في تعصيب الإخوان !!
منى أبو زيد
20 September, 2012
20 September, 2012
"لا تمش ورائي فقد لا أعرف الطريق، ولا تمش أمامي فقد لا أتبعك، امش إلى جواري فقد نصبح أصدقاء" .. أنيس منصور!
المشي جنباً إلى جنب لم يكن أبداً طابع العلاقات السودانية المصرية التي كانت خطواتها تشهد فصولاً من التعثر والهرولة، ولكنها اليوم تشهد وقوفاً عند منعطف يزعم البعض أنه جديد (أي متغير) ويظن آخرون أنه متجدد (ساكن على ما هو عليه) ..!
شكلانياً تدلل الألعاب النارية على جدية الاحتفال، وعليه فلا أحد يستطيع أن يقلل من شأن كرنفالية خطوة إطلاق سراح السجناء "المتبادل" الذي تزامن مع زيارة الرئيس البشير للقاهرة، لأنها تعني الكثير إنسانياً، لكنها في موازين "السلوك الدولي "حركة "في شكل وردة .. فرقعات ملونة تدلل على ابتهاج المحتفلين أكثر من تدليلها على أهمية إطلاقها ..!
التصريحات العاطفية في حديث الساسة – كما تعلمون - هي الوجه "الرومانسي" لحوار المصالح، لذلك لستم ولستنا في حاجة إلى تريديد ذات المنمنمات والفسيفسائيات اللفظية "المرسلة" التي امتلأ بها حديث حكام ومسئولي الدولتين ..!
فالأمر – وليس هذا تقليلاً من حجم اللطف ومقدار الحماسة في تقييم الطرفين لمآلات اللقاء - على ساحة التطبيق مرهون بكثير من الاختبارات والموازنات التي نشفق على خارجيتنا من وعثاء طريقها .. هذه الصراحة (البايخة) في التحفظ - على لون الفرح المسكوب في لوحة تجديد النذور السياسية بين (جماعة إخوان) – تقتضي حديثاً واضحاً عن التوقعات والمآلات ..
مثلاً، الرئيس البشير أكد استعداد السودان لاستقبال مستثمرين مصريين ولكن العثرات الاقتصادية بين البلدين - إذا تحرينا النزاهة - لم تكن مشكلتها نظام حسني مبارك بقدر ما كانت إشكالاتها نابعة من مثالب قوانين وممارسة الاستثمار في السودان نفسه، ومن عجز حكومتنا المتواصل عن تذليل عقبات القوانين وعثرات مخترقيها من نوافذ الفساد ..!
ثم أن الانتماء الى توجه أو فكر سياسي واحد لا يمثل شيئا – أبداً - أمام مقتضيات الحراك السياسي، وواجبات الحكومات الجديدة تجاه وعودها القومية ومواطنيها المنتظرين ومعارضيها المشرئبين .. ومشكلة مثل هذه المنعطفات الكرنفالية في علاقات الدول أن المسكوت عنه خلالها عادة أكثر من المطروح للنقاش ..!
ونحن وإياهم – بعيداً عن أنغام الاحتفال – نواجه قلق ملف المياه الذي يقض مضجع مصر أكثر مما يؤرقها النجاح في تعميق علاقاتها مع السودان، فالحفاظ على مستوى الطرح الجديد هنا – تحديداً - مرهون بموقف السودان من بعض دول الحوض .. فهل تستطيع خارجيتنا أن تعبر بسلاسة مثل هذا "الدقداق" ..؟!
ذات الموقف تعيشه مصر مع ملف دولة الجنوب ولكن على نحو أكثر "أبويَّة" وأقل عاطفية .. بطبيعة الحال تستطيع مصر أن تكون في منطقة وسطى لكنه حياد مرهق وباعث على الكثير من التوتر .. ثم أن تزايد (نشاط) المعارضة في سودان ما بعد الربيع العربي من شأنه أن يحرج حكومة الرئيس مرسي التي جاءت بها ثورة معارضين .. أليس كذلك ..؟!
مشكلة حكومة السودان أنها تواجه – اليوم - إرث فشلها مع النظام المصري السابق، وهي في ذلك – وبحسب أبجديات علم الفروض - وريثة وحيدة لن يُعصِّبها (الإخوان) ..!
منى أبو زيد
munaabuzaid2@gmail.com
////////////////