لام أكول: الوقت أصبح مناسباً لعودتنا إلى الوطن وهذا هو الحوار الذي دار بيننا مع الحكومة طوال الفترة الماضية
الدكتور لام أكول أجاوين رئيس الحركة الشعبية – التغيير الديمقراطي في حديث الساعة مع (المصير) الجزء الأول
الوقت أصبح مناسباً لعودتنا إلى الوطن وهذا هو الحوار الذي دار بيننا مع الحكومة طوال الفترة الماضية
تغيير الحكومات أمر عادي في أي دولة
لم نرى سياسات معلنة حتى نستطيع أن ننتقد الحكومة على أساسها
بعض الأحزاب تدخل الحكومة ولا نرى لها أثراً في أداء الحكومة
لا تتفاجئوا إذا رأيتموني في جوبا في المستقبل القريب
تلقيتُ معلومات بعد أن غادرتُ أن هناك عناصر تنوي القيام بأعمال غير سليمة تُجاهي
في خضم الحراك المتسارع الذي تشهده الساحة السياسية بجنوب السودان حالياً عقب قرارات رئيس الجمهورية مؤخراً والقاضية بحل الحكومة ، أصبحت حالة الترقب في الشارع السياسي الجنوبي عالية ومحاطة بتكهنات لا تكاد تخلو من الاجتهادات والشائعات ، لكن الأهم في هذا كله هو طبيعة الحكومة المقبلة ، ملامحها والأحزاب المشاركة فيها . في مثل هذا الظرف السياسي الجديد رحب أبرز أحزاب المعارضة ممثلاً في الحركة الشعبية – التغيير الديمقراطي بالقرارات وشعر الناس بحالة أشبه بالتصالح بينه والحكومة ، وأصبح اسم الدكتور لام أكول يتردد كثيراً في مجالس الانس في المدينة ، ووصول وفد مقدمته لجوبا الأسبوع الماضي ، كان حدثا بحد ذاته ، مما جعلنا نفكر في استنطاق رئيس الحزب الدكتور لام أكول في هذه الأجواء المواتية له ولحزبه ، اتصلنا به في مقر إقامته بالقاهرة وطلبنا منه إجراء هذا الحوار فأبدى موافقته على الفور ، إلتقينا به بفندق مريديان في مصر الجديدة ، بدت عليه علامات التفاؤل والإستعداد للإجابة عن جميع الأسئلة المطروحة دون توجس ، أدرنا جهاز التسجيل فكانت حصيلتنا هي هذا الحوار فإلى مضابطه :
حاوره في القاهرة : أتيم سايمون ودينقديت ايـوكــ
*ما هي رؤية حزبكم بعد القرارات الرئاسية الأخيرة المتمثلة في تقليص الحكومة ومراجعة السياسات العامة للدولة ؟
-تمهل قليلاً ثم أجاب قائلاً : تغيير الحكومات أمر عادي في أي دولة ، ولكن في الظروف التي يمر بها جنوب السودان ، نتمنى أن تكون هذه فرصة لمراجعة النفس في كثير من القضايا . أولاً ، فيما يختص بتشكيل الحكومة الجديدة ، يتوقع الشعب أن تكون هناك وجوه جديدة ، وخاصة أن الحكومات السابقة كانت متهمة بالفساد وعدم الانجاز .. إلخ . والأمر الثاني هو أن تأتي هذه الحكومة ببرنامج واضح ، برنامج اقتصادي اجتماعي سياسي يواجه قضايا جنوب السودان بموضوعية وبواقعية . ثالثاً ، نعتقد أن هذه فرصة للعودة إلى قرارات مؤتمر الحوار الجنوبي الجنوبي في أكتوبر 2010 ، لكي يتم تكوين حكومة وحدة وطنية حقيقية لأن الأيام أثبتت بأن هذه القضايا لا يمكن أن تُحل عبر حزب واحد . يعني الحركة الشعبية وحدها لا تستطيع أن تحل هذه القضايا ، والدليل على ذلك هو ما حدث الآن . ولذلك يجب أن نُوسع الدار بحيث تكون المسؤولية لمجموعة أوسع والتي هي الأحزاب السياسية . والشيء الأساسي هو البرنامج لأن في الوقت الماضي لم يكن هناك برنامج من الحكومة تيقّدَّم للمجلس الوطني لكي يتم مساءلة الحكومة أو محاسبتها على أساس هذا البرنامج . الأمل في هذا التغيير على الرغم من أن تغيير الحكومات يعد أمراً عادياً ، المرجوا هو أن يكتسب هذا التغيير أهمية في هذه الظروف وأن يأتي بأشياء جديدة . أن يأتي ببرنامج جديد وبوجوه جديدة وتوجه جديد ، وأن تكون هناك مسؤولية مشتركة للقوى السياسية الموجودة في الساحة ؛ وخاصة الدخول إلى مرحلة تسجيل الأحزاب السياسية الجديدة .
*كيف تقيمون تجربة الحكم بعد الاستقلال في السنتين الماضيتين من عمر الدولة ؟
-أجاب سريعاً قائلاً : والله تقييمنا قلناه كتير ، وأول حاجة الحكومة التي كانت موجودة لم تُقَدِّم سياسات للمجلس الوطني وهذه سُّنَة متبعة في أي بلد ، ولكي يتمكن المجلس من متابعة ومحاسبة الحكومة ، لا بد من تقديم سياسات لتُجَاز في المجلس ، وانعدم هذا لضعف من المجلس . وكان من المفترض أن يصر المجلس على تقديم سياسات كل مرة ، كل سنة وكل فترة من الفترات . وانعدام هذا كان ضعفاً كبيراً ، وما نتج عنه هو أن العمل الوزاري أصبح جزر منعزلة ، وأصبح العمل الوزاري اجتهادات شخصية تخطيء فيها وتصيب . وهذا خطأ لأن الحكومة مجموعة متجانسة لها سياسة متكاملة وفي إطار هذه السياسة المتكاملة ؛ تتفرع السياسات على مستوى الوزارات وتُطبق على هذا الأساس . هذا هو الضعف الأساسي في الفترة السابقة ونتيجة لذلك ، لم يشعر المواطن بأن الحكومة قَدَّمت له الأشياء الأساسية في الحياة . ظلت الخدمات الصحية متردية ، ظل التعليم بلا توجه واضح ، لم تتمكن الحكومة من خلق بنية تحتية أساسية لخدمة الاقتصاد وخدمة الأمن كذلك ، لأنها لم تحتاج لأن يكون هناك تواصل لكل المناطق التي فيها بؤر النزاع . وأعتقد أن الحكومة الجديدة تحتاج إلى تغيير الكثير ولا يمكن أن أُسميها سياسات لأننا لم نرى سياسات معلنة حتى نستطيع أن ننتقد الحكومة على أساسها ، والميزانية دائماً تُوضع على أساس برامج والسياسات هي التي تترجم إلى ميزانية ؛ ومن الصعب كذلك أن تتحدث عن الميزانية في غياب سياسات واضحة . وهذا هو الخلل الأساسي . والموضوع الآخر هو الخلل الأمني وأعتقد أن هناك تقَدُّم في بعض الجبهات وتأخر في بعض جبهات أُخرى وخاصة في جونقلي . وإستجابة الحركات المسلحة للعفو خلقت جو إيجابي في المناطق المتأثرة ، ولكن تبقت جبهة جونقلي مشتعلة ، ونتمنى أن تركز الحكومة الكثير من الجهود على تلك الجبهة .
*هل لديكم موقف للمشاركة في الحكومة المرتقبة بعد أن اجتمع الرئيس بالأحزاب السياسية لإجراء المشاورات حول تشكيل الحكومة ؟
-أهم شيء بالنسبة لنا هي السياسات ولا يوجد حزب سياسي لا يقبل المشاركة ، لأنك إذا أردت أن تُنَفِذ برنامجك السياسي فلا بد أن تكون في الحكومة ، ولكن المعيار هو هل تستطيع خلال وجودك في حكومة معينة أن تؤثر، التأثير المطلوب الذي يؤدي إلى تنفيذ السياسات التي تتبناها ؟ وهذا هو السؤال لأننا اذا أخذنا نسبة المشاركة في الفترة الماضية منذ 2005 ، فبعض الأحزاب تدخل الحكومة ولا نرى لها أثراً في أداء الحكومة ونحن نربأ بأنفسنا عن مثل هذا النوع من المشاركة ، ولكن إذا تمت دعوتنا للمشاركة في الحكومة ؛ فسنصر على أن تكون لهذه الحكومة سياسات واضحة نستطيع أن نخاطب بها الجماهير وتستطيع الجماهير أن تحاسبنا على أساس هذه السياسات .
*هل كان هناك اتصالات بينكم والحكومة في الفترة الماضية ؟
-نعم ، هناك اتصالات تمت في الفترة الماضية ، وكانت قبل حل الحكومة وفي إطار فتح المجال لحزبنا أن يعمل بحرية داخل جنوب السودان . وكما تعلمون ، لدينا مشاكل كثيرة ونسعى إلى أن يكون لدينا الحرية الكاملة في العمل السياسي . هذا كان إطار الحوار بيننا مع الحكومة وفي هذه المرحلة حصلت التطورات لأخيرة .
*هناك حديث حول أن الحوار بينكم والحكومة وصل إلى درجة مطالبتكم بمنصب نائب الرئيس ، هل هذا صحيح ؟
-رد سريعاً : هذا غير صحيح . لم نطالب بأي منصب ، العكس نحن نطالب فقط بأن يُسمح لنا بالذهاب إلى جنوب السودان ، وحتى الاجتماع الأخير الذي تم بين الأحزاب السياسية والرئيس ، لم يكن حزبنا ممثلاً في ذلك الاجتماع كما تعلم . هذا ليس سراً ولكن إذا فتحت الحكومة الحوار معنا في موضوع المشاركة ، فسنتحاور معها كما ذكرت وإذا شعرنا بأن الحكومة الجديدة ستكون لديها برنامج واضح نشارك في وضعه وتنفيذه ؛ فسنشارك لأننا لدينا إلتزام مع الشعب بأن نطبق برامج معينة ، ونتوقع كذلك أن يحاسب الشعب الحكومة حسب برنامجها .
*ألا ترون بأن الوقت أصبح مناسباً لعودتكم إلى أرض الوطن ؟
-هذا ما قلته لك ، الوقت أصبح مناسباً لعودتنا إلى الوطن وهذا هو الحوار الذي دار بيننا مع الحكومة طوال الفترة الماضية ، ونعتقد أننا متفائلين جداً لأن هناك قبول بهذا ، وأتمنى أن لا تتفاجأوا إذا رايتموني في جوبا في المستقبل القريب .
*هل هناك وقتاً محدداً لعودتكم ؟
-الرئيس هو الذي سيحدد متى العودة ولا بد أن تكون الكلمة النهائية بيننا الاثنين .
*ماذا ستكون طبيعة مشاركتكم في الحكومة ؟
-لم ندخل في حوار مع الحركة الشعبية الحزب الحاكم حتى الآن في موضوع نوعية مشاركتنا وكيفية مشاركتنا . لم نتحدث عنها بعد .
*طيب على أي أساس جرت الاتصالات بينكم مع الحكومة بخصوص عودتكم ؟
-جرت الاتصالات بيننا مع الحكومة منذ شهر إبريل الماضي ، وكنا نقول لا بد أن يُسمح لنا بالعمل السياسي كحزب مسجل ، وكانت لدينا ممتلكات تمت مصادرتها في الانتخابات الماضية ونطالب بأن تُرد إلينا ، وأُغلقت بعض مكاتبنا في بعض الولايات ونطالب بفتحها وكل هذا في إطار الحوار منذ ذلك الوقت ومازال جارياً الآن .
*هناك حديث عن وجود علاقة تربطكم بنظام الخرطوم وأنكم تقومون بتجنيد وتدريب المليشيات لزعزعة الأمن والاستقررار في البلاد ؟
-هذا كان جزءً من الصراع السياسي كما تعلمون . قالوا بأن لام لديه مليشيات ، والحمد لله المليشيات الآن ذهبت إلى جنوب السودان ولم تذكر إحدى مجموعاتها بأنني كنت أعمل معها . كل هذا الحديث كان يأتي في إطار الصراع السياسي ، ولعلمكم ففي عام 2005 عندما تم نشر قوات الحركة الشعبية في جنوب السودان كله ، وفي منطقة الشلك بالذات ، تم سحب كل القوات التي كانت موجودة وجاءوا بقوات جديدة وكان المسلحون يأتون وينهبون الأبقار ، وتكررت عملية النهب لأكثر من ثلاث مرات ، وفي يوم من الأيام انزعج واحد من قادة تلك القوات الجديدة وقال : (يا أخونا الناس ديل ما قالو عندهم مليشيات ، مليشياتهم وين لو ما قادرين يدافعو عن أبقارهم؟) ومعنى هذا أنهم تم نشرهم منذ عام 2005 لأن لام أكول لديه مليشيات . وكنتُ عضو في المكتب السياسي للحزب ناهيك عن أنني وزير ، وفي شهر إبريل عام 2008 منعوني من الذهاب إلى (البر التاني) ومنعوني من مخاطبة الشعب والمحافظ الذي منعني من الذهاب إلى (البر التاني) كان من الحركة الشعبية ؛ وأنا رئيسه لأنني كنت عضوا في المكتب السياسي للحركة الشعبية آنذاك. هذا كله في إطار الصراع من بعض الشخصيات الذين قالوا أن لام أكول لا بد أن يتم مهاجمته . ولا يوجد شيء بغيض مثل اتهام الشخص بإقامة علاقات بجهات غير مرغوب فيها في جنوب السودان .
*أنتم تتحدثون الآن عن اتهامكم بتجنيد المليشيات بأنه يأتي في إطار الصراع السياسي بينكم والحزب الحاكم ، لكن الأمين العام للحركة الشعبية في عام 2011 عرض مستندات سرية تثبت تورطكم في التعامل مع بعض الضباط في الجيش السوداني وتلقيكم لدعم من الأسلحة ؟
-أبداً تلك المستندات لا تثبت تورطي في تجنيد المليشيات أو تدريبها ، وأنا رفعت دعوى قضائية ضده وقد طلبت النيابة من حكومة جنوب السودان أن ترفع الحصانة عنه حتى يتم إجراء التحقيق معه في الاتهامات التي وجهها ضدي ، لكن حكومة جنوب السودان رفضت ذلك . ولو كان لديه المستندات ، فلماذا رفض الذهاب إلى المحكمة ؟ وكنا نقول لهم إن كان لديكم تهم فتقدموا بها إلى المحكمة لأن المحكمة هي التي تثبت بأن هذا الشخص مذنب أو غير مذنب . وما يُقال بأن تلك المستندات أثبتت تورطي كلام غير قانوني لأن المحكمة هي التي تثبت بأن هذا الشخص مذنب ثم يتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضده بعد ذلك .
*هناك أحاديث بأن زياراتكم ظلت مركزة على دول عربية مثل الخليج وقطر وهناك حديثاً آخر حول أنكم قمتم بزيارة إلى طهران ، هل تتلقى دعما من الدول العربية ؟
-كل هذه أكاذيب ، أنا لم أذهب إلى طهران إطلاقاً ، أنا فقط ذهبتُ إلى طهران مع الرئيس السوداني حين كنتُ وزيرا للخارجية . وقالوا أيضاً بأنني ذهبت إلى إفريقيا الوسطى ولديَّ أوراق وتقارير ممن يسمون أنفسهم أفراد الأمن الذين يكتبون مثل هذا الكلام وهو كلام غير حقيقي . أنا لم أذهب إلى قطر ، أنا فقط ذهبتُ إلى قطر للمرة الأخيرة أثناء إعلان الاستقلال لمقابلة تلفزيونية وشارك في المقابلة أتيم قرنق ويين ماثيو من جوبا وكانوا معي في نفس اللقاء التلفزيوني .
*هناك حديث أيضاً حول ذهابكم إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتقلي الدعم ؟
-لم أذهب إلى أمريكا . أنا ذهبتُ إلى أروبا في شهر سبتمبر وأكتوبر من العام الماضي وزرتُ أربعة دول أروبية .
*ماذا كانت أهدافكم وراء تلك الزيارة ؟
-الأهداف كانت سياسية ، لا بد لي أن أشرح وجهة نظرنا كحزب حول الأوضاع في جنوب السودان .
*بعد ذهابكم إلى جوبا في أكتوبر 2011 ، أعتقد كثيرون بأنكم ستستقرون في جوبا لكنكم غادرتم فجأة دون توضيح الأسباب واخترتم المنفى في الخارج ، ما هي الأسباب وراء اختفائكم ؟
-أنا لم أختف ، طلبت الإذن من الرئيس في الثالث من ديسمبر للاحتفل بالكريسماس في نيروبي وغادرت جوبا في العاشر من ديسمبر ، وتلقيتُ معلومات بعد أن غادرتُ أن هناك عناصر تنوي القيام بأعمال غير سليمة تجاهي ، ولذلك لم أشعر بأمان ، ولم أرجع إلى جوبا . ولم أخرج من جوبا سـرياً . وهناك فرق بين الاختفاء فجأة وبين عدم العودة .
ونواصل