لماذا يكره الألمان الإسلام
د. أمير حمد
27 July, 2013
27 July, 2013
نناقش في هذا المقال ظاهرة "كره الألمان للإسلام ا او تحفظهم تجاهه على أحسن الفروض . لقد عقدت مؤتمرات إسلامية عدة بين مسؤولي الدولة وممثلي المسلمين إلا أن النتائج النهائية كانت تشير دوما إلى نقطة الانطلاق من جديد أي اخفاق (نجاح مقنن ) . نعم لقد حققت المؤتمرات الإسلامية بعض المناشد كتدريس الإسلام في المدارس وتفعيل اندماج المسلمين إلا أن هذه المؤتمرات لم تغوص في عمق القضية نفسها بأسئلة جريئة فعالة عن أسباب تحفظ الألمان تجاه الإسلام وخوفهم منه كما انها لم تجذب الملأ العام – عبر الصحافة والإعلام الموجه- إلى تقبل الإسلام أو العيش معه في سلام كما تناشد الكنيسة الكاثوليكية مثلا . ولكن رغم فشل المسلمين في ألمانيا وخارجها لعكس إسلام حداثوي وفصله عن السياسة يظل الإسلام دين تسامح واحترام وحب قادر على التكيف على تغيرات العصر والإنسانية شريط أن يتخلى المسلمون عن التزمت والذهنية السلفية .
يظل رفض الألمان للإسلام منوط بممارسة المسلمين الخاطئة له وتطرفهم من ناحية ومن ناحية أخرى عدم تقبل المسلمين لنقد وتحديث فهم النص القرآني بما يتواكب مع مستجدات العصر انطلاقا من تجربتهم لفهم وتأويل الانجيل . لقد أشرنا في مقال سابق بأن رموز ألمانيا الفكرية والأوروبية "ك جوتة " لم تتعرف على القرآن _"الإنجيل التركي " كما كان يسميه _إلا عن طريق اهتمامه بأدباء الفرس "كحافظ الشيرازي" يقول جوته عن "القرآن"تسحرني آياته إلا أنه كثير التكرار وممل" إذا كيف فهم جوته القرآن ومن ثم أي دور يمثله تأويل الآيات ومغزى تكرارها !! أسئلة تشير إلى التباين مفهوم النص القرآني في ذهنية الألمان وبالتالي مدى تقيمهم له ككتاب مقدس بمنظومة إصلاح اجتماعية كاملة. نقول هذا ونتذكر ما دار في أكثر من مؤتمر إسلامي في ألمانيا وكذلك فحوى وشروط تدريس الإسلام في المدارس فالألمان يضعون أسئلة وانتقادات واضحة جريئة للنص القرآني فيما يخص حقوق المرأة ومفهوم الحرية وجرح حقوق الانسان فيما الحدود الإسلامية كقطع الايدي او القذف بالحجارة حتى الموت كما في ايران وافغانستان . فهذه الأالعقوبة خيرة مثلا تمثل للالمان عفوية رجعية وحشية وتضع بالتالي النص القرآني موضع ديانة جامدة"غير قابلة للتحديث . ولكن : أين تطبق الحدود الشرعية في عالم الإسلام اليوم, وأي إسلام يتبع أصلا ؟ ومن ناحية اخرى
تظهر ازدواجية المعابر لدى الألمان والسياسة والإعلام الألماني بنقدهم الحاد إلى درجة التهافت عندما اقاه انصار الدين الحدود الاسلامية في مالي وفي ذات الوقت صمتهم التام عن إقامة الحدود في السعودية دولة النفط العظمى ؟
وعليه يمكننا القول بأن المصلحة الاقبصاية الذهنية الأوروبية لوضع استثناءات مجحفة لا تقوم على أسس سليمة. أما ممارسة المسلمين للإسلام فهي في حد ذاتها نسبية وتخضع للمذاهب المتبعة سوى سنية أو شيعية أوغيرها وهي المعضلة الكبرى التي واجهت المؤتمر الاسلامي الالماني في البدء لمخاطبة المسلمين تحت سقف واحد .ان مسلمين المانيا العرب _نقيضا للاتراك _ ا نموذج مصغر لمسلمي لموطنهم الام لا يتحدوا الا ليتفرقوا ويتكالبوا على الرئاسة والهيمنة لاظهار وجودهم .لقد سعى المؤتمر الاسلامي لتنظيم المسلمين في ألمانيا حتى يتمكن من مخاطبهم كشريحة متناسقة للوصول الى حلول ترضي كل الاطراف فاذا به يواجه بالخلافات السابقة بدليل انسحاب ممثلي الشيعة منه .
لماذا لم يتوطن الإسلام في ألمانيا :
يظل تواتر الإرهاب الإسلامي وشن العداء لغير المسلمين بخطب الحقد والغضب وغسل ذهنية المسلمين بها وتهميش المرأة وكبت الحرية وتفشي مرجعيات التخلف أكثر ما يذكر الألمان بصورة إسلام السيوم .أما تاريخ الإسلام وبعض صوره المضيئة "كحقبة الأندلس" فلا يعرف معظم الألمان عنها إلا لماما غير انهم يتذكرون الحروب الصليبية وطرد العرب المسلمين من إسبانيا .
سنواصل هنا ما قد تطرقنا في مقال سابق عن إحصائية منظمة " برتكس مان " ومنظمات ألمانية أخرى عن المسلمين والأجانب بألمانيا وهو عرض يتوافق مع ما نشرته بعض الصحف "دي فلت" وما بثته الفضائيات والإذاعات الألمانية حول قضية عدم استتباب وانتشار الإسلام في ألمانيا. لقد توخينا هنا اختيار استاتيكيا متزنة نسبيا" علما بأن كل الإستاتيكيات الميدانية الألمانية حول قضايا الأجانب متقاربة جدا مما يؤكد مصداقية نتائجها لاسيما وأنها تتعدد في مسألة شرائح متفاوتة الأعمار والهويات والثقافات على مستوى ولايات ألمانيا الست عشرة .ففي إحصائية منظمة برتك سمان و منظمة "ابيرت" طرأ سؤال مهم للغاية طرح على المشاركين في الاحصائية اوالسوال هو : هل ينتمي الإسلام إلى ألمانيا كما صرح كرستيان فولف رئيس ألمانيا سابقا.؟
بالسؤال التالي أجاب المشاركون على هذا السؤال
ماذا سيحدث إن لم يكن الإسلام جزءا من ألمانيا ؟ ما مصدر المسلمين و أبنائهم الجيل الثاني والثالث والرابع؟ وإذا كانت الإجابة "نعم الإسلام جزء من ألمانيا ولكن إي إسلام يتبع فإسلام الشيعة مثلا لا يتفق مع المذهب والتأويل والحداثة لا تتفق مع التيار السلفي. إذا فالسؤال نفسه مشكلة والإجابة عليه تطول ومتشعبة .
وقفت " بابرا يون " مفوضة الاندماج سابقا مع تشييد دور جديدة اللاجئين في برلين " حي هلس دوروف ورابكن دوروف" وذلك في الظروف الراهنة الشائكة سط و امتداد العداء للأجانب والإسلام والتنكر للاسلام وتصنيفه كديانة همجية دخيلة.هذا كما دعت أحزاب المعارضة (اليسار والخضر) الى إيقاف الحروب "كما في سوريا" حتى لا يهجر المواطنون جراء قسوة الحروب اى دول الغرب كألمانيا . أما الأحزاب الحاكمة -كالحزب الليبرالي - فتنظر إلى هجرة اللاجئين من منظور مادي وكعبء مالي وليس كهم إنساني كما تعبر عنه أحزاب المعارضة السابقة الذكر .
عود على بدء :
يقول عديد من الأجانب المسلمين المشاركين في استاتيكيا برتك سمان السابقة بأنهم يحافظون على الإسلام بإقامة شعائره "الصلاة ,الصوم, ويتجنبون شرب الكحول وأكل لحوم الخنزير . هذه شريحة أما الشريحة الأخرى فتقول أنها تجاوزت هذه الشعائر فالإسلام هو حسن المعاملة مع الآخر أما الشعائر فهذه علاقة خاصة بين المسلم وربه .المهم هو الحب والتسامح والحرية والديمقراطية والإقتداء بسيرة الرسول الكريم في احترامه للآخر وكل المعتقدات أيا كانت وتكريم المرأة ورفع حقوقها. من ضمن هذه الشريحة الأخيرة ابنة رئيس رابطة "ميلي فورس "التركية
وهي رابطه اسلامية مراقبة مدرجة (تدعو الى التطرف الإسلامي) .
تقول هذه السيدة بأنها كانت تمارس الشعائر الدينية بانتظام إلا أنها لم تعد تلتزم بها. إنها أما ميخص سيرتها الذاتية فهي ام لستة أطفال ترأست إتحاد نسوي وأسست أول روضة أطفال في برلين عام 1987 .تقول : بعد ثمانية عشر عام أسفرت (خلعت الحجاب ) ولا أستغرب الان أن لا يقتنع الألمان بأن الإسلام جزءا من ألمانيا. من جانب آخر اكد معظم المشاركين في إحصائية برتلس مان ومعهد الاجتماع الألماني التي أجريت في ثلاث عشر ولاية ألمانية تأثير المنظمات الإسلامية بالخارج على نشاط الروابط الإسلامية في ألمانيا
هذا كما انتقدوا الفكر الأصولي /السلفي الذي يجاهر بمفاهيم الجهاد والحرب لا الحب والتسامح والحوار واحترام الأديان والشعوب والدعوة إلى التفكر. تطل البوذية "الديانة الأثيرة لدى الألمان لدعوتها إلى السلم والتسامح والمحبة وهذا يجعلنا إننا نتساءل عن عدم انتشار رقعة الإسلام الصوفي في ألمانيا (تواجده في زوايا قليلة كما في برلين وهامبورج ). لماذا البوذية وليس التصوف وأبن عربي مثلا القمة الانسانية الشامخة ورائد لفلسفة الحب وانصهار الأديان في بوتقة واحدة !!!.إنه ابن الأندلس الحقبة التي يشار الها بالبنان شير دائما كإخصاب واثراء لتتسامح الأديان وامتزاج الحضارات في وتفاعل متميز وليس كتناحر وتغييب الآخر لأجل مصلحة أوتوجه معين كما هو حال واقعنا اليوم .
يقول ابن عربي في قصيدته الرائعة :
"..... أدين بدين الحب فالحب ديني وإيماني " .
هذا كما صرح كثير من المشاركين في هذه الإحصائية بأنهم يتخوفون من انقلاب المعتقد إلى مؤسسة دينية كالكنيسة أو مجالس فتوى إسلامية تؤثر وتطغي على شخصية الفرد واتخاذ قراره في الحياة فيصبح مسخا إلى جانب ذلك دعوا إلى تخليص الإسلام من التقليدية ودفعه قما الى التكيف على مستجدات ومتطلبات العصر الحديث كالتبرع بالأعضاء والدم أو مشاكل الطاقة وحرية التصرف الشخصي وقانون العقوبات الحديث لا الحدود الإسلامية كالرجم وقطع الرؤوس والايدي والديمقراطية والقيم العصرية . يقول ستبلرمان أحد المشاركين في هذه الإحصائية بأنه لا يمكن أن يكون الإسلام في غياب تام عن تطور العصر الذي يغير يجدد إنجازه دوما كما تغير الافعى جلدها .محدد.
إن التاريخ والواقع الراهن يؤكدان بان ما يربط الشرق المسلم بالغرب المسيحي أكثر من ما يفصلهما . من هنا نبدأ كما ذكر الإمام محمد عبده الذي زار أوروبا وأكد على إسلام الأوروبيين _سلوكياتهم _ رغم عدم اعتناقهم للإسلام . ليس بالغرب إن تذكر الإحصائية بأنه الألمان لا يرون روابط بين الإسلام – ممارسة المسلمين له – وقيم ومنظومة الغرب الاجتماعية فهم يشيرون دوما إلى الإسلام كخطر وتعصب وإرهاب يهدد أوروبا هذا كما أنه لا يتفق في منظومة الاجتماعية الرجولية والتبعية _الولاء للمجموعة مع الغرب الحر المستقل الذي لا يعرف جرائم الشرف المتوارثة لدى المسلمين- الأتراك في ألمانيا .
أخيرا يظل استناد الإسلاميون _خطأ_ في التفجير والقتل إلى آيات من القرآن معضلة كبرى تخفيف االغرب من القرآن . يقول محلل اجتماعي ألماني بأن الفهم الخاطئ للقرآن واستغلاله في الفتاوى وخطب الحقد لن تغسل رؤوس المسلمين الشباب فقط بل تنشأ أجيال بحالها على اقصاء الاخر والعداء ويوسع الهوة بين الغرب والشرق وتضع الآيات القرآنية موضع نقد ومصدرا للعنف والكراهية . يقول مواصلا بأن المسلمين يعانون من ازدواجية مفرطة .إذ ينطلقون من إسلام السلم / كما تعني الكلمة نفسها غير انهم يمارسون العكس تماما إذ يفجرونكما يحلو لهم كما في ولاية بوسطن الأمريكية ويقوضون قباب الأولياء وامكتبات التاريخية كما في مالي ولا يتورعون من قتل المرأة / جرائم الشرف أو قطع الرؤوس والأيدي / الحدود الشرعية في عالم جديد يدعو إلى احترام حقوق الإنسان ورفض عقوبات القرون الوسطى .
لماذا يكره الألمان الإسلام ؟ :
ربما يكون الأصح أن نتساءل لماذا يكره الألمان المسلمين ؟ للاسف ارتبطت ممارسات المسلمين الخاطئة من عادات عقيمة وهجوم على الغرب غير الإرهاب وخطب الحقد بالإسلام وعليه يعزي الالمان ما يستند اليه الإرهابيين إلى القرآن نفسه لاسيما تلك الايات التي تدعو إلى الجهاد . هذه هوة كبيرة تحتم إغلاقها عبر التنوير بمغزى تأويل مثل هذه الآيات والظروف التي نزلت فيها . إننا في القرن الواحد والعشرين يا أمة الإسلام !!! ما إن عاد فردريش وزير داخلية ألمانيا من واشنطن للتحري عن تجسس المخابرات الأمريكية لشبكة الاتصالات الألمانية استنادا إلى ما أفشى به" سنودن "الجاسوس الأمريكي إلا ووجه بنقد حاد من المعارضة إذ اعتبرت زيارته زيارة فاشلة – لم يعد فردريش بما يفيد ماهية المعلومات (500مليون معلومة ) التي حصل عليها جهاز المخابرات الامريكي عبر تجسسه للشبكة الاتصالات الالمانية .لم يصرح فريدريش بما يفيد . قال بأن المخابرات الأمريكية لم تتجسس على الشركات والمواطنين الألمان وإنما شيكات الإرهاب .. يقول متحدث رسمي معني بالأمن الألماني بأن أمريكا تراقب ألمانيا خصيصا لأن حوادث 11"/نوفمبر /محمد عطا تبلورت في ألمانيا / هامبورغ ومولت كذلك هذا الى ارهاب خليتي زولاند ودسلدورف هذا كاان كثير من الألمان المسلمين انضموا إلى تنظيم القاعدة واتجهوا إلى معسكرات الجهاد في أفغانستان .
لا نجد فردريش في قضايا الاجانب في موضع نقد أفضل من سابقه:فقد انتقدته الروابط والاتحادات إلاسلامية كثيرة لتعويله المؤتمر الاسلامي الى مؤتمر امني وعدم اهتمامه بالبحث عن أسباب كراهة الألمان للإسلام والمسلمين,
فالحوادث التي وقعت في شهر مايو هذا العام وحده تدل على هذه الكراهية الحادة للاسلام . حوادث ك(تلويث المساجد بالدماء, ورمي رؤوس الخنازير أمام مداخلها , وكتابات شعارات تحذيرية على الجدر ك "أن أس أو لم تمت " ان اس ا هي الخلية الإرهابية التي اغتالت عشرة من أرباب العمل الاتراك "
.كان وقد صرح قاتل مروه الشربيني بانه قتلها لكراهيته الحادة للاسلام .
رد فردريش وزير الداخلية على نقد الروابط الإسلامية بأنه سيقيم لائحة بتعدد الحوادث وأسماء مرتكبيها ضد المسلمين والإسلام كما أشار بأن مثل هذه الإجراءات موجودة أصلا منذ عام 2011 إلا أنه سيوسعها تبعا للمستجدات . لقد شارك في حوادث أل "أن أس أو" السابقة الذكر بوليس من ولاية بادن فودن بيرغ ينتمي إلى مجموعة _كوكس كلان الأمريكية الأصل _ الباغضة للأجانب.كيف اذا كيف يأمن الاجانب حياتهم اذا كان بعض أفراد حماية الدستور ومكافحة الجرائم من الكارهين للأجانب ؟ بل لقد ثبت بان هذه المكاتب متورطة في التعتيم غلى مقتل أرباب العمل الأتراك ومد الجناة بالمعلومات عنهم .
. يقول متحدث رسمي من وزارة الداخلية الألمانية بأنه ستفصل لائحة الحوادث ضد الإسلام عن اللوائح الإجرامية الأخرى كالتي تقع على المثليين أو اليسار المتطرف لكي تكثف التحريات .
.نقول ما لم يدار جوار مفتوح عبر الإعلام والصحافة الألمانية عن أسباب كراهة الألمان للاسلام وإقرار المسلمين بابتعادهم عن الإرهاب (الجمود ) والتقليد الاعمى للسلفية ر" لن تقتنع الذهنية الألمانية المعقدة بضيوفها ومواطنيها المسلمين .
خاتمة وتقاطعات :
لقد فشلت صفقة السعودية لاستيراد مصفحات مع ألمانيا هذه المرة فالسلطة السعودية قد ملت نقد ألمانيا لسياستها التقليدية /الرجولية وهضم حقوق الإنسان وحرية المرأة والصحافة كان وقد اتفقت الدولتان على صفقة 270 مصفحة من طراز "اليوبارد"
. انها صفقة ملياردية .
طمعت ألمانيا في اكتسابها إلا أن السعودية أبرمتها مع شركة أمريكا لان المانيا اتت باجراءات معقدة هذا الى نقدها السابق الذكر للسياسة السعودية هذا علما بان الدولتين قد اتفقتا مبدئيا قبل عامين على ابرام هذه الصفقة الا ان السعودية اوقفت هذه الصفقة مع المانيا كرد فعل على تدخل ألمانيا في سياستها الداخلية كما ذكرنا اعلاه .
إن السياسة الألمانية "لحزبي حزب الخضر واليسار"لا تتورع من كشف فساد سياسة الدول الخارجية وترفد الإعلام والصحافة بمعلومات غزيرة (منظمة الشفافية الدولية ) انطلاقا من قبل حرية الرأي والصحافة ضاربة _في كثير من الاحوال _بالمصالح الاقتصادية عرض الحائط على النقيض تماما من الحزب الليبرالي الحاكم المراهن على الاقتصاد ومجتمع الرفاهية . يتفق هاينرش بول وغنتغراس الاديبان العالميان بان السياسة الالمانية تعاني بشدة من الازدواجية ومحاباة اليهود .
عرضت قناة "فوتكس الألمانية فضيحة تورط الأمير طلال في تهريب مخدرات بالتعاون مع كوليمي وحسناء أمريكية . لم يمثل الأمير السعودي للمحكمة الإنجليزية متذرعا بارتباطات رسمية وبحصانته رغم أن الفتاة قد كشفت كل تفاصيل هذه التجارة "السوداء" التي هربت فيها المخدرات على طاقم طائرة الأمير. عرضت صور لقائه بالمتهمين في الصحراء وكيفية تهريب المخدرات من كولمبيا الى فرنسا طي محصول البطاطس".يقول محمي الدفاع بأن الأمير لم يشترك في هذه الجريمة وما لقاؤه بالكولومبي وهذه الفتاة إلا بغرض زراعة البطاطس في السعودية !!! ما يهمنا هما هو ازدواجية – المعايير فألمانيا تدعم إسرائيل باستمرار بالغواصات الحربية والأسلحة كما تتكالب على عقد صفقات المصفحات والغواصات الحربية مع السعودية وفي ذات الوقت تنادي بالسلام في الشرق العربي
والوقوف مع الشعب الفلسطيني وايقاف بناء المستوطنات في الضفة . نعم لالمانيا مصالحتها الاقتصادية كأي دولة الامر الذي (قد يبرر ) الا المانيا في وضع استثنائي اذ طرحت نفسها كراعي للسلام في العالم وداع الى عدم التسليح وانهاء مشروع الاسلحة النووية . كيف يتفق هذا مع تضخم ميزانيتها الحربية وبعث قوتها الى افغانستان مثلا وقد عرفت مأساة الحرب العالمية الثانية وتعذيب وتشريد اليهود والغجر واعدام المعوقين والمعتوهين (الشريحة البخسة كما كان يسميها النظام النازي ) .
, أما السعودية منبع الدين الإسلامي فلا تعكس سلطنتها الحاكمة صورة اسلام حداثوي , كالذي تفتقده ألمانيا وتبذل قصارى جهدها عبر المؤتمرات والحوارات وتسهيل تدريس الإسلام في مدارسها . اسلام حداثوي بديلا عن السلفية والإرهاب ونداءات الجهاد والرجوع دوما إلى الوراء .
نعم إن الإسلام يعاني من تمزق صورته, لتورط المسلمين أنفسهم في تمزيقها بخلافاتهم وولههم "بالفتاوى واستحداث ما يحلو لهم ليحسوا بوجودهم"الممزق" وسط تيارات المعرفة الحديثة .عندما اعتنق "غارودي"المفكر الفرنسي الإسلام شعر بأن أهمية الدين تظل كامنة في إقصائها عن السياسة " اي العلمانية"أما "فلوبير" الكاتب الفرنسي فلا يرى في خارطو العرب سوى الفوضى. لم يخطأ غارودي – في زعمي – لأن الذهنية العربية والمسلمة لم تخل بعد من العشائرية ونزعة التسلط والفوضى "وهذا ما .نعم يعاني الإسلام من انعدام لوبي يحميه وكثيرا ما تساهم الصحافة والإعلام الغربي في تحفيزه وابداء الحقائق بعد لأي ك"كمذيحة يوغسلافيا عام 1990 .التي راح ضحيتها آلآف المسلمين والأطفال. وطالما فقد المسلمون التوجه السليم والمقدرة على النقد الذاتي وتأويل القرآن وفقا لقيم العصر كما يرى أكثر المفكرين المعتدلين في الشرق والغرب .ستظل سفينة المسلمين لائبة في عباب البحر.
لماذا يكره الألمان الإسلام ؟
ولماذا يعتنقوه ثم يرتدوا مثلا؟
هذه محاور يجب الإجابة عليها بجرأة وصراحة وبمعرفة واسعة بالإسلام
ختاما يظل المعتقد في حد ذاته مسألة شخصية فكثير من الألمان مثلا يحتفلون في أعياد الفصح بالعودة إلى جذورهم"ألآرية " ودياناتهم القديمة والتنكر للمسيحية كيدين بأصل يهودي نشر بالعنف في أوروبا. إذا كيف يتفق المسيحيون مع الذهنية الآرية التي تنتقد المسيحية !!. ما يهمنا هنا هو الإشارة إلى تفهم الآخر وأخذ توجهه وماضيه بعين الاعتبار . نقول هذا و لا يفوت علينا جميعا بأن ألمانيا موطن الفلاسفة والأدباء وقمة اقتصادية لا يستهان بها فمن اراد أن يحاور الذهنية الالمانية لينافح عن قضايا الإسلام فليكن بقدر من المنطقية والمعرفة وإلا ...... حتى لا نزداد بلاءا على بلاء .
Amir Nasir [amir.nasir@gmx.de]