الصادق المهدى: السودان أصبح تحت الوصاية الدولية ونظام البشير يستخدم الشعار الإسلامى للتغطية على هزائمه

 


 

 

إذا لم يستجب النظام لمطالبى سأنضم للجبهة التى تسعى لإسقاطه
ندعو لدستور جديد يقوم على دولة مدنية ديمقراطية وتوءمة بين الشمال والجنوب لاإحتواء آثار الإنفصال
لابد من الإستجابة لمطالب أهل دارفور المشوعة والتعامل العقلانى مع قضية المحكمة الجنائية

أجرت الحوار فى الخرطوم: أسماء الحسينى
 
أكد السيد الصادق المهدى رئيس حزب الأمة السودانى المعارض و رئيس الوزراء السابق أن السودان اليوم معرض لمخاطر كبيرة بعد إنفصال متوقع لجنوب السودان ،قال إن الجنوبيين صوتوا لصالحه وفى ذهنهم سياسات نظام حكم الرئيس السودانى عمر البشير الذى اتبع سياسات عروبية إسلامية تنفى الآخر،وأتاح الفرصة لظهور تيارات متشددة فى السودان تحت مسميات إسلامية ،وقال المهدى إن السودان الآن أصبح تحت الوصاية الدولية ،وأن النظام يستخدم الشعارات الإسلامية لتغطية هزائمه .
ودعا المهدى إلى دستور جديد يقوم على دولة مدنية ديمقراطية ،وتوءمة بين شمال السودان وجنوبه لإحتواء آثار الإنفصال ،وأكد أنه لابد من الإستجابة لمطالب أهل دارفور المشروعة والتعامل العقلانى مع قضية المحكمة الجنائية ،وحذر من أنه إذا لم يستجب النظام السودانى لمطالبه فإنه سينضم للجبهة التى تريد إسقاطه .
 
 
-هل كان إنفصال الجنوب الذى يبدو أنه خيار الجنوبيين حتميا ؟
=هناك  أربعة أسباب تاريخية لهذا الانفصال أولا سياسة المناطق المفقودة التي أقامها المستعمر وكانت نوعا من الفصل العنصري وثانيا الاستعلاء الشمالي في التعامل مع الجنوب وثالثا الانتقامية الجنوبية في التعامل مع الشمال. ورابعا التعامل الأجنبي الانتقائي مع الشمال ومع الجنوب.
-هذه الأسباب الاربعة تاريخية وماذا عن الأسباب الحالية ؟
= لا شك ابدا ان نظام الانقاذ استحوذ على النصيب الاكبر من الاحقاد والمرارات بين الشمال والجنوب وذلك لثلاثة اسباب ،أولا سياسات النظام الاسلاموية العروبية التي تنفي الاخر ،وثانيا سياسات ابناء عمومة النظام وهما تياران اولا الانتباهة الذي هو تيار التطهير العرقي وتيار اخر هو تيار التكفيريين او الطالبانيين الجدد ،والسبب الثالث ما رسبته سياسات الحكومة الحالية من علاقات خارجية معادية، فأدى ذلك الى وجود لوبيات خارجية قوية تحتضن الجنوب وتعادي الشمال ،وهذه الاسباب  في رأيي هي وراء اجماع الجنوبيين على تقرير المصير في 1993 لأول مرة في تاريخ العلاقات بين الجنوبيين والشماليين وتوجه الجنوب نحو الانفصال ولا شك عندي ان الناخب الجنوبي عندما ذهب للتصويت كان في ذهنه المؤتمر الوطني وسياساته وابناء عمومته من التكفيريين ودعاة التطهير العرقي.
-وإلى أى شىء سيؤدى ذلك ؟
 وسيؤدي هذا ما لم يحدث تغيير جذري الى انفصال عدائي يشد اليه كل العداوات الموجودة فى المنطقة ،فى شرق افريقيا والقرن الأفريقى والبحر الأحمر والعداوات الموجودة في الشرق الاوسط ،و لهذه الاسباب يمكن توقع انفصال عدائي وللاسف مع سياسات النظام الحالية في دارفور يمكن استنساخ نفس السيناريو الجنوبي في دارفور مع الفارق، ولكن جوهر الامر ان هذا الاستنساخ متوقع،وهذا كله يعني ان السودان بصدد مخاطر كبيرة جدا يزيد منها الان ان الحكومة في الشمال تتحدث بلهجة سياسية الان فيها عدم الاعتراف بالتعددية والتنوع والتطبيق العقابي للشريعة .
-وكيف سيكون إنعكاس ذلك على الوضع فى الشمال ؟
=هذا كله يعني ان مناطق كثيرة في شمال السودان سينشأ فيها نفس ما نشا في الجنوب ،لأن السودان مكون من تنوع اثني و ديني، أما التنوع الديني فيقوم على الاسلام والمسيحية والاديان الافريقية ،وأما التنوع العرقي فيقوم على خمسة اثنيات العرب والزنوج والنوبة والنوباويون والبجا ،وانفصال الجنوب لن يؤثر في حقيقة هذا التنوع فقط سيكون عدد الزنوج والمسيحيين اقل. وهذا يعني ان الكلام الذي صدر عن حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان سيستنسخ كل العوامل التي طردت الجنوب بالاضافة الى ان النظام يستخدم الان تكتيك تشجيع الطالبانيين الجدد ليتمدد في الجسم السياسي السوداني، باعتبارهم حلفاء له واصدقاء واعوان ،وهؤلاء بقدراتهم الذاتية وبالدعم الذي يجدونه من شبكة الطالبانية العالمية يشكلون خطرا ليس على السودان فقط ولكن على المنطقة بأسرها وللاسف فان هذا ما يحدث الان في السودان اما موقفنا ببساطة شديدة كالاتي نطرح ما نسميه الاجندة الوطنية،والتى تدعو اولا دستور جديد في السودان يقوم على تطبيق دولة مدنية ديمقراطية التشريع فيها ذو مرجعية اسلامية بمعنى ان يشرع لكل السودانيين على اسس وضعية وللمسلمين على اسس اسلامية على اساس تعددية القانون وثانيا تبني معاهدة توأمة بين الشمال والجنوب على اساس احتواء اثار الانفصال السلبية واقامة نظام يقوم على الاعتماد المتبادل في المجالات المختلفة، وثالثا الشروع في حل ازمة دارفور بشكل جدي يقوم على الاستجابة لمطالب اهل دارفور المشروعة وهي معروفة ولا تحتاج الى مزيد من الحوار، ورابعا ضرورة توفير الحريات العامة وضرورة الالتزام بحقوق الانسان وبرنامج اقتصادي  والتعامل العقلاني الواقعي مع قضية المحكمة الجنائية الدولية ، ونحن ندعو لهذه الاجندة الوطنية .
-كيف تتوقع أن تكون إستجابة حزب المؤتمر الوطنى لهذا الطرح ؟
= طرحنا يضع الحزب الحاكم امام خيارين فإما ان يستجيب لهذه المطالب، فاذا استجاب لهذه المطالب فهذا  شيء طيب ،وفي تقديرنا انه يوجد الان استقطاب مماثل بين الحكومات والشعوب في كثير من دول المنطقة العربية واذا حل السودان مشاكله سيكون قدوة لهذه الدول للخروج من مشاكلها عبر اجندة وطنية تعالج المشاكل ،أما إذا رفض النظام فستكون النتيجة علاقة عدائية مع الجنوب والمواجهة مع حركات دارفور والمواجهة مع الاسرة الدولية والمواجهة في الشارع السوداني مع المشاكل الاقتصادية ونحن كقوى سياسية وكحزب امة ازاء هذا الموقف سنتخذ خط العمل الحركي المدني من مواكب واعتصامات وعصيان مدني، وستكون هناك ضد النظام جبهات متعددة،ومن بينها جبهة النضال الوطني التي سيعمل عبرها حزب الأمة.
-أمهلت النظام حتى يوم 26 من الشهر الحالى لماذا هذا اليوم بالذات ،وماهى خياراتك ؟
=موقفي الشخصي كرئيس لحزب الامة أننى أطالب النظام بقبول الاجندة الوطنية ،لأن فيها نجاة الوطن فان استجابوا ساقود فكرة النجاة الوطنية على اساس هذا التراضي واذا رفضوا سيكون موقفي كما قلت الذي ساحدده يوم 26 من الشهر الحالي ،وفي هذا الموعد اما أن أعلن انضمامي للجبهة التي تريد اسقاط النظام او اتنحى عن العمل السياسي والتفرغ لاشياء اخرى فكرية وثقافية واجتماعية ودينية ودولية،وقد اخترت هذا التاريخ لأن هذا التاريخ هو تاريخ محمل بالاصداء التاريخية الضخمة لانه تاريخ تحرير العاصمة السودانية من الاستعمار الاول عام  1885، وهذا التاريخ يعطي ايضا فرصة لكل الاطراف المعنية لكي تجرد حساباتها واعتقد ان الجنوب اذا اختار الانفصال وهو اختيار متوقع فأمامه اما أن يختار توءمة مع الشمال او العداوة معه ،وسيكون امام حزب المؤتمر الحاكم اما انا ينفتح على الراي الاخر او قمع الراي الاخر. وستكون هذه فرصة كافية للاطراف لكي تحدد مواقفها وانا ساحدد موقفي بناء على تقدير الموقف والقراءة الواقعية لهذه التطورات..
-وكيف تنظر لدعوة الرئيس البشير مؤخرا لحكومة ذات قاعدة عريضة؟
=نحن لا نتحدث عن حكومة نحن نتحدث اولا عن برنامج، لم نتحدث ولن نتحدث عن أي حكومة ما لم نتفق على برنامج يقوم على الاجندة الوطنية اولا ، الاجندة الوطنية اولا ثم الحكومة هي آلية لتنفيذ هذه الاجندة اما أن نشترك في حكومة لتنفيذ السياسيات الحالية فهذا مرفوض ولن نبحثه على الاطلاق، والمهم ليس هو تسمية الحكومة وانما المهم هو البرنامج الذي تطبقه الحكومة وهو كما نرى ينبغي أن يكون الاجندة الوطنية التي نريدها،
-حلفاؤك من احزاب المعارضة يتحدثون عن تحديد ساعة الصفر لمواجهة النظام ..؟
=انا لا اعتقد ان هناك حديثا عن ساعة صفر ،الكلام عن اننا نريد ان نجمع الرأي على صعيد واحد، وأعتقد ان ما يجب ان نفعله الآن هو توحيد الرؤية الوطنية حول الاجندة الوطنية وحتى هذه الساعة أقول انه ليس هناك معنى للحدث عن توقيت معين لمواجهة النظام وانما يجب الحديث عن توحيد الصف وهذا هو الواجب الان وبعد ان يتم ما يتفق عليه نتحدث فيما يجب فعله لتنفيذ هذه الاجندة الوطنية.
-هناك تحذيرات قوية من قيادات الحكومة والشرطة من عواقب أي خروج من المعارضة الى الشارع وان أي تحرك مدني سيواجه بالقمع ..؟
=هذا تصرف طبيعي منهم فهو ليس شيء غريبا منهم أن يتكلموا بهذه الطريقة ،والمؤسف أن يدخل السودان في مرحلة مواجهة، لكن الخروج من هذه المواجهات لن يكون بالوعيد والمواجهات، و النظام الحالى مدان تاريخيا بانه مزق السودان وضيع وحدته وسيادته، وقد أصبح السودان الان تحت الوصاية الدولية ،والنظام للاسف الشديد يستخدم الشعار الاسلامي لتبرير الاستبداد ولتغطية الهزائم مثل هزيمة الوحدة وهو استخدام غير مشروع للشعار الاسلامي ولكن من المتوقع ان يصدروا مثل هذه لتهديدات وكل الطغاة الذين حكموا السودان فعلوا ذلك، ولابد ان يستيقظوا لأن 21 عاما من الوعيد والانفراد بالحكم والعناد جعلتهم الآن يحصدون الهشيم ولو أنهم عقلاء يفكرون خارج منطق الظفر والناب لفتحوا الباب للحل .
-لماذا يستهين المؤتمر الوطني بمعارضيه أيعود ذلك لضعف المعارضة أم قوته ؟
=هذه هي اللغة المستمرة لمثل هؤلاء الحكام،و نميري في آخر أيامه كان يقول لا أحد يستطيع أن يزيحني من السلطة وكان يتحدث ايضا عن ان المعارضة ضعيفة جدا ولا تستطيع ان تصنع شيئا وكل الطغاة يفعلون ذلك.
-وهل لديك أمل فى التوصل إلى حل مع المؤتمر الوطنى ؟
=لولم يكن لدى أمل ماكان هناك حاجة للإنتظار حتى يوم 26من الشهر الحالى ،وأعتقد أنه يوجد عقلاء فى حزب المؤتمر الوطنى يرون الخطر المحدق بالبلد .
-الاعتداء الذي تعرضت له بناتك من قبل قوات الامن هل كان استهدافا لهم في اشخاصهن؟
=لا اعتقد انه استهداف لهم في اشخاصهن، وماحدث لهما جزء من مشاركتهما في مواقف نضالية ودفعتا ثمن هذه المواقف وفعلن ذلك لان كل انجاز تاريخي له استحقاقات من النضال وهن عندما دخلن في هذا لالتزام الوطنيويعلمن ان هذا الطريق طريق شاق ،وهو طريق احقاق الحق وابطال الباطل،و دائما هناك ضرائب ومن يريدون أن يتصدوا لهذا الطريق يدفعون الضريبة من اجل وطنهم ودينهم لاننا الان بصدد تلويث ديننا وتمزيق وطننا.
- كيف تنظر الآن الى الخطوة الاخيرة الخاصة بعودة حزب لامة لاصلاح والتجديد الى حزبكم الأم؟
=انا اعتقد ان هذا شيئا طبيعيان وهم قد شاركوا معنا في السابق وذهب اجتهادهم به بعيدا في مرحلة ماضية، والان رأوا أن المحنة الوطنية توجب وحدة الصف ،ولذلك عادوا دون قيد اوشرط، ونحن رحبنا بهم بالاجماع ،واعتبرنا انها خطوة طيبة في سبيل بناء الموقف الوطني
 
-إلى اين تذهب قضية دارفور قي ظل التنسيق بين الحركات المسلحة لان؟
 
=في رأيى أن ما يدور في الدوحة كان حوار طرشان،و المفاوض الحكومي يريد ان يصل لاتفاق أشبه ما يكون بنسخة ثانية من اتفاق ابوجا،وهو اتفاق ناقص وغير مقبول بالنسبة لنا او بالنسبة للمقاومة في دارفور،و الموقف الحكومي كان بعيدا عن تطلعات اهل دارفور المشروعة ،والمفاوض الدارفوري رغم انه كان فصيلا واحدا، اعتقد ان هذا الفصيل كان يفاوض في المباديء التي يعلم ان بقية الفصائل تؤيده فيها.
 

 

آراء