د. التجاني السيسي: تركت حزب الأمة طواعية فلماذا يعاودني الحنين؟!

 


 

 



حاوره: فتح الرحمن شبارقة
ما الذي يجعل د. التجاني السيسي - الذي حكم دارفور في ظروف أقل تعقيداً- متفائلاً هذه المرة تحت مظلة السلطة الإقليمية؟ ألم تبدأ حركة التحرير والعدالة التي يرأسها، بإقتفاء أثر حركة مناوي بعد إنزلاقها إلى أتون خلافات جعلت البعض ينفض يده عن الحركة حتى قبل أن تنفذ مشروعها الأول؟ ما الذي يعنيه أن ينشق أحمد عبد الشافع نائب رئيس الحركة (السابق) قبل يومين فقط من تدشين السلطة الإقليمية؟ وماذا عن تحقيق العدالة في دارفور؟ ومستقبل العلاقة بين الوالي كبر، والدكتور السيسي بعد المخاشنة الإعلامية بينهما؟ مم يخاف د. السيسي ، وماهى طبيعة علاقته بالإمام الصادق المهدي.. هل صحيح أنه يحن لحزب الأمة القومي كما قال أحدهم؟ (الرأى العام)، إلتقت د. التجاني السيسي بمنزل والي شمال دارفور عثمان محمد يوسف كبر بالفاشر عشية تدشين السلطة الإقليمية، وطرحت عليه كل تلك التساؤلات في حضور مجموعة منتقاة من الزملاء الصحافيين، فكانت الاسئلة والاجابات كالتالي:
* ماهى الحيثيات الجديدة التي يمكن أن تجعلنا نتقاسم معك التفاؤل بأن تجربتكم في السلطة الإقليمية ستمضي إلى نهايات ناجحة ،ولن تفشل مثلما حدث للسلطة الإنتقالية التي كان يقودها مني أركو مناوي؟
- أرجو أن نعود إلى الوراء قليلاً ،عندما تم التوقيع على إتفاق أبوجا بواسطة الأخ مني، فقد كان التوقيع مع فصيل يمثل واحداً من فصائل حركة تحرير السودان. وعند التوقيع على تلك الإتفاقية، كان هناك رفض واضح في الشارع الدارفوري ،ورفض كذلك في معسكرات النزوح واللجوء. ولكن عندما تم توقيع إتفاقية الدوحة لم يكن هنالك رفض لهذه الإتفاقية، وكان ذلك جلياً. والسبب الأساسي في ذلك أننا قد استصحبنا شرائح أهل دارفور أثناء التفاوض، يعنى أهل دارفور كانوا على علم تام بمحتويات وثيقة الدوحة قبل التوقيع عليها، لأنهم قد حضروا إلى الدوحة في منتديات ثلاثة.. (منتدى التجمع المدني الأول ،ومنتدى التجمع المدني الثاني ،وكذلك مؤتمر أصحاب المصلحة في مايو من العام الماضي)، واطلعوا على الوثيقة، وقبل ذلك تشاورنا معهم، ووقفنا على تطلعاتهم ومواقفهم وضمناها في موقفنا التفاوضي. وبالتالي، عندما تم التوقيع على الإتفاق كان هنالك دعم شعبي كبير لهذا الإتفاق، وهذا هو مبعث التفاؤل.
* ألا تخشى أن تنزلق حركة التحرير والعدالة إلى أتون خلافات جديدة ،ويصيبها ذات فيروس الإنشقاق الذي ضرب الحركات التي سبقتكم من قبل، ولا يزال؟
- إذا كانت إنشقاقات مشروعة، فالإجابة نعم طبعاً. ولكن إذا إنسلخ قيادي لأنه مستاء أو لم يحظ بأن يُعيّن في موقع دستوري مثلاً، فهذا لن يؤثر على الحركة.
* دعنا نأخذ مثالاً واحداً فقط، ماذا عن إنسلاخ نائبك السابق أحمد عبد الشافع، ألا يمكن أن يشكل إنشقاقه خطراً على مسار حركة التحرير والعدالة ومستقبلها ربما؟
إرتفعت نبرة صوته قليلاً قبل أن يقول:
- يا أخى إنسلخ الكثيرون، ونحن في الدوحة ،إنسلخ منا (137) قيادياً .منهم خمسة أعضاء في المجلس الرئاسي، ومنهم قائد القوات ورئيس هيئة الأركان وقياديون آخرون، فماذا حدث؟
* ولكن هذه الأعراض التي يمثل الإنسلاخ أحد تمظهراتها، يُذكّر بالأمراض التى أصابت أبوجا؟
- أبداً.
صمت فترة ثم واصل:
أبداً، فالإنشقاق الذي حدث في أبوجا كان واضحاً وما زال مستمراً حتى الآن.
* فيما يتصل بمستقبل عمل السلطة الإقليمية أو حركة التحرير والعدالة، مم يخاف د. السيسي؟
- أنا ليست لدي أية تخوفات، وسأبدأ أتخوف إذا شعرت أن أهل دارفور توقفوا عن دعم هذا الإتفاق، ولكن الواقع الآن يشير إلى أن أهل دارفور يدعمون هذا الإتفاق. وطالما كانوا يدعمون الإتفاق ،فسنمضى إن شاء الله في إنفاذه. ولكن أنا أيضاً أعلم أن قضية الإنشقاقات والإنسلاخات ستظل تأخذ حيزاً كبيراً عند الشارع الصحفي والإعلامي بدون شك.
* الإنسلاخات والإنشقاقات تأخذ حيزاً إعلامياً صحيح، ولكنها تزعجك فيما يبدو؟
- لن تزعجني إلا إذا كانت الإنشقاقات مؤسسة على عوامل غير العوامل الشخصية.
* كأنك تريد أن تقول إن العوامل التي جعلت أحمد الشافع ينسلخ هى عوامل شخصية محضة؟
- أقرأوا البيانات التي صدرت، وأقرأوا أقوال الذين أصدروا هذه البيانات عندما كانوا هنا في الخرطوم لتحكموا بأنفسكم.
* د. السيسي، أنت عملت حاكماً لدارفور قبل أكثر من (22) عاماً ،هل يمكن أن تقارن بين عملك وقتها، وما ينتظرك من عمل في السلطة الإقليمية ،وأى الفترتين أصعب؟
- بدون شك هذه المرحلة أصعب طبعاً.
* لماذا برأيك؟
- هذه المرحلة أصعب لأن هنالك إستقطابا حادا- إثنيا وقبليا، وهذا الإستقطاب الحاد حقيقة ليس شيئاً مقتصراً على دارفور، فالإستقطاب الآن موجود في كل السودان، ودائماً أنا أقول نحن نحتاج الآن في السودان أن نخاطب هذه القضية بوضوح شديد جداً، وهناك إستقطاب إثني في شمال السودان وجنوبه وشرقه وغربه. ولقد قلت قبل ثلاثة أيام.. إنه كلما علا صوت القبلية والإثنية، كلما إنخفض التوجه القومى والوطني، وهذه قضية واضحة.
* هل تشعر بحنين لحزب الأمة؟
- لماذا؟، لقد تركت حزب الأمة طواعية، فلماذا يعاودني الحنين. أنا لم أر حقيقة سياسياً يتحرك من مربع إلى مربع آخر ثم يعود إليه، إلا إذا كان ذلك السياسي غير جاد. ولكني الآن رئيس حركة، وسأستمر فيها، وسأبني هذه الحركة بإذن الله، وسأحولها إلى حزب سياسي لنشارك مع إخوتنا الآخرين في بناء السودان.
* كيف تصف لى علاقتك بالإمام الصادق المهدي؟
- علاقة حميمة جداً، هو شخص أحترمه بصراحة، وأنا ليست لدى خصومات مع حزب الأمة ولن تكون، فأنا أحترم هذا الحزب وأحترم كل الإخوة في حزب الأمة فنحن ناضلنا مع بعض، ولنا علاقات شخصية مستمرة.
* يتخوف البعض من حدوث إحتكاك بينك والوالي عثمان محمد يوسف كبر في المرحلة المقبلة ،خاصة بعد المخاشنة الإعلامية التي تناقلتها بعض الصحف؟
- هذا البيت الذي نتحدث فيه، هو بيت والي ولاية شمال دارفور، وأكلت فيه الملح والملاح. وفي السودان، أنا أؤمن إيمانا تاما، عندما تأكل الملح والملاح في بيت زول لا يمكن أن تخاصمه. أنا لا أعتقد أن هنالك خصومة، ولن تكون بيننا ووالى شمال دارفور خصومة إن شاء الله. ويا أخى هذه القضية ليست قضية شخصية، فهى ليست قضية بين رئيس السلطة والولاة، هذه قضية أهل دارفور، وأود أن أقول بطريقة قاطعة: لن تكون هنالك أية خلافات بين السلطة الإقليمية وبين أى والٍ من ولايات دارفور.
* بعد تدشين السلطة الإنتقالية، بدأ العمل الفعلي في إنفاذ إتفاقية الدوحة، لكن متى ستتحق العدالة في دارفور؟
- لقد تم إنشاء المحكمة الخاصة، ونحن سنعمل على تقديم كل الدعم للمحكمة الخاصة لتبدأ أعمالها، وسيبدأ إنفاذ العدالة حقيقة بقيام المحكمة الخاصة هنا في الفاشر.
* كان هنالك فساد وتجاوزات كبيرة في السلطة الإنتقالية السابقة على أيام مني كما هو معلوم .هل ستتعاملون معها بطريقة عفا الله عما سلف، أم أنكم غير معنيين بما حدث وقتها؟
- هذه مسؤولية رئاسة الجمهورية، فالسلطة الإنتقالية كانت تابعة لرئاسة الجمهورية، ولم تكن تتبع للسلطة الإقليمية التي لم تكن موجودة أصلاً آنذاك.
* السلطة الإقليمية الجديدة هل ستكون جسماً يحجب الولاة في دارفور عن المركز، أم سيتعاملون مع المركز مباشرة؟
- الولاة جزء من هذه السلطة، والولاة أيضاً- طبقاً لدستور 2005م -عندهم صلاحيات حصرية تمكنهم من التعامل مباشرة مع المركز.
* ولكن في تجربة الجنوب قبل الإنفصال كان تعامل الولاة بالكامل مقتصراً مع السلطة في الجنوب، ولا يتعاملون مطلقاً مع المركز؟
- إتفاق السلام الشامل يختلف تماماً عن هذا الإتفاق، والوضع في الجنوب أقرب إلى الكونفيدرالية منه إلى الفيدرالية.
* هل ستكون موجوداً بصورة دائمة هنا لتمارس أعمالك، أم ستقيم في الخرطوم؟
نعم، أنا والسلطة سنكون هنا في الفاشر.

 

آراء