الشماليون بالحركة الشعبية: تحويل الخصوم إلى أصول!! … بقلم: د. الواثق كمير

 


 

 


نحو سلام مستدام وعلاقة مؤسسية ومنظمة بين الشمال والجنوب:
الشماليون بالحركة الشعبية: تحويل الخصوم إلى أصول!

د. الواثق كمير
kameir@yahoo.com


الشماليون وقطاع الشمال بالحركة الشعبية: نهاية أم بداية؟
يتناول هذا المقال وضع "قطاع الشمال" و"الشماليين" بالحركة الشعبية فى ظل ما يتعرضون له من هجوم وتهجم بدوافع التشفى و"الشماتة"، أو من منطلق الإشفاق والمؤازرة، وما يعيشه بعض "شماليى" الحركة أنفسهم من حيرة وارتباك، وذلك بعد  أن بات إنفصال جنوب السودان، يكاد أن يكون أمراً واقعا. فمن جهة، يعتقد كثيرون (خطأ) أن قيام دولة الجنوب المستقلة يعنى ضمنيا نهاية، ويضع حداً لمستقبل الشماليين السياسى بالحركة الشعبية، بل ويذهب البعض إلى الدعوة الصريحة لتحريم وتجريم نشاطهم الساسيى فى السودان الشمالى، وفوق ذلك تحميلهم مسئولية انفصال الجنوب. إنه لمن السذاجة والخطورة فى آن واحد، أن ينادى أو يروج البعض لمثل هذا الحديث الرغائبى المقيت الذى لا يقف على ساق، بل يخالف الحقيقة ويطاوع الظنون! ويخلط هؤلاء بين "القطاع" كشكل تنظيمى أملته طبيعة التطور التاريخى للحركة الشعبية لإدارة العمل السياسي للحركة فى ثلاثة عشر من الولايات الشمالية (الوسط النيلى)، وبين شمال السودان كمفهوم جغرافي أعتدنا على فهمه والتعامل معه منذ الاستقلال، والذى يضم كل شمال السودان عدا المديريات الجنوبية الثلاث وحدودها عند إستقلال السودان فى العام 1956. فليس كل الشماليين يتبعون لقطاع الشمال، كما أن عضوية القطاع لا تقتصر على الشماليين من الوسط النيلى فحسب، بل هو وعاء تنظيمى يستوعب كل عضوية الحركة فى الولايات الثلاثة عشر، بما يشمل كل المقيميين من الجنوبيين أو من جبال النوبة والأنقسنا، ما عدا المقيمين بالجنوب أو هاتين المنطقتين، إذ يتبعون تنظيمياً لقطاع الجنوب. إذن، للحركة الشعبية ركيزتان أساسيتان فى شمال السودان الجغرافى «جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق» إذ كانت تقع أجزاء من هاتين المنطقتين فى نطاق الأراضى التى يسيطر عليها الجيش الشعبى أثناء فترة الحرب، ولكن ستبقى قواعد الحركة فى هاتين الولايتين فى شمال السودان فى أعقاب الاتفصال. فهل نفهم من إشارة البعض المتكررة "للشماليين" فى الحركة أنهم يعتبرون جبال النوبة والنيل الأزرق تقعان خارج حدود، أو يشككون فى إنتماء مواطنيهما لــ "شمال" السودان؟ وهذا سؤال برىء! فبأى حجة أوحق أو قانون يجوز (بل مجرد التفكير فى) منع ملايين الشماليين من ممارسة نشاطهم السياسى فى بلدهم بذريعة انفصال الجنوب، واختيار الجنوبيين من عضوية الحركة الشعبية إقامة دولتهم المستقلة؟ فالموضوع فى رأيى ليس هو مصير الشماليين فى الحركة بعد الانفصال، بل السؤال الأكثر إلحاحا وأهمية هو: ما مصير هؤلاء الشماليين الذين يأتون بمثل هذه الأحاديث فى الشمال؟ وما هو مستقبل السودان الشمإلى حتى بالنسبة للانفصاليين الشماليين؟ وما هو مشروعهم البديل لدولة شمال السودان الجديدة؟
ومن جهة أخرى، فإن الوحدويين من الجنوبيين والشماليين (إثنياً وجغرافياً) فى الحركة الشعبية، تدور في رؤوسهم العديد من الأسئلة تبحث عن إجابات، وتعوزهم الحيلة في التصدي لأسئلة الأصدقاء والأعداء، على حد سواء، والتي لا ينقطع سيلها حول موقف الحركة من مواضيع الوحدة "الجاذبة" والانفصال، تقرير المصير، الاستفتاء، والمنطقتان الانتقاليتان (جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق). حقاً، إن توقع انفصال الجنوب قد خلق وضعا معقداً وشائكاً، نتج عنه التباسٌ وغموضٌ فى الرؤية، مما دفع بعض الشماليين من الحادبين على وحدة البلاد فى الحركة إلى النزوع نحو ابتسار وحصر التحديات التى يواجهونها فقط فى "الموقف من الإستفتاء على الوحدة والانفصال". فمن ناحية المنهج والحلول، ينظر هؤلاء للأمور على شاكلة لعبة صفرية، لا تحتمل إلا مكسب/انتصار فريق (الداعون للوحدة) وخسارة/هزيمة الفريق الآخر (الداعون للانفصال)، والعكس صحيح. وهكذا، يبدو وكأنهم لا يرون حلاً دون أن توجه قيادة الحركة الجنوبيين، خاصة من أنصارها، بالتصويت لصالح "الوحدة"، وإلا لاستحقت هذه القيادة الوصم بالخيانة ونقض العهود، ولتقطعت سبل الوصل بينهم وبينها!
إذن، تهدف هذه المساهمة المتواضعة إلى، أولا: توضيح أن مثل هذه النظرة لا تفضى إلا للتحسر والإحباط والاحساس بضياع الأمل وفقدان الرؤية. فانفصال الجنوب ولو كان بمثابة نقمة لا تشتهيها الأنفس، إلا أنه يظل واقعاً سياسياً شاخصاً، يمكن تبديله إلى نعمة وتحويل سلبياته وخصومه إلى إيجابيات وأصول، وذلك بالمثابرة على مواصلة النضال لتحقيق هدف بناء دولة المواطنة الحقة، الذى لا تجبه رغبة الجنوبيين فى إنشاء كيانهم السياسى المستقل، فهم أنفسهم سيجابهون بنفس التحدى. ولكن، تحلياً بالصدق فى الطرح وتوخياً للموضوعية فى التحليل، لا يعنى هذا التغاضى عن النقد الموضوعى لقيادة الحركة الشعبية فى تراجعها عن المثابرة على الدفع إلى الأمام بمشروع السودان الموحد على أسس جديدة، وما شاب أداءها السياسى من افتقار للإستراتيجية وتجاوز للمؤسسية فى هذا الشأن. ثانيا: إن ممارسة كافة الشماليين، ممن كانوا جزاً من الهيكل التنظيمى للحركة الشعبية، لنشاطهم السياسى، يمثل قيمة إضافية لإثراء الحياة السياسية التعددية فى سياق تماسك واستقرار دولة السودان الشمالى الجديدة، وجعلها وحدة سياسية قابلة للحياة. فيجب أن لا يلهينا انفصال الجنوب عن الهدف الرئيس لتحقيق السلام المستدام، الذى أرست قواعده اتفاقية السلام الشامل، ولو فى إطار دولتين مستقلتين، وبناء دولة المواطنة السودانية.

الحركة الشعبية: الفرصة المهدرة!
نشرت سلسلة من المقالات، خلال السنوات الثلاث الماضية، تطرَّقتُ فيها إلى رؤية الحركة الشعبية للسودان الجديد، ودعوتها لبناء دولة المواطنة السودانية، وإستراتيجياتها لتطبيق هذا المفهوم، وترجمته على أرض الواقع، سواء على المستوى الاتحادي أو في نطاق جنوب السودان. فقد خلصتُ في هذا المساهمات إلى أن الممارسة السياسية الفعلية للحركة، بعد التوقيع على اتفاقية السلام الشامل، خاصة بعد رحيل زعيمها التاريخي في أواخر يوليو 2005، حملت العديد من المؤشرات الدالة على تراجُع الحركة عن مشروعها الذي ظلت تبشِّر به لأكثر من عقدين من الزمان، بل وتخليها عن النضال من أجل هدفها الرئيس لتحقيق وحدة البلاد على أسُسٍ جديدة، وتفضيلها للانفصال وإقامة دولة الجنوب المستقلة. وشدَّدتُ في هذه الكتابات على خيبة ظن الشماليين من أعضاء الحركة، وكافة مناصريها في الشمال، الذين علقوا آمالهم في قيادة الحركة لعملية التغيير والدفع بالأوضاع الناجمة عن اتفاقية السلام (التي وصفها الزعيم الراحل، جون قرنق، بـ"السودان الجديد في حده الأدنى")، إلى الأمام لتحقيق الوحدة الطوعية. فالاتفاقية لا تراهن على مجرد الثقة في المؤتمر الوطني أو أي قوة سياسية أخرى، بل تقوم على وجود الحركة الشعبية كشريك أصيل يتساوى مع الشريك الآخر في حقوق وواجبات تنفيذ الاتفاقية. وجوهر القضية أن قيادة الحركة ملزمة، وواجب عليها سياسياً وأخلاقياً إخضاع أمر التوفيق بين هدفي حق تقرير المصير وبناء السودان الجديد لحوارٍ صريح، ونقاش جاد داخل مؤسَّساتها، لمزيج من الأسباب الموضوعية والذاتية (دعوة للحوار مع النفس: الحركة الشعبية والعودة لمنصة التأسيس: صحف الرأي العام، الأحداث، الأخبار، 20-22 ديسمبر 2009).  
ومن ناحية أخرى، وبعد إكمال البناء التنظيمي لقطاع الشمال، في مرحلته الأولى، كان من المأمول أن يتيح المؤتمر العام الثاني للحركة الفرصة للقطاع وللشماليين تمثيلا حقيقيا في المؤسَّسات القيادية ومشاركة فاعلة في صياغة استراتيجيات وبرامج وسياسات الحركة، خاصة فيما يتصل بالتوفيق بين هدفي الوحدة وحق تقرير المصير. فقد شكل المؤتمر الثانى للحركة (مايو 2008) فرصة طال انتظارها وظلت قواعد الحركة، خاصة الوحدويون من شماليين وجنوبيين، تهفو إليها للمشاركة في حوار جاد وشفاف حول القضايا المصيرية المرتبطة بتطور الحركة، وانتقالها من حركة مسلحة إلى حزب سياسي، يتولى قيادة التحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتحقيق وحدة البلاد على أسس جديدة.
ولكن، خاب ظن المؤتمرين في أجندة المؤتمر ونتائجه. فمع نجاحه في حسم مسألة قيادة الحركة بصورة ودية وديمقراطية، والحفاظ على وحدة الحركة وتماسك قيادتها، وإجازة الدستور والمانفيستو، وبالرغم من المصادقة على رؤية السودان الجديد، إلا أن هذه الرؤية لم يتم تفصيلها في أي إستراتيجيات أو سياسات أو برامج، يسترشد بها العمل السياسي اليومي، كما أن مثل هذه البرامج والسياسات المنتظرة، لم تطرح للتداول حتى لحظة كتابة هذه الورقة.
هذا، بينما لم يحظ الشماليون إلا بتمثيل باهت في قيادة الحركة فى ظل هجمة ملحوظة ضد قطاع الشمال، فاستحق المؤتمر بجدارة وصف "مؤتمر الفرصة المُهدرة". ولم يخيِّب القطاع ظن المناوئين له، فأخفقت قيادته في الإستفادة من الفرصة التي وفرتها الإنتخابات العامة، في التسلح بأصوات الناخبين، طالما لم يتسنَّ للشماليين التسلح بالذخائر الحيَّة، فأضحوا خارج مؤسَّسات الدولة التشريعية والتنفيذية، مما أضعف وضع القطاع في منظومة الحركة، وحجّم نفوذه تماماً.

مجلس التحرير القومى: جدوى إنعقاده!
وفى ظل هذه المعطيات، كان من المأمول أن ينعقد مجلس التحرير القومى، بعد فترة وجيزة من إنعقاد المؤتمر العام الثانى فى مايو 2008، بغرض الحوار الجاد والصريح، بإشراك قواعد الحركة من كافة القوميات والأقاليم والرؤى السياسية، كمدخل وحيد لتناول ومعالجة هذا القضايا، وللإجابة على ما يصاحبها من أسئلة.
ولكن ذلك لم يحدث، ولم يشر له رسمياً إلا فى دعوة المكتب السياسى للحركة فى إجتماعه الأخير (أغسطس 2010) لانعقاد مجلس التحرير القومى. بيد أن إصرار بعض قيادات الحركة على تجيير إجتماع المجلس لصالح، ودفعه لتبنى خيار الإنفصال رسمياً، كقرار مؤسسى (على نفس نمط اللعبة الصفرية)، وسط أجواء مشحونة بالمشاعر "القومية" وتنامى المد الإنفصالى وسط قطاعات واسعة من الشباب الجنوبيين، لاشك سيلقى بظلال كثيفة على الإجتماع المرتقب للمجلس، ويقود لاستقطاب حاد وسط قواعد الحركة بين الوحديين والانفصاليين، مما ينذر بانقسام فى صفوفها وتفتيت لكيانها، من الناحيتين السياسية والتنظيمية. إذن، فى مثل هذه الظروف، وبدون الإعداد الجيد والتحضير المتأنى، فإن حشد وتعبئة كل فريق لأنصاره، سيجعل الدفع باتجاه دعم المجلس صراحة لأحد الخيارين، المطروحين فى إستفتاء شعب جنوب السودان، مخاطرة غير محسوبة ووخيمة العواقب.
فمن الجلي أنه لا يجدى نفعا وصم قيادات الحركة (أو قل بعضهم) بـ"خيانة" مشروع السودان الجديد أو توجيه أصبع الاتهام للنخبة الجنوبية بأنها هى، وليس المواطن البسيط بإرادته الحرة، التى ستقرر مصير الجنوب. فمن جهة، لابد أن ندرك أنها نفس القيادة التى قادت شعب الجنوب للكفاح المسلح تحت راية مشروع السودان الجديد، وظللنا نعمل معها لأكثر من عقدين من الزمان دون أن نطالبها باستقصاء رغبات وتطلعات قواعدها أو آرائهم فى هذا الشأن. وحتى إن إعتقدنا بأن النخبة الجنوبية، خاصة قيادة الحركة، قد غررت بالمواطن الجنوبى فدفعته أو أرغمته على إختيار الانفصال، فقد يأتى يوما يدرك فيه هذا المواطن خطأ تقديره، وحينها قد ينادى بالوحدة الطوعية. ومن جهة أخرى، فإن الأمر يستدعى المقارنة بالطريقة التى أعلن بها استقلال السودان نفسه. فللمفارقة، مع أن الحزب الحاكم وقتها (الحزب الوطنى الاتحادى) كان يدعو ويروج للوحدة مع مصر كخيار مفضل على الاستقلال، إلا أن قيادة الحزب تحايلت فى اللحظات الأخيرة على نص اتفاقية الحكم الذاتى لعام 1953 القاضى بأن يتم اتخاذ القرار بواسطة جمعية تأسيسية منتخبة. فهكذا، قامت بتمزيق الاتفاقية وإعلان استقلال البلاد من داخل البرلمان، متخطية خيار الوحدة مع مصر، والذى لم يعرض أبدا للتصويت، خاصة بعد أن ضمنت تأييد النواب الجنوبيين للمقترح. حقا، لقد أعادت النخبة الحاكمة قراءة المزاج العام للسودانين فى ذلك الوقت، فقفزت على عربة "الاستقلال" المسرعة التى ضمنت لها السيادة وقيادة الدولة "الوطنية" الوليدة دون منازع.
فإن كانت هى ذات الصفوة التى قادت شعب الجنوب ودفعت به لتقديم تضحيات جسام تحت شعار السودان الجديد وبإسم الوحدة الطوعية، فكيف يجوز لنا أن نتبرم ونصب جام غضبنا على هذه النخبة إن وجدت نفسها، بعد غياب قائدها وملهم أفكارها، فى وضع، وإن شاركت فى صنعه بما اتبعته من سياسات، أضحت ترى فيه أن مواصلة المضي على طريق السودان الجديد ، سيكون باهظ التكلفة وغالي الثمن، إذ سيضع جلّ العبء على كاهل شعبها فى الجنوب ويحرمه من الاستمتاع بمكاسب اتفاقية السلام الشامل بعد سنوات، بل عقود طوال، قدموا فيها أرواح أبنائهم وبناتهم قربانا لوقف الحرب وبلوغ السلام، بينما عرضوا أهلهم خلالها، للنزوح واللجؤ والإعاقة الجسدية والنفسية. حقاً، لقد أصبح الجو العام فى الجنوب مشحوناً بالعواطف والمشاعر القومية، وبالتوق والتطلع لتحقيق حلم دولة مستقلة، حلماً ظل يراود الجنوبيين منذ منتصف القرن الماضى. فلا أظنه من الإنصاف أو الواقعية السياسية فى شئ، أن نطالب قيادة الحركة فى هذا الوضع المعقد أن تتبنى خيار الوحدة وتبادر بالترويج له والتبشير به، دون أن تتعرض لغضب الجماهير ولعنتهم، مما يفتح الباب واسعاً لعتاة الانفصاليين من أصحاب النزعة الشوفينية ليستلموا المجال العام فى وصفة جاهزة لصراع عنيف ودموى على السلطة أيضا، وبذك نعود مجدداً للإحتراب، وتتبدد فرص السلام والاستقرار! وهنا تجدر الإشارة إلى أن بصمات وإرث حركة القوميين الجنوبيين، التى ظلت تطالب بالانفصال واستقلال الجنوب منذ النصف الثانى من القرن الماضى، ما زالت تلقى بظلالها على تطور الحركة السياسية الجنوبية برمتها. كما أننى لا أذيع سراً إن قلت أن هناك توجهاً انفصالياً واسعاً في صفوف الحركة الشعبية، مما جعل التوفيق بين هدفى تقرير المصير والسودان الجديد الموحد عصيا وصعب المنال.

سيناريوهات تطور السودان الجديد
السيناريو الرئيس    
تتمثل إستراتيجية السيناريو الرئيس فى مواصلة الحركة الشعبية لنضالها من أجل التحرير وتحقيق السودان الجديد، باستخدام الوسائل السياسية التى وفرتها الترتيبات الدستورية الناجمة عن اتفاقية السلام الشامل، بما يفضى إلى "تفكيك" النظام من الداخل عن طريق التحول الديمقراطي الذي تتضمنه هذه التسوية. وهذا ما فشلت الحركة وحلفاؤها من القوى السياسية الأخرى فى تحقيقه، وبنفس القدر الذى لم يقبل به الشريك الأكبر، المؤتمر الوطنى،  من باب الايفاء بمستحقات ومتطلبات الاتفاقية.
إذن، إن كنا حقا نريد أن ندفع بمساهمة، تصون وحدة الحركة وتحافظ على تماسكها فى هذا الظرف التاريخى الدقيق الذى تمر به بلادنا، ويكون لها جدوى سياسية وتساعد فى تطور لأوضاع للأمام، ودون أن نعيد "إنتاج العجلة"، فإن كل الشواهد والملاحظات تشير إلى عدم إمكانية، بل إستحالة، تحقيق السودان الجديد فى إطار السودان الموحد، بشكله الحالى، مما يحتم الاقرار بالفشل. ولو أن قدراً كبيراً من هذا الفشل، يعود إلى عدم قدرة قيادة الحركة الشعبية (وعدم الرغبة لدى البعض) على تطوير الاستراتيجية اللازمة فى سياق ترتيبات الفترة الانتقالية (السوادن الجديد فى حده الأدنى) ، للوصول إلى الوحدة الطوعية. فلتنزيل المثل العليا التي ينطوي عليها السودان الجديد على أرض الواقع، لابد من النظر إلى المفهوم من منظور "تطوري". فابتدءا، يمكن الاتفاق على وتفصيل المبادئ المعيارية للانتماء والمساواة الكاملة في حقوق وواجبات المواطنة، بينما التنفيذ الكامل لهذه المبادئ يمكن فقط السعي لتحقيقه تدريجيا وعلى مراحل. لكن، يبدو أن الحركة قد نفضت يدها عن هذا المنهج التدريجى وقنعت باستبدال رؤية "السودان الجديد" باتفاقية السلام الشامل، بدلاً عن اتخاذها كمنصَّة انطلاق، وهذا في الحقيقة كل ما تعنيه الاتفاقية، لإنجاز هدفها المعلن في بناء دولة المواطنة السودانية، فاختارت التراجع الانكفاء على، والتقوقع في الجنوب مكتفية بانتظار الاستفتاء على تقرير المصير بغرض الانفصال.
إن الرأي العام الجنوبي قد تشكل بصورة واضحة، بغض النظر عن لعب بعض قيادات الحركة دوراً فى هذا التشكيل. إذن، لا يفيد أن نحبس أنفسنا وعقولنا فى إطار جامد للوحدة السياسية، ونغفل عن وحدة الهدف النهائى، فى حالة إنفصال الجنوب وتكوين دولته المستقلة، والمتمثل فى إقامة دولة المواطنة فى السودان كله أو فى شمله أو جنوبه. كما لا يجدى التحسر على التعثر أو الفشل فى تحقيق وحدة السودان على أسس جديدة، بنهاية الفترة الانتقالية لاتفاقية السلام الشامل، كما كان مأمولا، فيتملكنا الاحباط، فنخالف الحقيقة والواقع ونطاوع الظنون! ولماذا نذهب بعيدا؟ ففى ورقة (وسائل حلّ النزاع السوداني) التي قدمها وفد الحركة في عام 1993 أثناء مفاوضات أبوجا رأى الزعيم الراحل، د. جون قرنق، أن الطريقة المثلي للمحافظة على الوحدة تتمثل في التحول مباشرة من النموذج الثالث (السودان القديم) إلى النموذج الأول (سودان متحّول ديمقراطيا). أما الخيار الأفضل الثاني يتمثل في التوجه للسودان الجديد عن طريق النموذج الثاني (السودان الجديد في حده الأدنى) أو نموذج (دولة واحدة بنظامين). والواضح أن هذا الخيار يعني القبول بمخاطرة احتمال الانزلاق نحو النموذج الخامس (الانفصال) باعتباره مساوياً لتكلفة فشل القوى الداعية لسودان جديد في تحقيق هذا الانتقال. إذن، لم يستبعد الزعيم الراحل كلية احتمال أن يختار الجنوبيين للانفصال فى حالة الفشل فى العبور نحو السودان الجديد عن طريق توسيع القواسم المشتركة خلال الفترة الانتقالية. وهذا حقيقة ما أخفق الشريكان، كل بحجم مسؤوليته، وباقى القوى السياسية فى تحقيقه. ففى حرب طويلة وممتدة لابد أن نتوقع خسران المعارك!
وأعيد ما شددتُ عليه منذ أعوام مضت، ولا أمل ترديده، بأن ما صاحب رؤية السودان الجديد من سؤ فهم و ما اكتنفها من غموض ولبس عند البعض، يعود بقدر كبير إلى الخلط بين السودان الجديد كإطار مفهومي والحركة الشعبية كمروج للمشروع، وكتنظيم سياسي بادر في لحظة تاريخية معينة، لتحويل الرؤية إلى واقع ملموس. فعدم الانتماء إلى الحركة الشعبية، بالمعنى التنظيمي، لا يتناقض بأي حال من الأحوال مع اعتناق الرؤية أو الاعتقاد فيها. وحقيقة، أجازف بالقول بأن ليس كل المؤمنين بالرؤية هم "حركة شعبية"، بيد أنه ليس كل من هو "حركة شعبية" يؤمن بها! بمعنى آخر، فإن الإخفاق في التمييز منهجياً بين رؤية السودان الجديد من جانب، والحركة الشعبية (على المستوى التنظيمي، والمستويين الاستراتيجي والتكتيكي) ومتطلبات العملية السياسية لبناء السودان الجديد في مسيرة الكفاح ( سياسياً وعسكرياً وتفاوضياً)، من جانب آخر؛ يشكل أحد الأسباب الرئيسة في إرباك المفهوم.
فالحركة الشعبية لتحرير السودان هي التي تقدمت برؤية السودان الجديد. ولكن، مثلما أن السودان القديم يتعرض لتغيّرات جذرية في مسيرة انتقاله نحو السودان الجديد فإن الحركة الشعبية لتحرير السودان نفسها لابد أن ينالها التطوير وتخضع بذلك لتحولات أساسية. ورغم أن الحركة ظلت تحتفظ بمضمونها الرئيسي، إلا أنها شهدت تحولات عبر السنين، وفي غضون تلك التحولات بدت الحركة مختلفة في المراحل المختلفة للكثير من الناس وجماعات المهتمين مما يفسر اللبس- القائم عند البعض- حول طبيعة ومضمون الحركة الشعبية. وبالتالى، فالفشل فى المضى قدما لانجاز المشروع يرجع للحركة كتنظيم سياسى، فى لحظة تاريخية معينة، ولا يطال بأى حال من الأحوال صحة الرؤية، أو ينتقص من ودقة ما قدمته من تحليل رصين للواقع السودانى، أو يقدح فى مصداقية المفهوم كإطار لمشروع قومي يستهدف بناء دولة المواطنة الحقة والمستدامة والقادرة على استيعاب المجتمع السوداني بكافة تنويعاته العديدة والمختلفة، والتى لن يزيلها إنفصال الجنوب أو يجعل منها نسيجا منسجما فى رمشة عين، مما ينتقص من قيمة مفهوم السودان الجديد، أو يشكك فى جدواه. كما أن انفصال الجنوب لن يقضى بجرة قلم على التنوع القبلى والدينى فى داخله، مما يجعله فى غنى عن مشروع السودان الجديد الكفيل بتحقيق العدل والمساواة بين كافة مواطنيه.
ومن ناحية أخرى، فإن تخندق الشماليين بالحركة فى موضع إطار الدولة الموحدة لتحقيق السودان الجديد يقود إلى مخاطرة الإنزلاق إلى مخاطرة "التعصب القومى أو الشوفينية القومية"، التى تتعارض مع القيم والمبادىء الأساسية لمفهوم السودان الجديد. فبدلاً عن التقوقع فى "ذواتنا الشمالية"، وهذا ما أخذناه على الانفصاليين، علينا أن نتمسك بكينونتنا كـ "سودانيين جدد"، نتجاوز "التحيز القومى الضيق". وكما كنا رواداً للتواصل مع الآخر، وللنضال مع الجنوبيين من أجل التغيير نحو العدالة والحرية والمساواة لربع قرن من الزمان، فلنظل حلقة الوصل والانتفاح المتبادل، إن إختار الجنوبيون الانفصال وتأسيس دولتهم المستقلة، حتى يجيئ يوما تعيد الأجيال القادمة توحيد الوطن من جديد.
لابد من الاعتراف بأن للجنوبيين ظلاماتهم التاريخية القومية، ولهم همومهم واهتماماتهم المختلفة، وهذا هو السبب وراء دعمنا وموافقتنا على حق تقرير المصير كحق إنسانى وديمقراطى أصيل. فماذا نجنى من معادة الانفصاليين الجنوبيين غير تأجيج نار التعصب القومى وهزيمة كل ما ظللنا ننافح عنه من مبادئ وقيم. فالنضال المشترك من أجل العدالة والمساواة فى حقوق المواطنة، خلق للشماليين فى الحركة قيمة إضافية فى نفوس وعقول رفاقهم من الجنوبيين، مما يجعلهم أبدا جسرا للتواصل والاتحاد. فلماذا نفقد كل هذا الرصيد؟ ولمصلحة من؟ فكيف تضيع أحلى ما أهديت يا غالى، كما يقول المطلع الختامى لأغنية "كنوز محبة"؟

الشماليون بالحركة وقطاع الشمال: الإستراجيات البديلة والمهام!
في ضوء هذا الواقع السياسى الماثل، فعلى قطاع الشمال، والشماليين، بالحركة واجب سياسي وأخلاقى باحترام خيار الجنوبيين بالانفصال، بغض النظر عن ما يحيط بإجراءات الاستفتاء من شكوك وظنون، والتفكير الجاد فى:
إن لم يتحقق السودان الجديد، فالسيناريوهات البديلة تشمل مختلف أشكال ودرجات ممارسة حق تقرير المصير، تتراوح بين درجات من الاستقلال والحكم الذاتي، بما في ذلك الترتيبات الفدرالية والكونفدرالية، أو تقسيم وتشظى البلاد، على الطرف النقيض. بمعنى آخر، من الممكن الاتفاق على درجة من "الانفصال" بحيث يكون كل كيان قائم بذاته، في حين تتم الدعوة إلى التعايش السلمي والتعاون المتبادل.
وحتى في حالة الانفصال، ستستمر المبادئ المعيارية للسودان الجديد في إرشاد وتوجيه التطور الدستوري وأنظمة الحكم في الكيانين، الشمال والجنوب. بمعنى آخر، فمن منظور طويل الأجل يمكن للمرء أن يتصور قيام أطر وهياكل جديدة تتطور من خلالها أسس ومبادئ بناءة وأكثر رسوخا لأشكال ودرجات مختلفة من الوحدة المستدامة، ولعل أفضلها أن يتم الاتفاق على "إتحاد" بين دولتين مستقلتين، يستصحب روح الوحدة ويتأسس على قيم أساسية وعلاقات مؤسسية ومنظمة.
من الجائز أيضا التسخير الفعال لعلاقات التعاون الإقليمي لتعزيز تحقيق المبادئ المعيارية والمرتكزات الأساسية للسودان الجديد.
ويستدعى هذا التفكير الموضوعى:
أولا: التأكيد على التزام ووقوف الشماليين بالحركة المبدئى مع شعب جنوب السودان فى تقرير مصيره، وإدراكنا المسبق بأن ممارسة هذا الحق قد تفضى إلى انفصال الجنوب (ولو بنسبة 1%).
ثانيا: الدعوة، وبصورة ملحة، لعقد إجتماع عام للقطاع يراعى المؤسسية والتمثيل المتوازن للعضوية فى كل الولايات الشمالية، بغرض:
    1/ إجراء مراجعة شاملة لتجربة عمل القطاع السياسية والتنظيمية، وتحديد السلبيات والمعوِّقات، والبناء على الايجابيات والانجازات، إضافة إلى التفاكر بعيد النظر حول مصير القطاع في حالة انفصال الجنوب،
 و2/ الحوار الجاد والنقاش الصريح حول الاستراتيجية البديلة للاتفاق على حلول خلاقة، تفى بطموحات السياسيين و"القوميين" الجنوبيين فى تحقيق تطلعهم للدولة المستقلة، مع الاستجابة فى نفس الوقت لواقع التعايش التاريخى والقواسم المشتركة، والإرث المشترك بين الشماليين والجنوبيين، والتى يستحيل القفز فوقها أو اخضاعها لمنطق التقسيم! إن الاتفاق على مثل هذا الإطار سيمهد الطريق لتجاوز القضايا العالقة (أبيى، الحدود، المشورة الشعبية)، ويسهل حل قضايا ما بعد الاستفتاء (الانفصال).
ثالثا: ابتدار الحوار والتنسيق مع قيادات الحركة فى جنوب كردفان والنيل الأزرق بغرض الوصول لفهم مشترك ورؤية موحدة حول الإستراتيجية البديلة، ولضمان قيام المشورة الشعبية فى الولايتين بما يحقق أهدافها ويلبى تطلعات مواطنى المنطقتين.
رابعا: المثابرة على المطالبة بعقد اجتماع مجلس التحرير القومى، مع التحضير المحكم والإعداد الجيد له، لمناقشة وإجازة الإستراتيجية البديلة بعد إكمال عناصرها لتتضمن الحل السلمى للنزاع فى دارفور والتعامل المتوازن مع المجتمع الدولى بما يخدم أهداف الإستراتيجية القائمة أصلا (فى حالة الإنفصال) على نشؤ كيانين قابلين للحياة سياسيا واقتصاديا، وقادرين على التفاعل المشترك، وعلى استيعاب لمصالح المجموعات السياسية المتنافسة فى كل منهما.
خامسا: الانفتاح على، والدخول فى حوار بناء وصريح مع كل قوى التغيير فى شمال السودان للوصول لرؤية مشتركة والاتفاق على الشكل التنظيمى الملائم.

خاتمة:
من التلاوم المتبادل إلى الاعتماد المتبادل!    
إن الخلط، إن كان متعمداً أو بغير قصد، بين السودان الجديد كإطار مفهومي، والحركة الشعبية كمروج للمشروع، وكتنظيم سياسي بادر في لحظة تاريخية معينة، لتحويل الرؤية إلى واقع ملموس، قد تسبب فى إرباك وخيبة ظن الشماليين بالحركة، وتعرضهم لهجمة من الشامتين وأعداء التغيير. فإذا أخفقت الحركة الشعبية في تحويل نفسها إلى حركة قومية قوية على إمتداد السودان الواحد، والتنظيمات السياسية ليست بمعصومة عن الفشل، فعلى الشماليين عدم الكف عن المثابرة لابتداع الإستراتيجية(ات) البديلة- فكرياً وتنظيميا- لتحقيق السلام المستدام، وإنجاز دولة المواطنة السودانية. فهذان مهمتان ملحتان ستظلان تلازمان عملية تطورنا السياسى لحين طويل من الزمان! إن فشل المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية، كل بقدر حجم مسئوليته، فى إدارة الفترة الانتقالية، بما يفضى إلى تغليب خيار الوحدة، يجب أن لا يتحول إلى التنابذ والتلاوم الحزبى المتبادل، كل طرف يحمل الآخر وزر الانفصال مما لا يجدى معه نفعا أو مصلحة وطنية. يجب أن نقر جميعا بفشلنا، ولو تفاوتت الدرجات، فى استغلال الأوضاع والترتيبات الدستورية الناجمة عن اتفاقية السلام الشامل لجعل الوحدة جاذبة. وعليه، فإن المطلوب بإلحاح هو تحويل خصوم وسلبيات الانفصال، الحقيقية والمتوهمة، إلى أصول وإيجابيات، وبذل كل الجهود لتحويل واقع الانفصال، إلى وضع الكل فيه منتصر (win-win situation) لا يحس فيه أى طرف من الأطراف بالهزيمة أو الانكسار!
إن الشماليين بالحركة، والوحدويين من الجنوبيين، يشكلون جسوراً للتواصل وحبال للوصل بين الشمال والجنوب فى السياق العام لسعى كل القوى السياسية الوطنية السودانية، وعلى رأسها شريكى الحكم، لإقامة علاقة إستراتيجية منظمة ومؤسسية، بين دولتين مستقلتين بالبناء على الاعتمادات التاريخية المتبادلة بين الشمال والجنوب فى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. ومن المهم هنا التشديد على القيم الأساسية والمتطلبات الضرورية لمثل هذه العلاقة، والمتمثلة فى بناء كيانين قابلين للحياة سياسيا واقتصاديا ، يتوافقان على :
الحاجة لتعزيز الإستقرار السياسى فى الشمال والجنوب بالعمل على ترسيخ الممارسة الديمقراطبة والحكم الراشد الدستورى القائم على إحترام حكم القانون والحريات وحقوق الانسانـ بما يشمل حرية التنظيم واحترام آراء الأقليات وحرية التعبير، واحترام كرامة الشعب السودانى فى تعدده وتنوعه الدينى والاجتماعى والثقافى.
تعزيز شمولية الحكم فى الشمال والجنوب، والاستيعاب السياسى للمصالح والمجموعات المتنافسة سياسيا فى كل منهما، والتعاون السياسى بينهما لمقابلة التحديات الجسام التى ستواجه الدولتين الجديدتين، مما يستدعى بالضرورة ضمان حرية الممارسة والنشاط لكل القوى السياسية وفقا لأحكام القانون. وهذا لاشك ضرورى حتى لا تلجأ كل دولة لإيذاء الأخرى عن طريق الحرب بالوكالة وذلك بدعمها للمعارضين فى الدولة الأخرى بما يهدد السلام والاستقرار.
بناء وتعزيز الديمقراطية والاستقرار فى كل من الدولتين لابد من إشراك القوى السياسية الفاعلة فى عملية مراجعة دستورية تمثل إرادة وتطلعات الشعبين فى الشمال والجنوب.
إجراء مصالحة وطنية شاملة فى كلٍ من البلدين، لتجاوز مرارات الماضى مع ابتداع آليات تشاركية فعالة للمصالحة وتضميد الجراح فى الشمال والجنوب.
الالتزام الأمين بعملية المشورة الشعبية كما حددتها اتفاقية السلام الشامل لمقابلة تطلعات أهل منطقتى جنوب كردفان والنيل الأزرق، والتأكيد عليها كنموذج ديمقراطى وتشاركى لحل النزاعات فى كل أنحاء البلاد.
الالتزام بالحل السلمى العاجل لقضية أبيى بما يتسق مع البروتوكول االخاص للنزاع فى أبيى والحفاظ على المنطقة كجسر للتواصل بين الشمال والجنوب والتعايش السلمى بين الشعبين، وتقدم نموذجا للاعتماد المتبادل.
التوصل إلى حل النزاع فى دارفور، على ان تلعب الحركة الشعبية دورا إيجابيا قبل إعلان قيام دولة الجنوب فى 9 يوليو 2011، مما يضمن إستدامة السلام والاستقرار فى الدولتين الجديدتين.  
الخرطوم
يناير 2011

 

آراء