الأسياد والربيع !!

 


 

منى أبو زيد
6 December, 2011

 



الشيخ حسن الترابي يرى إن الثورة في السودان قريبة، وأمريكا تقول أنها مع الإصلاح الديمقراطي وليس إسقاط النظام .. فهل المشكلة في تقديرات الشيخ الجزافية، أم في ميول أمريكا الإصلاحية، أم في فئران التجارب التي تمخضت عنها الثورات العربية ؟! .. وهل يمكن لثورة إصلاح أن تنقذنا طواعية بعد سنوات طوال من هذا الإنقاذ الإجباري .. ؟!

الربيع العربي – نفسه – يكاد يجزم بأن ثورته على الأنظمة البائدة ليست عصا موسى، بل جزءاً يسيراً من حلول سياسية يصعب أن تتحقق دفعة واحدة، في بلاد العرب التي يسقط فيها الحاكم الشمولي على يد ثائر مستبد، قبل أن يرث الديمقراطية ناخب دكتاتور ..!

مشكلة بلادنا "تمتاز" بأنها تكمن - باختصار - في نظرة الحاكم والمحكوم معاً إلى مفهوم الولاء والبراء السياسي .. "لعبة الأسياد والمريدين" لعنة سودانية خالصة، والقادة/السادة المثقفون - كما يقول لينين – هم أقرب فئات الشعب إلى الخيانة إذا ما لاحت نجوم المناصب، فقائد الحزب هو الشيخ العارف بالله، والبقية أتباع ومريدين، يستوي في ذلك الشيخ والسيد والإمام والرفيق ..!

تاريخ الأحزاب السودانية مع تأليه الرموز وإقصاء دعاة الإصلاح ووأد حركات التجديد في مهدها يقول إن اللعبة قائمة برمتها على نهج الاستعلاء الفكري للقادة والإذعان والولاء غير المشروط للأعضاء/الأتباع .. من مأساة شيبون وصديقه صلاح في الحزب الشيوعي إلى مصائر أشباههم في الجبهة الإسلامية والأحزاب الطائفية ستجد دوماً أن مصارع الكوادر في قولة "بغم"، وإن أرادتْ إصلاحاً ..!

"حالة الأسياد" في السياسة السودانية ليست ظاهرة أو عرضاً موسمياً بل تاريخ مقيم، صحيح أن الأحزاب الطائفية التي تقوم على ازدواجية الزعامة والانتماء - وبالتالي شراسة الولاء – كرست لهذا النمط من الممارسة السياسية، لكن السبب الرئيس – في تقديري - هو استعداد الشخصية السودانية للتصوف في ممارسة العضوية الحزبية، والدروشة في حضرة الأسياد/الزعماء ..!

أما الزعيم المقدس نفسه ففي ولائه لمبادئ الحزب ومصالح الأتباع قولان، يشارك المعارضة أرباحها، ويقاسم الحكومة غنائمها، يخاطب الجماهير بمنطق السياسي ثم يخطب فيها بلسان الزعيم، ويعول في خلوده على نزعة التأليه وغلبة العاطفة التي أفسدت الممارسة السياسية في السودان، وأسقطت حقوق الشعب في المطالبة بأبجديات ديمقراطية كالمحاسبة والشفافية الغائبة عن سلوك الأحزاب حكومة كانت أم معارضة ..!

لعنة البديل التي أطفأت وهج الثورات العربية وأهدرت أثمن مكتسباتها في ممارسة الطرق وانتهاج التجريب .. هي التي تمسك – الآن - بتلابيب هذا الشعب الذي يفهم ساسته أكثر مما يظنون، لذلك لم يستبطئ – حتى الآن – مجيء ربيعه ..! 



منى أبو زيد
munaabuzaid2@gmail.com

 

آراء