قوم لا تغشى حمرة الخجل خدودهم النضرة؟!

 


 

 



على عبد الله يعقوب والشهيد محمود .. البينة على من إدعى!


في حوار أجرته معه صحيفة الوطن، أفاد السيد علي عبد الله يعقوب، بأنه سبق وأن جلس مع الأستاذ محمود محمد طه وناظره، مؤكداً معرفته محموداً عن قرب "أكثر من بعض من يتحدثون عنه". ثم أوضح يقول أنه وبحكم عمله مشرفاً على قطاع شباب الإسلاميين "إلتقيت به عندما وصلتني دعوة من طلاب الجامعة الإسلامية إلى محاضرة " وبعد تقديم محمود لمحاضرته، قال يعقوب أنه انبرى له مفنداً أفكاره وآراءه، مضيفاً أن سيادته ناقشه في جميع النقاط التي ذكرها بالنص القرآني والاحاديث النبوية " وعندما ضاقت به الحيلة قال لمن حوله هذا (جاهل) لم يفقه حديثي، عندها إنقسم الحضور بين مؤيد ومعارض بل هنالك مجموعة همت بالتعدي علىّ وفي المقابل غضب محمود غضباً شديداً ". وقال أن محمود دعاه لمناظرة أخرى في نادي أُم درمان الثقافي " ولكنني عندما حضرت في الزمان والمكان المحددين أنكر محمود جميع اقواله السابقة بل ذهب لأبعد من ذلك عندما حاول إستقطابي بعد أن لبيت دعوته في عمارة ابنعوف بالخرطوم جوار الجامع الكبير. ويواصل السيد يعقوب قائلاً بخصوص محاولة إستقطابه:- " فان الأمر كان مباشراً دون وسيط وبدأت هذه المحاولات منذ أن هزمته في الحوار الأول أمام تلامذته.. وللحقيقة انني هزمته لأنه تحدث عن امور أعتقد أنا أدرى بها منه بحكم تعليمي بالأزهر الشريف المتخصص في أصول الدين وإذا رجعنا إلى الجانب التعليمي لمحمود محمد طه فهو مهندس زراعي". وأكد في الحوار الصحفي أن لدى محمود والفكر الجمهوري عموماً "جهات خفية تسعى إلى ضرب الإسلام عبره" ويشير إلى أن كل قرائن الاحوال تشير إلى أن اليهود هم من يقفون وراء هذا الفكر وأن محمود على علاقة بهم. وعندما طالبه الصحفي المحاور بالأسانيد وقرائن الأحوال التي تشير لهذه العلاقة، قال بالحرف " أنا كما ذكرت لك عندي لقاءات عديدة مع الرجل وأذكر جيداً انه كان كثير التردد على (ساعاتي) يهودي يدعى (ميزرا) بأُم درمان ولأن في تلك الفترة كانت مهنة تصليح الساعات محصورة على اليهود لم يلفت نظري هذا الأمر.. ولكن من خلال ملاحظاتي تأكدت بأن زيارته ليست لها علاقة بتصليح ساعة وحسب، وكما تعلم يا إبني ان اليهود كانوا في تلك الفترة يملأون البلاد ولهذا لا استبعد ان يكون هذا الفكر يهودي.. وهنالك ملاحظة ثانية هي ان محمود الذي نعرفه فقير ومنحدر من أُسرة فقيرة.. ولكن الملاحظ انه درج على تأليف مئات الكتب وتوزيعها مجاناً في الجامعات والاسواق، والمعلوم ايضاً ان مسألة الطباعة في تلك الفترة كانت مكلفة جداً ولا استبعد من ان تكون تلك المؤلفات والكتب قد تمت طباعتها بالخارج"!.. وحول إعدام النميري لمحمود يقول :-" للحقيقة والتاريخ ان نميري لم يكن يدري ما ستخرج به المحكمة التي تم تشكيلها للنظر في محاكمة محمود محمد طه وحتى لا نحمل النميري (يرحمه الله) مسؤولية إعدامه فان المحكمة هي التي أصدرت القرار بل ان مسألة التنفيذ لم تتم بصورة عاجلة، حيث امهلت المحكمة محمود محمد طه فترة طويلة حتى (يستتاب) وهذا يؤكد ان النميري وحكومته لم تكن تتعجل في إعدامه.. ولكن إعتقد ان إصرار محمود على اقواله وعدم رجوعه إلى الحق رغم الفترة الكافية التي منحت له دليلاً على عدالة المحكمة التي لم تجد مخرجاً غير إعدامه.
نرجئ تعليقنا على ادعاء على عبد الله يعقوب بأنه قد ناظر الأستاذ وهزمه أمام تلاميذه، ثم تجنيه على سيرة وعطاء ومأثرة الأستاذ شهيد الفكر وبطل المواقف، لحين أن نجلي بعض الحقائق المتعلقة بقضايا أخرى أثارها الرجل.
ففي الحوار إدعى أن من أسباب تطبيق الشريعة الإسلامية ان العديد من مصانع الخمور " كانت تنتج البيرة لدرجة ان البيبسي كولا كانت أغلى بكثير من زجاجة البيرة"!. وعن ثورة أكتوبر عاد متحدثاً عنها بتناقضاته العجيبة المعهودة مؤكداً أن " الإسلاميين هم من فجروا ثورة أكتوبر خاصة بعد مصرع الطالب (القرشي) الذي شهد إنطلاق الشرارة "وأذكر جيداً ان الاخوان كانت عندهم ندوة بجامعة الخرطوم تتحدث عن مشاكل جنوب السودان وتحدث فيها الدكتور حسن الترابي وحدثت اثناء الندوة إحتكاكات بين الاخوان والشيوعيين، هنا تدخلت الشرطة فسقط الطالب (القرشي) الذي عكر صفو الحضور بل حدثت توترات بعد مقتله".
قصدنا إستعارة مقتطفات مطولة من حديث السيد يعقوب لندلل بها على جملة حقائق أهمها لجوء هذا "الاسلامي" للتضليل والاختزال وتشويه الحقائق ولي عنقها دون أن يتبصر أنه كموثق للاحداث من موقع قناعات فكرية "إسلامية" فإن الأمانة الفكرية والدينية تلزمه بالحقيقة ناصعة ولو عليه، لأن التوثيق  مودع للتاريخ وللأجيال اللاحقة!.
حيث درج الرجل وفي كل محفل يتناول فيه أحداث أكتوبر بسرد وقائعها بصورة تتناقض مع أقواله السابقة، فقد أشار مرة إلى أنه وزوجته السيدة حكمات، كانا ضمن المتحدثين في ندوة بجامعة القاهرة الفرع مع القيادي الاسلامي الراحل محمد صالح عمر في نفس اليوم الذي أقيمت فيه ندوة بجامعة الخرطوم وتحدث فيها حسن الترابي ثم وقعت الأحداث وسقط القرشي شهيداً، وهو يشير لتاريخ ليست له علاقة بالتاريخ الصحيح لتفجر الأحداث ولأشخاص لا علاقة لهم بيوم انطلاق أكتوبر، حيث أن الندوة التي تفجرت فيها الأحداث كانت  " بتاريخ الأربعاء 21 – 10 – 1964م والتي تفجرت من احداثها ثورة اكتوبر من استشهاد القرشي و سير الاحداث بالشكل المعروف، لم يدعي للحديث فيها اي زعيم سياسي من خارج الجامعة سواء كان د / الترابي أو غيره ، وسواء أكان ذلك الزعيم شيوعيا او اتحاديا او من حزب الأمة وذلك ببساطة لأنها كانت ندوة طلابية خاصة دعي للحديث فيها ممثلين للمعسكرات الطلابية، و حسب ما أورد الاستاذ شاموق في كتابه المذكور اعلاه فقد كان المتحدث الاول و الوحيد في تلك الندوة هو الطالب بابكر الحاج ممثل الجبهة الديمقراطية والذي تحدث حديثا قصيرا مركزا لم يتعد خمسة دقائق و اقول الأول و الوحيد لأن الشرطة تدخلت بعد نهاية حديثه لتفض الندوة بالقوة و اطلاق الرصاص، و لذلك لم يتمكن المتحدث التالي وهو الطالب آدم أحمد آدم ممثل الجبهة الوطنية الاشتراكية من الحديث بعد أن قدمه مدير الندوة الطالب أنور الهادي عبد الرحمن عضو اللجنة التنفيذية للاتحاد" ( راجع علي عبد الله يعقوب شاهد ما شافش حاجة، عبد الله الحاج القطيني، مقال  بصحيفة الميدان) .
تؤكد هذه الافادات المتضاربة مدى استهتار هذا الرجل بقيم التوثيق بالتحوير للأماكن والتبديل للشخوص والتلاعب بالأزمنة، دون أن يحفل بضبط إفاداته حتى لا تدانيها الشكوك التي تضعف البينة وتخل بالأسانيد!. ومن  جانب آخر يصر إصرار المتربص بالحدث، على إحالة مأثرة جبارة كثورة أكتوبر إلى فصيل سياسي لا يحفل أصلاً بصنع الثورات ولا يدرك كنه ميكانيزمات قيامها، ففي الوقت الذي لايستطيع فيه أي تنظيم سياسي يحترم نفسه وفعل المجموع بأنه الوحيد الصانع لهذا الحدث أو ذاك، نجد سيادة يعقوب يدعي  - كما ورد في مقام آخر - أن أحداث أكتوبر من صنع "الاسلاميين"، ومع هذا الادعاء، يصرح بأنها ليست بثورة وليست بانتفاضة، "إنما كل الذي حدث هو تفجر الأحداث، فجأة وصدفة بسبب "إغتيال أحد الطلاب"!،ثم ينكر في الأساس وجود شهداء آخرين في تلك الأحداث، سوى الشهيد أحمد القرشي طه، وما هو أفدح تصريحه "البغيض" بأن  سياسات نظام عبود لم تكن تشوبها شائبة، ولم يأتي بأي أفعال تبرر لها الثورة التي إقتلعته في أكتوبر!( راجع حواره في البرنامج التلفزيوني أسماء في حياتنا)، وإذا ما طرحنا عليه سؤالاً يتعلق بكيفية إدعاء فصيل لصنع حدث ينكر أصلاً أساسه المادي، فلا يظنن أحد أن لسيادته إجابة على ذلك.
نواصل تفنيد إدعاءات السيد يعقوب حول الأستاذ محمود وموضوعات أخرى، فنصل إلى إدعاءه بارتباطات الأستاذ محمود وتلاميذ فكره باليهود، لنقول أن هذه (فرية) جديدة لنج  يأتينا بها خصوم الأستاذ، وفي هذا يقعون في تناقض لا نقول بأنه مخجل – حيث أن خدود هؤلاء النفر من البشر لا تغشاها تلك الحمرة الملازمة عادة للخجل – بل نكتفي بوصفه أنه عجيب ويكشف عن سقم!، حيث أنهم يتجاهلون الارتباط المباشر للنميري باليهود وهو أقرب حلفائهم الذي نصبوه إماماً على المسلمين.. والذي ثبتت عليه تهم خيانته للقضية الفلسطينية وتواطئه المزري مع "الصهاينة والصليبيين ودول الاستكبار" عندما رتب لترحيل اليهود الفلاشا لاسرائيل، ومع ذلك لم  ترد مطلقاً في كل أدبياتهم ولو كلمة إدانة واحدة لهذا الفعل حتى اليوم، بل يُمجد عندهم وتخلد أعماله المسيئة للانسانية وحقوق البشر، وبدلاً عن الادانة يخرجون علينا بفرية ارتباط محمود باليهود، لمجرد أن سيادة يعقوب قد شاهد – صدفة - جلوس الأستاذ مع يهودي ساعاتي  يدعى ميزرا بأم درمان!.. ولتأكيد إدعاءه يشير إلى أن اليهود " كانوا في تلك الفترة يملأون البلاد" علماً بأن من يشير إليهم كانوا وما يزالون مواطنين سودانيين لهم حقوقهم وعليهم واجباتهم تماماً كمواطني هذه البلاد، وأنه وحتى تاريخ اليوم لم تسجل ضدهم ولو حالة واحدة تشير إلى تخابر أو إرتباط لهؤلاء مع أي قوى أجنبية معادية للسودان أو "الأمة العربية" أو القضية الفلسطينية!
وقبل أن نأتي لثالثة الأثافي، نتوقف عند تصريحه المتعلق بمحاكمة الأستاذ، حيث يدعي بأن النميري لم يكن على علم بالحكم على الرجل وأن المحكمة أمهلت محموداً فترة طويلة!، علماً أن المعلومات التي تم تداولها، بل إثباتها بالبينات، هو ضبط رسائل متبادلة بين النميري وبطانته، يتآمرون فيها على محمود وهم يستهدفون حياته، وذلك قبل فترة من منشور الجمهوريين ضد قوانين سبتمبر، فنقرأ للنميري هذه الرسالة:- الأخ عوض الجيد والنيّل والأخت بدرية، سلام الله عليكم، آخر هوس الأخوان الجمهوريين هذا المكتوب الذي أرى سطوره "الردة بعينها" أرجو الإطلاع ومعكم الأخ بابكر. سأجتمع بكم للتشاور في الأمر إنشاء الله بعد أن تكونوا على استعداد. أخوكم جعفر محمد نميري،8 جمادى الأولى 1304( راجع دكتور حيدر إبراهيم علي، الأستاذ محمود محمد طه رائد التجديد الديني في السودان، عن مركز الدراسات السودانية ص 141). وفي أخرى نقرأ لمولانا النيل أبو قرون ما يلي:- الأخ الرئيس القائد، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، المنشور المرفق وزعه الجمهوريون وقد قبض على ستة منهم وتم التحقيق معهم وسوف يقدمون للمحاكم وبهذا فقد أتاحوا لنا فرصة تاريخية لمحاكمتهم. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. ولا شك أنها بداية لمسيرة ظافرة بإذن الله يتساقط دونها كل مندس باسم الدين وكل خوان كفور ولله الأمر من قبل ومن بعد. وفقكم الله لقيادة المسيرة الظافرة وإتمام نهج الله على آثار المصطفى صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن سار بسيرهم ونهجهم إنه سميع مجيب. النيّل عبد القادر أبو قرون،6 ربيع الثاني 1405، يوم السبت الموافق 29/12/1984، [تعليق نميري على الخطاب]، الحمد والشكر لله ولصفيه ورسوله محمد رسول الله والله أكبر على المنافقين. نميري،6 ربيع ثاني 1405(راجع صحيفة الأيام، الأربعاء 20 يناير 1988 ضمن " يوم .. بعد يوم مع محاكمة العصر" بقلم الصحفي محمد لطيف).
هذا هو الامام جعفر النميري، رئيس الجمهورية، الشفيع، الغفور، الرؤوف، الرحيم، الحكم، العدل، الذي – وكعادته – يلوي السيد يعقوب عنق حقائق الأشياء ليدعي بأن سيادة المشير الامام " لم يكن على علم بالحكم على الرجل وأن المحكمة أمهلت محموداً فترة طويلة"!. وهكذا تتداعى أحداث محاكمة الأستاذ وإعدامه. علماً أن المحكمة العليا للاستئناف قد نظرت في محاكمة الأستاذ محمود بواسطة أساتذة قانون أجلاء مشهود لهم بالكفاءة والحيدة والاستقامة، بعد أن توفرت سبل العدالة "الناجزة" في أعقاب سقوط نظام النميري، والغت بالتالي الحكم السابق على الأستاذ وبرئت ساحته، وبهذا أُعيد الاعتبار له، ومع ذلك ورغماً عن كل ذلك يلوي يعقوب ومشايعي طروحاته السياسية عنق الحقائق بإزدرائهم لحكم محكمة موقرة وتسفيههم للقوانين التي يجتهدون دوماً من أجل إبدالها بقوانين "غاباتهم الكثيفة"!.
ونأتي آخيراً لإدعاءه بأنه ناظر الأستاذ وهزمه أمام تلاميذه، لا نود، بل لا رغبة لنا مطلقاً الدخول في مغالطات مع الرجل، باعتبار علمنا التام حول " البير وغطاها " بشأن (القدرات الفكرية) للسيد يعقوب، وما إن كانت تؤهله لكي يتساوى كتف إمكانياته، بقامة كقامة الأستاذ محمود المشهود له بالكفاءة الفكرية والاقتدار الفقهي - رغم أنه مهندس "مساحة" وليس "زراعة" كما ادعى السيد يعقوب ضمن ديدنه في عدم ضبط المعلومة وتجويد التحقق من صدقيتها! - وبرغم أن السيد يعقوب تعليمه "بالأزهر الشريف المتخصص في أصول الدين" كما أبان. ولكن نلج للموضوع من بوابة أخرى.
دائماً  ما يقدم السيد علي عبد الله يعقوب نفسه – وكذلك مستضيفيه الذين يفسحون له المنابر الفسيحة كمرجعية وكشاهد على التاريخ – بأنه الحائز على العديد من الألقاب، وهو بالفعل كذلك، القاب منها " المنجور ومنها المأجور"، حيث كان المشرف على قطاع شباب المسلمين، في منظمة الشباب الوطني، في شرخ الشباب، ثم شيخ شيوخ الحركة الاسلامية فيما بعد، ومدير جماعة المسرح السوداني في ستينات القرن الماضي، وصاحب مشروع بنك فيصل الاسلامي الذي أقنع الأمير محمد الفيصل بالاستثمار به في السودان فولد هذا البنك "الفلتة"، ثم أول من صاغ تعبير "المسيرات المليونية" في المنطقة العربية عندما أعلن عنها سنوات تطبيق "قوانين سبتمبر" فترة لوثة نميري الدينية عام 1983 ،ثم هو العقل الأساسي المدبر لفتنة وحوادث حل الحزب الشيوعي السوداني عام 1968، وفوق كل هذا وذاك فهو صاحب ومالك المشاريع الزراعية الكبرى بالنيل الأبيض، وقيل – والعهدة على من روى – أنه من كان خلف صفقة بيع منطقة حديقة الحيوان ليشيد عليها برج الفاتح – سابقاً أو حالياً فسيان الأمر عندنا – وكل بجهده!.
ولذلك فنحن نتسائل، كيف لرجل بمثل هذه الصفات الخارقة فكرياً وتنظيمياً لا يتوفر له أي إنتاج فكري معلوم كمرجع أو كوثيقة؟ ألا نطالع له ليس كتاباً، بل حتى مقالاً يتيماً في أي حقل من الحقول المتعددة التي تواجد فيها وتمدد  كما هو مبين أعلاه!، أين مساهماته الفكرية لشباب المسلمين – دع عنك بقية الشباب الذين يعج بهم السودان، والذين هم في حوجة لمعرفة خبرات وتجارب الرجل الفذ وهو الذي كان قائداً ومسئولاً عن قطاع شباب المسلمين؟!، أين مساهمات الرجل في حقول المال والاقتصاد السوداني وهو صاحب فكرة بنك فيصل الاسلامي؟!، أين مساهماته الثقافية والفنية حول المسرح السوداني وتاريخه وقضاياه، أو تناوله لأي عمل مسرحي بالنقد أو الاضاءة، حتى ولو كان فصلاً من مسرحية "بامسيكا" أو اسكتشاً قصيراً ضاحكاً لتور الجر أو بت قضيم؟! أم يا ترى أنه تفرغ لمعالجة التاريخ " درامياً " بلي عنقه وتشويه حقائقه؟!، أين مساهماته في حقول الزراعة وهو صاحب المشاريع الزراعية الضخمة بالنيل الأبيض؟! أين مساهماته المعرفية و"الفقهية" وهو شيخ شيوخ الحركة الاسلامية بالبلاد " بحكم تعليمه بالأزهر الشريف المتخصص في أصول الدين؟ أين أطروحاته الفكرية حول الماركسية والموقف من الشيوعية، وهو الذي سعى بأظلافه من أجل إقصاء الحزب الشيوعي السوداني من حياة مجتمع السودان سياسياً وفكرياً، وباءت محاولاته – وسواه - بالفشل الذريع بالطبع؟. لا مؤلف فكري، لا مقال، لا، ولا حتى عمود صحفي راتب في زاوية صغيرة بصحيفة من صحف حزبه بأسمائها المتعددة، يتناول فيها معالجة أحد هذه القضايا، ومع ذلك يدعي بأنه المناظر الفذ الذي هزم الأستاذ محمود وفند أفكاره، أمام تلاميذه، حتى كادوا أن يتهجموا عليه ويفتكوا به، رغم صفات التسامح المعروفة عنهم وعدم لجوءهم للعنف!، فكيف تواتت له القدرة على مناظرة وهزيمة أفكار الشهيد؟ فإن الله  تعالى وحده هو علام الغيوب!.
ومع كل ذلك تبقى ضرورة الاشارة إلى أنه عندما لفظ الأستاذ محمود محمد طه متاع الدنيا وما فيها، تاركاً نعيم الوظيفة التي كان يمكن أن تدر عليه ربحاً وفيراً كموظف كبير باعتباره من أبكار المهندسين السودانيين بالبلاد، وعندما هيأ نفسه لادارة أفكاره التي اجتهد فيها، وعندما افتدى نفسه كقربان للوطن والشعب وهو يعتلى منصة الاعدام مبتسماً، وفارق الدنيا ومافيها مرة أخرى وهو لا يملك قوت يومه، سوى فراش ساتر للحال والأحوال، على سرير بال بقربه صحن وإبريق عتيق للوضوء، في منزل شعبي متواضع من الآجر، كان السيد علي عبد الله يعقوب وما يزال - ومعه لفيف من أتراب الحركة الاسلامية - يشغل باله ونفسه بمتاع الدنيا جنياً لأرباح "شطارة التجارة"، مرة عند الأمير محمد  الفيصل وتارة عند القذافي وأخرى جانياً ما قيمته "200 مليون دولار" .. نكرر .. 200 مليون دولار، من مضاربات أسهمه في السعودية! وليس آخراً وسط " أطيانه الزراعية " بالنيل الأبيض.
............
عندما بانت أحابيل الرئيس اليمني "علي عبد الله صالح" ومحاولاته لاطالة أمد بقاءه على كرسي الحكم لأطول فترة ممكنة بأكاذيبه التي لم تصمد طويلاً أمام الحقيقة، خرجت جموع شعب اليمن السعيد على الشوارع والأزقة سعياً لاسقاطه وهي تهتف قائلة:- سيروا سيروا يا شباب .. سقطوا "علي عبد الله الكداب "!.
________
عن صحيفة الميدان     
hassan elgizuli [elgizuli@hotmail.com]

 

آراء