مماحكات صغيرة

 


 

عادل الباز
17 March, 2011

 


هنالك حروب كلامية تشتعل هذه الأيام في الساحة السياسية رغم أنها حروب لا طائل من ورائها ولا تفيد أحداً بل هي نموذج مكتمل لهرج الساحة السياسية وضيق أفقها وعدم مقدرتها على التسامح والدوران في فلك المماحكات الصغيرة.
كانا قد طالبنا السيد باقان في مقالين سابقين أن يثبت أن المؤتمر الوطني أو الحكومة قد أتيا كبيرة من الكبائر التي ذكرها السيد باقان حتى يقيم عليهما الحجة، و ليبرر قرارته بوقف التفاوض مع الوطني أو تهديداته بإيقاف تصدير النفط عبر الشمال. ها هو باقان يستجيب ويخرج  مستندات إن صحت تدين الحكومة وتجرمها. وهذا نوع من الاستجابة الحميدة تطور الحوار وتذهب به إلى آفاق أخرى، ولا يسعنا إلا أن نشكر السيد باقان على استجابته. على أن ثمة ملاحظات ستبقى معلقة ريثما نستطيع أن نتثبت منها لنصدر حكما على ما أذاعه باقان من مستندات.
هذه المستندات التي أمامنا قديمة، بعضها يعود للعام 2009،   فلماذا تم الاحتفاظ بها لعامين؟. طيلة هذين العامين كان السيد باقان ينخرط في حوارات متعددة مع الحكومة والوطني ولم يتوقف الحوار ولا النفط فإما أن تكون هذه المستندات بلا أهمية ولا هي بالخطورة التي تستحق أن تتوقف الحوارات لأجلها. فإذا كانت هي خطرة بهذه الدرجة لكان من الأولى أن تفجر مثل هذا الخلاف منذ أمد بعيد. التوقيت يجعلنا نتساءل: عن الأسباب الكامنة وراء الإفراج عنها الآن؟. قد يكون واحدا من الأسباب التي دفعت باقان لإظهار مستنداته الآن يعود لنفاد كروت الضغط التي بين يدي الحركة الشعبية. فالحركة الشعبية كانت تناور سياسيا بوجودها في البرلمان وتضغط بالانسحاب من الحكومة وتتحالف مع الأحزاب الشمالية لتمرير أجندتها. كل هذه كروت ضغط كانت بيدي الحركة الشعبية ولكنها الآن خلو منها. فليس من كرت فاعل بين يدي الحركة الآن للضغط به على الشمال  سوى البترول، والتهديد، وهذا هو سبب الإفراج عن المستندات الآن.
الآن والجدل قد تصاعد حول صحة هذه المستندات وهي إن صحت بلا شك ستدين الجهات التي أصدرتها بل وتثبت كل ما قاله باقان بأن  الحكومة أو المؤتمر الوطني يسعيان لتخريب الجنوب. وحتى نطمئن لأي حكم نصدره ندعو لتكوين لجنة قانونية محايدة ومن الجهات ذات الصلة لفحص هذه المستندات والتأكد من صحتها وإفادة الرأي العام بالنتائج. ليس بالضرورة أن يتفق الشريكان حول هذه اللجنة بل يمكن تشكيلها من قانونيين محايدين من المجتمع المدني. وليس ذلك فعلا عبثيا وعلينا أن نتذكر دائما أن النار من مستصغر الشرر.
حكاية إخوان الرئيس
لا أعرف ما السبب في تفجر هذا الموضوع فجأة؟ لعله «مين شيت التيار» ولعله شيء آخر، ولكن ما لم أفهمه هو تسابق الصحف جميعها في وقت واحد على تناول الموضوع حتى أنني شككت في الأمر، وأنه بكثرة الكلام عن إخوان الرئيس أن المستهدف هو الرئيس وليس إخوانه. إذا كان إخوان الرئيس أبرياء ولم يقربوا الفساد فما الداعي أصلا لإثارة الموضوع؟، وإذا كانوا والغين في فساد فكان الأجدي بالصحف كشف فسادهم، ولذا ما الداعي للتشهير بأبرياء كل ذنبهم علاقتهم بالرئيس!!.
مزيكة حسب الله!!
عنوان عجبني بالأمس للأخ صلاح عووضة على أخيرة الغراء الصحافة. لا أعرف من هو حسب الله صاحب المزيكا ولكن الذي أعرفه هو اللواء حسب الله عمر. أعرفه منذ جامعة الخرطوم في ثمانينيات القرن الماضي. رأيت في حسب الله استقامة لم أعرفها في كثيرين في الحركة الإسلامية، وهو فيها ذو سابقة، أفنى عمره تحت راياتها  داعيا ومجاهدا، وفوق ذلك من الذين عملوا في صمت خلف الكواليس لسنوات، وحين عمل  ضابطا بجهاز الأمن في أخطر مراحل الإنقاذ تمتع بالنزاهة، لم تشب حياته المهنية شائبة فساد, أياديه نظيفة من كل فعل شائن. حسب الله مخزن معلومات، مرتب الذهن، ومحلل سياسي من طراز فريد، وهو فوق ذلك شيخ عرب وأخو إخوان.
حين تم إبعاد حسب الله من جهاز الأمن ذهبت إليه في منزله بامتداد ناصر مستفسرا عن سبب القرار الذي لم يتوقعه أحد لأن حسب الله كان من أكفأ ضباط الجهاز آنذاك،  ولكنه آثر الصمت مكتفيا بالقول إنه جندي في صفوف الحركة الإسلامية وما الوظيفة إلا محطة عابرة، ولذا لم يسأل أحدا عن سبب دخوله الجهاز ولا خروجه الآن منه.
يا حسب الله إذا جاء آخر الزمان التكفيريون الجدد ليقولوا فيك ما قالوا  فحسبك الله ولا تحزن، وهو نعم المولي ونعم الوكيل.
 

 

آراء