البنك الزراعي يمول المزارعين!
احمد المصطفى ابراهيم
19 May, 2011
19 May, 2011
استفهامات:
بالله لو سألني سائل: أنت مجنون ما هذا العنوان؟ ومن سيموِّل البنك الزراعي غير المزارعين؟ هل سيمول الصناعة مثلاً؟ سيكون ردي على السائل والله سؤالك في غاية الوجاهة وأنا لست مجنوناً ولكن الأمور في بلادنا هي المجنونة ومن يديرون كثيراً من أمورنا لا يعرفون إلا مصالحهم والوطن في آخر قائمة أولوياتهم وإلا لما وصلنا لما وصلنا إليه. وكي لا تستغرب عنواني هذا البنك حتى قبل أسبوع واحد وفي إجابة لمدير البنك الزراعي على عضو برلماني محترم أنه لن يمول القطن إلا عبر شركة الأقطان. وهنا ألف سؤال: كيف تكوّنت هذه القناعة عند مدير البنك الزراعي وما هي الأسس التي تحكم التمويل وهل الأمور موصوفة بدقة في نظام مصرفي متقن وخطة دولة، الزراعة من أولوياتها؟ أم كل من امتلك أكرر أمتلك منصباً يمكن أن يفرض مصلحته على مؤسسات الدولة وشفاهةً - هذا إذا أحسنا الظن. شركة الأقطان صارت في حكم الشركات الخاصة حيث لم يرَ ملاكها - اسما- المزارعون لم يروا لها فائدة منذ عقدين من الزمان وبعد ذلك تريد أن تسد عليهم منافذ الرحمة ومنافذ البنك الزراعي إلا عبرهم.
ولكن الحمد لله أخيرًا سمعنا خيرًا من البنك الزراعي وأخيراً جاء الفرج في الصفحة الأولى من صحيفة السوداني عدد يوم أمس الأربعاء هذا الخبر «البنك الزراعي يقرر تمويل مزارعي القطن مباشرةً: أصدر البنك الزراعي قرارًا بتمويل مزارعي محصول القطن بصورة فردية، وقال المدير العام للبنك عوض عثمان لـ«السوداني» إن البنك قرر تمويل مزارعي القطن بشكل فردي بدلاً عن التمويل الجماعي الذي كان يتم عبر شركة الأقطان، مشيرًا إلى أن التمويل سيتم من البنك مباشرة عبر الأسس التي تحددها إدارة المشروع. وأشار مختصون إلى أن قرار البنك الزراعي يعتبر بمثابة فك للاحتكار الذي ظلت تمارسه شركة الأقطان طيلة الفترة الماضية» أ.ه
لن اقف طويلاً عند عبارة «الأسس التي تحددها إدارة المشروع» سنحسن الظن كثيرًا. لكن يقيني أن مزارع الجزيرة لو وجد تمويلاً قدره 5 آلاف جنيه، ألفان عند بداية الزراعة وألف في طورها الأول، وألفان عند اللقيط، سيزرع القطن هاني البال بلا تعقيدات، ودعونا نحسب كل المزارعين يستحقون تمويلاً أصغر ومن محفظة التمويل الأصغر للبنك الزراعي. نقول أحسبوا أن المزارع محتاج لنصف سقف التمويل الأصغر بدلاً من 10 آلاف جنيه فقط 5 آلاف جنيه.
أعيد وأكرر موسمان ناجحان بلا عطش سيريحان المزارع من كل تمويل خارجي وبعدها سينطلق المزارع وستنطلق الزراعة. فقط المزارعون في الجزيرة في حاجة إلى كاسحة ألغام بشرية تزيل من طريقهم كل الطفيليات التي تتغذى على عرق المزارع.
أخيرًا على البنك الزراعي - ليتمم جميله - لابد من تحضير تقاوى ممتازة وبمواصفات علمية ومجازة تماماً ما تخرش منها المية وبعد ذلك توفير أسمدة بأسعار معقولة. وعلى إدارة المشروع ضمان الريات الثماني، وأحسب أن لا عذر لها بعد أن أصبح الري مسؤوليتها، والباقي علينا نحن المزارعين بعد عون الله طبعاً.
الحمد لله ثم الحمد لله ثم الحمد لله
Ahmed almustafa Ibrahim
M . EDUCATION TECHNOLOGY
tel. +249912303976
http://istifhamat.blogspot.com/
ahmedalmustafa ibrahim [istifhamat@yahoo.com]
////////////////
بسم الله الرحمن الرحيم
السودان: استغراق في الحلم وحصاد للوهم .. بقلم: محمد عبد المجيد أمين
ما إن فرغت من قراءة جزء كبير من كتاب دكتور مصطفي الفقي بعنوان ( العرب الأصل والصورة) حتى تذكرت ، لماذا رفض حكام السودان ترشيحه لمنصب الأمين العام للجامعة العربية . ربما ليس لهذا الكتاب علاقة بهذا التحامل الغير مبرر عليه ، فليس كل القوم يقرؤون ، وإنما مضمون الكتاب حوي ما لا يعجب الكثيرين ، خاصة أولئك ،أصحاب الدعوة العربية.
فالكتاب يتناول بشكل عام تلك الصورة " المزيفة " التي رسمها العرب لأنفسهم من خلال شخصية " البطل القومي " فيذكر مثلا في أولي صفحاته ما نصه ( ..إن التاريخ العربي حافل- للأسف- ببطولات زائفة اعتمدت علي شخصية " الديماجوجية" بكل رموزها ودلالاتها فضلا علي أننا أمة يشدها استعلاء بطل ويستهويها جنوحه إلي التشدد، ورغبته في إضفاء هالات المجد علي ذاته ووضع أكاليل الغار علي رأسه ، بينما واقع الأمر أننا أمام نموذج " لنمر من ورق" في أحسن تقدير)*البطل القومي الأصل والصورة /ص 11. ويا للعجب ، كم من نمر سقط أمام أعيننا في هبة الشعوب العربية الأخيرة وكم من نمر ينتظر.
للذين يفهمون حقيقة الرسالة ، يعلمون تماما ، أنه ليس في الإسلام من " بطل". فالبطل الحقيقي هو قوة الحق ودمغه للباطل وما عزل خالد بن الوليد عن قيادة الجيش إلا مثالا صغيرا يؤكد حكمة هذا الرأي. كما أن السلف لم يدر بخلدهم أبدا أن العروبة مطلب من مطالب الإسلام لأن رسولهم الكريم صلي الله عليه وسلم أرسل للناس كافة ، لا تمييز ولا فرق بينهم ، إلا بإتباع الهدي وتلمس التقوى.
ولأننا في السودان ،ومنذ الاستقلال نعيش حالة من " الهذيان" السياسي ، لا يثبت علي حال ولا يستقر أو يتفق علي مبدأ بسبب تداخل وتناقض الرؤى من جهة ، والتعنت والمكايدة من جهة أخري. ولقد ظل النادي السياسي فيه يتصارع وللآن، كل وفق رؤيته ومنظوره الحزبي علي :من يحق له حكم السودان ؟ وكيف يحكم ؟. أجاب علي السؤال الأول وقتذاك حكومات ذات نخب بأغلبية شمالية (يعود السبب إلي توطين التعليم المبكر في الخرطوم ولكون العاصمة هي مركز الحراك السياسي ) ومع ذلك ، شملت تلك الحكومات وحتى مجيء هذا النظام العديد من الأعراق الوطنية الأخرى ولم ينبذ أحد أحدا ،علي الأقل ، ليس بهذا الشكل الجاهل المتعنت الذي نراه الآن .
أما إجابة السؤال الثاني ، في كيفية حكم السودان؟ ، فلقد إختُلف عليه كثيرا وكان سببا في تناحر التوجهات والإيديولوجيات المختلفة والدخول في صدامات وظل قائما إلي يومنا هذا ، بالرغم من أنه كان يحسم في السابق بانقلابات عسكرية وحكم شمولي.
لقد ضاع من عمر هذا البلد ومعه من عمرنا الكثير من الوقت والجهد في محاولة الإجابة علي سؤالين بسيطين أجابت عليهما كل شعوب الأرض عدا نحن ، مما أزم الموقف وولد سؤالا ثالثا وهو : كيف تعيد جمع كل هؤلاء الناس مرة أخري تحت ظل دولة واحدة وترضي طموحاتهم جميعا في نفس الوقت؟.
بادرت هذه الحكومة بتوصيف توجهها بعد موعد انفصال الجنوب بأنها ستكون دولة "عربية إسلامية" وكأنها بذلك قد حازت علي براءة اختراع لم يسبقها إليه أحد . ولو أنها قبل أن تطلق القول علي عواهنه راجعت الدساتير التي مرت علي تاريخ السودان والقوانين المصاحبة لها وطبيعة تكوين التجمعات البشرية وأديانها وثقافاتها ، بل وراجعت ، نصوص القرآن الكريم والأحاديث النبوية بالخصوص لوجدت أن هذا التوصيف مضمنا بالأساس وهو في النهاية تحصيل حاصل ، فالعرب عرب والمسلمون مسلمون ولن يزيد التوصيف الجديد العرب عروبة ولا المسلمين إسلاما. ذلك أن الإسلام المصطصحب بثقافته العربية المتلازمة ظل ينمو حثيثا ، ببطء وإنما ، باضطراد ملحوظ بفضل الاندماج والحراك الشعبي العفوي والغير مبرمج أساسا لأداء هذه المهمة . لقد وجدنا الأجداد والآباء غير العرب يدينون بدين الإسلام ويتكلمون العربية بفعل " ديناميكية" الدين نفسه وليس وفقا للقرار السياسي. وهكذا تكون أصول الدعوة إلي الله.
لعل الشيء الواضح في الأمر أن هذه الحكومة قد أجابت سلفا علي السؤال الأول بأنها هي التي ستحكم السودان والسؤال الثاني بأنها ستحكم باسم العروبة والإسلام... يا سلام!! . لقد دللت بالفعل علي مدي جهلها التام بأصول الحكم - مصادره ومراجعه - وأن الشيء الذي لم تدركه بعد أن هذا الأمر ليس بهذه " الصبيانية " والعنترية التي تجعل مصير شعب كامل النمو يٌقرر من قبل حفنة غارقة لأذنيها في شبهات لو عرضت علي " شيخ حلة " لقطعت بسببها الرقاب.
السؤال الذي لابد أن يفرض نفسه الآن هو : كيف تتجرأ عصبة خارجة عن القانون أن تفرض رأيها وهي لا تملك أي مقومات أخلاقية تؤهلها حتى للجلوس علي دست الحكم ؟. لقد مر أكثر من عشرون عاما لم نتعلم فيه إلا أساليب النصب والاحتيال والبلطجة السياسية وأكل أموال الناس والدولة بالباطل والكذب علي الله والافتراء علي الناس والتنكيل بهم وازدراءهم ونهب ثروات البلاد وإشاعة الفساد " المقنن" بكل أشكاله وإطلاق الفتن بكل أنواعها وقتل النفس التي حرم الله لأغراض سياسية ولم نخرج إلا بكورس " مافيا" معتبر .
ربما حسب الحزب الحاكم أن انفصال الجنوب سيتيح له الاستفراد بباقي كيان الدولة ويصممها حسب رؤيته المشوشة عن العروبة والإسلام ويفرض الأمور فرضا يشبه الإكراه. فإذا كان الدين نفسه ليس محل إكراه ، فكيف يكون الحكم؟!.
وبعد ، لو فكرنا قليلا إلي حالنا لوجدنا أنفسنا – دولة وشعب- واقعين تحت حصار فرض علينا فرضا بفعل القوة والبطش وهو الشيء الوحيد الذي يمتلكه النظام الحاكم ويعتمد عليه ولا يمتلك غيره ، فإما أن نقبل به وننضم بذلك إلي زمرة الشياطين الخرس و " ننطم" أو نكسره ... فلن نجد وراءه إلا نمرا من ورق... ترتعد فرائصه من الرعب، لأن الله دائما أكبر وهو من وراءهم محيط.
الدمازين في : 2011/05/19
محمد عبد المجيد أمين(عمر براق)
Dmz152002@yahoo.com