كيف أصدقك ،، وهذه أثر فأسك؟! (1)

 


 

 




حول تصريحات البشير وطه حول التحول الديمقراطي:-


تماماً كما توقع المراقبون،، ففي ظل الأزمة السياسية الطاحنة والتي أمسكت بخناقه قبل غيره ، وهي أصلاً تمسك برقاب بعضها البعض، ثم انعكست على أوضاع البلاد على كافة الصعد، وعبر عنها الصراع الذي بدأ خفياً داخل أروقته، ثم انفجر مرة وللأبد، ومع تضارب التصريحات بين مؤسساته، وفي محاولة منه لفك ضائقته السياسية، ها هو النظام وحزبه الحاكم يقدمان على إعلان الدعوة للحوار مع القوى السياسية المعارضة، والذي ظل يرفضه بتعنت، حيث أعلن الرئيس عمر البشير ومن داخل قبة برلمانه الاثنين الماضي، إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، وجدّد الالتزام الذي كان قد أشار إليه نائبة طه  في مؤتمر صحفي، قبل يوم من خطاب البشير.
نلقي  هنا بعض أضواء، حول أهم تصريحات البشير في خطابه السياسي المشار إليه قبل أن نعرج على تصريحات نائبة.
فقد أعلن عن تهيئة المناخ للقوى السياسية كافة، ودعاها لإعلان استعدادها للحوار الجاد والتفاهم حول الآليات التي تنتظم الحوار، وأشار لتطلعات الشعب السوداني للمرحلة القادمة التي قال أنهم ابتدروها بالدعوة إلى حوارٍ جامع يؤكد القواسم المشتركة الرابطة بين أبناء الوطن، وتقديم المصلحة الوطنية على أية اعتبارات أخرى، ويتمهيد الطريق للتوافق والتراضي حول دستور جديد، وحسب ما ورد في خطابه قال " كفلنا مناخ الحريات وتأمين حرية التعبير للأفراد والجماعات " وأكد البشير أن " الإعلام شريكٌ حيوي، وأنه لم يتم الحجر على أي من الأقلام الناقدة إلا من استغل الحرية للهدم والفوضوية وتجاوز الخطوط الحمراء" ونوه لتشكيل لجنة فحص إقرارات الذمّة للدستوريين في سبيل تحقيق الشفافية، وأبان " أن جهاز الأمن والمخابرات الوطني حافظ على حماية الثغور وتوفير المعلومات وتحليلها، ونجح في كشف ومتابعة المُخَطّطات التي هدفت لتقويض الأمن والسلام الاجتماعي"
هذه تحديداً أهم الموضوعات التي تناولها فخامته في خطابة، وذلك حسب صحيفة الرأي العام الصادرة في 2  أبريل 2013.
أولاً نؤكد أن مجرد تقديم دعوة للصوت المعارض للحوار والتفاهم،  هو نهج متحضر وصحي، نشيد بروحه بشكل عام، ونشجع عليه، وقد ظل الحزب الشيوعي السوداني والقوى الديمقراطية ومنذ سنوات طوال تمتد إلى بدايات جذوة الانتفاضة الشعبية في مارس – أبريل والتي اشتعلت في قلوب الجماهير، يدعو للمؤتمر القومي الدستوري الجامع، الذي سيجيب على كافة الأسئلة الشائكة والمتعلقة بقضايا البلاد، وكم من مرة دعى عبر بياناته وتصريحات قادته إلى أهمية التوافق حول هذا المؤتمر الجامع دون عزل فئة أو جماعة. والذي سبق وأن تبنى صيغته، مؤتمر القضايا المصيرية للتجمع الوطني الديمقراطي حينها بأسمرا عام 1994، ولاحقاً دعت له قوى الاجماع الوطني أيضاً، دون أن يهتم بخصوصه أهل الانقاذ، ولكن فإن مثل هذه الدعوة وهم ينادون بها الآن، لها شروطها وتحتاج لآليات وترتيبات مهمة من أجل الاقتناع على الأقل بالجدية والرغبة الصادقة في تحقيق إنجاز مثل هذا الحوار الوطني الجامع.
إن ما ورد في خطاب السيد الرئيس وقبله سيادة نائبه الأول، يشوبه   عدم تماسك، وليس به سوى رائحة خطاب سياسي قديم وتقليدي للانقاذ ورجالها حين يتحدثون، كما به مغالطات لا تطمئن للأسف الشديد!. وسنتناول هنا أمثلة من حديث سيادته في شكل نقاط لنبين بها إنتقاداتنا:-

* قال فخامته " كفلنا مناخ الحريات وتأمين حرية التعبير للأفراد والجماعات"، إذن لمً وفيمً الرهق لحوار " جامع يؤكد القواسم المشتركة الرابطة بين أبناء الوطن، وتقديم المصلحة الوطنية على أية اعتبارات أخرى" كما ورد وبالنص في خطابه؟! ، طالما أن النظام وأهله قد وفروا حريات التعبير للأفراد والجماعات، علماً بأنه "عفا" عن أحد المواطنين ضمن من وجه بإطلاق سراحهم، والرجل لم يفعل سوى أنه خرج في موكب يطالب فيه بالحرية للمعتقلين السياسيين، الذين ما يزال بعضهم في الاعتقال بالمناسبة، رغم توجيهات فخامته كرئيس لجمهورية هذه البلاد بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين!. وعلماً أن القوانين التي تبيح الاعتقال وغض الطرف عن جهاز أمنه ليفعل في الناس ما يفعل، كل ذلك ما يزال سارياً دون إبطاله بقوانين تحترم مواد الدستور وتقنن لسيادة حكم القانون!.

* أكد البشير  أن:- " الإعلام شريكٌ حيوي، وأنه لم يتم الحجر على أي من الأقلام الناقدة إلا من استغل الحرية للهدم والفوضوية وتجاوز الخطوط الحمراء" ، وهذه مغالطة أخرى تؤكد الخطاب القديم، وتطعن في جدية الدعوى للحوار، لأن رجل الشارع العادي على علم بأوضاع هذا الاعلام الذي تمت مصادرته بالكامل، وأصبح بوقاً للنظام منذ ليلة إنقلاب الثلاثين من يونيو الكالحة، الاعلام ممثلاً في كل وسائله من أجهزة ومعينات، أما أوضاع الصحافة فحدث ولا حرج، وكان على سيادته وفي سبيل إشارات تطمئن الطرف الأخر ودفعه بارتياح لمثل هذا الحوار ، الاعتراف بخطأ حزبه في مصادرته لهذا الاعلام المملوك أصلاً للشعب وللوطن، وتكميمه لحريات التعبير، ومصادرته لكافة الصحف التي تقوى على قول كلمة (بغم) ساكت! ، وتشريده للصحفيين فضلاً عن سياساته التي جعلت واقع الاعلاميين جحيماً لا يطاق، حداً جعل بعض الصحف تعلن خروجها من سوق الصحافة نتيجة لتلك السياسات تجاهها، كان الأحرى أن ينتقد هذا التوجه ويعتذر  عنه علناً  وبوضوح يزيد طمأنينة الناس!.

*  أيضاً في حديث سيادته بخصوص الاعلام، إشارة غير موفقة ورد فيها:- " إلا من استغل الحرية للهدم والفوضوية وتجاوز الخطوط الحمراء" ما يؤكد صحة تحليلنا لطبيعة خطاب سيادته وأنه غارق في اللغة القديمة(!)،  لأنه هنا يريد أن يبرر لتلك المصادرات التي تمت ضمن سياسات النظام تجاه الاعلام، ولكنا هنا ولاعطائه فرصة تثبيت نزاهة إشارته تلك، نطالبه بأن يوجه أجهزته المختصة لتأكيد أن تلك الاشارة المتعلقة باستغلال الحرية للهدم والفوضوية وتجاوز الخطوط الحمراء، معنياً بها بعينها وعليه أن يسميهاحتى لا تكون الاتهامات هكدا على عواهنها، وبالأخص تنطبق على صحيفتنا (الميدان)، والتي لوحقت أكثر من مرة  وصودرات أكثر من مرة، وأحرقت قبل أن تصل لقارئها الذي كان ينتظرها بفارغ الصبر (!)، وتم اعتقال صحفييها وعامليها الشرفاء ونُكل بهم في المعتقل دون إبداء أي أسباب، وآخيراً يقدم جهاز الأمن لايقاف صدورها الورقي في الأسواق منذ أكثر من عام وحتى يوم الناس هذا.

* نوه فخامته إلى:- " تشكيل لجنة فحص إقرارات الذمّة للدستوريين في سبيل تحقيق الشفافية"، ونسأل، ما ذا بعد الفحص؟!، فاعتماداً على تقرير المراجع العام وقانون "من أين لك هذا" طيب الذكر(!) وما ظلت الصحافة تشير إليه تلميحاً أو تصريحاً من فساد يزكم الأنوف وتتحدث به المدن والفرقان، أولم تجد هذه اللجنة الموقرة، ولو شبهة واحدة في استغلال للنفوذ، أقله كعربون فقط يطمئن في وجهة الحوار الوطني الجاد!. 

* وأبان " أن جهاز الأمن والمخابرات الوطني حافظ على حماية الثغور وتوفير المعلومات وتحليلها" ، أي معلومات وفرها جهاز الأمن للمسئولين، إنه منشغل بتكميم الأفواه وبالتعدي على الدستور وما تبقى من نيفاشا التي قالت بضرورة تحوله لجهاز وطني مهمته جمع وتحليل وتوفير المعلومات للمسؤولين، ولا نزيد!.

(نواصل) ،، ولا تذهبوا بعيداً!.


hassan elgizuli [elgizuli@hotmail.com]
///////////////

 

آراء