السودان ومصر … السدنة والفلول !! ..
الفاضل حسن عوض الله
5 May, 2012
5 May, 2012
سيناريو الفلول الذى تعيشه مصر فى هذه الأيام هو ذات السيناريو الذى عاشه السودان تحت مسمى (السدنة) عقب إنتفاضة ابريل 1985 . وأوجه التشابه كثيرة بين تداعيات الثورة فى مصر والإنتفاضة فى السودان ، فهناك اليوم فى مصرعلى رأس الحكم مجلس عسكرى إنتقالى بقيادة المشير طنطاوى وزير الدفاع فى النظام السابق بينما هنا فى سودان ما بعد الإنتفاضة كانت مؤسسة الرئاسة أيضاً للمجلس العسكرى الإنتقالى بقيادة المشير سوار الدهب وزير الدفاع فى النظام السابق ، ولم يسلم المشيران هنا وهناك من إتهامات تطال تعاطفهما مع الأنظمة السابقة ومع قوى الإسلام السياسى بينما راح مشير مصر يؤكد مراراً وتكراراً أنه ماض على خطى سلفه مشير السودان فى تسليم السلطة فى ميقاتها المحدد .
ومصطلح السدانة الذى طوته السنوات التى تعاقبت بعد الإنتفاضة جاء من مانشيت خرجت به احدى الصحف السودانية فى اليوم الثالث لإنتفاضة السودان عنوانه ( القبض على جميع سدنة النظام المايوى ) ، تماماً مثلما إبتدع الإعلام المصرى مصطلح الفلول للإشارة لرموز نظام مبارك . وقد نشط إستخدام المصطلح فى مصر فى هذه الأيام لمجابهة ترشيح عمر سليمان لرئاسة الجمهورية بحسبان الرجل أكبر الرموز الوظيفية لذلك النظام بعد أن أصبح مبارك وأبناؤه وكبار رجاله أمثال فتحى سرور وصفوت الشريف وحبيب العادلى خلف القضبان . وعمر سليمان فى تقديرى حتى لو لم يُلغ ترشيحه لا يملك فرصاً للفوز رغم المساندة من رموز النظام السابق ، فقد فضحت يوميات الثورة مدى خواء الرجل وتردده وضعف قدراته السياسية رغم خلفيته المهنية الأمنية ويكفى أن الشعب فى أيام الثورة الأولى كان ينتظر منه تحركاً إيجابياً إلا أن قامته السياسية تقاصرت عن متطلبات الظرف التاريخى ، ولعل أكبر دليل على إحتراق الرجل وذبول تأثيره هو إنشغال الشعب المصرى وهو يمضى وراء حسه الفكاهى بـ (الراجل اللى ورا عمر سليمان ) فى إشارة للرجل العابس خلف نائب الرئيس المصرى وهو يعلن تنحى مبارك !
كذلك من عناصر الشبه بين سيناريوهات ما بعد الإنتفاضة فى السودان والثورة فى مصر هو ذلك التوجس وربما الندم من منح المجلس العسكرى هنا وهناك سلطة التشريع خلال الفترة الإنتقالية . وربما كانت تجربة الإنتفاضة السودانية أكثر نضجاً حين لم يُسن تشريع للعزل السياسى فى مواجهة رموز النظام المايوى ، وحتى المحاكمات التى قُدم لها بعض أولئك الرموز كانت على قدر عال من العدالة والمهنية بينما فى مصر يتأهب اليوم البرلمان المنتخب لإقرار هذا التشريع رغم مناهضته لأسس الديمقراطية ، فالأصل أن العزل السياسى لا يتم إلا بإدانة وحكم قضائى . وقد يرى البعض أن لا وجه للمقارنة بين الرموز المايوية ورموز مبارك من حيث السطوة والتأثير والنفوذ المالى والأمنى والإجتماعى حتى أصبحوا يشكلون فى مصر شريحة إجتماعية كبيرة ينبغى تحجيمها وتأمين الثورة من تأثيرها . أما عن إتهام المجلسين العسكريين الإنتقاليين فى السودان ومصر بالتواطؤ مع الحركة الإسلامية هنا وهناك فيبدو أن عسكرييى مصر أدركوا أخيراً مخاطر هذا التقارب الذى كانوا فى بدايات الثورة يرونه مهماً لتحجيم قوى الثورة الحقيقية فراحوا يفككون خيوط هذا التقارب . ومن المهم أن نسجل نقطة إيجابية للثورة المصرية بالمقارنة مع إنتفاضة السودان وهى قدرة النخب الثورية هناك على تعبئة الشارع وحشده للضغط المتواصل على السلطات الإنتقالية بينما فى السودان وبسبب قصر النفس الثورى سرعان ما طوينا رايات الثورة وجلسنا نتفرج على مسرح العبث السياسى الذى كُتب علينا أن نعيشه لعقود وعقود !
fadil awadala [fadilview@yahoo.com]