رياك مشار: 18 إبريل تنطلق مصالحة الجنوب

 


 

 



قال إن حكومة بلاده رصدت تراجعاً في مواقف الخرطوم حيال إعطاء سكان أبيي حرية الاستفتاء

نقبل التوسط بين مصر والسودان مع دول المنبع حول مياه النيل وفق اتفاقية عنتيبي

لسنا نادمين على الانفصال وهناك سلام بين الدولتين


أعرب نائب رئيس جمهورية جنوب السودان الدكتور رياك مشار عن تفاؤله بحزمة الاتفاقات الموقّعة بين بلاده والسودان، والتي بوشر بموجبها بسحب القوات المرابطة على نقاط التماس الحدودية واستئناف تصدير النفط اعتباراً من يوم أمس الأحد.
وقال في حوار مع «البيان»، إنّه يرى صفحة جديدة في العلاقات بين الخرطوم وجوبا، وأن «العلاقات التجارية والاقتصادية ستنطلق» إلى الأمام.
وتابع مشار القول في رد على أسئلة «البيان»: «حاولنا أن نحل القضايا كلّها، لكن كان صعوبة في الوصول إلى حزمة واحدة.. وأنحزنا إلى الرأي الذي يرى نزع فتيل التوتر وإبداء حسن النية عبر فتح تصدير البترول ووقف الأذى الاقتصادي للطرفين»، لكنه في المقابل قال إنّ الاتفاق لا يزال غائباً حيال تشكيل مفوضية الاستفتاء الخاص بإدارة أبيي رغم تأكيده على أنّ النزاع حسمه ترسيم محكمة العدل الدولية. وفي هذا الصدد أبدى قلقاً بقوله: «لمسنا تراجعاً في مواقف الشمال حيال إعطاء سكان أبيي حرية ممارسة هذا الحق». وأكد أنّ بلاده ماضية في بناء خطوط أنابيب أخرى غير الخط الواصل إلى بورتسودان: إلى إثيوبيا وجيبوتي فضلاً عن الخط المعلن عنه منذ شهور إلى كينيا.
وفي حين قال عندما سألته «البيان» النزاعات المسلحة العشائرية والقبلية التي تهدّد استقرار جنوب السودان إنّها «تراجعت».. أكد البدء قريباً (بين 18 و21 إبريل) في مؤتمر المصالحة الوطنية.
وقال إن الدستور العتيد الذي تتم صياغته لن يشير إلى ديانة فـ «جنوب السودان دولة متعددة الديانات والإثنيات والثقافات واللغات، لذلك لا يمكن إعلان أي ديانة رسمية»، وشدّد على أنّ دولة جنوب السودان تعتمد على «المواطنة... وهي المعيار في التقييم».
ونفى مشار أي تهميش للمسلمين في المناصب.. كما رفض اعتبار الحركة الشعبية في السودان فرعاً للحركة الشعبية لتحرير السودان، وركّز على أنّها «حزب سياسي قائم بذاته في دولة شمال السودان. وأعتقد أنّ لديها قاعدة عريضة».
وفي مايلي تفاصيل الحوار:
كيف تنظرون إلى اتفاق أديس أبابا الأخير. هل أنتم متفائلون بتجاوز الماضي مع السودان؟ وهل ترون صفحة تعاون جديدة؟
نحن متفائلون بتنفيذ الاتفاقات التسعة، ونرى صفحة جديدة في تطبيع العلاقات بين البلدين.
فككنا ما كان من احتقان على الحدود. سحبنا قواتنا على الحدود جنوباً وكذلك فعلت حكومة الخرطوم (سحب القوات شمالاً) وخلقنا منطقة عازلة. وهذا سيساعد كثيراً في تأسيس علاقة اقتصادية واجتماعية وإدارية إيجابية.. فكما تعلمون يرحل في كل سنة (خلال شهور الصيف) أكثر من 3.5 ملايين مواطن سوداني من السودان بكل ممتلكاتهم وعائلاتهم إلى الجنوب ويمكثون نحو ستة شهور قبل أن يعودوا ثانية إلى مواطنهم حيث يمضون ستة شهور أخرى. ونحن في دولة جنوب السودان نمنح هؤلاء الحماية على الممتلكات والأرواح. وإلى جانب ذلك فإن التجارة بين جمهوريتي السودان وجنوب السودان ستنطلق إلى الأمام.
أنتم متأكّدون أنها ستزداد؟
نعم.
أبيي حسمت
لكن هناك ملفات كثيرة عالقة، بل المتفجّرة مثل أبيي؟
صحيح أننا لم نتفق على ملف الحدود ولكن هناك ملامح لها لا يمكن لأحد تجاوزها.. محكمة لاهاي حسمت موضوع أبيي وتم ترسيم حدود أبيي وما تبقى هو ممارسة شعب أبيي حق الاستفتاء.. ولم نتفق بعد مع الخرطوم على تشكيل مفوضية الاستفتاء، ولمسنا تراجعاً في مواقف الشمال حيال إعطاء سكان أبيي حرية ممارسة هذا الحق.
في المجمل أنتم راضون عن ترسيم لاهاي؟
نعم. إحداثيات المنطقة باتت معروفة، ولكن تبقى حسم التابعية الإدارية لأبيي وشعبها.
لماذا تجزئة الحلول؟ لماذا لم تتوصّلوا مع الخرطوم لاتفاق شامل بحزمة واحدة؟
حاولنا أن نحل القضايا كلّها، لكن كان صعوبة في الوصول إلى حزمة واحدة.. وانحزنا إلى الرأي الذي يرى نزع فتيل التوتر وإبداء حسن النية عبر فتح تصدير البترول ووقف الأذى الاقتصادي للطرفين، فتصدير البترول الذي استؤنف في مصلحة اقتصاد البلدين. وفي نفس الوقت يتواصل الحوار بيننا حيال أبيي والحدود.
3 خطوط نفط
بعد معاودة التصدير عبر بورتسودان.. هل لازلتم تمضون قدماً في مشروع مد خط أنابيب إلى كينيا عبر أوغندا؟
نعم، وهناك دراسة لخط أنابيب آخر عبر إثيوبيا وجيبوتي للحقول الشرقية، وخط عبر أوغندا إلى كينيا لانتاج حقول الولايات الغربية، لأننا نتوقع أن انتاجنا من النفط سيزداد، وبالتالي خطا النفط المربوطان مع بورتسودان لن يكونا كافيان لتصريف الانتاج الكلي.
كم كمية الانتاج الحالية من جنوب السودان؟
قبل وقف التصدير عبر الشمال (قبل عام تقريباً) كان الانتاج بحدود 350 ألف برميل، ونتوقع اكتشافات جديدة.
يقال إنّ النفط جلب الكثير من المشاكل وأنّ المواطن في جنوب السودان لم يلمس نِعَمه؟ وأن العوائد لم تصب في التنمية؟
الشعب في جنوب السودان لديه طموحات عالية، فهم يتوقعون خدمات ذات جودة عالية وتنمية.. ونحن الآن بعد استئناف التصدير والعوائد نتوقع انفراجاً كبيراً لاقتصاد البلد ولاقتصاد شمال السودان.
ماهي الأولويات التنموية؟
نريد شق المزيد من الطرق بهدف خلق التواصل بين المواطنين والولايات، وتسهيل الوصول إلى مناطق الانتاج البترولي والزراعي، كما دشنّا قريباً برنامجاً لتكثيف الانتاج الزراعي على كل المستويات.
وكما تعرفون فإنّ جنوب السودان دولة مغلقة بلا منافذ على البحر، ولذلك نحن في خضم محاولة لإنشاء مطار كبير يكون منفذاً للملاحة الجوية.
ملف الديون
هناك ملف ديون ضاغط على السودان الجار، وأنتم كنتم جزءاً من هذا البلد وعليكم بالتالي تحمل جزء من هذا الإرث.. فهل تفاهمتم مع الخرطوم على حل لهذه القضية؟
حللنا هذا الأمر، فهناك اتفاق ثنائي وقّع في سبتمبر من بين بنوده تحمّل الخرطوم هذه الديون مع تنازلنا عن متأخرات بقيمة 5.5 مليارات دولار مع التزام من قبلنا بدفع 3.5 مليارات.. ذلك يعني تسعة مليارات.
ذلك يعني أنّ الموضوع حسم. لكن كانت بينكم وبين السودان مشكلات أواخر العام الماضي وبالتالي لم يتم التنفيذ، فهل ترون مجالاً للتنفيذ الآن.
المصفوفة الأخيرة التي اتفقنا عليها تنص على انفاذ اتفاقات سبتمبر التسعة.
بعد 18 شهراً من الاستقلال.. هل أنتم نادمون على الانفصال؟
لا، لسنا نادمين. هناك سلام بين الدولتين.
حوادث منفصلة
أي سلام؟ كان هناك العديد من المواجهات المسلحة.. في هجليج، وجونقلي؟
لا مشاكل.. هذه حوادث منفردة.
نحن نعيش بسلام، والأفضل أن نعيش بسلام بدلاً من الاقتتال كما كان عليه الحال 50 سنة.
يقال إنّ المواطن الجنوب سوداني لم يذق حلاوة الاستقلال؟
طبعاً، لنا سنة وثمانية شهور فقط ووقعنا في مأزق إغلاق تصدير البترول. لذا، المواطن لم يذق حلاوة الاستقلال. ولكن بعد اتفاق أديس أبابا سيكون هناك ارتياح وسيلمس التغيير، خلال العامين المقبلين، اجتماعياً واقتصادياً.
الصراعات تراجعت
هناك مشكلات كثيرة يعانيها الجنوب من القبلية والمناطقية.. إلى جانب الفساد. ونقل عنكم أن البلد على شفا انهيار إنْ لم تحل هذه الخلافات؟
صحيح، هناك خلافات وصراعات قبلية وأحياناً صراعات عشائرية مسلحة.. ولكن هذه الصراعات انخفضت بشكل لافت بعيد الاستقلال.
18 إبريل
كان هناك ترتيب لعقد مؤتمر للمصالحة الوطنية.. إلى ما آلت الأمور؟
سندشّن مؤتمراً للمصالحة الوطنية لأننا مصرون على إلغاء عقلية الحرب السائدة إلى عقلية وثقافة السلام.
متى سينعقد؟
بين 18 و21 إبريل.
أنتم في قيد عملية لصوغ دستور جديد.. أين وصلت هذه العملية؟
نعم، نحن في طور الصياغة لدستور جديد بديل للدستور المرحلي الانتقالي.
إذن، سيكون هناك دستور لجنوب السودان بحلول العام 2015؟
إن شاء الله.
دولتنا تعتمد على المواطنة
بخصوص الديانة، على ماذا سينص؟ هل ستعتمدون العلمانية؟ أم تقرون بديانات عدة؟
نحن دولة متعددة الديانات والإثنيات والثقافات واللغات، لذلك لا يمكن إعلان أي ديانة للدولة.
أسسنا دولتنا على المواطنة، وهي المعيار في التقييم.
يقال إنّ المسلمين في جنوب السودان والذي يشكلّون نحو 25 إلى 30 في المئة يعانون من التهميش؟
لا، هذا الرقم ليس دقيقاً.. وعلى العموم، من قال إنّ المسلمين مهمّشون؟.
ليس من المسلمين أي وزير أو والٍ؟
عقليتنا حزبية.. لدينا في الحزب، وكذلك في الأحزاب الأخرى، مسلمون. وهناك والٍ مسلم ومنتخب مع أنّ الأغلبية في الولاية من غير المسلمين.
ونحن لا ننشغل بديانة الشخص، بل بالمواطنة.. هذا هو الأساس.
أي ولاية؟
غرب بحر الغزال.
لا علاقة بالحركة الشعبية
للحركة الشعبية فرعٌ في السودان ألا تعتبرون ذلك مخالفاً لأجواء الثقة مع الخرطوم؟
أرفض اعتبار الحركة الشعبية في السودان فرعاً للحركة الشعبية لتحرير السودان. هي حزب سياسي قائم بذاته في دولة شمال السودان. وأعتقد أنّ لديها قاعدة عريضة، وليست فرعاً للحركة الشعبية في الجنوب.
تؤكدون أن لا ارتباط بينكم؟
نعم.. فككنا الارتباط حتى قبل إعلان دولة جنوب السودان.
طبعاً تذكرون أن حزب البعث العربي كان يحكم في سوريا وفي العراق وفي لبنان وغيرها.
وكانا عدوين؟
لكننا لسنا أعداء مع الحركة الشعبية.
الاستثمار والهجوم الإسرائيلي
أنتم دولة غضّة تبحث عن كل دعم ممكن وتسعون إلى جذب الاستثمارات، فما هي الضمانات التي تعطونها للمستثمرين، وبخاصة العربية منها؟
التشريعات الضامنة للاستثمارات موجودة. لدينا قانون للاستثمار، ولدينا تسهيلات، كما أنه لم يحدث أي حادث لأي مستثمر أجنبي يزور بلدنا ولم يتعرّض أي عامل في أي منظمة دولية لأي حادث أمني.. نحترم الأجانب، ونحترم المستثمرين، ونحترم حقهم في ضمان رأسمالهم، وحقّهم في أرباحهم.. بلدنا مفتوح.
يقال إن هناك فساداً مستشرياً؟
نحن نتصدى بقوة لكل مظاهر الفساد.. ونخوض ثورة لاقتلاع ممارساته.
إسرائيل ومستثمروها يتدفقون على جنوب السودان، ألا ترى أثراً سلبياً لهذه العلاقة على جذب الاستثمارات العربية؟
نعم، لنا علاقة مع إسرائيل كما لنا علاقات مع دول عربية عديدة. وليس لاسرائيل سفارة في جوبا ولم يحدد متى يرسل سفير بينما هناك عديد من سفارات الدول العربية لدينا. وعلى العموم، علاقتنا مع إسرائيل لا تؤثر على علاقاتنا العربية فمواقفنا واضحة من القضايا التي تخص العالمين العربي والإسلامي.
سفارة وقنصلية لجنوب السودان في الدولة قريباً

قال نائب رئيس جمهورية جنوب السودان عن مضامين ونتائج زيارته إلى دولة الإمارات، التي دامت نحو خمسة أيام، إنّها كانت مثمرة وفاقت التوقّعات، لافتاً إلى اتفاق على إنشاء مطار عالمي في العاصمة الجديدة لجنوب السودان.. فضلاً عن اتفاق على افتتاح سفارة وقنصلية في أبوظبي ودبي في أقرب الآجال.
وعن الجانب الدبلوماسي بين جنوب السودان ودولة الإمارات، قال مشار: إنّ محادثاته مع سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية أثمرت عن اتفاق على إنشاء سفارة وقنصلية في الدولة في أقرب الآجال.
وبيّن د. رياك مشار أنه اتفق مع جهاز ابوظبي للاستثمار على انشاء مطار دولي في عاصمة جنوب السودان الجديدة رامشْيَد في موقع اسمه آليه.
وأردف القول: إنّ جنوب السودان تتوسط إفريقيا وإنشاء مطار بمواصفات عالمية يكون ميناء جوياً مفتوح الأجواء الملاحية سيغّير الوضع في بلاده. ولفت إلى أنّ المشروع سيكون بنظام BOT (البناء والتشغيل ثم نقل الملكية).
وتابع أن هناك نية لإنشاء مستشفى في جوبا (سيسمى مستشفى جون قرنق التذكاري) بسعة 80 سريراً بتمويل من الجهاز.
وكشف عن انطلاق خط جوي بين دبي وجوبا عبر فلاي دبي في 21 إبريل.
وتحدث مشار عن اتفاق مع صندوق التنمية في ابوظبي على انشاء ست مدارس وثلاثة مراكز صحية. وقال: «هذه ثمار كبيرة» لزيارة ناجحة.

حوار
نقبل التوسط بشأن مياه النيل

في رد على سؤال عن قلق مصر والسودان المتزايد حيال موقف جنوب السودان من اتفاقية تقسيم مياه حوض النيل، قال رياك مشار لـ «البيان» إنّ جوبا تعرف مدى احتياج السودان ومصر للمياه وكذلك احتياج دول المنبع للحوض لمشاريعها التنموية. وكشف قبول بلاده التوسط بين مصر (بلد المصب) والسودان مع دول المنبع وفق اتفاقية عنتيبي، وأمل في الوصول إلى اتفاق. وأفاد بأنّ هناك مشروعاً لاتفاقية تحفظ لمصر حصّتها من المياه.
11.5

ستدفع حكومة جنوب السودان 11.5 دولاراً رسماً عن كل برميل نفط يمر عبر أراضيها من الجنوب إلى بورتسودان.
وكانت الحكومة السودانية خلال المفاوضات التي جرت خلال العام 2012 تصر على تحصيل 36 دولاراً ما عطّل المفاوضات وأدى إلى وقف الجنوب تصدير النفط.
جنسيات
إقبال آسيوي على استكشاف النفط

قال نائب رئيس جنوب السودان في رد على سؤال لـ «البيان» عن جنسية الشركات التي تتولى التنقيب عن النفط في بلاده، إنّ هناك شركات صينية وماليزية وهندية ومولدوفية.
ورداً على استفسار من «البيان» حيال عدم استفسار عن عدم وجود شركات أميركية وبريطانية وفرنسية، أوضح مشار أنّ شركة توتال الفرنسية تعمل في ثلاثة مواقع وهناك شركة بينها وبين شركة إكسون الأميركية، فضلاً عن شركة إسبانية.
تواصل
إشادة بمؤتمر التعليم والخبرات

أوضح رياك مشار أنّ زيارته الإمارات جاءت للمشاركة في مؤتمر التعليم والخبرات الذي تمنى انعقاده سنوياً وأن يتحوّل منبراً دولياً كمؤتمر دافوس الاقتصادي العالمي.
وقال: «كلما كان هناك تواصل واطلاع على الخبرات والمناهج التعليمية انعكس ذلك على التقارب والعلاقات بين الشعوب».

 

آراء