رسائل الإمتاع والمؤانسة (2)

 


 

 



ما بين أحمد محمد سعد وسحبان بن (هرى)
فى السبت الماضى تطرقنا الى الزمالة والمساجلات الشعرية الطريفة بين الشيخ عمر حسن الأزهرى الشهير بـ (هرى) والأستاذ أحمد محمد سعد والتى كان مسرحها حنتوب الثانوية مطلع الخمسينات . ورأينا كيف استطاع الإثنان توظيف (اربعة جنيهات) إستدانها سعد من (هرى) فى رحلة للقضارف ولم يردّها فى قفشات شعرية بارعة ، فـ (هرى) يذكر رفيقه وغريمه بالدين قائلاً : (ويربطكم معنا على البعد (أربع) ... فهل تتذكر ما إليه أشير ؟) ، فيرد عليه سعد ساخراً ومداعباً ًوهو يقول : (ألا ياهرى طال منك زئير ... وعمت ربوع الأرض منك شرور ... قالوا هرىُّ يطلب اليوم دينه ... فقلت لهم إن الهرىّ عوير).
ويرحل الشيخ عمر حسن الأزهرى (هرى) الى ربه راضياً مرضيا تاركاً لوعة وأشتياق جارف لحميمية العلاقة ونداوة الشعر فى قلب رفيقه سعد ، وها هو سعد فى العام 1996 وبعد ست وأربعين عاماً يسطر رسالة الى سحبان بن هرى (وهو لا يقل قامة عن أبيه الراحل فى الشعر وتصيد الطرفة ، وربما جاء الإسم من أبيه تيمناً بسحبان بن وائل أخطب العرب) ، فمضى سعد ينسج الشعر فى رسالته على موضوع الدين القديم .. دين الأربعة جنيهات كأنه يستدعى روح الطُرفة والإمتاع والمؤانسة من الزمن الجميل .. راح يقول :
ألا يا هرىّ فاح منك عبير ... وعمّ ربوع الأرض منك حبور
مضت من سنين أربعون وستة ... وأنت بآلام السنين خبير
فذكراك لا زالت تنير قلوبنا ... تموج رحاها حولنا وتدور
بسطت على حنتوب نوراً وفرحةً ... فحنتوب فيها بهجة وسرور
ولست بناس حين كنا بمكتب ... كبير بأهل العلم وهو صغير
ولست بناس بالقضارف أربعاً ... أسددها ما قد أضر قصور
فإن كنت قد غادرتنا منذ فترة ... فـ (سحبان) خير الوارثين قدير
وها أنا بعد الشيب أرسل أربعاً ... أرد بها ديناً طوته دهور
أسلمها سحبان إذ أن مثله ... حريص على حفظ التراث جدير
ألا رحمة الله تغشى هريّنا  ...   وتغمره يوم الجبال تمور

وفى 20 /12 / 2004  يدير سحبان بن هرى كأس الود بذات الإمتاع وروح المؤانسة الصادقة فيرد مخاطباً أحمد محمد سعد :
صنيعك يا زين الرجال كبير ... فأنت صديق بالثناء جدير
برغم طواف فى المدارس كلها ... وبالرغم من عيش هناك عسير
رددت لنا ديناً قديماً مؤجلاً ... من العمر قد طالت عليه دهور
ومن بعد نصف القرن جئت تردها ... بأكملها لم يعتريها قصور
ووفيت وعداً صادقاً ومعبراً ... به طبت عيشاً واستراح ضمير
جنيهاتكم جاءت كما هى أربعاً ... وما طار منها ما إليه تشير
بها صور الفرعون فى جنباتها ... ومسجد قايتباى بمصر شهير
بها طفت حنتوباً وزرت قضارفاً ... و(طقّت) و(الوادى) فأنت سفير
ونامت كأهل الكهف طال زمانها ... فهل فى شراء للرغيف تسير ؟
سنجعلها وقفاً لروح هرينا   ...   لينهل منها عابر وفقير
زميل هري " أحمد" أنت صادق ... وأنت صديق ما إليه نظير
أعدت لنا ذكرى هري وعهده ... ولم تنس كأس الود كيف يدور
وهذا هو التاريخ يحكى روائعاً ... من العلم والتدريس كيف تسير
فرحنا برد الدين وانزاح همكم ... وعنا جزاك الله وهو شكور
وعنا جزاك الله وهو شكور

خاتمة: لا بد أن أشير أن أول ما دفعنى لنشر رسائل الإمتاع والمؤانسة هو إشراك بعض القراء ممن يستهويهم هذا الإمتاع ، والسبب الثانى هو إدخال هذه الرسائل فى أكبر وعاء حافظ للمعرفة الكونية عرفته الإنسانية (الإنترنت) حفظاً وصوناً لها من الضياع .




fadil awadala [fadilview@yahoo.com]

 

آراء