نقوش على قبر المدثر .. يكتبها: بدرالدين حسن علي
بدرالدين حسن علي
15 October, 2012
15 October, 2012
عذرا لصديقي الراحل المقيم عبد الهادي صديق لإستعارة عنوان كتابه " نقوش على قبر الخليل " ، فكلاهما خليل فرح وصديق مدثر نقوش على جدار الوطن ، الأول رحل قبل سنين والثاني رحل يوم 10/10 / 2012 بالمستشفى العسكري بالرياض عن عمر يناهز ال 83 عاما ، ولو أن خليل فرح ما كتب غير أغنية " عازة في هواك " لكفاه ، ولو أن الشاعر الراحل المقيم صديق مدثرأبو القاسم ما كتب غير عاد الحبيب وضنين الوعد أيضا لكفاه ، وأغنية ضنين الوعد هذه طويلة جدا ولكن الفنان عبد الكريم الكابلي إختار منها فقط بعض الأبيات .
أصبحت حقيقة أخاف من عام 2012 ولم ينته بعد ، كما عبرت عن خوفي من عام 2011 ، في العامين هوى أجمل المبدعين الرائعين وتلك مشيئة الله .
لا بد في البدء من تعزية صديقي مصطفى مدثر وقد جئنا إلى هذه الدنيا في نفس العام وربما تزوجنا في نفس العام ، وأعزي زوجته الرائعة منى الجزولي و"الغسان " الفنان الإنسان وبقية العقد الفريد ، كما أعزي آل مدثر وآل الجزولي وجميع من آلمه فراق صديق مدثر أمثال أسامة وجمال وغيرهم .
تعود علاقتي بصديق إلى خمسينات القرن الماضي ، فقد درسني قواعد اللغة العربية بمدارس الدوش الوسطى هو والراحل المقيم عمر الطيب الدوش ، وقد كنت محظوظا عندما إنتقلت إلى الثانوية وتحديدا الأهلية الثانوية بأم درمان أن يقوم الشاعر الكبير الراحل المقيم الأستاذ محمد عبد القادر كرف بتدريسي " فقه " اللغة العربية وهو صديق شخصي للراحل صديق مدثر ، ويبدو أن " الأشقاء الثلاثة " صديق وحبيب ومصطفى ينتمون لمهنة غير مهنتهم وهي الشعر أو القصة أو النفد الأدبي المسرحي والسينمائي ، لقد وقفت كثيرا وباحترام شديد للأستاذ صديق مدثر ، وأذكر جيدا أنه دخل علينا في الفصل وقرأ علينا أبياتا من قصيدته " ضنين الوعد " :
"كان بالأمس لقانا عابرا ، كان وهما كان رمزا عبقريا ، كان لولا أنني أبصرته وتبينت إرتعاشا في يديا ، بعض أحلامي التي أنشدها وأناجيها مليا " .
وسألنا أين خبر كان الأولى ؟ كانت جميع الإجابات خطأ ما عدا إجابتي ، قلت له : جملة " بعض أحلامي " قال لي شاطر ، إنت مستقبلك في اللغة العربية !!!
عندما إغترب بالسعودية كنت يومها مغتربا بالكويت ، حصلت على هاتفه فخابرته ، قلت له أنا فقط أريد أن أطمئن على صحتك ، قال لي طول عمرك أصيل ، تتداعى الذكريات بصورة مخيفة عندما أتذكر تلك السنوات الرائعة من عقد الستينات من القرن الماضي ونحن حضور في منزل الأديب الأريب عبد الله حامد الأمين صاحب " كلمة حلوة منك " لعثمان حسين ، والسوسن البراق لأحمد المصطفى ، ولكن هذا الأخير غنى لصديق مدثر " فتاة الوطن " وفتاة الإتحاد " وصديق أيضا صاحب نشيد التعاون وفتاة الجيل وعاد الحبيب وضنين الوعد وأغنيته الرائعة " سبا " ألحان وغناء محمد ميرغني .
ألا رحمك الله يا صديق بقدر ما أعطيت لوطنك ولأم درمان وللهاشماب .
badreldin ali [badreldinali@hotmail.com]