مرافعة النعمان في جزاء سنمار ..!بقلم: منى أبو زيد

 


 

منى أبو زيد
15 November, 2011

 



"لا يستطيع الكتَّاب أن يكتبوا بالسرعة التي تشعل فيها الحكومات الحروب، فالكتابة تحتاج إلى بعض التفكير" .. برتولت بريشت ..!

السفير السوري بالخرطوم قال في حوار مع صحيفة أخبار اليوم قبل بضعة أشهر، إن بلاده وبلادنا تدخلان اجتماعات الدول العربية دونما تنسيق مسبق، ومع ذلك تتطابق  المواقف، لأن وحدة المصالح واستقلالية القرار هي سر "الطبخة" ..!

لكن سرعة اشتعال الموقف في سوريا كانت أكبر من صمت حكومة الخرطوم - التي خرج شعبها مطالباً بالوقوف مع ثورة السوريين ضد حكومتهم الصديقة – وأوسع من تنديد العرب الذين قررت جامعتهم بالأمس تعليق عضوية سوريا وإمهال حكومتها بضعة أيام قبل التنفيذ ..! 

وبين امتناع العراق واعتراض لبنان واليمن جاء تصويت السودان الذي اعتبره وزير الخارجية السوري عاراً ونكراناً للجميل، فانهال بالشتائم على بئس الجزاء الذي لم يكن من جنس العمل .. فهل خذل أبو دلامة أصدقاءه في بلاد الشام حقاً ..؟!

المتنبي يقول "على قدر أهل العزم تأتي العزائم"، والحقيقة أن هذه الحكومة لم تقصر في توريط شعبها بوقوفها مع النظام السوري، ولم توفر جهداً كان في مقدورها بذله لدعم عناد حكومة ظالمة نسيت ربها تماماً ..!

معلوم أن المواقف القومية للدول شأن، وأن السياسات الداخلية للحكومات شأن آخر، وأن المواقف التاريخية والوقفات المشرفة لا تعفي أية حكومة في العالم من مسؤوليتها عن قتل المواطنين، لكن حكومتنا – التي عندها ما يفيض عن احتمالها من الاتهامات والعداءات الدولية – استعدت عليها العالم أكثر عندما تخندقت في صف حكومة فتحت النار على المتظاهرين العُزَّل، ونكلت بشعبها لأنه يطالب بحقه في اختيار من يحكمه ..!
بقيت حكومة السودان تمارس الحنبلة السياسية وفقهاء العرب يحللون خمر الاتفاقيات بدعوى الضرورة السياسية .. وميسر التطبيع بدعوى الجوار المسالم .. وزواج  المحارم بدعوى محاربة العنوسة العربية، وهي ما تزال تدفع ثمن موقفها من حرب الخليج الأولى مطلع التسعينيات، فما الذي كانت تتوقعه دمشق من الخرطوم التي ابتليت بغضب أسياد العالم، وفتور عاطفة أمراء العرب ..؟!

السيد وزير الخارجية الذي أعلن في بداية الأزمة السورية دعم حكومته الكامل للحكومة السورية في مواجهة المؤامرة الدولية، دفع ثمن تصويته لصالح القرار العربي مناً وأذى من نظيره السوري الذي لم يتوقع النكران .. فهل صحيح أن محافل السياسة مثل بيوت البكاء ..؟!

لا مجاملات ولا حياء في علاقات الدول، بل واقعية سياسية، ومصالح اقتصادية، وإرادة شعبية تصنع التمثيل السياسي وتؤثر في مواقفه .. هذا الشعب سئم أحاديث الحكومة التي تنسب إلى إرادته رغماً عنه ثم تتنزل على رأسه عزلة دولية ومقاطعات اقتصادية ..!

موقف الحكومة السورية بما صدر عنها وما صدر في حقها، عظة لا بأس بها لحكومة التحالفات المثيرة للجدل هذه، ونقطة تحول في تاريخ وقفاتها السياسية الجائرة حيناً، والحائرة أحياناً ..!

mnaabuzaid2@gmail.com

 

آراء