ثقافة الإعلام عن الذات !!
مفاهيم
nadiaosmanmukhtar@yahoo.com
الشعب السوداني معروف بين الشعوب بالتواضع الجم حد الانزواء خجلاً ، والتقليل من شأن الإنجازات أحيانا، ولا ننسى المثل الذي يرسّخ مفهوم عدم الرضاء عن المدح للشخصية السودانية ألا وهو
( الشكرو قدامو نبذو) !!
لهذه الدرجة نحن شعب نتوجس ونرتعد ونتحاشى ( الشكر) لدرجة أن نعتبره ( نبذا) إن هو قيل أمام الممدوح؛ وفي وجهه مباشرة !!
السودانيون منهم (الجهابذة) والعلماء في كثير من المجالات؛ الأدبية و الفنية و الرياضية و الطبية وغيرها من المهن، حتى الهامشية منها نجد أن السوداني قد أفلح فيها وأجادها ، خاصة خارج حدود الوطن، الأمر الذي وجد ويجد معه التقدير من رؤسائه في العمل؛ بل ومكافأته؛ مادياً أو أدبياً أو الاثنين معاً، ولكن تجد السوداني حتى وهو في لحظة التكريم مطرق برأسه في استحياء حد تصبب العرق و(الكبكبة) والارتباك الشديد !
نحن شعب نربط الشكر بالموت، فليس من شخص يستحق أن يشكر بما قدمته يداه من ناجح الأعمال وعظيمها ومحمودها إلا وسبق ذلك المقولة المشهورة ( إن شاء الله يوم شكرك ما يجي ) !!
هل اعتدنا أن لا نقبل الشكر ولا نقدمه إلا للموتى بعد رحيلهم ؟!
أكثر عظمائنا تم شكرهم وتكريمهم بعد رحيلهم؛ حيث أنهم في برازخهم لا يشعرون ولا يعرفون كم أحببناهم؛ وكم استحقوا الود والتقدير والتكريم ..! وهل يهم الميت درع تذكاري ووشاح إن هو لم يحظ بأن يلف جسده في حياته ليشعر بأهمية إنجازاته ؟!
البروفيسور د. معز عمر بخيت حاورته يوما فقلت له: أنت متهم بالنرجسية والغرور والـ (أنا) العالية حد الإزعاج .. ومتمحور حول ذاتك وتتحدث عن نفسك وإنجازاتك بأكثر مما يتحدث عنها الآخرون !!
فقال لي الرجل : أنا أفعل الكثير المهم والنافع من الإنجازات للبشرية ولا أجد إلا القليلين جداً فقط ممن يتحدثون عن إنجازاتي ونجاحاتي من أبناء بلدي؛ بينما يشيد بها الغرباء، لذا رأيت أن أعلن عن انجازاتي الطبية والعلمية والأدبية بنفسي لأنني أعلم عن نفسي أنني أقدم أشياء كبيرة وجميلة تستحق أن يعرفها الآخرون !
وأضاف: نعم أنا (نرجسي) إذا كانت النرجسية تعني الإعلام عن نجاحات ماثلة وتُنبئ عن مواطن سوداني غير مدع للعلم والمعرفة؛ بل إنه عالم وعارف بالفعل!
وقال لي: إن الشعب السوداني لا يعرف كيف يسوِّقُ لنفسه ويُعلِم الآخرين عن ذاته وإنجازاته !
كانت هذه روح الحوار الذي دار بيني والبروفيسور معز عمر بخيت وأوافقه الرأي؛ فنحن شعب أضاعنا التواضع السلبي؛ لأنه ليس تواضع العلماء كما يقولون، ولا هو عمل واقتداء بقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ( من تواضع لله رفعه) ، ولكن لأنه تواضع غير الواثقين في أنفسهم وأعمالهم أحياناً وتواضع الخجولين حد إغفال واستحقار الذات في أحايين أخرى !!
و
رحم الله امرئاً عرف قدر نفسه .. وعرّف بها الآخرين !!
و
كن نفسك بعظمتها كما بسوءاتها !!