بلاد السودان ؟ الي أين ؟

 


 

ثروت قاسم
18 September, 2012

 

Tharwat20042004@yahoo.com
1  -  كلامات عنقالية ؟
الاجابة على السؤال المفتاحي ( بلاد السودان .. الى أين ؟ ) ، تجدها عند عنقالية من أطراف ودنوباوي اختزلت الوضع الكافكاوي في بلاد الجن ، عندما تمتمت مستغربة وهي تخرج من مسجد السيد عبدالرحمن :
(  المتظاهرون ضد الفيديو المسيء للإسلام خرجوا في مظاهراتهم في مصر وتونس وليبيا وحتى اليمن وهم ماكلين شاربين ، أما عندنا في بلاد الجن هذه فقد أخرجهم رباطة الإنقاذ  ، كالقطعان ، وهم جعانين لا يجدون قوت يومهم ،  ولا يجدون حق الطماطم ؟ 
فالعيش ( الرغيف ) ، 4 صغار زي اللقيمات بجنيه ، وكمان بدقيق  مستورد ( نأكل مما نستورد ؟ ) !
والعيش ( التعايش السلمي بين السودانيين ، زرقة وعرب ، مسلمين وغيرهم )  معدوم  وسط الحروب الأهلية في أطراف بلاد السودان !
والعيش ( بكرامة وحرية ) صار حلما بعيد المنال مع عمايل الرباطة الذئبية ، وأقلها أغتصاب الفتيات وحراير النساء !
والعيشة ( العدالة الإجتماعية  )  صارت محصورة  في الصدقات ، وينظر إليه أبالسة الإنقاذ على أنها  منة منهم ( ولا تمنن تستكثر ) ، وليس حقا أصيلا من حقوق المواطنة ! كما يقول صديق محيسي فقد  طبق الابالسة العدالة الأجتماعية  علي سلالاتهم فقط  ؟

سقط أكثر من 90% من السودانيين  في حفرة الفقر في دولة الإنقاذ الفاشلة ، أكثر من نصفهم يرزحون تحت خط الفقر المعدم المدقع ، حيث لا يجدون ما يأكلون كل يوم !
وسياسات نظام البشير البئيسة تضاعف من فقر السودانيين وتغرقهم أكثر في مستنقع هذا المرض الإجتماعي الوبيل !  ويأكل هذا المرض الخبيث ( الفقر ) كرامة الإنسان  السوداني ويمرغها في التراب حسب المقولة المشهورة ( لا حرية لجائع ولا كرامة لعريان ) !  من النتائج المباشرة لظاهرة الفقر ، الارتفاع  المهول في حالات الاصابة بمرض السل ، والالتهابات الرئوية والمعوية ، ونقص المناعة ... الأمراض القاتلة التي تقود الي الاف الموتي كل يوم في بلاد السودان ! فعلا لو كان الفقر رجلأ ، لقتلناه ؟
والسبب وراء كل هذه المحن والأحن هو سياسات نظام البشير البئيسة ! ) ؟ 
انتهت كلامات العنقالية !
2 -  ومن العواصف ما يكون هبوبها بعد الهدوء وراحة الربان !

توقفت الوقفات الإحتجاجية والمظاهرات لأسباب عديدة منها ذئبية قمع الرباطة والجنجويد المؤدلجين ( وليس الشرطة ) للشباب المتظاهرين في كافة ربوع السودان ، وكمثال ليس للحصر ، فقد  قتلوا في نيالا 19 تلميذا ثانويا دون سن العشرين ، فقط لأنهم تظاهروا سلميا ضد الغلاء الفاحش ، والجوع الكافر !
وقد رأى الشاعر الرفاعي  في بركة  السودان الراكدة حاليأ  ،  وجوما كالضباب مصورا ، ما فى قلوب الناس من غليان !
وقال :
ومن العواصف ما يكون هبوبها =
بعد الهدوء وراحة الربان
إن احتدام النار في جوف الثرى =
أمر يثير حفيظة البركان
فهل يا ترى تتابع القطرات ينزل بعده ، سيل يليه تدفق الطوفان ! فيموج الطوفان  يقتلع الطغاة مزمجرا ، اقوى من الجبروت والسلطان !
نعم ... سوف يموج الطوفان وتتواصل المظاهرات ، فأسبابها ومسبباتها قد ازدادت سوءا على سوءها ، وتواصل رمال الإنقاذ تسربها الى قاع ساعة الرمل  !
شاهد ساعة الرمل الانقاذية :


في هذا  السياق ، هل أتاك حديث ( حركة التغيير الآن ) التي ما فتئت تؤكد أن ( المقاومة مستمرة و ستنتصر ) ، وأن نظام البشير الذي يتاجر بشعبه و بحياة مواطنيه  يجب أن يذهب و أن يذهب الآن!

شباب ( حركة التغيير الآن ) واثقون من قدرتهم  على مواصلة الكفاح  ، ومؤمنون بأن مسلسل انتفاضتهم الوليدة  في يوم السبت 16 يونيو 2012 ، والتي استمات الأبالسة  في  وأدها دون جدوى ،   سوف يشهد حلقات أخرى أكثر قوة ومناعة ، سمها  هذه المرة  : هبة  ، أو صحوة أو سمها فورة ... لبلوغ أهدافهم النبيلة في الإطاحة بنظام البشير وتحرير المواطن السوداني ، واسترداد  كرامته المسلوبة ، واستشراف فجر جديد كله  قمحاً ووعداً وتمني ، ( والكنوز انفتحت في باطن الأرض تنادي ...    باسمك الشعب انتصر ) !
3 -   كيف تعارض المعارضة  نفسها  ؟
ولكن للاسف المعارضة  التقليدية  ( السياسية والحاملة السلاح  ) منقسمة على نفسها ، والصراع داخلها في حدة الصراع ضد النظام!
تحالف كاودا الحامل للسلاح متشاكس مع قوي الاجماع الوطني ! بعض مكونات تحالف كاودا الثوري في حالة حرب مع مكونات اخري في نفس التحالف ! بعض مكونات تحالف قوي الاجماع الوطني  في حالة حرب مع مكونات اخري في نفس التحالف ! بعض العشائر والفرقان  في بعض مكونات تحالف كاودا الثوري قد انشقت من المكون الأم ، وفي حالة حرب ضده ! بعض العشائر والفرقان  في بعض مكونات تحالف قوي الاجماع الوطني  قد انشقت من المكون الأم ، وفي حالة حرب ضده !
الكل في المعارضة في حالة حرب ضد الكل ! ثم هل هي معارضة ، أم دقشة معارضات متدابرة ومتشاكسة فيما بينها ؟
هاتوا برهانكم أن كنتم صادقين !

+  البرنامج الديمقراطي البديل لم يتم الاتفاق عليه من تحالف كاودا الثوري ؟
+   البرنامج الدستوري البديل لم يتم الاتفاق عليه من تحالف  قوي الاجماع الوطني  ؟
المعارضة في حالة معارضة عبثية ضد المعارضة ؟

4 -  قرني الثور ؟
السياسة والإقتصاد مرتبطان ارتباطا لا فكاك منه ... يحاكيان قرني الثور ! السياسة هي الشجرة ، والإقتصاد أوراقها !  إذا سقيت الشجرة وضمنت لها السلام والإستقرار من عجاجات التشليح والحرق ، أينعت أوراقها واخضرت وأزهرت ! والعكس صحيح !
تظبط السياسة ، ينظبط  تلقائيا الإقتصاد !
كيف يزدهر الإقتصاد وسياسة نظام البشير مبنية على شن حروب أهلية ضد شعوب النوبة وشعوب الأنقسنا وشعوب  دارفور ،  وافتعال أخرى مع دولة جنوب السودان ، مما يولد حلقة عبثية  ؟
معظم  موارد الدولة المالية  والإقتصادية  سوف تكون  موجهة لتغذية هذه الحروب العبثية ليضمن نظام البشير بقائه على السلطة ! فيزداد العجز في ميزان المدفوعات ، وتتفاقم الضائقة وتقفز الأسعار وتزداد البطالة ،  وبالتالي معدلات الفقر ،  ويخرج الناس في مظاهرات ظاهرها البطالة والفقر والجوع ، وباطنها الأزمة السياسية التي أوقع النظام البلاد فيها !
5 - الحساب ولد ؟
دعنا نمسك ورقة وقلم ،  ونحسب بهدوء !
ميزانية الدولة تتكون من داخل وخارج !
إذا تساوى الداخل مع الخارج تكون الميزانية متوازنة ! وإذا زاد الخارج عن الداخل يحدث عجز ... وهو مرض مزمن وعضال في الحالة السودانية !
الداخل يتكون من داخل خارجي وآخر محلي !
الداخل الخارجي يتكون بدوره من الآتي :
+ صادرات ريعية كالبترول والذهب .
+ صادرات زراعية وحيوانية .
+ صادرات صناعية .
+ خدمات كالسياحة وبيع أصول .
+ تحويلات مغتربين وقروض ومنح وهبات !
قبل انفصال الجنوب ، كان البترول يمثل أكثر من 90% من الداخل الخارجي من العملات الصعبة وتمثل بقية الصادرات  وغيرها أقل من 10% !
بعد انفصال الجنوب وزوال بتروله ،  فقد الداخل الخارجي أكثر من 90% من مكوناته الدولارية وصارت بلاد السودان تعيش على أقل من 10% من مكونات الداخل الخارجي ، وبالأخص تحويلات المغتربين  ! الأمر الذي أحدث عجزا وفجوة عميقة بقيمة 2 مليار و400 مليون دولار في ميزانية عام 2012 !
لم تنجح الحكومة في ردم هذه الفجوة من خلال القروض والمنح وبيع الأصول وتصدير الذهب ! وانعكست هذه الفجوة في ارتفاع سعر صرف الدولار ، لأنه لا توجد دولارات واردة للبلد من الخارج ،   كما في السابق من تصدير البترول ! ونتج شح الدولار  في زيادة سعر صرفه  ، وعزوف المغتربين عن تحويل مدخراتهم عبر المسار الرسمي !
وكانت النتيجة الحتمية ازدياد الأسعار ، وازدياد معدلات البطالة والفقر ومظاهرات الجوع والمسغبة !
+  الداخل المحلي يتكون من الجمارك والضرائب والجبايات بالعملة المحلية  !
اضطر نظام البشير في محاولة لردم الفجوة المالية في ميزانية عام 2012 المذكورة أعلاه ،  لزيادة تعريفة الجمارك وفرض ضرائب اضافية على المحروقات وغيرها من المواد الإستهلاكية  !
ترجمة ذلك بلغة السوق هي تحميل المواطن السوداني الزيادات ، لأن الترتار يقف عنده في نهاية المطاف ، فهو الذي يشتري وهو الذي يدفع من جيبه هذه الزيادات !
كانت بداية الزيادات في أسعار المحروقات وغيرها من الخدمات في يونيو 2012 بداية خجولة ، وتمثل المقدمة لزيادات اقسى قادمة في الطريق في الشهور المقبلة ... حيث أنه لا يوجد أمام نظام الإنقاذ حل آخر لزوال بترول الجنوب !
فالخبراء الإقتصاديون يؤكدون أن  اتفاقية النفط  مع دولة جنوب السودان ( إذا تمت اجازتها في يوم السبت 22 سبتمبر 2012 )  سوف تحاكي وضع اللصقة على جبس الرجل المكسورة ... فهي بالكاد تغطي مصاريف الترحيل والمعاملات النفطية الأخرى !
لن يكون هناك بارقة حل ، ونظام الإنقاذ مصر على اهدار الموارد المالية الشحيحة في حروبه الأهلية ، وزيادة الصرف على أمنه الداخلي لضمان استمراره في الحكم !
6 - الهيكلة !
أصدر الرئيس البشير فرمانات في يونيو 2012 لهيكلة بعض مؤسسات الدولة ، أعفى بموجبها بعض الدستوريين ، وحول الحكومة العريضة الى حكومة رشيقة ، ولكن هذه الإجراءات تمثل نقطة في بحر المطلوب عمله !
يتكون بند الرواتب ( أكبر بند في الميزانية ) من مكونين :
+ المكون الأول يحتوي على رواتب عناصر الأمن والدفاع والقوات النظامية وغير النظامية من مجاهدين وجنجويد ورباطة ! ويمثل هذا المكون أكثر من 70 %  من الرواتب في الميزانية !
لم يمس الرئيس البشير هذا المكون بفرمانات يونيو 2012  الهيكلية والتخفيضية !
+ المكون الثاني يحتوي على رواتب بقية العاملين في كل مؤسسات وقطاعات الدولة السنية !
ويمثل هذا المكون أقل من 30 %  من الرواتب في الميزانية !
الفرمانات التي أصدرها البشير في يونيو 2012 لإعفاء بعض الدستوريين وترشيق الحكومة العريضة ، وما صاحبها من فرقعة اعلامية مهولة ، تقع في المكون الثاني ( أقل من 30% ) من بند الرواتب !
إذن لا تعدو أن تكون هيكلة مؤسسات الدولة ،    والإجراءات التقشفية بصخبها الإعلامي ، ذرا للرماد في العيون ! ذلك أن الموفر من هذه التعديلات مجرد تبش ( وفول حاجات ) بالمقارنة مع رواتب منسوبي الأمن التي لم (  يهبشها) الرئيس البشير بفرماناته في يونيو 2012 !
ثم أتضح أن معظم الأجراءات التقشفية والهيكلة  لعب علي الذقون ، وذر للرماد في العيون !
مثل من بين مئات في المركز والولايات :
تمت هيكلة  معالي المستشار الرئاسي الدكتور مصطفي عثمان اسماعيل فصار وزيرأ في المجلس الأعلي للأستثمار ، بنفس المخصصات المالية ... زيتكم في بيتكم وكأننا يا عمرو لا رحنا ولا جينا ؟
المحصلة النهائية أن الشعب السوداني موعود بزيادات مهولة في الأسعار خلال الشهور بل قل الأسابيع المقبلة !
نواصل ...

 

آراء