تداعيات إزاحة مرسي على متأسلمي السودان
الوطني والشعبي ،، أحمد وحاج أحمد!.
* وراثة النظام بكافة توجهاته ضمن أجندة المؤتمر الشعبي!.
* سيلتئم شمل جميع المتأسلمين لحظة إشتداد الصراع مستقبلاً!.
حسن الجزولي
جرت مسيرات في الخرطوم تطالب بعودة الرئيس المصري مرسي، والتي كان قوامها عدد من الأحزاب والتيارات المتأسلمة بالسودان وتقدمت المسيرة قيادات إسلامية بارزة كان من بينها إبراهيم السنوسي نائب الأمين العام للمؤتمر الشعبي، وخاطب المسيرة أمام مقر السفارة المصرية بالخرطوم وسط هتافات تردد الشريعة الشريعة ويسقط حكم العسكر والسودان مع الإخوان، قائلاً:- جئنا لمقر السفارة لنقول للعالم كله إن الشعب السوداني مع الشرعية ومع مرسي والإخوان وإنهم يقفون ضد العلمانية.
أول الملاحظات حول هذه المسيرة أن قوامها غاب عنه أي ممثل لنظام الانقاذ أو حزبه الحاكم ، وهم جزء أصيل من هذا التيار المتأسلم الذي نظم وقاد المسيرة المؤيدة لمرسي في مصر ، وثاني الملاحظات أن السيد إبراهيم السنوسي نادى بتطبيق الشريعة وهو نائب الأمين العام للمؤتمر الشعبي الجناح المنشق عن نظام الانقاذ، والداعي لاسقاط حكم البشير بتنسيق وتوافق مع مكونات أحزاب التحالف العريض في قوى المعارضة التي تعمل من أجل إسقاط الانقاذ لفتح الطريق نحو تحول ديمقراطي حقيقي وصحيح. وثالث الملاحظات أن مجموع هذه المسيرة تتحدث بإسم الشعب السوداني قاطبة وقوفاً مع الشرعية وأخوان مصر، معاداة للعلمانية ومناداة بتطبيق الشريعة الاسلامية.
بدءاً نود أن نشير إلى أن مثل هذه الضبابية والمواقف التي تشكك ولا تطمئن للتوجهات مستقبلاً، هي التي دفعتنا لتناول الموضوع من زاوية الوضوح دون الركون لما ظل يتكرر بخصوص ضرورة مرعاة المرحلة والحساسيات التي تفرضها التحالفات!، ونعني بذلك مواقف وأجندة حزب المؤتمر الشعبي تحديداً!.
وعليه، لو تناولنا الملاحظات أعلاه ، فإن سؤالاً سيطرح نفسه، حول غياب تيار النظام المتأسلم باعتباره القمين بالمشاركة في المسيرة والدعوة بما دعت له من شعارات تتوافق وتوجهاته، والذي من المفترض حسب أخلاقيات المواقف الفكرية أن يتصدر المسيرة، ولكن واقع الحال يقول أن (العقلية الحربائية) لهؤلاء القوم ومدى انتهازيتهم ومحاولاتهم الميكيافيلية للتغطية قدر حدود استطاعتهم على ماهو مبيت من توجه عكس ما مصرح به، يجعلهم يقدمون (أخوانهم في الله) لقيادة المسيرة لتنأى سريرتهم عن الحرج ديبلوماسياً، حيث هم الذين سمعناهم بالأمس وبعد إقصاء مرسي وحكومته يصرحون بأن ما تم هو شأن مصري داخلي. وهاهم في الخفاء يقدمون من يواليهم، ويبطئون أقدام تصدر المسيرة!.
وأما بالنسبة لموقف السيد إبراهيم السنوسي المنادي في ذلك الموكب " المهيب " بتطبيق الشريعة ومعاداة العلمانية، فإنه يكشف عن تناقض سقيم في مواقف حزب المؤتمر الشعبي الذي يمثله، حيث أن هذا التناقض يمثل أزمة، نحسب أن جلً تيارات الفكر المتأسلم مصابة بها دون أن تحفل بالالتفات لمعالجتها، من مواقع تجاهل ضبط الحساسية الأخلاقية عندها!، حيث كيف به وهو الساعي لتطبيق شعارات الشريعة ووأد العلمانية أن يقبل بالتحالف مع قوى وأحزاب من المفترض أن يكون الحد الأدنى لوفاقها هو تصحيح الأوضاع المتاجرة بالاسلام بواسطة إستعادة الديمقراطية والنأي عن تكرار إقصاء الأخر أياً كانت توجهاته الفكرية والسياسية في الدولة السودانية؟، إن لم تكن محاولة انتهازية لامتطاء ظهر الآخر للوصول به لمآربه ثم "رفسه" وازدراءه بعد ذلك، تماماً كما كشفت مواقف أخوان مصر من شعارات وأشواق بقية القوى السياسية المصرية الأخرى التي ساهمت في وصولهم للسلطة!.
عليه فإن ما جرى هو أنموذج واضح يطرح عدة أسئلة تتعلق بتحالف المؤتمر الشعبي مع بقية أحزاب التحالف، فما هو التناقض القائم بين الوطني والشعبي إذن حتى يؤثر الأخير التحالف مع بقية أحزاب المعارضة وهو يعلم باختلافه الفكري البين بينه وبينها وأنه الأقرب للوطني أكثر من اقترابه من تلك القوى السياسية؟!، وبذا فإن أي قراءة موضوعية لهذا الموقف إنما تشير بوضوح تام إلى إنتهازية متجذرة يروم بها التيار الشعبي في أوساط متأسلمي السودان لكي يحل بديلاً للحزب الحاكم حالياً دون إحداث أي تعديل في التوجهات والرؤى، بل حزباً متأسلماً بنفس الشعارات والأحلام والأشواق!. وأن مثل هذا الموقف يعلمه الشق الآخر في الوطني تماماً، درجة أنهم ينسقون ويتفقون فيما بينهم عند الملمات ، حول من يتقدم الصفوف ومن يتراجع متوارياً عن الأنظار خلف المسيرة!، وما هذه المسيرة إلا أبلغ دليل على ما نحكي، مما يشير وبكل وضوح بأن الخلاف ثانوي بينهما وهو مرحلي وسينتفي لاحقاً في منعطفات حدة الصراع وتميز المواقف، فحالما ستواجه مكونات برنامج الاسلام السياسي في السودان مجتمعة أي تهديد لمواقعها مستقبلاً تحت لافتة وشعارات " أنا وود عمي على الغريب"!. وما يؤكد صحة مثل هذا التوقع هو ما فاح من معلومات قوامها أن الدكتور علي الحاج أحد أبرز قيادات حزب المؤتمر الشعبي ربما هو مرشح لتولي منصب نائب رئيس الجمهورية، بديلاً عن د. الحاج آدم ضمن تعديل وزاري ستشهدة أروقة الحكومة قريباً!، خاصة وأن التقارب والتلاقي بين المؤتمرين الوطني والشعبي، قد ساقت خطى كل من البشير والترابي للمصافحة (بتوادد ومحبة) في مناسبة جمعتهما بمنزل أحد قيادات الانقاذ مؤخراً!، وبالطبع ليس ببعيد عن كل هذا التصالح السريع الذي لملم خصومات النظام مع السائحين وقوش، ودروس مصر مؤخراً!.
وأما بخصوص تحدث هذه الجماعة بإسم الشعب السوداني قاطبة، فسنتجاوزه ولن نحفل به كثيراً في مقالنا هذا، باعتبار أن هذا ديدنهم دائماً وأبداً!.
إن ما أفصحت عنه مسيرة المتأسلمين يشير بكل وضوح إلى (قوة عين) الشعبي الذي ما تمادى إلا بسبب غض الطرف عن مواقفه السابقة المتعلقة بتحمل زعيمه حسن الترابي لوزر كل ما جرى في بدايات الانقلاب وتداعياته من تعدي على الحقوق والحريات لمكونات الشعب السوداني، وأنه عراب هذا الذي يجري بالبلاد، وما زاد من مثل هذا التمادي هو تجاهل قوى المعارضة السياسية لأهمية الاصرار على "إستتابة" حزب المؤتمر الشعبي وإجباره على تقديم نقد ذاتي واضح ودونما تأتأة أو لجلجة لما جرى، واعتذار صريح أمام الشعب والوطن وتقديم ضمانات حقيقية ملزمة لهم بعدم العودة لمثل هذه الممارسات مستقبلاً، فهؤلاء القوم ما زال لسان حالهم ينادي بتطبيق الشريعة، فضلاً عن تصريحات الترابي وبقية قياداتهم ببجاحة من هم فوق العباد والبشر، بأنهم لن يقدموا أي اعتذار أو توبة نصوح وطلب مغفرة، إلا إلى لله عز وجل وحده فقط!. نقول ما نقول مؤكدين أنه قد أزف الوقت لتباين الصفوف وتحديد الخطوط، وأننا وبمثل هذه المواقف الرمادية إنما نؤذي مستقبلنا لا حقاً بأكثر مما نخدم قضايا التحالفات الآن!، وما دعانا لطرق هذا الموضوع دون مواربة أو تأجيل لطرحه هو ضرورة وضوح مرحلة التحالفات نفسها، وأن الأفضل الف مرة لمكونات المعارضة السياسية النضال على المكشوف في أكثر من جبهة، وعدم الركون لحسن النوايا لقوم ديدنهم هو آيات السيف وتجذير أدبيات (التمكين) و(يمكرون) في أوساط مريديهم!، الأفضل مواجهة ذلك منذ الآن، ومواجهة كل مآرب وأجندة متقاطعة مع ما ننشد لشعبنا ومكونات وطننا المتعدد الثقافات والأعراق والجنسيات، طالما أن الهدف المنشود هو عودة الديمقراطية مبرأة من أي شوائب وفيها سعة للجميع، فقد أكتوينا بما فيه الكفاية، وهاهي أجسامنا تغطيها لسعات أكثر من جحر و"كهف" ولسنا على استعداد لتقبل المزيد ،، اللهم هل بلغنا ،، اللهم فاشهد!.
hassan elgizuli [elgizuli@hotmail.com]