أين نحن من عدالة التطبيق ..؟!
"مقر العدالة مقر مقدس" .. فرانسيس بيكون!
أحياناً تكاد تمسك برأسك الذي يدور ويدور باحثاً عن سودان الحكومة الذي تقرأ عنه في تصريحات السادة المسئولين في بلادك! .. إذ كيف لتصريحات الساسة الحاكمين أن تنأى بنفسها كل هذه المسافات عن قناعات مواطنيهم المحكومين بمآلات تلك التصريحات الوردية التي تنسجها حكومتهم بعيداً عن حلة الملاح .. ومصاريف المدارس .. وحبوب الضغط وحقن السكري .. ثم خروف العيد الذي تمخضت جبالها – بشأنه - فولدت فئران التقسيط التي سوف "تقرض" بمشيئة الله من دخول المواطنين إلى ميقات العيد القادم ..!
والآن أعرني رأسك إذا سمحت وأحرص – قدر الإمكان – على ألا يدور ويدور .. هل تضرب إسرائيل السودان للقبول الشديد الذي يحظى به في العالم العربي والإفريقي ولعلمها أنه سوف يكون بقعة للصحوة الإسلامية؟! .. هل إسرائيل مصابة هذه الأيام بهلع خاص من السودان لأن قوته الواعدة تحبط معنوياتها المستندة على القوة المادية فقط؟! .. هل إسرائيل في حيرة من أمرها من قوة السودان المعنوية لذلك لم تستطع التعامل مع إحباطها بضبط النفس فضربت الخرطوم في أيام العيد .. ؟!
ثم إذا كانت القوة السياسية الحقيقية هي التي ترد كل شيء إلى الشريعة الإسلامية فهل نحن أقوياء فعلاً بتمسكنا بتطبيق الشريعة كما ينبغي لذلك أن يكون؟! .. هل لنا أن نتساءل عن مدى نضج تجربة الإنقاذ في تطبيق الشريعة؟! .. مقدار الخدوش؟! .. كم الشقوق التي تقادمت على صحن الصيني المقدس هذا؟! .. والذي يُحرِّم حراسه مبدأ الاقتراب منه، أو حتى محاولة تصوير بعض وجوهه من زوايا أخرى ..؟!
ما هو تطبيق الشريعة الإسلامية إن لم يكن تحقيق العدالة والمساواة على هدي القرآن (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون) والسنة النبوية (لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)؟! .. وهل دولة الشريعة هي تروج لزواج القاصرات وتتشدد بشأن الملبس الذي يخدش الحياء العام ثم تغض الطرف عن جرائم انتهاك المال العام، والفساد والمحسوبية ؟! .. هل دولة الشريعة هي التي تتفرس في ملابس البسطاء، وتدقق في أفعال الفقراء، ثم تغض الطرف عن تجاوزات المسئولين وفظائع المحسوبين على الحكام من الأثرياء والمترفين ..؟!
الشريعة والعدالة صنوان، توأم سيامي لا تفلح معه جراحات الفصل التي يجريها فقهاء السلاطين .. فأين نحن – يا ترى - من تلك التوأمة ؟! .. بل أين نحن من صور عدالة تطبيق القانون في إسرائيل الجن نفسها ..؟!
قبل نهاية فترة رئاسة الرئيس الإسرائيلي الأسبق موشيه كتساف تم اتهامه بحزمة اعتداءات جنسية وحكم عليه بالسجن سبع سنوات عجاف، وبتعويضات مالية باهظة .. الشعب الإسرائيلي لاحق رئيس بلاده السابق وعاقبه على استغلال نفوذه، والقضاء الإسرائيلي قال إن رئيس البلاد مثله مثل أي شخص آخر! .. فأين هي حكوماتنا الإسلامية من هكذا مواقف؟! .. أوليس التطبيق هو مربط الفرس؟! .. وإلا فأين شريعة هؤلاء من قوانين أولئك ..؟!
munaabuzaid2@gmail.com