ذكري انتفاضة مارس 1985 وإرهاصات زوال النظام
تاج السر عثمان بابو
14 March, 2013
14 March, 2013
يعيش السودان الآن الارهاصات نفسها التي ادت الي انتفاضة مارس- ابريل 1985م، حيث تتفاقم الأزمة الوطنية العامة التي أسهم في تعميقها نظام الانقاذ ، ولاسيما بعد انفصال الجنوب، وتزداد حدة الأزمة الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة والارتفاع الجنوني في اسعار السلع والخدمات، والسير في المزيد من الخصخصة ورفع الدولة يدها من تقديم ابسط الخدمات للمواطن. وتشتد نيران الحرب في جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق ، وفي دارفور التي تعقدت في الاوضاع بشكل غير مسبوق بعد دخول عوامل جديدة مثل: الصراع علي الذهب، وتدهور الاوضاع الأمنية ، وفشل اتفاق الدوحة...الخ.
اضافة لفقدان البلاد لسيادتها الوطنية حتي اصبح كل من هب ودب يتدخل في شؤون البلاد الداخلية بسبب سياسات نظام الانقاذ الخرقاء. وفشل الحلول الثنائية التي قدمها المجتمع الدولي والتي ادت الي تفاقم ازمات البلاد وتمزيق وحدة الوطن.
كما تزداد حدة التناقضات والصراعات داخل النظام، والضغوط الداخلية والخارجية عليه.
وتتفاقم أزمة مصادرة الحقوق والحريات الديمقراطية التي تتمثل في ممارسة الاعتقالات التعسفية كما هو الحال في استمرار اعتقال قادة الاحزاب بسبب مسودة وثيقة "الفجر الجديد"، ومصادرة الحريات الصحفية مثل منع صحيفة الميدان من الصدور، وحرية تسيير المواكب السلمية. ومصادرة نشاط المراكز الثقافية، واستغلال الدين في مصادرة الحقوق الديمقراطية والشخصية، وتهديد وزير التعليم العالي بمصادرة النشاط السياسي في الجامعات ، وكأن النشاط النشاط السياسي في الجامعات وغيره يحتاج لاذن من احد ، علما بأن الحركة السياسية السودانية انتزعت حق النشاط السياسي من براثن الادارة الاستعمارية وديكتاتورية عبود وديكتاتورية النميري، وانتزعت هامش الحريات الحالي من نظام الانقاذ، وتواصل نضالها حتي اسقاط النظام ومن اجل انتزاع الحقوق والحريات الكاملة غير المنقوصة. وقاومت الحركة الطلابية فرض الاسلام السياسي في مناهج التعليم وتدمير المؤسسات التعليمية واغلاق الجامعات، وحرق داخليات الطلاب وممارسة العنف من قبل مليشيات المؤتمر الوطني التي ادت الي اغتيال بعض الطلاب اضافة للجرحي.
من الجانب الآخر تتواصل مقاومة الحركة الجماهيرية التي تتمثل في اضرابات العاملين والوقفات الاحتجاجية للمعلمين والاطباء والعاملين في المهن الصحية ضد خصخصة المستشفيات، ومقاومة الطلاب من اجل مطالبهم النقابية وضد عنف السلطة ومليشيات المؤتمر الوطني، من اجل استقلال الجامعات وديمقراطية الاتحادات الطلابية، اضافة الي انتفاضات الجماهير في المدن من اجل خدمات المياه والكهرباء وضد الغلاء وبيع الاراضي والميادين العامة، ومقاومة المزارعين لخصخصة المشاريع الزراعية وتوفير مقومات الانتاج الزراعي، كما تزداد المقاومة للفساد والسخط العام ضد الانحطاط الاخلاقي الذي يتمثل في ازدياد حوداث اغتصاب الاطفال، وخطاب الاستعلاء العنصري ، وازدياد حدة الفقر وغير ذلك من المآسي غير المسبوقة التي تحيط بالبلاد احاطة السوار بالمعصم.
لقد وصلت الأزمة الوطنية العامة الي درجة اصبحت تهدد بتمزيق ماتبقي من الوطن، بحيث يصبح المطلوب تقوية وتمتين وحدة قوي المعارضة والتي كانت العامل الحاسم في انتزاع الاستقلال عام 1956م، وثورة اكتوبر 1964م التي اطاحت بنظام عبود، وانتفاضة مارس 1985م التي اطاحت بنظام نميري.
لقد اكدت التجربة الماضية أن عدم وحدة وتماسك المعارضة كانت من الاسباب التي ادت الي اطالة عمر نظام الانقاذ، حيث تم توقيع اتفاقات ثنائية مع احزاب وحركات ، لم يوف بها النظام ، مما زاد من تفاقم الازمة الوطنية العامة.مما يتطلب تقوية تحالف المعارضة وتوحيدها حول الحد الأدني الذي ينقذ البلاد من الصعود الي الهاوية وخطر التشظي والتمزق والمزيد من المعاناة والالام لجماهير شعبنا، ونهب ثروات البلاد واصولها لمصلحة فئة رأسمالية طفيلية اسلاموية، وهذا يتطلب قيام اوسع جبهة وتحالف من اجل اسقاط النظام ، وقيام حكومة انتقالية يكون من مهامها تحقيق الاتي:
• التحول الديمقراطي وتصفية النظام الشمولي والغاء كل القوانين المقيدة للحريات، وعقد المؤتمر الدستوري الذي يقرر شكل الحكم في البلاد علي أساس دولة المواطنة التي تسع الجميع غض النظر عن الدين أو اللغة أو الجنس أو العرق أو الثقافة، وحل قضايا المفصولين ومتضرري السدود ورد المظالم، وممتلكات الشعب المنهوبة...الخ.
• فك الضائقة المعيشية وتركيز الأسعار ودعم التعليم والصحة ودعم التعليم والصحة والسلع الأساسية، وعقد المؤتمر الاقتصادي الذي يسهم في وقف التدهور الاقتصادي الشامل في البلاد.
• التصدي لحل القضايا العالقة بعد الانفصال(ابيي، الحدود، الجنسية، المواطنة،....).
• وقف الحرب في جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق، وقيام انتخابات حرة نزيهة تتبعها آلية جديدة لاستطلاع سكان المنطقتين، والاشراف علي محادثات قبائل أبيي.
• الحل الشامل والعادل لقضية دارفور.
• التصدي للوضع المتدهور في شرق السودان.
• منع تجدد الحرب بين الشمال والجنوب وقيام شراكة استراتيجية بينهما تفتح الطريق لاعادة توحيد الوطن مرة أخري علي أسس طوعية وديمقراطية.
• الاشراف علي اجراء انتخابات عامة جديدة حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية.
واداة اسقاط النظام هي النضال السياسي الجماهيري وتراكمه اليومي حتي يتم تتويجه بالانتفاضة الشاملة والاضراب السياسي العام والعصيان المدني كما حدث في انتفاضة مارس 1985م.
alsir osman [alsirbabo@yahoo.co.uk]