الإمام الصادق المهدي ينعي المحامي التونسي شكري بلعيد

 


 

 




10 فبراير 2013م


نعي شكري بلعيد

اغتيل السياسي المحامي المناضل ضد الدكتاتورية شكري بلعيد في تونس، الأمين العام للتيار الوطني الديمقراطي. رحمه  الله وأحسن عزاء أسرته الخاصة، وأسرته السياسية، والوطنية.
اغتيال شكري بلعيد علامة فارقة. ومثلما فتح استقتال محمد البوغزيزي صفحة تاريخية جديدة فتح هذا الاغتيال صفحة جديدة من نوع آخر.
هنالك الآن في تونس، وغيرها من بلاد المسلمين، اصطفافات؛ أخطرها اصطفافان: لا أقبل تسمية الإسلام السياسي ولكن التسمية الصحيحة هي: سياسة المجتهدين الإسلاميين أو سياسة الإسلاميين. هؤلاء ينقسمون إلى طيف عريض، منهم على يسارهم من يقبل التعددية الفكرية السياسية، والاحتكام للآلية الديمقراطية، ولكن منهم من يعتبر الديمقراطية كفراً، ويدين بفهم للولاء والبراء يعتبر المخالفة في الاعتقاد هدفا مشروعاً للتكفير، ويعتبر الكفر في حد ذاته علة للقتل.
في المقابل لا أقبل تسمية المعسكر الآخر بالعلمانيين لأن للعلمانية محمولات فلسفية واسعة، ولكن اسميه معسكر الذين يريدون استبعاد الدين من الشأن العام، وهي ترجمة لعبارة اللائكية المعروفة في الأدبيات المغاربية، من بين هؤلاء تيار مماثل في غلوه للتكفيريين. يعتبرون أية إشارة للدين في المجال العام "جاهلية" إنسانية ودعاتها يستحقون الاستئصال.
هذان التياران من الغلاة يتبادلان التراشق والمساجلات بالكلمة وسوف يتبادلانها بالسلاح حتماً. اغتيال المحامي شكري في تونس ينبغي أن يفهم في إطار هذه المساجلات حتى إذا كان من أطلق الرصاص فعلاً عناصر مأجورة أو مدسوسة. فالغلو المتبادل هيأ المسرح، وحادثة الاغتيال عرض من أعراض المرض.
هنالك اصطفاف آخر ما بين الهيمنة الدولية التي يحاول فرضها الاستعلاء الأمريكي كما صوره المحافظون الجدد، وما نشأ ضده من غلو مضاد باسم القاعدة وأخواتها.
لا ينتمي كل الغربيين لمشروع الاستعلاء والهيمنة، وما كل المسلمين ينتمون لمشروع القاعدة، ولكن هذان التياران من الغلاة يتبادلان التراشق بالكلمة وبالسلاح.
مستقبل أوطاننا يعتمد على احتواء الغلو الداخلي بشقيه، ومستقبل العلاقات الدولية السوية يعتمد على احتواء الغلو الأممي، وإلا فنحن أمام فترات ظلامية مدمرة.
فيما يتعلق باغتيال الاستاذ شكري، ينبغي إجراء تحقيق عادل وشامل ومحايد بحيث تقبل نتائجه، وأوجه نداء لكافة الأطراف المسؤولة والمحزونة الكف عن الإسراع بالاتهامات وتوظيف الحادث للمصلحة السياسية، سواء الذين يريدون تحميل أعداء النظام المسؤولية أو الذين يريدون تحميل أنصار النظام المسؤولية حتى تظهر نتائج التحقيق.
ولكن الأمر يتجاوز الحادث، ويوجب إدراك المخاطر التي يجرنا إليها الغلاة، والتواثق على إنقاذ أوطاننا وعالمنا من حافة الهاوية.

 

آراء