام علي خيار الحرب.
* إذاً كيف تنظر لثمن السلم علي ضوء قرب انتهاء الفترة الانتقالية للاتفاقية؟
= أفتكر انه الآن متوقع يحصل اي شئ.. يمكن ان تقود المسألة الي وحدة كاملة اذا حذفت بعض المزايدات السياسية وبعض التسخين الذي تقوم به الحركة الشعبية للوضع، اذا ترك الوضع هادئا للجنوبيين لا اشك في انهم سيختارون الوحدة، لأن ميزات الوحدة عند الجنوبي العادي أكبر من ميزات الانفصال، ومكاسب المواطن العادي في الجنوب من الوحدة أكثر من مكاسب الانفصال، وكذلك نرى انه اذا سارت الأمور بشكل طبيعي ستقود الي وحدة... ولكن طبعاً نري أن الحركة الشعبية قد قررت الانفصال وهي مسنودة بقوي خارجية لها مصلحة في انفصال الجنوب، وربما أيضا ترجح هذ الاحتمال نسبة لهيمنة الحركة الشعبية علي الجنوب، وطبيعة الحركة العسكرية التي لا تقبل المسامحة والحرية والرأي الآخر.. هذه كلها قد تصب الآن في خانة الانفصال وبالتالي قد يحدث الانفصال...علي كل حال طبعاً النتيجتان متحسب لهما ومتوقع منذ زمن بعيد، وما حانندهش اذا حدث الانفصال، كما اننا لن نندهش اذا حدثت الوحدة.
* هل مازلتم تقاتلون من أجل الوحدة رغم حديث الانفصال لقادة الحركة الشعبية ورئيسها سلفاكير؟
= طبعا نحن من واجبنا ان نسعي لوحدة بلدنا، ليس لنا أي مصلحة في أن تنفصل البلد، واعتقد ان السودان واسع يستحملنا ويستحمل اعداد أكبر من المواطنين الموجودين الآن، ليس به ضيق عيش وليس به ضيق موارد ولا ضعف في رقعة الارض، لذلك خيارنا هو الوحدة، لكن طبعا نحن الخيار هذا لا نفرضه علي شعب الجنوب الذي أعطي الحق الآن في أن يقرر بطوعه واختياره ان يكون السودان موحداً أم لا.
* لكن اصراركم علي عدم اعطاء الجنسية المزدوجة، ألا يعكس زهدكم في الوحدة؟
= لا..ليست كذلك، لكن هذه مسألة قانونية بحتة ليس لها اي جوانب سياسية، واسأل أية دولة من الدول التي مارست هذا الحق، والتي تعلم ان مقتضيات الانفصال نظرياً ، سيقولون لك ن الانفصال هو الانفصال وان الانفصال هو فرز للكيمان في الدولتين لايربط بينهما إلا ما يربط بين أية دولة ودولة أخري، لذلك هذه القضية واضحة جداً بالنسبة لنا، قد لا تكون واضحة بالنسبة للمواطن الجنوبي الذي اعتاد ان يلج الشمال بطريقة عفوية وان يعمل بطريقة عفوية كذلك، وان يتنقل كذلك بطريقة عفوية، لم يعتد حقيقة ان توضع له قيود في طريق انتقاله للشمال، ولكن هذه القيود سيضعها بنفسه في صندوق الاقتراع.
* اذا حدث الانفصال هناك من يسعون للوحدة بعد الانفصال، مسألة الجنسية المزدوجة ألا تري أنها ستكون مسهلة للوحدة مستقبلاً بين الدولتين؟
= مسألة الجنسية المزدوجة هذه مسألة تقررها الدولة، اذا كانت دولة في الشمال ودولة في الجنوب هي التي تقرر كيف يمكن لها ان تمنح لها جنسية لمواطنيها مزدوجة، وهذه لا تقررها اتفاقيات أصلاً...واعتقد انه لا يوجد الان اتفاق بيننا وبين الحركة الشعبية لأي جنسية مزدوجة، فإذا انفصل الجنوب فهو جنوب والشمال هو شمال لذلك ستظل الجنسية مقيدة بذلك، هذا لا يمنع من ان السودان يتعامل مع الجنوبيين الموجودين بنفس الطريقة التي يتعامل بها مع بقية الاشخاص الذين يأتوننا من بلاد أخري مثل اريتريا واثيوبيا والصومال ومصر وتشاد فإنهم يجدون السعة والراحة والاحترام في السودان، لكن قطعاً لن تكون لهم حقوق سياسية في السودان.
* الحركة الشعبية وبعض القوي السياسية تتهمكم بانكم تسعون للانفصال، ولكنكم لا تريدون ان تتحملوا مسؤوليته لذا تتظاهرون بالدعوة للوحدة؟
= طيب لماذا لا يتظاهرون هم بالدعوة للوحدة التي يدعونها حتى يؤكدوا ذلك، لماذا يصرون علي الانفصال، هذه القضية مردودة عليهم.
* اذا وقع الانفصال ماهو الوضع القانوني والدستوري وقتها للمجلس الوطني الحالي؟
= طبعاً الدستور الانتقالي نص علي هذا الوضع بنصوص قاطعة وليس هناك أي مجالات للتأويل فيها، فإذا انفصل الجنوب سيتحرك كل الجنوبيين جنوباً الذين يشغلون مناصب دستورية سينتقلون للجنوب، والذين يشكلون جزءا من جيش الحركة في القوات المشتركة سينتقلون جنوباً، واعضاء المجلس الوطني من الجنوب ايضاً سينتقلون جنوباً، ولكن ستظل المؤسسات الدستورية قائمة بحالها الي ان تكتمل المدة للخمس سنوات القادمة وتجري انتخابات جديدة، وفي هذه الفترة يمكن ان يراجع الدستور لشكل الدولة الجديد ومؤسساتها وفق القناعات التي يراها القائمون علي امر الدولة في الشمال او الجنوب.
* لكن بعد ذهاب اعضاء المجلس الوطني من الجنوبيين الي الجنوب بهذه النسبة المعتبرة، ألا يؤثر ذلك علي الوضع الدستوري للبرلمان؟
= الموجودون الآن من الحركة الشعبية هم «99» شخصا من جملة «450» عضوا في البرلمان.
* ألا يؤثر غياب هذا العدد من النواب الجنوبيين علي شرعية البرلمان؟
= لا يؤثر دستوريا علي شرعية البرلمان، لأن الدستور نص علي انه يمكن ان تنتهي عضويتهم في حال الانفصال، وما دام الدستور قد نص علي ذلك فليس هناك أي خرق دستوري في هذا الاجراء.
* لكن الدستور سينتهي في شهر يوليو القادم وهذا يتطلب ترتيبات جديدة لوضع دستور جديد؟
= لا..لا ينتهي الدستور في شهر يوليو، ولكن تنتهي الفترة الانتقالية في 9 يوليو وتنتهي كل الاجراءات الخاصة بالانتقال، وتستمر الدولة.
* ألا يتطلب هذا وضع دستور جديد؟
= ليس بالضرورة ان يكون الدستور الجديد في 9 يوليو، فالدستور الانتقالي يستمر الي ان يُغير بدستور اخر حسب نص الدستور نفسه في المادة «226/9» يحكم هذا الدستور الفترة الانتقالية ويكون خاضعاً لأي تعديل او مراجعة وفقاص للمادة «224» ويظل ساريا الي حين اعتماد دستور دائم، ولهذا لا ينتهي بانتهاء الفترة الانتقالية، اذا جاءت نتيجة الاستفتاء حول تقرير المصير لصالح الانفصال فإن ابواب وفصول ومواد وفقرات وجداول هذا الدستور الذي تنص علي مؤسسات جنوب السودان وتمثيله وحقوقه والتزاماته تعتبر ملغاة، تلغي هذه المواد ويظل الدستور سارياً.
* هذا من الناحية الدستور، طيب سياسياً كيف يبدو الوضع؟
= الوضع الموجود الان هو مؤسسات منتخبة لمدة خمس سنوات، واتفاقية السلام راعت هذا الجانب ان تجري انتخابات في اثناء الفترة الانتقالية وتستمر الي ما بعد نتيجة الاستفتاء، فإذاً الاستفتاء لن يؤثر علي استمرارية الوضع القائم.
* حتى اذا ادت افرازات الاستفتاء الي تطورات تتطلب الانفتاح علي القوي السياسية الاخري؟
= إلا اذا رأت المؤسسات الدستورية ان تجري أي اصلاحات سياسية وهذا من حقها طبعاً بسلطتها الدستورية يمكن ان تجري اي اصلاحات تريدها، يمكن ان تفتح الباب لأي احزاب سياسية تريد ان تدخل، ويمكن ان تعمل اي مصالحات، ويمكن ان تجري انتخابات مبكرة اذا ارادت، هذا كله متاح لها لكن بسلطتها هي كمؤسسة تشريعية لها مدة صلاحية خمس سنوات.
* ألا تتوقع اجراء انتخابات مبكرة اذا قادت نتيجة الاستفتاء لتطورات أخري؟
= اذا لم تستجد امور سياسية جديدة سيظل الوضع كما هو.
* المسيرية يتهمونكم بتضييع أبيي عبر تحكيم لاهاي.. والحركة الشعبية تتهمكم بتعطيل اجراءات استفتائها لرد الاعتبار للمسيرية؟
= طبعاً الحركة الشعبية هي التي سعت الي حتفها في ابيي، لأن ابيي كانت منطقة معلومة للجميع هي اقليم ضيق جنوب بحر العرب بالمواصفات التي نص عليها القرار الصادر منذ عام 1905م بإضافة هذا الجزء لكردفان هو مثلث من الجنوب الي كردفان ولذا معلوم لديهم ومعلوم لنا، ولكن طبعاً بأطماع الحركة الشعبية ومحاولة اكتساب اراضي جديدة وسط المسيرية حاولت الضغط بالاستعانة بالاجنبي في انها توجد لها اراضي جديدة شمال بحر العرب، في النهاية لجأنا لتحكيم، التحكيم عندما اضاف الاراضي الجديدة الي هذا الشريط وهي اراضي شمال بحر العرب، وهي من اراضي المسيرية لم يستصحب انه يضيف هذه الارض بدون البشر الذين يسكنونها، فهذه هي الورطة التي وقعت فيها الحركة الشعبية ضمت جزءا من اراضي المسيرية الي منطقة أبيي ولكن لاتريد لهذه المنطقة ان تضم بما فيها من البشر، لأن الذين فيها من البشر يشكلون اغلبية واذا جاء استفتاء يمكن ان يصوتوا الي الوحدة او ان يضاف هذا الجزء الي شمال السودان، فاذاً هذه ورطة تتحمل مسؤوليتها الحركة الشعبية، الحقيقة المسألة بالنسبة لنا ليست انحيازا للمسيرية ضد دينكا نقوك ولكن هي عملية القصد منها هي انصاف حق اصلا موجود، ومدام المسيرية اصلا موجودين في هذه الارض فلا يمكن لبشر ان يستبعدهم خاصة وان بروتوكول أبيي قد ضمن لهم الاستفتاء في هذه المنطقة.
* مفاوضات اثيوبيا حول ابيي وصلت نهايتها الي نفس نقاط الخلاف بين الطرفين..
= مقاطعاً...طبعاً لأن الذين يقودون الحركة الشعبية الان هم من ابناء ابيي وهم الذين يحاولون ان يستغلوا الحركة كلها لتنفيذ مخططاتهم في ابيي، ولذلك يسوقون الحركة سوقا أعمي نحو هذه المنطقة، يحاولون ان يجندوا كل قدرات الحركة الشعبية بل القدرات الخارجية لنيل ما يريدون من هذه المنطقة، وبالتالي المسألة لن تستمر هكذا، اذا اصلا لم يتفقوا مع المسيرية علي اجراء الاستفتاء فلن يقوم الاستفتاء في هذه المنطقة.
* الآن لو طلبنا منك ان تتصور لنا سيناريو لمستقبل ابيي علي ضوء تمترس كل طرف عند موقفه مع اقتراب الاستفتاء كيف تضعه؟
= أنا أفتكر أن الطريق الوحيد لاستقرار أبيي هو أن يبعد ابناء أبيي في الحركة الشعبية من هذه القضية وتترك القضية لقبيلة دينكا نقوك مع المسيرية، هم يعرفون الطريقة التي يتعايشون بها وتعايشوا أمداً طويلاً في هذه المنطقة، ولا تتدخل حتى الحكومة في هذا الجانب، ويمكن للحكومة ان تبعد من منطقة أبيي وان تتركها للتصالحات القبلية بين المسيرية ودينكا نقوك، عندئذ ستجد الحكومة نفسها انها قد حلت هذه القضية، فاذاً إبعاد العناصر التي تنتمي الي أبيي من الحركة الشعبية التي تقود هذا العمل هو الحل لهذه القضية.
* مولانا ما هو موقف الحركة الإسلامية من انفصال الجنوب؟
= طبعاً الحركة الإسلامية الآن هي تيار ثقافي أكثر من أنها تنظيم سياسي، التنظيم السياسي هو المؤتمر الوطني، والذي تنضم الحركة الإسلامية فيه كعنصر من عناصره ورافد من روافد المؤتمر الوطني، السياسة كلها تبني في المؤتمر الوطني وليست في الحركة الإسلامية، الحركة الاسلامية هي تيار ثقافي دعوي ينتظم السودان كله ولديها استراتيجياتها في العمل الإسلامي في السودان وفي خارج السودان، ولذلك ليس لها قرار مستقل فيما يخص هوية الجنوب او في الاستفتاء او غيره، انما قرارها ينبع من قرارات وقناعات المؤتمر الوطني.
* لكن المؤتمر الوطني هو نفسه نتاج الحركة الإسلامية؟
= الحركة الإسلامية تشارك فيه طبعا، ولا اقول ان الحركة الإسلامية حقيقة باشتراكها في المؤتمر الوطني هي صانعة ومشاركة في القرارات فيما يختص بالاتفاقية التي حدثت وبالمجريات والمآلات التي يمكن ان تؤول اليها نتائج الاستفتاء.
* لو قلت لك حاكم لنا تجربة الحركة الإسلامية هل تستطيع ان تعترف لي بأنها فشلت في فهم الواقع السوداني لذا قادت سياساتها لما نحن فيه الان؟
= بالعكس..يمكن التطور الذي حدث في السودان في الفترة الماضية لم يحدث في تاريخ السودان، السودان في الفترة الماضية كان يدور حول نفسه، ليس هناك أية ارادة سياسية وليست هناك قيادة راشدة في الحكم، والدليل علي ذلك ان السودان ظل يتخلف ويتدهور ويتقهقر الي الخلف، ولكن السياسات التي وضعت لمعالجة القضايا الشائكة في السودان التي لم يجرؤ احد علي تناولها الآن تعطي ثمارها، الان هذه الثمار ليست بالضرورة كلها حلوة لكنها ضرورية، لذلك افتكر ان المعالجات التي تمت حتى الان في القضايا المختلفة سواء في قضايا الاقتصاد مثلا صحيح الوضع اعطاها حلولا اقتصادية ومخارج كانت صعبة علي الشعب السوداني، ولكنه تحملها، ولكن النتيجة الان الاقتصاد بدأ يتطور ويتقدم، وفي الجانب الاجتماعي واضح هناك عمل في الجانب الاجتماعي وتقدم كبير جداً واهتمام بقضية المواطن والفقر وازالة الفقر والرعاية والتكافل، وفي قضية السياسة قطعاً اصلاح الحكم واجهزته المختلفة تمت باقلام وافكار الحركة الإسلامية من حيث قيام مؤسسة الدولة علي النظام الجمهوري وعمل نظام لامركزي للحكم وقد اثبت النظامان اللامركزي والجمهوري انهما انفع للسودان من الانظمة السابقة، رغم العقبات والمشكلات التي نجمت ولكن طبعا نقول انها تجربة انسانية قابلة للتقويم وان يتم ذلك بطريقة موضوعية لهذه الفترة فيها الصواب وفيها الخطأ ولكن فيها تقدم واضح جداً لا تكاد تخطئه العين.
* ايضاً خلاصة تجربة الحركة الإسلامية هذه انقسامها علي نفسها ومن ثم المضي نحو تقسيم الوطن؟
= طبعا المثال هذا ليس بصحيح..لأنه صحيح انشطر منها جزء واصبح يناوئها وهذا الجزء الكثير منه عاد للحركة الإسلامية وبقي القليلون وهذه سنة الحياة...حقيقة الحركة الإسلامية سعت الي توحيد السودان ولازالت تسعي لذلك وصوتها في ذلك واضح جداً، ولكن هذه الوحدة لايمكن ان تأتي بالاكراه، هناك خياران لوحدة السودان، اما عن طريق الحرب، ان تشن الحرب علي الجنوب لاخضاعه بالقوة العسكرية ليكون جزءا من السودان وقد جرب هذا من قبل ونتائجه كانت بالنسبة للوطن مدمرة جدا، والخيار الاخر هو ان يمنح جزء من ابناء الوطن يرون بأن لهم قضية حق الاختيار في البقاء كجزء من الوطن او الانفصال، وهذا عرف عالمي طبق في عدة دول ولايمكن ان يستثنى السودان منه.
* اذا قاد الاستفتاء الي انفصال الجنوب، كيف يبدو تأثير ذلك علي الاوضاع في دارفور؟
= انا اعتقد انه لن يؤثر...صحيح هناك قوي خارجية تحاول ان تستثمر انفصال الجنوب اذا حدث بأن تفتح لها ثغرة اخري بدارفور، ولكن طبعا التجربة التي حدثت في دارفور لا اعتقد انها يمكن ان تتكرر مرة اخري في دارفور، الان ابناء دارفور قد وعوا الدرس تماما، بأن حمل السلاح لن يأتي بالخير للوطن ولا لهم، بالتالي اعتقد ان نتائج الانتخابات الاخيرة اظهرت انحياز دارفور الكامل لوحدة السودان، ولا اعتقد ان هناك صوتا وطنيا في دارفور يدعو الي خلخلة الاوضاع في دارفور بعد ان تقدم السلام بدارفور وحلت معظم المشكلات الموجودة في دارفور، وتسعي الدولة لحل بقية المشكلات، واعتقد ان دارفور ستكون جزءا اصيلا من السودان الموحد الشمالي القوي المتطلع لمزيد من الاستقرار، لذلك لا احسب ان هناك أية نزعة داخلية شعبية في دارفور لعملية الزعزعة، ربما تكون هناك محاولات من الغرب يسعي الي استخدام بعض ابناء دارفور لزعزعة الاوضاع وهذه طبعاً متوقعة ليس في دارفور وحدها وانما في أي جزء من السودان يمكن ان نجد من يحاول ان يقنع ويستخدم ضد السودان وهذه قضية ولاء للمواطنة أكثر منها قضية اقليم.
* انفصال الجنوب سيزيد الخناق علي المؤتمر الوطني من قبل المجتمع الدولي والاقليمي؟
= انا لا اخشي حاجة اسمها المجتمع الدولي، هذه قضية نحن جربناها لعشرين عاما، لن يكفوا عنا الا اذا يئسوا، لذلك نحن لا نريد ان نعادي العالم الخارجي، نريد ان نفتح ابوابا للتعاون مع العالم الخارجي، ماعدا الذين يعادوننا لاسباب خاصة بهم هؤلاء سيستمرون في عداوتهم وهؤلاء سنصبر علي عداوتهم حتى نتجاوز المراحل المختلفة، نحن واثقون من انه في النهاية سيكون المآل خيرا وبركة واستقرارا للسودان.
* لكن الا تتخوف من أي تأثيرات علي علاقاتكم الخارجية اذا انفصل الجنوب؟
= طبعاً ليس باسوأ من العلاقات الخارجية التي مارسناها من قبل ومورست علينا من قبل مجلس الامن ودول الاستكبار الثلاث ، والعداوة الشديدة التي ابدوها علينا من غير سبب والعقوبات التي فرضوها علينا والمحاصرة، كل هذا حدث بالفعل ولا اتوقع أسوأ منه، ونحن جاهزون إن شاءالله.
* كثيرون يرون انك تظهر بمظهر يتنافي مع طبيعة العمل البرلماني، حيث تغلب العمل الحزبي علي البرلماني؟
= طبعا لكل انسان رأيه في الاخرين، ولكن رأيي في نفسي اني اتحمل هذه الأمانة عبادة لله الذي لاتغيب عليه غائبة، ولذلك في هذا المقعد الذي كلفت به سأتولي مهامي بحياد تام ونزاهة وبعيدا عن التحزب والانقياد الي الشللية والحزبية، أنا اري مخرج السودان انه عندما يوضع انسان في موقع ينبغي ان يكون أكبر من هذا الموقع ان يكون أسمى منه والا يرتهن لمنصبه ولا الي حزبه، ان يكون له موازينه ومعاييره وقيمه التي تحكمه، هذه هي القيم التي تدفعني الي ان اعمل داخل المجلس، وقد اجتهدت في ان امتثل لهذه القيم وان اعمل بها.
* بنسبة كم تتوقع تحقيق الوحدة علي ضوء التصعيد الجاري بينكم والحركة الشعبية؟
= أنا اريد ان اتركها للاخوة الجنوبيين، هل يمكن ان تجاوبوا علي هذا السؤال، علي الصحافة ان تجري استطلاعات لأنها تأتي بنتائج قريبة من الواقع ويمكن عندئذ ان نجد النتيجة، حقيقة اذا استطلعت اراء الجنوبيين خاصة في الجنوب وانا انصح الاخوة في الصحافة ان يجروا استطلاعات في الجنوب لمواطنين عاديين وليس حزبيين.
* علي ضوء التصعيد بينكم والحركة الشعبية بنسبة كم تتوقع ان تعود الحرب مجددا؟
= نحن من جانبنا ،السياسة في الدولة ، نحن قطعاً ليس من سياستنا اصلا ان نعود للحرب الا مضطرين في حالة الدفاع عن البلد او الدفاع عن الامن العام للمواطنين، لكن ليس لنا اي شهية في الحرب بعد ان ذقناها، لذلك الذي يري الحرب وفظائعها قطعا لن يتحمس لها، لكن اذا فرضت علينا الحرب من عناصر اخري وانا اعتقد ان هناك عناصر يهمها ان تشن الحرب بين الشمال والجنوب خاصة اسرائيل الذين صرحوا عدة مرات بأنهم لن يتركوا السودان، اذا ما الناس اضطروا لذلك سيدافعون عن انفسهم، ولكن قطعا ليس من سياسة الحكومة انها تستعد للحرب.
* التصعيد الاخير بينكم والحركة الشعبية، ألا تري ان المترتبات التي حدثت علي ضوئه وانتقلت الي القواعد من الأوفق اتفاق الشريكين علي أي من خياري الاستفتاء حتى يستطيعا تأمين نتيجة الاستفتاء وامتصاص أية ردة فعل لأنصار اي من الخيارين عند اعلان النتيجة؟
= يبدو ان الحركة الشعبية الان قد زهدت في اي لقاء مع المؤتمر الوطني في بقية الايام المتبقية، الان قطعت تقريبا الاتصالات وظلوا بالجنوب النائب الاول وحكومته وكل الذين كانوا يجدون انفسهم في الخرطوم ويتفاهمون معنا، الان هم في الجانب الاخر زاهدين تماماً في هذه الجانب، بل زاهدين حتى في ترسيم الحدود حيث تمت تسع دعوات لاجتماعات لجنة ترسيم الحدود غابت عنها الحركة الشعبية وهذه قضية طبعاً متعلقة برقعة الدولة التي سيجري عليها الاستفتاء، فاذا هم زاهدون حتى في ان يرسموا حدود دولتهم، لذلك افتكر اذا كان زهد الطرف الاخر لست ادري كيف سنعمل، نحن سنسير بالاتفاقية الي نهاياتها وملتزمون بها تماما وكل الخطوات والمنصوص علي تنفيذها، لن نفرط في ذلك لأن هذا واجبنا قطعا سيكون الكل شاهد علي مسالك الطرفين الحكومة والحركة الشعبية وحكومة الجنوب والمؤتمر الوطني، كله الان يشهد عليه المسرح السياسي العام والرأي العام تقريبا في البلد والرأي العام العالمي، ويري المفارقة بين التصرفات في الجنوب وفي الشمال، اعتقد ان هذه مؤشرات الدولة الجديدة اذا قامت في الجنوب التي ستقدم بمشاكل لا حصر لها، وتحمل كثير من عناصر تدميرها في داخلها، لذلك نحن نحذر فيها ابناء الجنوب من ان يقعوا في هذه الهاوية، هاوية الانفصال لأنه في النهاية لن يكون سهلا الخروج من هذه الهاوية، وحتى اذا ارادوا مرة اخري العودة للشمال سيأتون بشروط غير الشروط التي تطبق الان.

نقلا عن الصحافة
khalid balola [dolib33@hotmail.com]
 

 

آراء