الوضع القانوني للجنوبيين في الدولة الأم .. تقرير: أحمد إبراهيم
نبه الخبير القانوني نبيل أديب حكومة جنوب السودان الأسراع بوضع قانون خاص بالجنسية لدولة جنوب السودان وتفعيله وفقاً للعهد الدولي قبل التاسع من يوليو المقبل حتى لا يترك أشخاصاً دون هوية وطنية تعرف وضعهم القانوني في الدولتين،
وقطع المشاركون في ندوة (الوضع القانوني للجنوبيين في الدولة الأم) بمركز الخاتم عدلان، الأربعاء الماضي، بأن وجود المؤتمر الوطني في السلطة لا يسمح بتطبيق مبدأ القانون الدولي في منح الجنسية للجنوبيين وذلك لسيطرة العقلية والذهنية الاستعلائية على قياداته ولتمتعهم بثقافة التعالي الثقافي وعدم قبولهم للآخر. وهو ما يعطل القرارالسياسي بمنح حق الجنسية للمواطنين الجنوبيين بدولة الشمال السوداني حسب مبادئ القانون الدولي الانساني فيما يتعلق بـ(الدولة السلف والدولة الخلف) والتي يتم وفقاً لها تخيير المواطنين في نيل الجنسية والتمتع بها ومنح الجنسية المزدوجة للذين هاجروا لأمريكا وكندا وأستراليا ودول المهجر الأخرى من المواطنين بشمال وجنوب السودان قبل استفتاء جنوب السودان الذي جرى مؤخراً والذي تمخض عنه حق انفصال الجنوب عن الشمال.
ووفقاًً لمنطوق وتفسير مفاهيم قانونية تتعلق بـ(الدولة السلف) أي الدولة الأم قبل الانقسام يرى الأستاذ نبيل أديب المحامي بأن من حق من غادر الشمال من الجنوبيين خوفاً مما سيحدث وقت الاستفتاء الرجوع للشمال والتمتع بالجنسية لدولة الشمال السوداني حسب خياره ومصلحته وهو حق قانوني كفله القانون الدولي وهو نفس ما ينطبق على من غادر الجنوب من المواطنين الشماليين لحظة الاستفتاء خوفاً من شئ يحتمل حدوثه حسب ما كان يروج له وقت الاعداد لاجراء استفتاء جنوب السودان من قبل بعض الجهات ذات المصلحة في الترويج لخياراتها، وهو حق قال نبيل أديب مسنود بتفسير للقانون الدولي فيما يتعلق بـ(الدولة الخلف) وحق الأفراد في الانتماء اليها حسب ما يروه من مصلحة وضرورة حياتيه تتعلق بمستقبلهم ووجودهم في الحياة، وقال أديب أن قانون 1994م أحدث انقلاباً على القوانين السابقة بالسودان والتي تتشدد في منح الجنسية السودانية، وأشار إلى قانون عام 1956م والذي كما أوضح يتطلب من المتقدم لنيل الجنسية أن يقدم اثباتاً وشهود بأصوله من جهة الأب بالانتماء للسودان قبل بدء الحكم الثنائي في العام 1898م وهو ما جعل صعوبة الحصول على الجنسية السودانية لكثير ممن دخلوا السودان بعد تلك الفترة المذكورة والمحددة قانوناً بتلك الفترة الزمنية، وقال الخبير القانوني نبيل أديب أن ذات القانون أورد نصوصاً واضحة فيما يتعلق بحق اسقاط الجنسية من حاملها، حيث حدد القانون طريقتين للاسقاط وهي الأولى إذا تقدم أحد السودانيين لرئيس الجمهورية طالباً اكتساب جنسية دولة أخرى أو في الحالة الثانية إذا ثبت تورط الشخص المعني في خدمة دولة أجنبية يحرم القانون التعامل معها ومثل لذلك بدولة أسرائيل، وقال أن قانون عام 1994م (عام أربعة وتسعون وألف وتسعمائه) جاء ووضع أساساً بقصد تسهيل عودة كوادر التنظيم الحاكم من الاسلاميين السودانيين ممن يحملون جنسيات أجنبية وذلك لحاجة النظام لهم في ادارة الحكومة، واتفق نبيل أديب وبعض المداخلات أثناء سير الندوة بأن معظم الوزراء الحاليين بحكومة المركز وحكومة جنوب السودان لازالوا يتمتعون بتلك الجنسيات الأجنبية، وقال أيضاً من مبررات قانون عام 1994م ايجاد غطاء وحماية للعرب والاسلاميين بمنحهم الجنسية السودانية من منطلق الرابطة الدينية وتدعيم النظام الأاسلامي وتسهيل حركة أعضاء التنظيم الاسلامي العالمي المعارضين لدولهم سواء في تونس ومصر وفلسطين والجزائر أو جهات عدة في العالم وايجاد حماية لأسرهم.
ويقول نبيل أديب أن (الجنسية) هي شعور بالانتماء، ولذا يجب معالجة ما يتعلق بها في اطار جديد، وقال أن القانون الدولي له قواعد وقوانين لخلافة الدول التي استقلت حديثاً والتي انقسمت بسبب شعور قومي أو مذهبي، حيث أشار كما ذكرنا لمفهومي الدولة السلف والدولة الخلف، حيث أشار لدولة السودان بالسلف والجنوب بالخلف، وقال يجب أن تكون لكل منهما جنسية تمنح للمواطنين، وقال عند خلافة الدولة كل الناس تحمل جنسية الدولة الخلف ويحرم أن يترك أناس دون جنسية وهو ما ورد حسب قوله في الاعلان العالمي للجنسية عام 2000م، وهو ما يحتم حسب قوله على دولة جنوب السودان الاسراع باعداد وتقديم قانون للجنسية وفقاً للعهد الدولي، وتفعيله، حتى لا يترك أي أشخاص، دون جنسية بعد التاسع من يوليو، وفي كلتا الدولتين.
وأوضح الأستاذ نبيل أديب بأن من حق الشماليين في دولة جنوب السودان نيل جنسيتها وهو ما لا يعفِ دولة الشمال من منح جنسية الشمال لطالبيها من الجنوبيين المقيمين بها. وبالتالي يصبح من حق دولة الشمال اسقاط الجنسية عن الشماليين الذين نالوا جنسية الجنوب وكذا العكس لدولة الجنوب.
ويقترح أستاذ نبيل أديب قبول خيار الشخص في الجنوب والشمال واعطاء الفرصة لمن له رابط قوي في أحد الاتجاهات لنيل الجنسية وقبول منح الجنسية المزدوجة لمن لهم مصالح وارتباطات ذات طبيعة دائمة باحدى الدولتين، وضرب مثلاً لذلك بالرعاة والمزارعين واختلاف المدد الزمنية التي يقضونها في الاتجاهين بحثاً عن الكلأ والماء وللتداخل القبلي والتصاهر بين تلك القبائل الحدودية.
وشرح الخبير القانوني الأستاذ نبيل أديب أهمية الجنسية في كونها أساساً للتمتع بالحقوق العامة (حق التعبير والتجمع والتنظيم والتظاهر والتنقل والتعليم) والحق في المحاكمة العادلة والتعبير والاعتقاد وكل ما يتعلق بالحقوق السياسية له علاقة بالجنسية، وقال أن القانون الدولي حديث التكوين ومرتبط بمبدأ سيادة الدولة، وأن ما يتعلق بالجنسية كان متروكاً للدولة وهي حرة في تحديد من يحمل جنسيتها. وبالتالي أصبحت الجنسية رابطة بين الدولة والتابعين لها. وقال أن القانون الدولي ألزم كل دولة بتحديد من يحمل جنسيتها وضرورة أن تتوافق القوانين الداخلية مع قواعد القانون الدولي، حيث نص القانون على حق كل شخص في التمتع بالجنسية ومنع نزعها عنه تعسفاً. ووفقاً لتلك القواعد والأسس الدولية والانسانية قال نبيل أديب هو المدخل للدولة الأم في التعامل مع المواطنين الجنوبيين وعدم جواز نزع الجنسية عنهم تعسفاً عملاً بمبدأ الحق في التمتع بجنسية الدولة الخلف لمن يرغبون فيها من المواطنين الجنوبيين. وكذا الحال لمن يرغب من المواطنين الشماليين في التمتع بجنسية دولة الجنوب وبالتالي منعها من نزع الجنسية عنهم.
ويرى خبراء أمنيون واستراتيجيون أن أعداد من تبقى من مواطني الجنوب بالشمال هو ما يؤثر في اتخاذ القرار بشأن منح الجنسية إذا أخذ في الاعتبار الوضع الأمني والصراع بين الدولتين مستقبلاً وتأمين الحدود وقطع الطريق أمام الدولة الوليدة من ايجاد عمق أمني يمكن أن يؤثر سلباً على أمن دولة الشمال.
.
Ahmed Hamed [nasteht@yahoo.com]