هل تنظف دموع النافع دماء الحرب ؟؟ … بقلم: سارة عيسى
بعد دموع الغندور التي ذرفها على ضياع وحدة السودان ، يبدو أن مسلسل الدموع لن ينتهي ، فهاهو اليوم الدكتور نافع على نافع يذرف دموعه على الوحدة ، وربما يكون أصحاب المشروع الحضاري قد تيقظوا الآن إلى ما جنته أيديهم خلال عقدين من حكم السودان ، وهي دموع متأخرة من رجال عُرفت قلوبهم بأنها كالحجارة أو أشد قسوة ، وأخشى أن يتأخر رجال الإنقاذ على دارفور ، فما يفعله كل من أمين حسن عمر وغازي صلاح العتباني سوف يؤدي إلى نتيجة حتمية لإنفصال دارفور ، وما قاله الدكتور الترابي ليس بغريب ، فدارفور عاشت كسلطنة مستقلة عن الحكومة المركزية في الخرطوم ، وقتها لم يكن هناك نزاع بين الزرقة والعرب ، كما لم يكن هناك صراع بين المسيرية والدينكا ، هذه الحروب بين القبائل قد أتت في معية الإنقاذ ، والدكتور النافع يُعتبر أحد صناع الجهوية في السودان ، فهو الذي أبتدع بيعة القبائل ، وهو الذي كان يقيم لزعمائها السرادقات ويشرف بنفسه على مراسم أداء القسم ، ولو خرج المؤتمر الوطني من حكم السودان سوف يلتئم الجرح بين المسيرية والدينكا ، ولن يتحارب العرب مع الزرقة في دارفور ، فهذه الخطوط المتباينة بين أطراف النسيج السوداني صنعتها الإنقاذ .
وحتى هذه اللحظة لم يذرف المشير البشير دموعه على ذهاب وحدة السودان ، فالرجل يفكر في مصيره فقط ولا يهمه تساقط الوطن كأوراق الدمينو ، فهو ينتظر الإستفتاء الشفاف والنزيه في جنوب السودان ليحدد هل يعترف بالجنوب كدولة مستقلة ؟؟ أو أن يرفض نتيجة الإستفتاء ويقرر خوض جولة آخيرة من الحرب يحسم فيها ما كان عالقاً لمدة نصف قرن من الزمان ؟؟ لكن الجنرال غريشن حذر من هذا السيناريو لأن كل من الغرب والجنوب يُمكن أن يتحدا ضد حزب الرئيس البشير ، وعملية الغزو ليست مثل صيد السمكة في البرميل ، ومهما حدث في الإستفتاء من تجاوزات سوف تكون نتيجته مقبولة للمجتمع الدولي ، وعدم الشفافية سوف يتم علاجه بوصفة المشاكل اللوجستية ، أما عدم النزاهة سوف يتم التحايل عليها بحداثة التجربة ، وسوف يعطي المراقبين للإستفتاء راياً مثل راي الطبيب الشرعي في المحاكم ، فلن يقطعوا بأن الإستفتاء كان مزوراً ، ولن يجزموا بأنه صحيح ومتعافي من ناحية الشفافية ، فالرئيس البشير قبل بهذه اللعبة ، لأنه وصل للسلطة عن طريق معايير لا ترقى للنزاهة أو الشفافية ، لكن هذا لم يردعه من الإستمرار في الحكم ، إذاً هو الذي أفسد معايير النزاهة والشفافية في السودان ، لذلك ، لا يمكنه فرض هذه المعايير على مواطني جنوب السودان ، كما أن مجال المناورة محدود لأن الرئيس سلفاكير أشار لهذه الإحتمالية عندما صرح أن عملية إجراء الإستفتاء لن تكون بدقة الإنتخابات في سويسرا
التطور الأخير هو خروج القائد سلفاكير لوسائل الإعلام وحديث الصراحة الذي لا يقف بين لا أو نعم ، فالرجل أضفى زخماً على المعركة الإعلامية ، والحديث القنبلة هو أنه لا يمانع من إقامة علاقات مع إسرائيل وفتح سفارة لها في جوبا ، مما يعني أن كوابيس الحركة الإسلامية تحولت لحقيقة ، والبعض أستغرب لأن الدول العربية لم تعلق علي هذه التصريحات أو تتوجس منها خيفةً ، والسبب في ذلك أن هذه الدول العربية تنتظر نجاح المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين حتى تجد فرصتها في التطبيع وإقامة علاقات كاملة مع الدولة العربية ، هذا يعني أن ما تقوم به دولة جنوب السودان لا يخرج عن الإجماع العربي الشامل ، فمن يعترف بي سوف أعترف به ، فهذا مبدأ عادل في السياسة .
سارة عيسي
sara issa [sara_issa_1@yahoo.com]