إجتهاد جديد فى مفهوم الحور العين
محمود عثمان رزق
10 June, 2012
10 June, 2012
morizig@hotmail.com
مسألة الحور العين من مسائل الغيب التى أخبرنا عنها المولى عزّ وجل فى كتابه العزيز فلذلك إن التصديق بها من صميم العقيدة وهى مسألة لا تحتمل الخلاف فإما أن يكون الشخص مصدق بها أو منكر لها وبالتالى إما مسلما وإما كافرا ، ولكن معرفة ما هية هذه الحور العين مسألة إجتهادية بحتة تتحمل الخلاف وتتحمل أكثر من رأى ، والخلاف حولها لا يخرج الإنسان من الدين ولا يرمي به فى الكفر أو الفسوق أو الجهل. ولكى نحيط بالموضوع علما فلا بد أن نورد كل الآيات والأحاديث المتعلقة به ومن ثمّ نناقشه، وعليه نقول قد وردت الإشارة للحور العين فى خمس آيات من القرآن الكريم وستة من الأحاديث وتفصيلها كالآتى:
ذكر الحور العين فى القرآن الكريم :
سورة الصافآت : [وَعِندَهُمْ قَٰصِرٰتُ ٱلطَّرْفِ ] آية 48
سورة الدخان : [ كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍعِينٍ ] آية 54
سورة الطور : [ مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍوَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ] آية 20
سورة الرحمن : [حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي ٱلْخِيَامِ] آية 72
سورة الواقعة : [ وحور عين] آية 22
ذكر الحور العين فى الأحاديث:
الأحاديث النبوىة التى جاء فيها ذكر الحور العين هى ستة أحاديث وليس منها حديث واحد فى صحيح البخارى أو صحيح مسلم وهى على النحو التالى :
الحديث الأول : . قال ابن جرير: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، حدثنا محمد بن الفرج الصدفي الدمياطي عن عمرو بن هاشم عن ابن أبي كريمة عن هشام عن الحسن عن أمه عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله أخبرني عن قول الله عز وجل: { وَحُورٌ عِينٌ } قال: " العين: الضخام العيون، شفر [ رموش أو أهداب] الحوراء بمنزلة جناح النسر" قلت: يا رسول الله أخبرني عن قول الله عز وجل: { كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ } قال: " رقتهن كرقة الجلدة التي رأسها في داخل البيضة التي تلي القشر، وهي الغرقىء " .
الحديث الثانى : أخبرنا الحسين بن محمد بن فنجويه، حدثنا محمد بن عمر بن إسحاق، عن حبش، حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث، حدثنا أيوب بن علي يعني الصباحي حدثنا زياد بن سيار مولى لي عن عزة بنت أبي قرصافة، عن أبيها قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إخراج القمامة من المسجد مهور الحور العين "
الحديث الثالث :أخرج ابن أبـي حاتم والطبراني عن أبـي أمامة قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلق الحور العين من زعفران "وأخرج ابن مردويه والخطيب عن أنس بن مالك مرفوعاً نحوه،. وأخرج ابن المبارك عن زيد بن أسلم قال [أى زيد] : إن الله تعالى لم يخلق الحور العين من تراب إنما خلقهن من مسك وكافور وزعفران.
الحديث الرابع : " أخرج ابن مردويه والديلمي عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " حور العين خلقهن من تسبيح الملائكة ".
الحديث الخامس : أخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة وابن أبي حاتم عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليهوسلم:" لو أن حوراء بزقت في بحر لجي لعذب ذلك البحر من عذوبة ريقها ".
الحديث السادس : أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبد الله الطبري الحاجّي، حدثنا أبو علي الحسن ابن اسماعيل بن خلف الخياط، حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين بن الفرج، حدثنا محمد بن عبيد بن عبد الملك، حدثنا محمد بن يعلي أبو علي الكوفي، حدثنا عمر بن صبيح، عن مقاتل بن حيان، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:مهور الحور العين قبضات التمر وفلق الخبز ".
المناقشة:
من الواضح أن القرآن لم يفصّل فى جنس الحور العين وأن الأحاديث هى التى ذكرت الأصل الذى خلق منه الحور العين ،فخلقت هذه الأحادث عند عامة الناس صورا خيالية رومانسية عن الحور العين لا يتصورون معها –وقد لا يرغبون ولا يتمنون أيضا- أنهن نساء الدنيا ممن يعرفون حتى لو أعيد خلقهن نشأة أخرى!! . ولكن للأسف هذه الأحاديث تعارض بعضها بعضا ، فحديث يقول خلقت الحور العين من زعفران وحديث آخر يقول خلقت من تسبيح الملائكة، والتسبيح كما هو معروف كلمات والزعفران شئ محسوس. وأضاف زيد بن أسلم - أحد التابعين وتوفى عام 136ه- قولا ثالثا هو: إن الحور العين خلقت من "خليط " من مسك و كافور وزعفران!! والجدير بالذكر أن هذه الأحاديث لم يذكر منها حديث واحد فى صحيح البخارى أو صحيح مسلم أوغيرها من كتب الحديث الخمسة التى عليها التعويل ، ولذلك كل هذه الأحاديث موضع نظر ولا يمكن أن يستدل بها على ماهية الحور العيّن ولذلك لم يستدل بها معظم المفسرين.
وهنا لم تبقى أمامنا وسيلة لمعرفة ماهية الحور العين إلا اللغة ، واللغة نفسها لن تحسم المسألة لأن المسألة من مسائل الغيب وجل ألفاظ اللغة محدود فى عالم الشهادة ، ومع ذلك فقد لجأ المفسرون للغة لمعرفة ماهية الحور العين ، والجدير بالذكر أن معظمهم قد تحاشى الدخول فى تفاصيل هذه المسألة تماما إلا نفر قليل منهم قال أن الحور العين هن نساء الدنيا الداخلات الجنة ، وفى المقابل قال آخرون منهم العلامة الطباطبائى أحد أئمة الشيعة أن : " ظاهر كلامه تعالى أن الحور العين غير نساء الدنيا الداخلة في الجنة."
وواضح أن كل الأطراف لم تستطع أن تفتى فى المسألة بصورة قاطعة ، فلذلك ظلت المسألة خلافية بسبب بعدها الغيبى. فالمهم فى الأمر هو الإيمان بوجود حور عين كما أخبر الله تعالى وتكذيب أى خبر من الله هو تكذيب مباشر لله تعالى وهذا كفر صراح لا يختلف عليه إثنان ، أما الخوض فى ماهية الحور العين فهى من مسائل التفسير والإجتهاد فلا يلام ولا يكفر ولا يفسّق من قال إن الحور العين هم نساء الدنيا فى نشأة مختلفة يوم القيامة ، وأيضا لا يجهل ولا يكفر ولا يفسق من قال أن الحور العين خلق رابع [بالإضافة للملائكة والجن والبشري] خلقهم الله لأهل الجنة فلا هم بشر ولا هم جن ولا ملائكة ، وأيضا لا يلام من يأتى بفهم جديد لكلمة "حور" يخالف به الجميع .
هل إتفق المفسرون على جنس الحور العين؟؟
لا ، لم يتفق المفسرون علىماهية أو أصل الحور العين. فمن المفسرين من قال هن نساء الدنيا فى نشأة أخرى ، ومنهم من قال هم خلق آخر خلقه الله من الزعفران كما ورد فى الحديث ، وطرف ثالث قال إن المعنىالمقصود هو المزاوجة بين اثنين، بصرف النظر عن الذكَورة والأنوثة ،وإليكم الآن أقوال بعضهم لتتمعنوا فيها وتحكموا بأنفسكم وسوف نبدى رأينا فى المسألة فى آخر المقال.
قال الإمام بن عجيبة فى تفسير البحر المديد فى تفسير القرآن المجيد : "وزوجناهم بحُور عِينٍ } أي: قرنّاهم وأصحبناهم، ولذلك عُدي بالباء والحور: جمع حَوْراء، وهي الشديدة سواد العين، والشديدة بياضها، والعين: جمع عيناء، وهي الواسعة العَين، واختلف في أنها نساء الدنيا أو غيرها. "
قال الإمام البيضاوى فى انوار التنزيل واسرار التأويل : { وَزَوَّجْنَـٰهُم بِحُورٍ عِينٍ } قرناهم بهن ولذلك عدي بالباء، والحوراء البيضاء والعيناء عظيمة العينين، واختلف في أنهن نساء الدنيا أو غيرها."
قال الإمام القمى النيسابورى فى تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان : " وقوله { وزوجناهم } اختلفوا في أن هذا اللفظ هل يدل على حصول عقد التزوج أم لا. والأكثرون على نفيه ، وأن المراد قرناهم بهن. وقيل: زوجته امرأة وزوجته بامرأة لغتان. وهكذا اختلفوا في الحور. فعن الحسن: هن عجائزكم ينشئهن الله خلقاً آخر. وقال أبو هريرة: لسن من نساء الدنيا."
قال العلامة الشيخ إطفيشفى تفسيره تيسير التفسير: " { وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ } الحوار طوال الاعنق وقيل البيض جمع حوراء والعين بكسر أوله جمع عيناء أو واسعات العيون حسانها وعدّي (زوج) بالباء لتضمين معنى قرن والزوج مقرون بزوجته والمراد نساء الجنة وقيل نساء الدنيا الداخلات الجنة و { عِين } نعت للحور.
قال الشيخ محمد متولى الشعراوى : " { وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ } الفعل زوَّج يتعدَّى بنفسه ويتعدَّى بالباء، نقول: زوَّجته فلانة يعني: جعلتُها زوجة له، وهو الزواج الشرعي المعروف بين الذكر والأنثى. أما زوجته بكذا يعني: أضفتُ إليه فرداً مثله يُكوِّن معه زوجاً، وليس من الضروري أن يكون أنثى، فقوله تعالى: { وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ } [الدخان: 54] تعدَّت بالباء. فالمعنى انتقل من مسألة الزوجية التي نعرفها إلى الأُنْس بالجمال الذي هو قمة ما نعرف من اللذات، وليس بالضروري العملية إياها؛ لأننا في الآخرة سنُخلق خَلْقاً جديداً غير هذا الخَلْق الذي نعيشه، بدليل أنك تأكل في الجنة ولا تتغوَّط. وعليه فالمعنى المزاوجة بين اثنين، بصرف النظر عن الذكَر والأنثى؛ لأن المتعة هناك متعة النظر، ومتعة الكلام، ومتعة الأُنْس بقيم أخرى غير التي نعرفها الآن. وقوله { بِحُورٍ عِينٍ } [الدخان: 54] حور: جمع حوراء وهي من نساء الجنة، والحَوَر صفة في العين تعني: شدة البياض وشدة السواد في العين (وعِين) جمع عَيْناء، وهي الواسعة العينين مع جمالهما. إنك إذا نظرتَ إلى فمها لوجدتَ أنه أصغر من عينها مرتين، لذلك يصفون جمال الفم بأنه مثل خاتم سليمان، ولك أنْ تتخيَّل هذا المنظر. ولما كان زواجُ الرجل بالمرأة من أعظم مُتَع الدنيا، ويحرص عليه كلٌّ من الرجل والمرأة حينما يبلغان الرشد جعله الله من مُتع الآخرة، لكن على صورة أخرى أنقى، جعله الله من متع الآخرة بصرف النظر عن العملية الجنسية إياها، فالمسألة إيناسٌ بما كنتم تعتبرونه نعمةً في الدنيا، أما في الآخرة فمقاييس أخرى، في الآخرة أنقى لكم الأشياء من مُنغِّصاتها التي كانت في الدنيا. أرأيتم مثلاً في الدنيا من خمر وعسل ولبن، لكم منها في الآخرة، لكن بعدَ أنْ نُصفِّيها لكم مما يُنغِّصها، فجعل خمر الآخرة لذةً للشاربين، وخمر الدنيا لا لذةَ فيه، وجعل اللبن لا يتغيَّر طعمه، وجعل الماء غير آسن. كذلك جعل الزواج نقياً من شوائبه في الدنيا ومُنغِّصاته، حتى أزواج الدنيا حينما يجمعهم الله في مُستقر رحمته في الجنة يجد الزوجُ زوجته في الدنيا على هيئة أخرى؛ لأن الله تعالى طهَّرها له ونقَّاها من عيوبها التي كان يأخذها عليها في الدنيا. فلو كانتْ مثلاً غير جميلة وجدها على أجمل ما تكون النساء، ولو كانت في الدنيا طويلة اللسان وجدها على أحسن ما يكون، لأن الله سيُنشئهنَّ نشأةً جديدة: إِنَّآ أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَآءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً * عُرُباً أَتْرَاباً * لأَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ } وقال { وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ.. }. إذن: قوله سبحانه: { وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ } هذه الباء نفهم منها أنها زواجٌ غير الذي نعرفه في الدنيا بين الرجل والمرأة، وأنه بعيد عن المسألة إياها، لأن الحياة الأخرى لها نعيمٌ آخر ومقاييس أخرى غير ما نعرفه في الدنيا. وكلمة (حور عين) تلفت الأذهان إلى متعة النظر والتلذذ به، كما ينظر الإنسان إلى صديق يحبه، فإذا اقتنع واكتفى بهذه النعمة فأهلاً وسهلاً، وإذا لم يقنعه النظر، ففي الجنة ما تشتهيه الأنفسُ ويلذّ الأعين."
ملخص أقوال المفسرين:
بعد الإطلاع على كل أقوال المفسرين وأدلتهم يمكننى أن أقول أن كلمة "زوجناهم" فعلا المقصود منها جعلناهم "زوج حسابى" مقابل "الفرد الحسابي" ، ولا يقصد بالكلمة الزواج الشرعى المعروف الذي يتم بعقد وشهود ومهر وهذا قول كل أو معظم المفسرين تقريبا. وفى الحقيقة الجنة يسقط فيها التكليف وكل شئ فيها حلال مباح وليس فيها تعدى وعدوان لأنّ التركيبة العدوانية الطامعة تنزع من قلب الإنسان وبالتالى لا عقد فيها ولا تزويج ولا أعراس بالمعنى المشهور وإنما خلة مقصورة وصداقة وأخوة دائمة.
إجتهادى فى المسألة:
وفقا لاجتهادى الخاصبعد دراسة وبحث وتأمل، أقول إن الآيات السابقة للآية 54 من سورة الدخان وكذلك الآيات التى جاءت بعدها تتحدث عن حياة المتّقين فى الجنة - والمتقون كلمة تجمع بين الرجال والنساء- فهم فى جنات ونعيم يجلسون على سرر متقابلينلباسهم من سندس وإستبرقوهكذا تستمر الآيات تتحدث عن المتقين ذكرانا وإناثا ، وعلى ضؤ هذه الحقيقة عندما نتأمل كلمة "حور"الواردة فى منتصف هذا السياق نجدها جمع لكلمة حوراء، كالحمر جمع حمراء، والسود جمع سوداء، وهى فى الأصل اللغوى جمع "للعيون الحوراء"والحوراءمؤنّث احور ، وهى مشتقة من الحيرة لأن العين التى تراهاتحتار فيها لفرط جمالها من شدة بياض بياضها وشدة سواد سوادها. وكذلك كلمة "عيّن" جمع لصفة توصف بها "العيون الواسعة" والعيناء مؤنّث أعين وهو عظيم العينينفى حسن وجمال ، فيقال عن صاحبتها "عيناء" أى ذات عيون واسعة حسنة جميلة ، ويمكنك أن تقول نساء عيّن ، ورجال عيّن، وإمرأة عيناء ، ورجل أعين ، والجميع "عيّن"،فالجماعة على هيئة واحدة في هذا الباب في المذكر والمؤنث.
وهكذا يتضح أن اللفظ يدور أصلا حول العيون، والعيون الجميلة ليست حصرا على النساء. وبهذا تكون كلمة "حور" جمع لعيون الذكور والإناث معاويجوز لك أن تقول واصفا : هذه إمرأة حوراء، وهنّ نسوة حور، وهو ورجل أحور، وهم قوم حور ،وبالتالى يكون لفظ "حور" فى القرآن الكريم يدور أصلا حول العيون – وهى مؤنث- وليس حول النساء كجنسخلافا لما ذكره المفسرون. وعليه أقول إنّما فى الجنة خلة مقصورة وصداقة وأخوة دائمة بين أصحاب الجنة الذين يحار الطرف فيجمالهم أو جمالهن وحسنهم أو حسنهن وكما قال الشعراوى : " فالمعنى انتقل من مسألة الزوجية التي نعرفها إلى الأُنْس بالجمال الذي هو قمة ما نعرف من اللذات".والمثل يقول: " ثلاثةُ تنفي عن القلب الحزن: الماء، والخضرةُ، والوجهُ الحسن "".
ومعنى الآية حسب فهمى هو أن الإنسان فى الجنة لا يترك فردا {وَزَكَرِيَّآ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْوَارِثِينَ} فهو فى الجنة فى حالة زوجية دائمة وصفة هذا المزاوج– ذكرا كان أو أنثى- على الدوام هى جمال المحياو حسن المنظر التى تتمثل وتظهر أولا فى جمال العيون الحورالواسعة. وبما أن الملائكة ليس فيهم ذكور وإناث فإن الآية لا تنطبق عليهم ، ولم يبقى لنا إلا القول بأن أصحاب تلك العيون الحور هم رجال ونساء من الدنيا ، أو هم رجال ونساء من الجن المسلم ، أو هم رجال ونساء خلقوا من جنس رابع إذ لا نعلم إلا ثلاثة أجناس هم الملائكة والجن والبشر. وعلى كل ، فإن كلمة "حور عيّن" يمكن أن تناسب أى واحد من الأقوال أعلاه لأنها وصف للعيون بغض النظر عن المادة التى خلق منها صاحب تلك العيون الحور الواسعة، فالكلام هنا عن النشأة [أى الصورة] وليس عن أصل الخلق [المادة].
وأرجو أن أكون قد توفقت فى هذا الإجتهاد ودفعت به عن الإسلام شبهة "الشوافنيزم " أو الهيمنة الذكورية على المجتمع وطريقة التفكير فيه ، وإن وجدت هذه "الشوافنيزم" بالفعل فى مجتمع المسلمين فهى فى فهم المسلمين للنصوص القرآنية وليست فى النصوص القرآنية نفسها كما أثبتنا فى هذه المسألة التى تتعلق بالفهم أولا وأخيرا.