المخرج من الأزمة السودانية الراهنة

 


 

 



morizig@hotmail.com

أن التقليل من شأن المظاهرات وقمعها والإستخفاف بشبابها ليس بحل على الإطلاق ، وقد جربت حكومات كثيرة هذا النهج فى تاريخنا الحديث وفشلت وفى إخماد الثوراتالتى هبت عليها ،  ومن جهة أخرى فإن الإستمرار فى الثورة من غير ترتيب لبديل معقول أيضا ليس بحل،  ونحن فى السودان لم ندع حزبا سياسيا إلا وجربناه على عكس مصر وليبيا وتونس،  ففى هذه الدول كانت الأحزاب غائبة تماما منذ رحيل الإستعمار وحتى لحظة الثورة، ولذلك من المنطقى تماما أن تستمر الثورات فى تلك البلدان حتى إسقاط النظام وعندها مخزون حزبى لم تجربه من قبل.  أما نحن فى السودان فيجب أن نفكر فى الأمر أكثر من مرة و نسأل أنفسنا ليس تخذيلا ، ولكن خوفا من الدخول فى مجهول قد يؤدى بنا لحال أسوأ من الحال الذى نحن فيه والوقت ليس فى صالح الإقتصاد السودانى . فسقوط النظام ستكون له تكلفة إقتصادية كما حدث فى مصر وليبيا وتونس وغيرها من الدول التى سقطت أنظمتها، وكلها لها إقتصاديات أقوى من الإقتصاد السودانى. وعلي ضؤ هذه الحقيقة يجب أن نتحسب لإضافةتكلفة الثورة  للميزانية المنهارة أصلا .
ومن العقل أن يتأكد الشعب السودانى هذه المرة من وجود قيادة سياسية جادة ونزيهة وواعية لها خطة واضحة لمعالجة المشكلة الإقتصادية.  فسقوط النظام وحده لن يؤدى لتحسين الإقتصاد كما يروج البعض، وسقوط النظام لن يضمن عودة الجنوب لسابق عهده ، وبالتالى ليست هناك أى ضمانات على رجوع بترول الجنوب للميزانية فى أى شكل من الأشكال.  وسقوط النظام أيضا لن يضمن وقف الحروب التى تدور فى الأطراف وما لم تتوقف هذه الحروب اللعينة أولا فليس هناك حل للمشكلة السودانية ولو تغير النظام. وباختصار ، إن قمع الثورة قفزة خطيرة فى الظلام من جهة الحكومة ، وبالمقابل إستمرار الثورة بالمعطيات التى ذكرناها أيضا قفزة خطيرة فى الظلام. وفى الحقيقة نحن فى محنة تحتاج لدراسة وتروى.

وفى رأيى الخاص أن خارطة الطريق للخروج من الأزمة السودانية لو تجنبنا التطرف من الجهتين هو الآتى:

أولا : قيام إنتخابات مبكرة يلتزم فيها الرئيس البشير وقادة المؤتمر الوطنى بقسم أمام الشعب على عدم ترشيح نفسه أو قبول ترشيحه من آخرين كمرشح للمؤتمر الوطنى.
ثانيا ، تتحالف كل الأحزاب وتنزل بمرشح واحد لمنصب الرئيس مقابل مرشح المؤتمر الوطنى ، وتنزل أيضابقائمة واحدة لمناصب البرلمان و يطلق علي القائمة قائمة مرشحى التحالف للبرلمانوتكون ضد قائمة مرشحى المؤتمر الوطنى
ثاالثا ، تتفق كل الأحزاب قبل الإنتخابات على إصلاحات إقتصادية واضحة ومحددة وملزمة لكل أحزاب التحالف.
رابعا ، تعمل الأحزاب على الحصول على إتفاقيات مكتوبة من كل القوى المسلحةتضعبموجبها الحركات المسلحة السلاح إذا فاز مرشح التحالف وسيطر على البرلمان بأغلبية.
خامسا ، تعمل الأحزاب قبل الإنتخابات على الحصول من دولة الجنوب على حسن الجوار وتحديد الحدود والتكامل الإقتصادى فى حالة فوز التحالف.
سادسا ، تعمل الأحزاب على التوافق على حد أدنى من الأيدلوجية السياسية التى تصلح لبناء نظام الدولة والدستور وترضى الجميع بدرجة من الدرجات.
سابعا ، تأتى الأحزاب بمسودة دستور متفق عليها من جهتهم تعرض لاحقا للشعب فى مؤتمر دستورى جامع.
ثامنا ، لا بد لقاعدة الحركة الإسلامية من مراجعة مسيرها و الإمساك بزمام المبادرة فى حل الأزمة الراهنة. فليس من المقبول أن تأتى الحركة بنظام لا تستطيع السيطرة عليه.
تاسعا ، لا بد لهيئة علماء الشريعة بالسودان من أن يكون لها رأى شرعى واضح وخارطة طريق بيّنة تعالج مرض النظام وتهدى المعارضة لسبيل الرشاد ، لأن صراع المعارضة غير الرشيدة مع حكومة غير رشيدة يؤدى لا محالة لإنفجار لا تحمد عقباه ولنا فى الصومال وغيرها عبر واضحة مؤكّدة.
عاشرا ، يجب أن يرفع شعار التكنوقراط المستقلين عاليا كشعار للمرحلة.
إحدى عشر : على الحكومة أن تعى تماما أن الوقت ليس فى صالحها ولا بد من إصلاحات جذرية فى النظام ولابد من رفع المعانة من كاهل المواطن بأى صورة من الصور ولا بد من إدارة حوار جاد ومخلص مع الشعب على مستوى المحليات وأنت صاعد حتى تصل الأحزاب فالشعب إذا فهم قد يصبر وقد يعين.

هذه هى النقاط التى أرى أنها تكون خارطة طريق للخروج من هذه الأزمة وخلاصتها أن يضغط الشعب على النظام لقبول إنتخابات مبكرة تضع المعارضة مع الحكومة تفاصيل مرحلتها وشروطها، ومن أهم شروطها إدارة إنتخابات نزيهة يحرس صناديقها ممثلو الأحزاب وغيرهم من المراقبين المحليين والدوليين والمواطنين ليلا ونهارا حتى تنتهى العملية الإنتخابية بسلام. هذا هو الحل فى نظرى الذى سيجنب البلاد مزيدا من القفز فى الظلامات ومزيدا من الرهق الإقتصادى. والله أعلم. 




 

آراء