وما لها نيفاشا!!
عادل الباز
3 July, 2011
3 July, 2011
1
عجبت من موقف المهاجمين لاتفاق أديس أبابا إذ لم يعد بألسنتهم سوى دمغه بأنه نيفاشا (2). هب أنه نيفاشا 2 فما لها نيفاشا؟. هل هي عار؟. المعارضة الرسمية للإنقاذ لم تعارض نيفاشا في تاريخها وأنى لها.!! الموالون للمؤتمر الوطني احتفلوا بها وبصموا عليها دون تحفظات تذكر. المجتمع الدولي وصفها بأنها أعظم اتفاقية يتم توقيعها في إفريقيا وتمثل نصرا للبشرية وشهد عليها. ومن أين أتى معارضو اتفاق أديس بأنها عار؟.
2
قالوا نيفاشا أدت لفصل الجنوب.!!. الحقيقة أن تقرير مصير الجنوب كان خيارا وافقت عليه كل الحركة السياسية الشمالية بكافة أطيافها شمالا وجنوبا منذ العام 1995 ونيفاشا لم تفعل أكثر من أنها أقرته بين نصوصها، فكيف تكون نيفاشا وحدها المسئولة عن فصل الجنوب والجميع وفقوا على حق تقرير المصير!!.
3
نيفاشا أعطت الجنوبين أكثر مما يستحقون في الثروة!! ماذا أعطتهم؟ نيفاشا لم تمنح الجنوبيين أكثر من 50 % من بترول ينتج في أراضي الجنوب ولم تنفق على الجنوب مليماً من الدخل القومي طيلة الفترة الانتقالية فكيف يمكن أن نستكثر منح الجنوبيين نصيبهم من ثروة تنتج بأرضهم؟. محض فسالة وجشع عرفت بهما النخبة السودانية تاريخيا. لكن هب أن نيفاشا أعطت الجنوبيين وميزتهم تميزاً إيجابياً بعد خمسين عاما من الحروب التي دمرت أرضهم وأزهقت آلاف من النفوس هنالك فما يضير أن ينال جزءاً من الوطن نصيبا يستحقه.
4
نيفاشا أعطت الجنوبيين حظاً من السلطة أكثر مما يستحقون!! حسنا نيفاشا منحت الجنوبيين 28 % من السلطة في الشمال وأعطت الشمال نسبة 10 % من السلطة في الجنوب. في الانتخابات الأخيرة وبحسب الإحصاء الأخير فإن سكان الجنوب 8 مليون نسمة، يعني ربع إجمالي السكان بالبلاد (38 مليون) تقريبا. فأين أخطأت نيفاشا إذا أعطت الجنوب حظا من السلطة يساوي نسبة سكانه؟. أليس ذلك معيارا موضوعيا لتقسيم السلطة والثروة وهو المعيار الذي أقرته الحكومة الآن في مفاوضات دافور بالدوحة وهو المبدأ الذي يقره كل العالم في المحاصصات السياسية.
5
نيفاشا أتاحت للحركة الشعبية الاحتفاظ بجيشها في الجنوب وفرضت انسحاب الجيش السوداني من الجنوب.!!. الجيش السوداني في الجنوب كان جيشا محاربا لفرض الأمن والاستقرار فإذا جاء السلام فأية مهمة تتبقى له هناك؟ يبقى هنالك ليفعل ماذا؟ أليس من الحكمة سحب الجيش من منطقة ملغومة بعداء شامل له وما يترتب على ذلك من مخاطر وخاصة أنه هنالك بلا مهام فعلية بعد توقيع اتفاق السلام. دعك من الإنفاق على آلاف من أفراد جيش بلا مهام وركز حول ضرورة هذا الوجود. إذا انسحب الجيش السوداني الذي لم يكن بإمكانه البقاء هنالك بلا ضرورة فكيف يمكن أن يبقى الجنوب بلا جيش؟، فما الحكمة من ترك الجنوب نهبا للفوضى في ظل وجود مليشات يمكنها العصف بأمن الجنوب؟ هل من مصلحة الشمال أن تسود الفوضى في الجنوب أم من المصلحة استباب الأمن بوجود جيش الحركة هنالك لمصلحة السلام الذي تم توقيعة في العام 2005 .
6
نيفاشا أخطأت في إعطاء المنطقتين النيل الأزرق وجنوب كردفان وضعا خاصا!!. ألم يعطى الشرق وضعا خاصا في التعامل مع المركز في اتفاق الشرق؟ ألم تعطي أبوجا وضعا خاصا لدارفور؟. ألم توضح مجريات الأمور اللاحقة أن أوضاع تلك المناطق بحاجة لعناية خاصة. الأحداث الأخيرة بجنوب كردفان أثبتت أن هنالك معالجات خاصة تستحقها تلك المناطق.
7
أكثر من خمسين عاما ونهر الجنون يجري في أحراش الجنوب فإذا جاءت نيفاشا وأوقفت تدفقه فهي جديرة بالاحتفاء. مهما كانت التنازلات فليس هناك ثمن أكبر فداحة من رؤية جثث ملايين الضحايا مبعثرة في غابات الجنوب. كل تنازل يمكن أن يقدم في سبيل وقف سيل تلك الدماء زهيد. التاريخ وحده سيثبت عظمة نيفاشا وستراها أجيال من السودانيين على حقيقتها حين يقرأون تاريخ الحرب العبثية التي أنهت كل أمل في الحياة وأي رجاء بالمستقبل.