ورطة الغربة !!

 


 

 



( 2 )
أواصل ما بدأته فى الحلقه الاولى حول ورطة الغربه وتبدا ويبدا الدخول فى الورطه بالقرار نفسه فكما اشرت سابقا فنحن نتخذ القرار (رغم خطورته ) بسهوله فنحن لانطرح على انفسنا سؤال كان ينبغى ان نجيب عليه قبل الهجره فهل نحن نصلح للغربه اساسا ؟؟  فليس كل انسان يصلح للغربه فهناك الشخص العاطفى الذى تهزه الغربه وتؤثر فيه نفسيا وهناك الشخص الذى لايعتمد على نفسه فيدخل نفسه فى تجربه ليس هو اهل لها واختيار البلد نفسه من الاهميه بمكان فنحن غالبا مانقرر اولا الهجره ثم نترك اختيار البلد على التساهيل فالبلد الذى تسهل اويدعونا اليه صديق نسافر اليه  بل ان نجاح قريب فى بلد ما نقيسه على اساس اننا ايضا سننجح فيه مع ان  لكل شخص امكانياته المختلفه وقدراته الخاصه بل اننا لانضع الطقس فى اعتبارنا حتى نصدم به عند ذهابنا واذكر اننى عندما سافرت لنيويورك كان ذلك فى شهر اكتوبر واول ماواجهنى شتاء قارس عانيت منه الامرين وكان عملى فى الخارج وكانت تلك الزيفه التى ترضرض العظام وكنا فى نوفمبر وكنت اسال رفيقى فى السكن نادر التيجانى ان كان هذا قمة الشتاء فيجيبنى " سياتى يوم تشتاق فيه لنوفمبر" وفعلا مررت بتلك الايام وكانت تجربة الجليد شىء آخر وتلك الانزلاقه التى يمر بها كل من يلتقى بالجليد  (فيفقهه ) وهذا من اول دروس الغربه الاهتمام بالطقس والذى لديه موقع هام فى نشرات الاخبار واحيانا كثيره تبدأ به نشرة الاخبار بل واى ونسه وقد عانيت من اول شتاء ومسخ على البلد وسالت الذين سبقونا متى يبدا الشتاء فى التراجع فقالوا لى عندما تبدأ براعم النباتات فى النمو فهذا مؤشر لبداية الربيع وكنت يوميا اذهب للحديقه المجاوره لمكان عملى لاراجع الاشجار وان كانت البراعم قد بدات النمو وعندما شاهدت بداية النمو فى احدى الايام ارتفعت معنوياتى لعنان السماء وشعرت اننى فى طريقى للتخلص من ضيف بارد جدا
ونحن كذلك لانحدد لغربتنا هدف ولازمن فهى غربه مفتوحه لذلك تطول وتتنوع وتتمدد فيها الاهداف ولانضع اعتبار للمتغيرات فمن كان عازبا لايضع تصورا بانه سيتزوج وسيحضر زوجته ومن كان اطفاله صغار لايضع فى اعتباره ان الاطفال سيكبرون فى هذا المجتمع الغريب وسيدخلون المدارس وتحصل المتغيرات  ولكنه لايفكر فى هذه المساله الا بعد ان يكبر الاولاد ويبدأ فى مواجهة بعض المتاعب وبعد ذلك يفتش فى الحلول التى تكون قد صعبت ونعقدت" وساتعرض لمشاكل اولادنا فى الغربه لاحقا " واصبح ثمن حلها غاليا  
كان مايخفف من وقع الغربه فى ذلك الزمن دفء السودانيين فى تلك البلاد البارده فيمكن ان يستضيف القادم اى سودانى بدون معرفه سابقه وكان اولاد شبشه (ناس عمار واحمد على والرشيد وعبد العليم واخرين ) يذهبون لمطار    .F.K  J   ويستضيفون اى سودانى قادم بدون مستقبلين وشخصيا عندما قدمت لنييورك لم اكن اعرف احد من قبل غير عنوان وتوصيه واستضافنى السودانيين بكل ترحاب وشوق لكل قادم من السودان  وكان القادم يقضى ايامه الاولى كلها فى دعوات متواصله من القدامى ليستفسروك عن كل شىء فى السودان وبعضهم يدعوك فى الويك اند ليساهروا مع اخبار السودان وكل يبث شكواه من الغربه  ....... كان اول ماصدمنى فى تلك البلاد العنف المتفشى وجرائم القتل والسلاح المنتشر وعدم الامان وقد جئنا من بلاد لانغلق ابوابها فهى مشرعه احيانا حتى الصباح واول ماتعلمناه المفتاح والحرص على قفل الابواب والحذر من الغريب .... الغريب الذى قد نستضيفه فى بلادنا حتى بدون ان نعرف اسمه ..... وقد تعرضت شخصيا لجريمة نهب بمسدس وكنا عندما نسمع بذلك ينتابنا الهلع ولكن عندما يواجهها الشخص تمر مثلها ومثل اى تجربه فقد فوجئت بالمسدس يوضع فى عنقى ويصيح صاحبه طلع القروش والمسدس يرتجف فى يده وبكل برود اعطيته ماطلب وعندما ذهبت للشرطه قال لى انت محظوظ فكثيرون يتم اغتيالهم بعد ان يستلم المجرم  ماطلبه ومن الطرائف ان احد الاخوان كان يردد دائما انه اذا تعرض لنهب فانه سيموت مع من نهبه وانه لن يستسلم وصادف ان مر هذا الشخص بجوارى بعد الحادث مباشره فحكيت له ماحدث فاذا به وقبل ان اكمل القصه يصرخ " ياخى القصه تمها قدام الزول دا يمكن يجى راجع ... امرقنا من هنا " وآخر ايضا كان يردد  "افو انا يشيل منى قروشى والله اموت معاه ولكن للعجب قابله  واحد وفى الاسانسير وجرده من ماهيته كلها ولم يكن يحمل مسدسا ولا سكين !! وبعد ان حدث لى هذا الحادث قفز الى ذهنى تساؤل ماهذه الورطه التى وقعنا فيها ؟؟ ولم ادرى انها فقط بداية الطريق والى لقاء
محمد الحسن محمد عثمان
قاض سابق
Omdurman13@msn.com


 

آراء