إعادة اعتقال رضوان داؤود .. وسلطات جهاز الأمن … بقلم: منى بكري أبوعاقلة

 


 

 




في حادثة ليست فريدة أو غريبة أو جديدة من نوعها يقوم جهاز الأمن بإعادة اعتقال الناشط السياسي رضوان داؤود إلى الحبس بعد أن أطلقت المحكمة سراحه وأسقطت عنه تهمة الشروع في انشاء منظمة إرهابية وبرأته لعدم كفاية الأدلة، واكتفت بالفترة التي قضاها رهن الاعتقال منذ 3 يوليو الماضي وحكمت بالغرامة 500 جنيه بعد ادانته بالمادة 69 من القانون الجنائي (الاخلال بالسلامة العامة) - نقلاً عن صحيفة الراكوبة في يوم 14 اغسطس 2012م.
ونجد أن الأمر لا يخلو من الريبة والغرابة والاستهجان الشديد والدهشة والاستنكار رغم تكرار حدوثه من قبل جهاز الأمن.  ويثير في ذهني عدد من التساؤلات والتعجب، فيا ترى ما هو الأمر الجلل الذي دفع جهاز الأمن لاعادة اعتقال رضوان داؤود؟؟؟ هل هناك مظاهرة أخرى شارك فيها أو نظمها رضوان داؤود من داخل معتقله؟؟؟ أم أن هنالك انتهاك آخر قام به رضوان داؤود يمس بالأمن العام؟؟؟ وأين ومتى حدث هذا الانتهاك؟؟ هل حدث قبل سجن رضوان داؤود واعتقاله أم بعده؟؟؟؟ فإذا حدث قبل اعتقاله، فلماذا لم تقم المحكمة بضمه الى البلاغ الأخر والحكم بهما معاً؟؟؟ وإذا حدث بعد الاعتقال، فما هو نوع الانتهاك الذي يمكن أن يقوم به الشخص معتقل مسلوب الحرية؟؟؟ وفي هذه الحالة، لماذا لم يقم البوليس بمباشرة البدء في قضية جديدة من داخل السجن؟؟؟ ولماذا يتم اعتقال رضوان داؤود في هذا الوقت بالذات؟؟؟ ولماذا لا يحترم جهاز الأمن قرار المحكمة باطلاق السراح بكفالة؟؟؟ وما هي هذه القضية الأخرى التي تجعل جهاز الأمن يعتقل الاشخاص من داخل المحاكم وتحت سمع وبصر القضاء والشرطة صاحبة الاختصاص الأصيل؟؟؟ هل يمكن تسمية هذا قانوناً بالقبض أو الاعتقال؟؟؟ وما هي حدود جهاز الأمن وسلطاته المخولة له لقبض الأشخاص؟؟؟ ومتى وأين وكيف؟؟؟؟ وهل يعقل أن يقوم جهاز الأمن بقبض أي شخص دون مراعاة لحدود سلطاته واختصاصاته؟؟؟ ولماذا تقوم الجهات القانونية المختصة بتسليم شخص لجهاز الأمن انتهت قضيته أمامها؟؟؟ ولماذا لا يقوم جهاز الأمن باعتقال الشخص المعني أو قبضه بنفسه؟؟؟ وما هي المبررات والأسانيد القانونية التي تمنح جهاز الأمن الحق لأن يفعل ما يفعله؟؟؟ هل هذا نوع من الترصد والتشفي والاعلان الصريح بأن هنالك قوى أكبر وسلطات أخطر من المحاكم والبوليس والنيابات مجتمعة؟؟؟ هل هنالك دوافع شخصية أو خصومات يسعى البعض لتصفيتها تحت مظلة القانون؟؟؟؟ هل جهاز الأمن هو الآمر والناهي يفعل ما يشاء وقتما شاء وكيفما اتفق؟؟؟؟.
المؤسف والمزعج أن الشخص لا يأمن على نفسه وحريته، في ظل غياب تام للمؤسسات الرقابية والتشريعية، فبعد أن يقول القضاء كلمته، لجهاز الأمن القدح المعلى في التلاعب بالقانون والمؤسسات العدلية!. والخطير أن موضوع الحريات العامة وما يحدث بها من انتهاكات صارخة لم تجد استجابة من الجهات المختصة!!! وما أن ينفك أحدهم من معركة يديرها ضده جهاز الأمن مسخراً سلطات الشرطة والنيابة والقضاء، إلا ويدخل في أخرى وهكذا دواليك.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، في قضية الصحفي أبوذر على الأمين وبعد أن أكمل مدة الحبس التى قررتها المحكمة وفي اليوم المحدد لخروجه من السجن، تفاجأنا بأن جهاز الأمن قام بفتح بلاغ جديد لمقال صحفي أخر كتبه الصحفي أبوذر ليتم تسليمه لنيابة أمن الدولة بعد انتهاء مدة سجنه، علماً بأن أبوذر خلال فترة سجنه التى تمت السنتين لم يقم بكتابة أي مقال من داخل سجنه، ولكن جهاز الأمن يتخذ القانون مطية ليحقق مآربه رغم ما في ذلك من انتهاك وتعارض صارخ مع القانون والدستور.
وأفاد مصدر أن د. بشرى قمر وبعد انتهاء اجراءات مرحلة التحري أمام نيابة الدولة، قامت النيابة بتسليمه إلى جهاز الأمن، بدلاً من أن تقوم بتحويل ملفه الى المحكمة وبدلاً عن اطلاق سراحه تم تسليمه إلى جهاز الأمن.
ونجد أنه ليس هنالك خلاف أصلاً في أن يمارس الأفراد حرية الرأي والتعبير والتجمع المكفولة بالقانون والدستور بل يجب على الدولة حمايتها وليس إدانة من يمارسه حقه المشروع. كما أن هنالك قاعدة قانونية تقول بأنه لا يجوز محاكمة الشخص عن فعل واحد مرتين ولكن في ظل هذا الزخم الحادث نجد أن جهاز الأمن ما فتأ يتربص بأشخاص ليعيد محاكمتهم وحبسهم.
ويعيد التاريخ نفسه الآن في قضية رضوان داؤود وبعد أن قالت المحكمة كلمتها، يبدو أن جهاز الأمن لم يعجبه الأمر وأراد أن يطيل حبس رضوان داؤود في قضية أخذت منحى جديد لأسباب تظل مقنعة ومبررة لدى جهاز الأمن وحده ولن تجد سنداً قانونياً ليدعم بها حججه الواهية ولو سخر لها كل قوى الشرطة والنيابة والقضاء. ولابد من كلمة أمام هذه الظاهرة الأخذة في التكرار والازدياد وذلك بتعاون الأجهزة العدلية مع جهاز الأمن وتسليمه لأشخاص بغير وجه قانوني، وإرساء لأعراف وممارسات قانونية فاسدة.

Muna Abuagla [abuaglaa@gmail.com]

 

آراء