الباحث, الخبير الإستراتيجي هانئ رسلان يكشف ملابسات (ثورة الشباب) ويشرّح مآلات الأزمة في مصر!!

 


 

 

انسحاب قوى الأمن  فعل غير مبرر وتم بقرار حيث تم قطع الاشارة اللاسلكية التى تحمل الأوامر!!
التزم هؤلاء (....) الصمت بعد قرار إجراء تحقيق موسع فى موقعة الخيول والجمال !!
الأخوان حصلوا على مكسب فوري وتم الإعتراف بهم كقوة سياسية ولم يعودوا محظورين منذ لحظة جلوسهم مع عمر سليمان !!
البرادعى لا يعرف شيئاً عن الشعب ويقول بانه كان يعامل مثل العبيد وهو يمارس السياسة بإعتباره سائحًا يأتي اسبوعا ًويغيب شهراً!!
رغم الانفلات الأمنى تماسكت الدولة وإستطاعت أن تمتص الأزمة وتعود بإستراتيجية وأضحة للتعامل !!
الرئيس مبارك يمتلك رصيداً كبيراً شوش عليه وأفسده ملف التوريث وما تصاحب معه من سلبيات !!
اجرت الحوار بالقاهرة / نادية عثمان مختار
nadiaosmanmukhtar@yahoo.com

اجرت الحوار بالقاهرة / نادية عثمان مختار
nadiaosmanmukhtar@yahoo.com

إستحوذت( ثورة) شباب مصر ومازالت على أنظار العالم بأجمعه بتسارع وتلاحق أحداثها الكبيرة حيث إستطاعت أن تنتزع حقوقها من ( جوة) عين الحكومة بزلزال الغضب الذي هز عرش (النظام)  في مصر ليس عبر الدبابات وإنما بتعالي صوت
( الإنتفاضة) الشعبية لتقول ( لا) بعد طول ( نعم) فتفعل الحكومة وتنفذ من أجل الشعب ماكان يعد في حسابات المستحيل يوما!
ومن (قلب) الأحداث في أرض الكنانة كان لابد لـ ( الأخبار) من أن تتيح المساحة لأصوات أبناء مصر للتحدث عن مجريات الحال في بلادهم  وكان لنا لقاءت مع شريحة متباينة من ابناء مصر ولحرصنا على إتاحة الفرصة لنعرف المزيد مما يعرفه أبناء مصر عن ( الثورة) وللحديث عن ماوراء المشهد وتوضيح الصورة كان هذا اللقاء مع باحث وخبير عمل لسنوات في ملف الأزمة السودانية وجاء اليوم لنتحدث معه عن (أزمة الأزمات) في بلاده ، فتحدث بمنتهى الجراءة كاشفاً الكثير ومبيناً وجهة نظره صريحة دون مؤاربة حيث إعتبر أنه من الضروري أن يشمل الحوار الذي تديره الحكومة مع المعارضة الان قوى 25 يناير الشبابية كذلك ، والتى قال إنها مازالت حتى الآن بلا قيادة حقيقية تستطيع ان تعبرعنها وتتحاور باسمها، مثمناً الإنجاز الذي حققه هؤلاء الشباب لمصر وقال إن تهافت القوى السياسية في الداخل والخارج على الرئاسة جعلت من ميدان التحرير كـ ( سوق عكاظ) مبيناً أن عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية لم يستطع أن يتماسك وهو يرى البرادعي وزويل فنزل الى ميدان التحرير يعرض نفسه في سوق الرئاسات المقبلة !
وكشف رسلان عن ملابسات الفراغ الامني الذي عم القاهرة في أعقاب جمعة ( الغضب) التي إرتفعت فيها عقيرة الشعب المصري منادية بالإصلاح والتغيير وإرتفع سقف المطالب ليجلجل الهتاف ((الشعب يريد إسقاط النظام)) !
وشكك في ورقة صادرة من ثلاث صفحات تم تداولها على نطاق وأسع بإعتبارها إستراتيجية وزارة الداخلية فيما يتعلق بالانسحاب الامني الذي حدث يوم جمعة الغضب ، وقال انه على الرغم من ان الورقة  مكتوبة بلغة امنية، الإ أنها قد تكون قد وضعت من قبل جهة ما بعد وقوع الحدث نفسه، كأحد الاساليب والادوات المتبعة فى الصراعات الأمنية والسياسية!!
 وتحدث رسلان عن الحزب الحاكم وعن الرئيس مبارك ومافعله رجال الأعمال في مصر جراء زواج السلطة والمال وتحدث عن التدخلات الأمريكية والإيرانية في الشأن المصري وقضايا أخرى ساخنة فماذا قال رسلان هذا ماسيتابعه القارئ الكريم في في هذا الحوار :
هانئ رسلان في مصر (بلدك) زلزلت الارض زلزالها ولم نسمع لك صوتاً فأين ولماذا إختفيت من المشهد طوال العشرة أيام الأولى من الأحداث ؟؟
كنتُ مسافراً قبل إندلاع الأحداث بيوم وأحد الى بلدتي فى اجازة عائلية بصحبة الاسرة لمدة أربعة أيام فى فترة اجازة نصف العام الجامعية، ثم تأخرت العودة بسبب الإضطراب الذى لحق بالطرق ووسائل النقل.. ولكني كنت متابعاً من هناك وعلى إتصال. 
البعض يرى أن مساعدي الرئيس مبارك والمستشارين ( السوء ) هم السبب في تضليله بحجم المتظاهرين والأوضاع على الأرض ماذا ترى ؟؟
كلا الأمر ليس كذلك.. فقد كان النظام يعاني من الشيخوخة..و كانت هناك حالة من الاحتقان الاجتماعي والاقتصادي وإنسداد فى الأفق السياسي وصل الى ذروته فى السنوات الأخيرة ، خاصة مع ظهور ملف التوريث الذى أدى إلى تمكين طبقة من رجال الاعمال الفاسدين الذين مارسوا نهبا غير مسبوق تحت شعارات تحرير الاقتصاد والخصخصة ودمج الاقتصاد المصري فى العولمة الأمر الذي أدى الى حدوث فجوات فلكية فى الدخول وزاد الامر سوءا التداخل بين أصحاب المال والسلطة عبر توزير عدد منهم بدعوى أنهم الأقدر على إنجاز سياسات التحرير الاقتصادي وجلب الاستثمارات من الخارج ، ورغم إرتفاع نسبة النمو الى 7 % فى المتوسط إلا أن عوائد هذا النمو صبت فى صالح هذه الفئة وبقيت غالبية الشعب تعانى القهر والاحباط وتعيش على حد الكفاف.. وكانت إنتخابات مجلس الشعب الأخيرة التى أدارها أحمد عز والتى كانت مقدمة للتوريث بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير .. فكانت إنتفاضة الشباب التى سرعان ما تحولت الى ثورة شعبية عارمة زلزلت اركان المنطقة  واستقطبت اهتمام العالم ومن اللافت أن الشرارة إنطلقت من هذه المجموعات الشبابية فى حين كان من المتوقع أن تنطلق من العشوائيات التي تحيط بالقاهرة، ومن اللافت أيضاً أن هذه المجموعات خرجت من رحم الشرائح الوسطى التى كان البعض يرى بموضوعية أنها لن تتحرك بسبب خوفها على مكاسبها الصغيرة وحذرها التقليدي .
إذن لماذا كان الأمر يبدو وكأن هناك نوع من الإستسلام لما يحدث؟
نعم كانت الصورة العامة توحي بذلك ولذا جاءت الثورة الشعبية مفاجئة للجميع.. ولكن كان هناك نوع من الإجماع على إن الأوضاع جاهزة لانفجار مروع بمجرد إنطلاق شرارة ما من مكان ما .. وكانت هناك إحتجاجات وإضرابات فئوية متعددة وأيضاً إحتجاجات سياسية مثل حركة كفاية التى رفعت شعار لا للتوريث ولا للتمديد ولكنها ظلت نخبوية ولم تتخطى ذلك الى هبة شعبية عامة .. غير انه كان هناك رفض عام يصل الى حد الإجماع  على رفض مشروع التوريث ، وبدا انه من الممكن تحمل الرئيس مبارك غير ان التوريث كان يبث شعورا بالاهانه الوطنية لمصر .. وكانت هناك سيناريوهات كثيرة يتم تداولها وكان هناك مقاومة حتى من داخل أروقة الحكم .. ولكن الفكرة العامة أن مشروع التوريث لا يمكن قبوله ليس فقط لان مصر لا يمكن توريثها ولكن لأنه سيحمل معه مخاطر هائلة على التوازن الاقتصادي والاجتماعي للبلاد وأيضا لأنه سوف يهدد ما تبقى من الاستقلال الوطني .
ولكنك كنت عضواً فى امانة السياسات بالحزب الوطني كما نعرف؟
نعم .. كنت عضوا فى لجنة (مصر والعالم) التى تهتم بالسياسة الخارجية وهى جزء من امانة السياسات التى تضم سته لجان أخرى.. وقد قبلت هذه العضوية حين دعيت اليها بعد تردد.. وقد كان هذا القبول فى سياق الجهود العديدة التى كنت أبذلها لتعزيز الاهتمام بالشأن السودانى ووضعه فى مكان متقدم على أجندة الاهتمامات المصرية .. ولكني لم أك أستخدم هذه الصفة قط ، بل أعرّف نفسي دائما بصفتي البحثية، فى الوقت الذي كان فيه كثيرون يستخدمون هذا الأمر للتكسب أو الوجاهة وبعضهم إنقلب الآن على عقبيه دون حياء .. كما أن توجهاتي معلنة طوال الوقت ومن أنصارالتأكيد على دور الدولة فى الاقتصاد والتنمية والتشديد على العدالة الاجتماعية  . 

أسامة سرايا وبعض قادة الرأي العام ايضا ضللوا الحكومة وقد سمعت سرايا يقول لاحدى القنوات ان المتظاهرين مجرد مقلدين وشعاراتهم بغبغائية ووجودهم لن يشكل كارثة على مصر والبعض قال إنهم (شوية عيال) يلعبون من خلال الفيسبوك فما رأيك ؟؟
هذا ملف طويل ومعقد وأوضاع الإعلام فى مصر فى حالة من المعاناة تحتاج معها الى إصلاح شامل  ومن بينها مؤسسة الأهرام، وإن كانت أحوال هذه الإخيرة افضل من غيرها ولكنها فى السنوات الأخيرة تشهد تفاعلات سلبية كثيرة بعضها مُعلن والبعض الآخر غير مُعلن .. ولعل من اللافت أن من بين ما تم الاتفاق عليه مؤخراً مع نائب الرئيس عمر سليمان هو تحرير الإعلام وإعادة صياغته .


بدأت التظاهرة سلمية في يوم 25 يناير فهل ترى أن تجاهل صوتها ومطالبها هو الذي ادي الى تفاقم أحداثها أم أن هناك آياد خارجية قد عبثت بانتفاضة الشباب أم هناك تنظيم مسبق لها كما حلل البعض ؟؟
كما يحدث فى كل التحولات الكبرى تكون هناك محاولات لاعاقة فعل الثورة أوالتغيير كما تكون هناك فى الوقت نفسه محاولات لاختطاف هذه الثورة أو جني ثمارها أو حرف مسارها أو توظيفها ..وقد تجلى ذلك كله فى إنسحاب قوى الأمن وهو فعل غير مبرر وتم بقرار حيث تم قطع الاشارة اللاسلكية التى تحمل الأوامر فى الرابعة منذ عصر جمعة الغضب .. وقد كان من الممكن إنسحاب القوى الأمنية من ميدان التحرير وأماكن التظاهر الأخرى.. ولكن ليس انسحاباً تاما كما حدث وترك الامور للفوضى وترويع المواطنين، وما ترافق من الهجوم على السجون واقسام الشرطة والمحاكم ومكاتب السجل المدنى.. ثم موقعة الجمال والخيول لفض الإعتصام أو ترويع المتظاهرين .. وهناك أكثر من مسار متشابك ومتداخل فى هذه الأحداث..  وهناك الكثير من التفاصيل غير المعروفة حتى الآن، حيث تم تقديم وزير الداخلية الى محكمة عسكرية .. وهناك العديد من المؤشرات على هجمات منظمة قامت بها جماعة سياسية بعينها. وعلى أدوار معينة لبعض رجال أعمال من المتنفذين فى الحزب الوطنى، وكان بعضهم أو اثنين منهم يظهرون للتعليق فى الإعلام بدعوى مساندة النظام ولكنهم مكروهين تماماً من الناس، وكان ظهورهم يؤدي الى رد فعل عكسي.. وقد التزم هؤلاء الصمت المطبق بعد ان تقرر إجراء تحقيق موسع فى موقعه الخيول والجمال هذه !! 
الاخوان المسلمون مامدى تورطهم في رأيك وسيطرتهم على المتظاهرين كما يقول البعض الآن ؟؟
الأخوان التحقوا بانتفاضة الشباب بعد أن تبين نجاحها، وحدث ذلك بدءا من مغرب يوم الثلاثاء 25 يناير ثم تزايدت أعدادهم بعد ذلك وتم حشد ونقل اعضاء من خارج القاهرة الى داخل ميدان التحرير ولعبوا الدور الأكبرفى مظاهرات الإسكندرية وبعض مدن الأقاليم مثل دمنهور وغيرها.. ولانهم منظمون وقوى 25 يناير التي هى صاحبة الفعل الاصلي غير منظمة، فقد بدأت قدرتهم على التوجيه والسيطرة تتزايد، الأمر الذى دفعهم الى رفض المشاركة فى الحوار مع نائب الرئيس، إنتظار ليوم جمعة الرحيل.. ولما إنقضى هذا اليوم دون تحقيق ما كان يصبو اليه الاخوان، عادوا وانضموا الى الحوار، بعد أن وصلتهم رسائل عدة بانهم اما ان ينضموا وإلا فانهم بعد انتهاء الأزمة سيواجهون وضعاً بالغ الصعوبة.. ولذلك اطلق الاخوان على الفور رسائل كثيرة للتهدئة عبر الإعلان عن أنهم لن ينافسوا فى إنتخابات الرئاسة القادمة,ثم عادوا وإنضموا للحوار.. وقد حصلوا من  الانضمام الى الحوار على مكسب فورى وهائل وهو الإعتراف بهم كقوة سياسية حيث لم يعودوا جماعة محظورة منذ اللحظة التى جلسوا فيها مع عمر سليمان.. ولكن كما  هو معروف أن الاخوان حتى الآن عجزوا عن تكوين حزب سياسي يفصل بين النشاط الدعوي والعمل السياسى ويعترف صراحة بقيم المواطنة وأسس الدولة المدنية فى مصر، ولذا فان دخولهم المجال السياسي الصريح والمباشر سيحمل معه إشكاليات كثيرة فى المرحلة القادمة التى هى فى طور التشكل الآن  !
وصول البرادعي من الخارج متزامناً مع أحداث تظاهرة الشباب وتبنيه لموقفهم كيف تراه ؟؟
البرادعي له قصة طويلة وهو لايعرف شيئا عن الشعب المصري، وايضا لا يعرف كيف يتحدث لغة عربية سليمة وسلسة ويحمل أجندة تقول بازاحة 58 عاماً من تاريخ ونضالات ومعاناة مصر وشعبها.. ويقول بأن الشعب المصري طوال هذه المدة كان يعامل مثل العبيد.. وهو يتحدث عن الديمقراطية والليبرالية بشكل اساسى ثم يلحق بها العدالة الإجتماعية على إستحياء من أجل الشكل السياسي. وهو فى نهاية المطاف يأتي الى مصر ليمارس السياسة باعتباره سائحاً ياتى اسبوعا ويغيب شهراً ووصل الى المطار بعد إندلاع الأحداث بثلاثة أيام ولا يمكن القول بأن له قاعدة شعبية .
هل سيكون للحوار مع قوى المعارضة في رأيك أي تأثير إيجابي الآن على المشهد المتأزم في مصر ؟؟
بالطبع فلا يمكن تخطي المرحلة الحالية الا عبر الحوار، وذلك بعد أن تحققت مكاسب كثيرة منذ الخطاب الثاني للرئيس وهذه المكاسب الاساسية تمثلت فى أربعة محاور : إغلاق ملف التوريث والتمديد بشكل نهائي وقطعي، المحور الثاني فك الارتباط بين المال والسلطة عبر التخلص من كل رجال الأعمال فى التشكيلة الحكومية التى ستقوم بادارة الأعمال حتى الإنتخابات الرئاسية القادمة فى سبتمبر 2011، ثالثاً التأكيد على الدور الاقتصادي والاجتماعي للدولة ، والمحور الرابع هو الاصلاح الدستوري والتشريعي، الذى سوف يكمل فى  حالة انجازه الجانب المفتقد فى النظام السياسى المصري حتى الآن .
وماهي فوائد الحوار أيضاً  ؟؟
تتجلى اهمية الحوار فى ان الاصلاح الدستوري والتشريعي يجب أن يكون تعبيراً عن توافق مجتمعي عام وليس تنزلا من أعلى ، ويجب أن يضع الأسس الكفيلة بإتاحة القدرة على تداول حقيقي للسلطة وإنتخابات حرة ونزيهة وشفافة، وهذا الحوار يجب أن يشمل قوى 25 يناير الشبابية ، التي مازالت حتى الان بلا قيادة حقيقية تستطيع أن تعبرعنها وتتحاور باسمها ، بسبب أنهم لا يعرفون بعضهم البعض فى الغالب ويفتقدون الى الخبرة الضرورية، الأمر الذى أتاح للكثيرين محاولة القفز عليهم وتوظيف ما قاموا به لصالح أجندات أخرى !

الأزمة الماثلة أظهرت الدولة المصرية في موقف لا تحسد عليه وأبانتها كدولة ( هشة) للغاية وليس دولة مؤسسات كما كان شائعاً .. فما رايك ؟؟
هذا القول غير دقيق على الإطلاق ، فما حدث هو حالة إنفلات أمنى نتيجة إنسحاب القوى الأمنية، وهذا أمر به كثير من الغموض والقول الشائع ان هذا كان جزءا من استراتيجية وزارة الداخلية للترويع  وإرهاب الناس ومن ثم حرف الإهتمام من الأجندة السياسية الى الهم الأمنى وبعد ذلك الإنقضاض مرة أخرى بدعوى فرض الأمن إستجابة لمطالب الجماهير.. وهناك وثيقة من ثلاث صفحات تم تداولها على نطاق وأسع باعتبارها استراتيجية وزارة الداخلية، ولكنى اشك فيها ، فرغم انها مكتوبة بلغة أمنية، الا انها قد تكون قد وضعت من قبل جهة ما بعد وقوع الحدث نفسه، كأحد الاساليب والادوات المتبعة فى الصراعات الامنية والسياسية التى تموج بها مثل هذه اللحظات، وذلك لأن التوقيتات المذكورة فى الوثيقة كانت دقيقة تماماً ومتطابقة مع تطورات الاحداث، وهذا غير ممكن فى هذه الظروف والا فان هذه القوى الأمنية ذات كفاءة نادرة ومن ثم كان يمكن لها أن تيسطر بدلاً من اخلاء الساحة تماماً!!
وماهو تحليلك إذن ؟؟
 هناك بعض المؤشرت حول وقوع نوع من الصراع أو الإختلاف الحاد وهناك تحقيقات تجري الآن .. ومن المشكوك فيه أن تكشف كل الأبعاد .. اذ سوف تكون هناك إستقطابات وتصفية حسابات وأكباش فداء .
والحاصل أنه رغم الإنفلات الأمنى الإ أن الدولة تماسكت وإستطاعت أن تمتص الأزمة ثم تعود سريعاً باستراتيجية وأضحة للتعامل تُعلن منها اجزاء محددة فى توقيتات زمنية محددة وبايقاع محسوب لضبط التفاعلات وردود الافعال الداخلية والاقليمية والدولية .. وهاهي الحياة تعود الى طبيعتها نسبياً رغم إستمرار الإعتصام والتظاهرات !
هناك إصلاحات قد تمت فى إعادة هيكلة الحزب الوطني من خلال اقصاء بعض الاسماء، ما رأيك فيها وهل هى كافية ؟
أتصور أن الأهم فى هذه الإصلاحات هو الاسماء التى غابت عن التشكيل الجديد لقيادة الحزب وليست الاسماء التى بقيت، وهى كما يبدو تستهدف فك عملية الارتباط المتشابك بين الحزب والدولة ، فمثلا غياب جمال مبارك يعني إغلاق ملف التوريث بالضبة والمفتاح، واقصاء صفوت الشريف يفك إرتباط الحزب الوطنى برئاسة لجنة الأحزاب ورئاسة الغرفة الثانية من البرلمان ( مجلس الشورى) كما أن إقصاء زكريا عزمي يفك إرتباط الحزب بمؤسسة الرئاسة.. الخ .
اما اذا كان ما تم كافيا للاصلاح ، فلا شك انه غير كاف !!
كيف ؟؟
 اصلاح الحزب الوطني هو جزء من عملية إصلاح النظام الحزبي الذى هو جزء هام من إصلاح النظام السياسي ككل وتسيير العملية الديمقراطية.. وقد يكون من الأفضل تحويل الحزب الوطني الى حزبين حيث ان الوثائق الاساسية للحزب تقول إن سياساته تعبر عن يسار الوسط فى حين أن الممارسات الفعلية له جنحت الى اليمين تحت تأثير ما كان يعرف بالإصلاحيين الجدد، وهذا اليمين فى التطبيق تحول فى الظروف الخاصة بمصر الى يمين متوحش، لانه توجد خصخصة بدون ضوابط تمنع الاحتكار أو شفافية تتيح الفرصة للمحاسبة أو إنتخابات نزيهة تتيح الفرصة لضبط الإيقاع السياسي والاقتصادي، الأمر الذى راكم ضغوطاً أدت فى النهاية الى ثورة الشباب. وعلى ذلك فان الأفضل هو خروج هذه المجموعة فى حزب جديد حتى تستقيم الامور .. مع إطلاق حرية تكوين الأحزاب وتعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية .ومن المفارقات أن الأمين العام الجديد حسام بدراوي هو من مجموعة الإصلاحيين ومعه فى المكتب محد رجب كأمين تنظيم من مجموعة الحرس القديم .. الخ 
من الملاحظ وجود تزاحم فى الاطروحات والمبادرات والعديد من الشخصيات التى ابرزتها الازمة ؟
نعم هذا صحيح .. وهذا من طبيعة الأشياء ومن طبائع النفس البشرية الساعية الى الظهور ولعب الأدوار وإحراز المكاسب.. ولكن الملاحظ ان هذا قد تزايد الى درجة أصبحت تثير الإرتباك لدي قطاعات وأسعة من الرأي العام المصري والعربي ، حيث تحول الأمر الى ما يشبه سوق عكاظ .. وظهرت اربعة مجالس للحكماء كونها البعض لأنفسهم كمنصات لمحاولة التأثير أو الوجاهة ..وهبط علينا زويل بطريقة فجة ولم يستطع عمرو موسى أن يتماسك وهو يشاهد زويل والبرادعى فنزل إلى ميدان التحرير يعرض نفسه فى سوق الرئاسات المقبلة .. وتوالى ظهور متكرر لاطروحات تسعى لتدعيم توجهات معينه.. وما يغيب عمن هم خارج الأزمة  هو أن العديد من هذه الأسماء جاءت خصيصاً لخدمة الأجندة الأمريكية وهؤلاء معروفون بالإسم والمفارقة أنهم يتغزلون فى الشباب الذي إنتقض على مجمل السياسات التى يرتبط بها هؤلاء  .. الإ أن ذلك كله ينحسر بالتدريج عبر استراتيجية تفكيك الأزمة وعبر فرز المواقف الذى يتم بفعل الزمن وعوامل أخرى.  وكما هى العادة فالهزيمة يتيمة والنصر له الف اب .. وقد قال الشاعر القديم " كلُُُُ يدعي وصلاً بليلى.. وليلى لا تقر لهم بذلك " !!
وما هو تقييمك ورايك لما اسماه البعض بالتدخلات الامريكية والايرانية في الازمة الاخيرة ؟
كانت هناك تدخلات أمريكية فجة أثارت إستياء وأسعاً من غالبية الرأي العام فى مصر، عدا بعض القوى المرتبطة بأشكال عديدة بالسياسات الامريكية، ومن العجيب أن افكار وسلوك الإصلاحيين الجدد كان مرتبطاً بمحاولة اختراق امريكية الى قلب السلطة، والان بعد إنهيار هذه المحاولة تسعى واشنطن الى التاثير على مجريات الأحداث والتأثير المباشر على أسس ومعالم المرحلة المقبلة عبر مواقفها التى تطالب مبارك بالرحيل فورا والان.. وكانه يعمل موظفا لدي أوباما وإدارته .. كما أن تكرار التمسح الأمريكي بما يسمى الحقوق العالمية فى التعبير والتظاهر والديمقراطية وسائر حقوق الإنسان ، لم ينطلي على أحد .. فاذا كانت هذه حقوقاً عالمية، وهى كذلك بالفعل ، فلماذا تنساها أو تتناساها أمريكا في فلسطين والعراق وافغانستان .. أمريكا تركز على حكومة انتقالية تدير الأوضاع لكي تدخل فيهل بعض المحسوبين عليها .. ولكن هذا لم يلق استجابة لانه سوف يدخل الأوضاع فى مصر فى دوامة من الذي يشارك وبأي نسبة وبأى وزن .. وسوف تندلع الخلافات والتوترات وتتحول الى ازمة مزمنة ، فى حين أن الافضل هو إجراء التعديلات الهيكلية المطلوبة لكي يصوت الناس بحرية ونزاهة ومن ثم يتم فرز الأوزان وتحديد السياسات والتوجهات ..والخلاصة هى أن واشنطن يجب عليها عدم التدخل وترك الشعب يقرر خياراته فمصر ليست ضيعة لهم ، ومبارك أيضاً لم يكن تابعاً امريكياً كما قد يحلو للبعض أن يروج ولكنه كان حاكما وطنيا طبقاً لفهمه وإجتهاداته .
وماذا عن ايران ؟؟
أما إيران فقد سارعت بالتعبير عن امانيها فى نشأة الدولة الاسلامية فى شمال أفريقيا لكى تدفع هذه الشعوب
فاتورة المطامح والمطامع الإيرانية.. المعنى أن هذه الثورة وهذا الإصلاح الهيكلي من غير المقبول ان يتم توظيفه لصالح أيدولوجيات الغير أو مصالحهم .. أما الموقف المؤسف فقد كان لقناة الجزيرة التى سعت وبشكل شرس للتهييج والإثارة وبث المغالطات والأكاذيب للدفع باتجاه المزيد من حالة السيولة والاستقطاب وصولا الى الفوضى عبر إطالة أمد الأزمة وهو الأمر الذي لو إستمر طويلاً فلن يكون هناك حل سوى بالإنقلاب العسكري الذى لوحدث سيكون عودة للوراء !!
السياسة الخارجية المصرية هل سوف تتاثر بالاحداث الحالية ؟
بطبيعة الحال.. فهناك ترابط بين الأوضاع الداخلية والسياسة الخارجية.. وأتصور أنه سوف يكون هناك وقت طويل لن يقل عن عام ونصف حتى تنشط السياسة الخارجية مرة أخرى بعد ان تكون معالم المرحلة الجديدة قد استقرت .. فنحن الان فى نهاية مرحلة كاملة، وفى خضم عملية التفاعل المفضية إلى مرحلة جديدة لم تتحدد معالمها الأساسية بعد . ولكن هناك ثوابت سوف تبقى فى السياسة الخارجية لأنها مرتبطة بمصالح وإستراتيجية الدولة بغض النظر عن النظام القائم !
هل سوف يؤثر هذا على التوجهات المصرية تجاه السودان ؟
من الطريف أنه قبل الأحداث بيوم واحد، أي فى يوم 24 يناير، وهو اليوم الذى غادرت فيه القاهرة مساءا .. عقدنا فى برنامج
( السودان وحوض النيل) ورشة مغلقة إشتملت على عدد محدود من المتخصصين والشخصيات العامة لمناقشة التطورات الخاصة بانفصال جنوب السودان وتدعياتها وكيفية التعامل معها .. كان على رأس الحضور د.عبدالمنم سعيد والاستاذ مكرم محمد احمد والاستاذ حلمى شعراوى ود. مصطفى الفقي واللواء سامح سيف اليزل والسفير السابق فى السودان عبدالمنعم الشاذلي وآخرين. وذلك فى محاولة لبلورة نسق أو حد أدنى من تكامل الأفكار والتوجهات تجاه ما يحدث فى السودان كبديل عن حالة الآراء والمواقف المتضاربة والتي كانت لاتصب فى صالح تطور العلاقات المصرية السودانية بسبب إعتمادها على الإرتجال أو إتخاذ مواقف إنطباعية ..  ولكني أعتقد أن الإهتمام العملي سوف ينصب على الداخل فى الأيام والشهور المقبلة وصولاً الى الإستقرار المنشود!!
الى أين تسير الأوضاع فى تقديرك  ؟؟
لايمكن إطلاق إستخلاصات قطعية بسبب تداخل عوامل كثيرة .. ولكن الأمور بشكل عام تتجه نحو الاستقرار، وهناك إستراتيجية وأضحة تقضي بعودة الحياة اليومية إلى أوضاعها الطبيعية بالتدريج، مع ترافق ذلك مع عملية الحوار والاصلاحات، مع الاحتفاظ بحق التظاهروالتعبير السلمي عبرعملية تفاعل يومي مع الأوضاع الحالية تستهدف تجسير فجوة الخوف ونقص الثقة  .

 

آراء