إذا جلدت الفتاة فلماذا يجلد معها القرآن … بقلم: محمود عثمان رزق

 


 

 


morizig@hotmail.com


عرفت عقوبة الجلد فى قانون العقوبات السودانى (قانون 1925) منذ عهد الإنجليز وقد سنّ الجلد كعقوبة تعزيرية لتأديب صغار السن الذين يرتكبون جرما وكانوا يضربون الجنوبيين أيضا إذا رأوهم يلبسون لباس الشمال أو يتكلمون لغته وذلك فى فترة قانون المناطق المقفولة.  والإنجليز هم من أدخل عقوبة الجلد فى المدارس السودانية ، وقد ذكر بعض المؤرّخين أن طلاب كلية غردون التذكارية (جامعة الخرطوم حاليا) كانوا يضربون كعقاب على مخالفاتهم! وما زالت المدارس السودانية حتى هذه اللحظة  تمارس عقوبة الجلد  فى أبشع صورها ، والحمد لله قد إستدرك وزير التربية بولاية الخرطوم بعد كل هذه السنين الأمر فأصدر قبل شهر تقريبا قانونا يمنع فيه جلد التلاميذ فله منا التحية والشكر والتقدير. وما زالت الخلاوى تضرب الحيران والمجانين على السواء ،  وقد سقط الأديب النابغة معاوية محمد نور شهيدا تحت وطأة العذاب بسياط الدجل والجهل.. وما زال الأباء يضربون أبنائهم ذكورا وإناثا فى البيوت أشد الضرب وأعنفه ولا قانون يمنع ولا مثقف يحتج..!! وما زال أولاد جعل فى دامر المجذوب والمتمة والزيداب يركزون للسوط والدماء تسيل من ظهورهم وسط زغاريد الحسناوات ولا قانون يمنعهم من ظلم أنفسهم ولا داعية يرشدهم للصواب !!  فإذن، ثقافة الضرب ليست بجديدة على مجتمع السودان، وللأسف لم نسمع بحملة شعواء ضد ضرب التلاميذ والحيران و المجانين والمبتهجين فى الحفلات من الذين تناولوا موضوع جلد الفتاة من اليساريين والجمهوريين والعلمانيين.  والسبب فى سكوتهم هو أنّ كل أنواع الجلد التى ذكرناها لا تنفذ باسم الشريعة ولذلك سكت عنها القوم ، ولكن عندما جاء الجلد هذه المرة تحت مظلة الشريعة قامت الدنيا ولم تقعد!! يا له من نفاق وكيل بمكيالين!!

 فالجلد هو الجلد إن كان فى عرس أو فى محكمة أو فى مظاهرة ، ونتيجته هى الألم . فإن كان الغرض من هذه الحملة العنيفة الشعواء وقف الجلد فى حد ذاته لأى غرض من الأغراض ، فيجب على هؤلاء أن يطالبوا بمنع الجلد فى البيوت والمدراس والخلاوى والمحاكم والمظاهرات و فى بيوت الأعراس بنفس الحماس الذى تناولوا به موضوع هذه الفتاة. ولكن نحن سوف نسألهم ، لو كنتم أصحاب مبادئ لماذا لم تطالبوا بوقف الضرب من قبل حادث جلد الفتاة وقد عاش الضرب وترعرع كثقافة تربوية فى السودان منذ أيام الإنجليز؟!  والإشكالية الأخرى هى أين سيخفى هؤلاء الآيات التى قررت الجلد كعقوبة فى القرآن الكريم؟! .

 أما إذا كان الغرض من هذه الحملة هو تصحيح الكيفية التى تمت بها جلد الفتاة ، فنحن وهم فى خندق واحد نتكاتف جميعا ونتناصر لتصحيح الكيفية وتصحيح المفاهيم. ولكن الذى يبدو واضحا للعيان أن القوم ليسو ضد الجلد ولا ضد الكيفية ولا هم فى العير ولا فى النفير ، وإنّما هدفهم الأكبر أن يتخذوا من كل ذلة وكل خطأ ترتكبها الإنقاذ وسيلة لمهاجمة القرآن والإسلام والشريعة والوقوف ضد كل الأديان جملة وتفصيلا وكأن الإنقاذ هى الإسلام.  وحتى لا يتهمنى القارئ بالإفتراء عليهم نقتبس له من أقوالهم المنشورة فى موقع "سودانيز أون لاين" من "بوست" فتحه خالد الكودى بعض العبارات التى يصفون بها الإسلام والشريعة والدين عموما .  والإقتباسات أدناه لبعض الكتاب الجمهوريين والشيوعيين والعلمانين المعروفين فى إطار الشبكة العنكبوتية .

قال خالد الكودى (وهو يسارى) : " من العقوبات الحدية فى الاسلام بتر يد السارق. هذه العقوبة أعتقد أنها غير إنسانية أيا كانت طريقة تطبيقها وأيا كان من يطبقها" !  

حتى لو كان رسول الله (ص) يا كودى ؟؟ وبالمناسبة لقد نسيت أن تقول: وأيّا من أمر بها لتتم بها الناقصة!

يرد عليه  صبرى الشريف (وهو جمهورى) قائلا: " فعلا كل أحكام الشريعة لا تتناسب مع عصرنا الحالى"
حسنا ، لو أخذنا بشريعة محمود محمد طه الذى مات وتركنا شريعة الحى الذى لا يموت ، فهل ستناسب شريعة محمود كل العصور إلى يوم القيامة ؟ إذا كانت الإجابة بنعم ، فهذا يعنى أنّ محمود أعلم من الله تعالى ! ولا يؤمن بهذا إلا الأغبياء.

وتتداخل تماضر مع خالد (وهى علمانية) لتقول :  "الدين الاسلامي ده لما كان مركز على الحضارة والتقدم كان أكثر الاديان احتراما على مر العصور وأول ما ركز على أهانة المرأة وطريقة لبسها ومشيتها وطرفة عينها ومتى تحسب زانية ومتى يتم نكاحها ...آل الدين الى ما آل اليه الآن".

 معنى قولها هو أن الدين الإسلامى عندما صار يركز على العقوبات والسلوك صار أقل الأديان إحتراما. ومن كلامها يبدو أنّها خبيرة فى التاريخ فنريد أن نسألها متى ترك الإسلام العقوبات على الجرائم والسلوك؟؟

ويواصل خالد الكودى قائلا: " فالاسلام والمجتمعات الاسلامية بتمسكها بهذه العقوبات البدائية يعبر عن مدى تخلفه وبدائيته"
سوف نبلغ النصيحة للمجتمعات الإسلامية يا أستاذ خالد الكودى لتنبذ هذا التخلف!

ويواصل الكودى قائلا: " فمعارضة القوانين المهينة للانسان والتى أصلها الدين الاسلامى لايعنى بالمقابل تأييد تجاوزات وإنتهاكات حقوق الانسان فى سجن أبوغريب ولا غوانتانموا ، ولايعنى تأييد لقصف هيرشويما بالقنبلة الذرية ولايعنى تأييد عقوبات الاعدم باى الطرق ... إلخ.
أنظر عزيزى القارئ لعبارة "القوانين المهينة للإنسان والتى أصلها الدين الإسلامى"!!!!!
 يا سلااااام !! علم والله ! علم يا بروف !

ويدخل عليهم أبوبكر صالح ويقول : "هذه القوانيين يضار منها الفقراء فقط. لانهم هم من تدفعهم الحاجه للوقوع فى المزالق القانونية"" ما شاء الله على الخبرة فى علم الإجتماع!!
ويقول أبوبكر صالح أيضا : " كلام سليم أخى العزيز خالد كودى. الناس تكون وااااضحة و تطعن الفيل زاتو. المشكلة الاساسية فى مصدر هذه الشريعات القادمه من غيابة جب التاريخ"
 متروك لك التعليق عزيزى القارئ !

ويتسائل آخر قائلا: " ما الذى يجعل الانسان غير قادر على تجاوز هذه القوانيين لشئ افضل منها؟"
نعم عزيزى القارئ ، يبحث هذا اليسارى عن قوانين أفضل من قوانين الله تعالى خالق الإنسان!! إن كان للماركسية شئ أفضل الرجاء التكرم به علينا!  وطيب يا أخى ما تجيب لينا قانون أفضل من قانون الجاذبية! مش برضو قانون من قوانين الله؟

ويقول آخر: " الناس ديل بقولوا الاسلام صالح لكل زمان و مكان. لا ادرى كيف يصلح الثابت الراكد فى معالجة قضايا المجتمع المتحرّك و المتحوّر كل يوم؟"
"الناس ديل" منو؟؟ الذى قال إنّ القرآن صالح لكل الناس هو رب الناس الذى خاطب بالقرآن كل الناس! وأكد مفهوم العالمية تلك رسوله (ص) فى قوله : "هذا القرآن فيه خبر ما قبلكم ونبأ ما بعدكم وحكم ما بينكم ......الخ"  يبدو أننا سنرى محاكمة لله ورسوله فى محكمة لاهاى قريبا؟

ويتدخل عبد الماجد عبد الماجد ليقول: "إنها الأصولية المستحكمة والهوس والزندقة الدينية التى لا تحترم المنطق أو العقل فى غلوها وطغيانها.. وهى خليط من الإرث البدوى الجزيرعربى السلفى الوهابى الحجّاجى الثيوقراطى الكهنوتى المتخلف منذ أكثر من 14 قرن"
ويقصد عبد الماجد أن هذا التخلف منذ أيام الرسول (ص) وهو الذى قاد هذا التخلف!!
ولا تعليق على الجهل الفصيح وقد كان أبو جهل من أفصح العرب !!

ثم تدخل الفاضل محمد نور (علمانى) ليعلن : " ليست هنالك جديد مع الاديان تحت الشمس !!الرب رب و الطغاة طغاة .. تتطورت البشرية عندما وضعت حد للتعامل مع الاديان !! يا كودى الامر واضح كالشمس .. لا تصلح هذه القوانيين لحكم بشر فى الحاضر و المستقبل ..لا كرامة للانسان مع هذه القوانين!!"
لقد قطع الفاضل قول كل خطيب يا كودى  !!

ودخل عليهم أحمد أمين قائلا: " غايتو الله يجازى حاخامات اليهود (تلقى الضحك شارطهم الان) كل خطرفات التلمود بتاعتهم التى تسربت الى الاسلام الان يعتقد مسلمى القرن الواحد والعشرين انها شرع الله.."

هذه هى رسالة واضحة من الجمهوريين والشيوعيين والعلمانيين لكل من قال لا إله إلا الله محمدا رسول الله فى السودان، رسالة واضحة ترفض الشريعة فى عظمها كما يقول أهلنا. إذن ، القضية ليست الإنقاذ ولا يحزنون! الإنقاذ كحكومة ستذهب شاءت أم أبت عدلت أو ظلمت، هذه هى سنة الله فى الأشياء وهم يعلمون ذلك جيدا.  وصدق الله العظيم  الذى وصفهم  وأسلافهم قائلا : " كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا".  وكأن الآية نزلت الآن!!

ضوابط عقوبة الجلد:
لا يضيرنا ولا يحزننا قول هؤلاء وأسلافهم ، ونقول : الحمد لله الذى يرسل البلاء ليصحح به العباد مسيرهم ،  فالذى يجب أن يعلمه كل مسلم هو أن الشريعة التى أمرت بالعقاب أمرت أيضا بضوابط تتبع لحظة العقاب ، وبيّنت كيف يعاقب الجناة من الرجال والنساء على السواء إذا ما بدر منهم ما يخالف القانون ، وفى الحقيقة هذا التبيان ليس مقصورا على الشريعة الإسلامية وحدها وإنّما يوجد فى القوانين الوضعية أيضا ، ولكن بالرغم من توضيح وتحديد الكيفية التى تتم بها العقوبات فى ظل كل النظم القانونية يحدث الذلل والخطأ والتعدى المقصود على حقوق الجناة أحيانا كثيرة ، وكونهم جناة لا يعنى أنهم بلا حقوق وبلا كرامة.  هذا التعدى تمّ ويتم فى ظل كل النظم القانونية قديما وحديثا ، وهذه هى وسائل الإعلام الغربية تتحفنا كل عام بشريط يحتوى على هذه الفظاظات والمخالفات فى بلادها وغيرها من البلاد.  وأدناه توضيح لكيفية عقاب الجناة من الرجال والنساء وفقا لضوابط الشريعة. والجدير بالذكر ، أنّ كل القوانين قديما وحديثا تعاقب الجنسين على سلوكهما ، فلذلك لا مجال للدعوة لمعاقبة الرجال فقط وترك النساء يفعلن ما يحلو لهنّ ، فالقانون يسرى على الجميع كما يقول أهل القانون فى كل العالم ولا توجد دولة فى عالمنا المعاصر تستثنى النساء من العقوبات القانونية.

أولا: كيفية عقوبة الرجل :

1- يجلد قائما أو قاعدا أو ممدودا .
2- لا يجلد أكثر من عشر أسواط إلا فى حد ، وذلك  لما رواه  أبي بردة (رض) انه قال  سمعت
    رسول الله (ص) يقول : " لا يجلد أحد فوق عشر إلا فى حد من حدود الله تعالى."   
3- لا يرفع الضارب يده بحيث يظهر إبطه بقصد إنزال أقصى درجة من الألم. قال مالك وأصحابه
    واللّيث بن سعد: " الضرب في الحدود كلها سواء، ضربٌ غير مُبَرِّح، ضربٌ بين ضربين" .
4- أن لا يكون على جسده إلا المعتاد من الثياب مما يلبسه أهل البلد عادة (جلابية أو بنطلون
    وقميص)  ولا يجرد من ثيابه.  قال ابن مسعود: لا يحل في هذه الأُمّة تجريد ولا مدّ؛ وبه أخذ
    الإمام الثورِيّ ، ولكنّ الشافعي خالفهم فى المد وقال: "إن كان مدّه صلاحاً مُدّ". إى إذا كان المد
    أصلح للعقوبة فلا بأس وهو الصحيح.
5- إذا لم يثبت بنفسه للعقوبة يجوز تقييده بصورة لا تسبب له ضررا ، ويكون الهدف من التقييد
    تنفيذ العقوبة وليس الإهانة والإذلال. قال الإمام الألوسى فى روح المعانى: " وإن امتنع الرجل
    ولم يقف أو يصبر فلا بأس بربطه."  
6- أن يجلد أمام طائفة من الشهود العدول عددهم أربعة أو يزيدون قليلا إذا كان الجلد حدا ، أما إذا
    كان تعزيرا فيكفى حضور التعزير ممثل المحكمة ورجل من الشرطة.   
7- لا يشتم الجانى ولا يلعن ولا يسخر منه ولا يستهزأ به لا من رجال الشرطة ولا من القاضى
    ولا من الشهود.
8- يحرّم تصوير الجانى والتشهير به أو باسم أهله فى الصحف أو وسائل الإعلام الحديثة.
9- يأمر القاضى مدير قسم الشرطة أن يختار لتنفيذ العقوبة الحدية وكذلك التعزيرية أحسن رجال
    شرطته خلقا ودينا وفقها وحذرا. قال الإمام الزمخشرى: " وعلى الإمام (أو القاضى) أن ينصب
    للحدود رجلاً عالماً بصيراً يعقل كيف يضرب." وقال الإمام الأعقم فى تفسيره وهو من أئمة
    الشيعة الزيدية : " وعلى الإِمام أن ينصب للحدود رجلاً عالماً بصيراً يعقل كيف يضرب"
    وقال أيضا : " الحدّ الذي أوجبه الله في الزنى والخمر والقذف وغير ذلك ينبغي أن يقام بين
    أيدي الحكام (أو القضاة) ، ولا يقيمه إلا فضلاء الناس وخيارهم يختارهم الإمام لذلك. وكذلك
    كانت الصحابة تفعل كلما وقع لهم شيء من ذلك، رضي الله عنهم. وسبب ذلك أنّه قيام بقاعدة
    شرعية وقُرْبةٍ تعبُّديّة، تجب المحافظة على فعلها وقدرها ومحلها وحالها، بحيث لا يُتعدّى شيء
    من شروطها ولا أحكامها؛ فإن دم المسلم وحرمته عظيمة، فتجب مراعاته بكل ما أمكن.." وردد
    نفس الكلام الإمام بن عجيبة قائلا : " ينبغي أن يقام (الحد) بين يدي الحكام (أو القضاة) ، ولا  
    يقيمه إلا فضلاء الناس وخيارهم؛ لأنه قيام بقاعدة شرعية، وقُربة تعبدية، يجب المحافظة على
    فعلها، وقدرها، ومحلها، وحالها، بحيث لا يتعذر شيء من شروطها وحرمتها، فإن دم المسلم
    وحرمته عظيمة، فيجب مراعاته بكل ما أمكن، فلا يقصر عن الحد، ولا يزاد عليه."  و يجب
    أن يتذكر القاضى ومدير مركز الشرطة قول النبي صلى الله عليه وسلم : " مَنْ ولّى أحداً أمراً
    وفي الناس خير منه لا يشم رائحة الجنة ".
10- لا يضرب بالسياط المؤذية كسوط " العنج" أو " أريل" الكهرباء ، أو  بعصا غليظة أو غيرها
      مما يؤذى الإنسان.
11- إذا ثبت طبيا أن عقوبة الجلد سوف تتسب للجانى فى حالة مرضية أخرى ، يأمر القاضى
     بتنفيذ عقوبة أخرى غير الجلد وإن كان حدا.
12- لا يضربه إثنان فى وقت واحد ولا يضربه واحد وهو يحمل سوطين. قال الإمام الأعقم فى
       تفسيره : "ولا يضربه (أى الجانى) اثنان في مرة (واحدة) ولا واحد بسوطين أو اكثر."  
13- تعيين ممسك للعدد ويأمر بالعد جهرا . قال أطفيش فى تفسيره : "ويؤمر ممسك العدد بالجهرية       حذرا من الغلط." وقال أيضا: "ومن اخرج الحق (عدد الجلدات) من رجل فجاوز في العدد          فهو ضامن (يدفع الغرامة أو الدية) وكذلك ان جاوز الموضع الذي يضرب فيه في البدن ، أو       ضربه في الرأس وفي غير موضع الضرب الا إن اصابه الضرب من قبل تحركه (أى             بسسب حركته)."

كيفية عقوبة النساء :

1- أن تكون بكامل سترها وإن لم تجد ستر فيجب أن تستر على نفقة الدولة ثم تعاقب. قال الإمام
    الأعقم: "وان لم يكن لها ثوب تستر به فيخرقه من بيت المال." وقال الإمام الألوسى : "والمرأة      مبنى أمرها على الستر."
2- لا تجلد فى الميادين العامة ولا وسط حشد من الناس. إذا كان الجلد حدا فيكفى أن يشهد عقابها
    أربعة أفراد من  الشرطة مشهود لهم بحسن الخلق والدين – ولا يشهد العقاب كل أفراد مركز      الشرطة – وكذلك  يحضر العقاب ممثل من المحكمة التى أمرت بعقوبتها فهذا العدد ينطبق عليه
    معنى الطائفة تماما ، وذلك لأنّ أمر المرأة مبنى على الستر كما قال الإمام الألوسى. وهذه
    الخصوصية التى ذكرها الألوسى هى للمرأة فى حالة الحد والتعزير معا.  قال الإمام الأعقم:      "طائفة من المؤمنين لا من الزناة! واختصاص المؤمنين بالحضور لان حضورهم افضح
    والفاسق بين صلحاء قومه اخجل "
3- تجلد على مقاعدها أو أرجلها قاعدة أو قائمة أو ممدودة. قال الإمام الأعقم : "وتضرب قاعدة في
    حد أو غيره ، وقيل قائمة." وقال أيضا : "وقيل: أنّه (أى الجانى) يضرب على المقعدة"
4- لاتضرب أكثر من عشر أسواط إلا فى حد وذلك  لما رواه  أبي بردة (رض) انه قال  سمعت
    رسول الله (ص) يقول : " لا يجلد أحد فوق عشر إلا فى حد من حدود الله تعالى."  ومن حسن
    فقه القاضى أن يتجنب الجلد فى التعزير بالنسبة للمرأة.  
5- لا تضرب فى وجهها ولا فى أى موضع حساس من جسمها.
6- لا تضرب وهى حامل أو مرضع. قال الإمام  أطفيش فى تفسيره المسمى بهيمان الزاد إلى دار
     المعاد : "وان تعمدوا ضرب حامل فماتت لزمتهم ديتها ودية حملها." أى على الدولة دفع الدية.
7- ولا تضرب وهى حائض لأنّ المرأة فى الحيض تكون ضعيفة.
8- ولا تضرب وهى مريضة. وقال أطفيش أيضا : "ومن اعتل (مرض) موضع الضرب منه فلا
     يضرب ، حتى يبرأ (من مرضه) "
9- يحرم تصويرها أو نشر إسمها أو إسم أسرتها فى الصحف أوغيرها من وسائل الإعلام الحديثة
    ولا يجوز تصويرها حتى من أجل التوثيق ويعتمد فى التوثيق بصمة الأصبع أو العين مع
   الإسم.
10- إذا قدر القضاء أو الشرطة أن الفتاة ستتعرض لأذى من أهلها قد يصل درجة القتل أو الإعاقة
     لا يجوز للشرطة ولا للقضاء شرعا إعلام أى من أهلها.  وهنا يجب الإكتفاء بمعاقبة الفتاة
    وعرضها على مستشارين إجتماعيين ونفسيين ودعاة لمساعدتها لتقويم سلوكها بعيدا عن تأزيم      الموقف وإراقة الدماء فدم المسلم عزيز عند الله ولو كان عاصيا.
11- لا تشتم ولا تلعن ولا يسخر منها ولا يستهزأ بها لا من رجال الشرطة ولا من القاضى ولا
      من الشهود.
12- أن يختار القاضى لتنفيذ العقوبة الحدية وكذلك التعزيرية أحسن رجال الشرطة خلقا ودينا وفقها
     وحذرا. قال الإمام الأعقم فى تفسيره : "وعلى الإِمام (أو القاضى) أن ينصب للحدود رجلاً
     عالماً بصيراً يعقل كيف يضرب"
13- لا تضرب بالسياط المؤذية كسوط " العنج" أو " أريل" الكهرباء ، أو بعصا غليظة ولا بسوط
      جديد. ولا يرفع الضارب يده عالية بقصد إيقاع أكبر قدر من الألم عليها. وإنما هو ضرب
      وسط يحقق شيئا من الألم والخوف المطلوب.  وقال إبن عاشور فى تفسيره المسمى بالتحرير
      والتنوير : "واتفق فقهاء الأمصار على: أن ضرب الجلد بالسوط. أي بسَيْر من جلد." وقال
      مكى بن أبى طالب فى تفسير الهداية : " قال الشافعي: لا يبلغ أن ينهمر الدم في شيء من
      الحدود والعقوبات؛ لأنه من أسباب التلف، وليس يراد بالجلد التلف، إنما يراد به النكال
     والكفارة."  
14- لا يضربها إثنان فى وقت واحد ولا يضربها واحد وهو يحمل سوطين. قال الإمام الأعقم فى
       تفسيره : "ولا يضربه (أى الجانى) اثنان في مرة (واحدة) ولا واحد بسوطين أو اكثر."   
15- إذا ثبت طبيا بما لا يدع مجالا للشك أن عقوبة الجلد سوف تتسب لها فى حالة مرضية خطير،       يأمر القاضى بتنفيذ عقوبة أخرى غير الجلد ولو كان حدا .
16- تعيين ممسك للعدد ويأمر بالعد جهرا . قال أطفيش فى تفسيره : "ويؤمر ممسك العدد بالجهرية       حذرا من الغلط." وقال أيضا: "ومن اخرج الحق (عدد الجلدات) من رجل فجاوز في العدد          فهو ضامن (يدفع الغرامة أو الدية) وكذلك ان جاوز الموضع الذي يضرب فيه في البدن ، أو       ضربه في الرأس وفي غير موضع الضرب الا إن اصابه الضرب من قبل تحركه (أى             بسسب حركته)."

ماذا لو جهل القاضى أو العسكرى كيفية العقوبة :

ليس  للقاضى أو العسكرى عذر فى مخالفة هذه الضوابط أو الجهل بها ، فالواجب على السلطات العليا أن تحاسبه  وتعاقبه كما تحاسب وتعاقب الجانى فكلاهما قد تخطى حدود القانون.  كما يجوز للمرأة التى يقع عليها الضرر من كيفية تنفيذ العقوبة أن تقاضى القاضى وكذلك تقاضى رجل الشرطة الذى نفذ العقوبة ، ونفس الحق مكفول للرجل.  ولذلك يجب على القضاة ورجال الشرطة  أن يكونوا على أتم الوعى بشرع الله تعالى ولا يتجاوزوا الضوابط الشرعية فى تنفيذ الحدود والتعزيرات وإلا سيكونون هم أنفسهم عرضة لعقوبات الشرع. وفى التاريخ الإسلامى أمثلة كثيرة لذلك ، وقصة الصحابى الأنصارى سواد مع رسول الله (ص) يوم بدر مشهورة وذلك عندما كشف رسول الله بطنه ليقتص منه سواد فقام سواد فقبلها تبركا بها!!. فالقانون الذى يعاقب الجانى يعاقب من يتعدى عليه أيضا.

ومع تأييدنا لأحكام الله وإيماننا القاطع بها إلا أننا لن نجامل أحدا فى قول الحق ، والحق هو أنّ الفتاة وأهلها قد وقع عليهم ظلم لا يرضاه الله و لا يرضاه رسوله ولا يرضاه أهل الإيمان ولا يرضاه العقلاء من جميع الملل والنحل. ومهما إرتكبت الفتاة من جرم وبغض النظر عن عدد المرات التى  تكررت فيها الجانية ، فهذه ليست طريقة يتم بها العقاب! وعليه ، ندعو إخواننا المحامين من أهل التقى والإيمان والصلاح أن يقوموا برفع قضية ضد وزارة الداخلية تكون سابقة قانونية تدفع لتصحيح قانون النظام العام ليتماشى مع الشرع الذى يحرص كل الحرص على حقوق الإنسان حتى فى لحظات العقاب والحرب! ألم ينهى رسول الله (ص) المجاهدين من قتل الجرحى والنساء والأطفال وكبار السن والكهنة ؟ ألم ينههم عن إحراق البيوت و الزروع وإهلاك النسل؟ .  فكل الحدود فى الإسلام واضحة ومحددة ولذلك سميت حدودا، وحتى التعزيرات وضعت لها ضوابط ولم تترك مبهمة إلا أن تهمة الافعال الفاضحة جاءت فى قانون النظام العام السودانى مبهمة وما كان ينبغى لها أن تكون كذلك ، وفوق كل ذلك تصدر الاحكام فيها فورية ووفقا لأقوال عدد من شرطة النظام العام أو واحد منهم فقط !! كما تعقد هذه المحاكمات فى كثير من الأحيان بدون شهود أوحضور محام يدافع عن المتهمين بالحق!!  فأين النظام هنا وأين العدالة ؟ فالذى يجب أن تفعله وزارة الداخلية  من غير مماطلة ولا مماحكة ولا جدال هو دفع تلك القوانين لجهات الإختصاص لمراجعتها وتنقيتها مما يسئ للإسلام وأهله.  ويجب أن يساعد أهل الإجتهاد من علماء الدين والقانون والنفس والإجتماع وزارة الداخلية باجتهاداتهم ومقترحاتهم وملاحظاتهم لإخراج القوانين الجديدة بصورة تتماشى مع روح الدين الذى كرّم إبن آدم فأحسن إكرامه . قال تعالى : "إنا كرمنا بنى آدم وحملناهم فى البر والبحر .."
 

 

آراء