الرد على الأستاذين الكريمين: رزق والرزيقي
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى في كتابه الكريم: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين" .
هذا الإحساس المتواضع بالندم يختص به الله المؤمنين، وليس كل مؤمن يمتلك القوة النفسية لأن يندم ويعتذر ويتواضع لله.
ونشكر لحزب التحرير الذي تفهم الأمر بعد أن استوضح، فكان خلافه ليس على المضمون ولا على شائعات الرقص التي يتناقلها البعض، وإنما كان على طريقة التعامل مع دولة الحرب أو دولة الكفر كما أسماها في كل الشؤون، وفي هذا أوضحنا لهم أن كلمتنا لم تكن تطبيعا بل كانت تقريعا !
وفوق ذلك نستشهد بالآية الكريمة الموجهة للناس وليس المسلمين فحسب، والتي يظهر فيها التعارف الجماعي –لا الفردي- بين الشعوب والقبائل، مع وجود الضوابط اللازمة: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم).
يذكر باختصار وتصرف كتاب "سيكولوجية التعصب" لمؤلفيه هاينال ومولنار وجيرار، أن المتعصب يظن في لاوعيه أنه المستنير والذي يوحى إليه ما يقول ويفعل، ويظن المتعصب من خلال توهمه باكتشاف المطلق أنه أمسك بالحقيقة التي تمنحه كل العلم (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا)، وأمسك بكل القوة التي تعطيه إحساس السلطان على بقية المواطنين، وأمسك بالعصمة التي تجعله يحس بتفوقه على البشر... وإن خوفه من الرجوع عن تعصبه، نابع من خوفه أن ينكل به أعداء متوهمون.... وأنه يجد الأمن والإطمئنان مما في نفسه ومن خوفه من المجتمع العدو، عبر الإنتماء النفسي لمنظومة تعصبية، يوظفها كاعتقاد وعقيدة... تجعله عدائيا تجاه من يخالفه، ولكنه يعوض هذه العدائية بدفع تعويضات هي زهده وتقشفه في علاقته بنفسه وبالماديات الشخصية، ويصاب بحالة توجد غالبا لدى الذين توصلوا إلى دور اجتماعي مهم في بعض التجمعات. ). انتهى بتصرف.
ولتكن بدايتنا بالرد على الشيخ والأستاذ بنفي أن يكون الحفل الذي صدقت له الأجهزة الأمنية وحضرته راقصا أو خليعا، وننفي أن تكون أمانة الفكر والثقافة من رعاة الحفل أو من منظميه، بل جاءتها الدعوة كتابة من الوزارة قبل يوم من بدء البرنامج وبعد أن علمنا أن الجهة المختصة قد سلمت الوفد الزائر تأشيرات دخوله، ثم لم تذهب الأمانة لحفل الختام إلا بعد أن استلمت صورة من خطاب موافقة شرطة ولاية الخرطوم بصورة لأمن المجتمع على هذا الحفل. ونكرر أنه لم يكن بالحفل رقص ولا حتى الرقص السوداني! وهذا ليس دفاعا عن الحفل أو عن الموسيقا والمعازف أو دفاعا عن المسرح أو عن معرض الرسم أو عن مسرحية الأطفال ولا غيره، وإنما دفاع عن آلاف الحضور و مئات الأسر السودانية المحترمة التي رأيناها حضورا هناك، وتم اتهامها واتهام ولي الأمر معها بأنها خليعة وماجنة وفاجرة، فلا ربنا يرضى بالظلم (وجعله محرما على نفسه و بيننا)، ولا القانون يسمح بهذا القذف لبنات السودان.
ولنبدأ الرد على أكبرنا سنا وعلما وقامة في الدنيا، الشيخ كمال رزق، إمام صلاة الجمعة بأحد المساجد الكبيرة في السودان، وهو شقيق الشيخ الدكتور حسن رزق كيلا يختلط الأمر على بعض من ظنها حربا إعلامية بين تيارين سياسيين.. ويذكر الشيخ أن المؤتمر الوطني هو حزب يخطئ ويصيب وليس إلها يعبد، وأنه يناصح الحكومة والمعارضة منذ 19 عاما وأنه لم يتقاض أجرا منذ 1994 !
نرد بأن افتراض القداسة والأبوة الدينية على الحكومة والمعارضة والمجتمع مرفوضة باعتقاد أن كل هؤلاء يخطؤون ويستحقون المناصحة، في حين يظن في نفسه أن من يعتلي منبر المسجد لا يخطئ ولا يقبل النصح.
أما حديث الشيخ عن أنه فهم تلميحا عن المجموعات الحزبية الثلاثة المذكورة، فليعلم أنه لم يتم نقل حديثي بصورة مطابقة لما قلت، كما لم أذكر بعض المسميات الحزبية التي سردتها الصحيفة.
أما طلب الشيخ أن تقوم صحيفة حكايات بإعادة نشر صفحة قال أن فيها صورا راقصة وماجنة، فهذا لا يجوز يا شيخنا الكريم، بل كان من واجبك أن تطلب محاسبة الصحف على عرض الصور الماجنة، وأن تطلب مني أن أغض بصري وألا أنظر إليها بدل طلبك لي عبر الهاتف أن أبحث عن الصحيفة وأن أتمعن جيدا في إحدى الصور ! هذا لا يجوز كذلك.
ولا أستغرب قول الأستاذ ضياء الدين بلال في عموده أنه من المخجل أن يستمد المشائخ معلوماتهم من الصحف الإجتماعية، وأنا أحيلك لنفس الصحيفة حكايات عدد الجمعة الأخيرة لنعرف رأيك في إحياء أطفال أمدرمان لخمسينية جون كينيدي وإهداء الأطفال هدية لأسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر وغنائهم فليحفظ الرب أمريكا، بحسب قول الصحيفة !! أين أنتم من هذه المصيبة التي صدمتنا ورب الكعبة ؟ بل رأينا بالصحيفة صورة طفل سوادني يرفع العلم الأمريكي! وهل ستفرد لها حيزا من خطبة الجمعة؟ بعد أن تستوثق من تفاصيل الخبر.
أما حديث رئيس دائرة الفنون عن الحفل فهو لم يكن حاضرا فيه ولكن قرأ في نفس الصحيفة وأخذته الحمية بما قرأ فلو كنا مكانه بعيدين عن الأحداث وقرأنا ما يتناقله مراهقو السبق الصحفي المثير لنحونا نحوه إن لم نستوثق من الأخبار ونتبين. وأما الصحفي علي البصير الذي قال إنه جاء متأخرا ولم يجد طريقة للدخول للإقتراب من الأحداث وهو الذي استدللت به أنت، فقد ذكر أمام العزيز الكريم رئيس مجلس إدارة الإنتباهة د.بابكر عبدالسلام داخل مقر الصحيفة ظهر أمس أن الحفل كان منضبطا والحضور كذلك، وما تم عرضه في المسرح كان محترما ! ولكنه ذكر أنه شاهد بعض الناس في الساحة الخلفية يرقصون عندما يسمعون المعازف، رغم أني لا أعرف فيم يرقص شخص في أغنية وطنية أو اجتماعية باللغتين! وفي كل الأحوال، نظن هذه وظيفة جهات أمنية إن كانوا قد رأوا أي حالات شاذة في المكان الخلفي الذي رآه الأخ البصير، وليته قام بمناصحتهم إن كان قد رآهم، أو إبلاغ رجال الأمن المتواجدين بكثافة عنهم.. وهذا الأمر يجب أن يقوم به المحتسبون في حفلات الزواج كذلك وفي الشارع العام وفي الجامعات وفي كل المناسبات الإجتماعية، التي يتغلب فيها هوى النفس وعادات المجتمع على تعاليم وإرشادات الإسلام.
أما يا شيخ كمال حين طالبتني بأن أقدم معك ما أسميتهم كوكبة من المفسدين الذين لا يجرؤ أحد أن يحدثهم في المحاكم وأنهم ينامون في بيوتهم آمنين كما قلت، ((وادعيت أن البينات عليهم متوفرة))، فأنا خصيمك أمام الله يوم القيامة، وخصيمك أمام الشعب في الدنيا إن كان لديك دليل اتهام بالفساد ضد أي شخص وأخفيته عن الإعلام الذي تنتقدنا فيه، وأحاججك إن لقيتك إن أخفيت أدلتك المزعومة عن الفساد عن منبر المسجد الذي تقول فيه ما تشاء كل جمعة، ولم تقدمه للجهات المختصة أو لرئيس الجمهورية مباشرة !! حتى لا يكون افتراءا على الحاكم، وكفانا منكم استغلال منبر الجمعة في توزيع الإتهامات على الحاكم وأولياء الأمر وعلى المجتمع المسلم في السودان..
ما نعلمه في هذا الأمر أن من قدم أدلة وثبت عليه شئ، فإنه قد قدم للمحاكمة، بل حتى منهم من كان وزيرا ! فلا تلقين الكلم على عواهنه، وإن كانت لديك هذه البينات، فالله سيسألك إن لم تخرجها للعلن، هذه مسؤولية أحملكها وسأكرر مطالبتي لك بها في كل منبر، حتى تقدمها أو تنفي وجودها.
أما طلبك الذي وصفته بالصادق من المسؤولين عن الحفل (ولسنا في الحزب منهم) أن يبثوا الحفل في التلفزيون ، فمن ناحية شرعية لا يجوز ذلك، وهذه مخالفة شرعية منك يا شيخنا الكريم إن كنت ترى أن ما في الحفل هو مجون ورقص وفجور !! وكان من الحكمة والدين أن تداري على عورات المسلمين وبنات السودان. ولكن مقابل ذلك أنا أطالبك بالذهاب لمنظمي الحفل والقناة السودانية التي صورته كاملا لتتبين ما تريد، كما أطالبك صادقا وبإلحاح بالرجوع للجهات الأمنية لقراءة تقريرها عن الحفل، فلتستمد معلوماتك من أهل المعلومات أو من العائلات التي كانت متواجدة بالحفل، أو من إدارة قاعة الصداقة الحاضرة.
أما ذكرك أنه لم يشتك من منهجك في الدعوة غيرنا، فهذه مقولة لا قيمة لها دينيا ولا منطقيا، ويكفي في منهجك التكفيري حين انتقدت تشجيع الدولة للرياضة النسوية، حين قلت في عامنا هذا أن من يسمح لابنته بالذهاب للميادين وإن كانت ساترة، فلن يدخل الجنة ورب الكعبة !!
إن توزيع صكوك الغفران وشهادات رضاكم على الحكومة والمجتمع لم تتوقف عند حد، وصرتم في حالة انتقاد دائم وعنيف لمؤسسات الدولة وشرائح المجتمع السوداني بأسلوب أبعد ما يكون عن الحكمة والموعظة الحسنة، وممارسة الصبر بأنواعه الثلاثة، رغم إصراركم على أنكم تعرفون كيف تمارسون الدعوة ! إن كثيرا من الحكمة و قليلا من التواضع لله والتريث قبل اتهام عباده بالباطل في بيوت الله، مطلوب منكم وإلا ستدور عليكم الدوائر، ولا تأمنوا مكر الله. وإن رفع مظلوم واحد شهرتم به في مساجد الله يديه وقال: حسبي الله، فقد كفي.
أما الحديث عن العلاقات مع أمريكا، فليت صحيفتك التي تستمد منها معلوماتك قد أخبرتك عن الكلمة التي ألقيناها وانتقدنا فيها أمريكا ونهجها وحصارها على السودان، وضربها لمصنع الشفاء، وتصنيفنا كإرهابيين (بغير مفهومنا عن الإرهاب)، وتقسيم السودانيين أمام العالم إلى قسمين: (الجوعى والمرضى والمتخلفين) أو (المجرمين والإرهابيين والمطهرين)، وتشويه صورة وطننا السودان ومواطنيه وحكومته وقيادته وشعبه أمام الرأي العام العالمي وأمام شعوبهم.
أما انتقاداتك في المقال لقيادتنا الحكيمة وهيئة الذكر والذاكرين وهيئة علماء السودان ومجمع الفقه الإسلامي، فكانت اتهامات في غير محلها، فقد اتهمت الدعاة الآخرين (غير مجموعتك) بأنهم سكتوا لأنهم يريدون أن يتركوا وراءهم ورثة أغنياء !! واتهمت الدعاة الإسلاميين بأنهم يخافون ضياع المناصب، وأن الفساد قد وصل للعظم ! وأطلقت يا شيخ كمال كثيرا من الإتهامات التي لا تليق بإخوانك الدعاة الآخرين، وكما أسلفت فإن التمادي في هذا المنهج سيوصلنا لتكفير الجميع، والآن نرى سهامك تتوجه نحو الدعاة إلى الله في السودان ! وصلت لدرجة قولك أنهم سيموتون كما تموت العير لأنهم لم يستجيبوا لاستدراجاتك الظالمة لإخوانك في الدين من المواطنين والحاكمين..
وأنت تهيئ للمناخ التكفيري بهذا الأسلوب الإنفعالي، وأنت تستدل بآية قرآنية ضد إخوانك المسلمين من الدعاة إلى الله والأئمة في مجمع الفقه، والذكر والذاكرين، وهيئة علماء السودان بتشبيههم بالكفار، ألم تعلم بأن آية سورة الحشر التي تخوفهم بها، قد نزلت في الكفار ؟
أخيرا يا شيخنا كمال رزق، نرجو التوقف عن إثارة الفتن في المجتمع عبر إثارة المسلمين في المسجد، واستثارة الإسلاميين باستغلال أسماء الشهداء الكرام الأعزاء الأجلاء بأن تذكرهم في مقالاتك و تورد أسماءهم وذكرياتهم كأنهم في صفك ! أولئك الشهداء إخواننا كلنا في الدنيا ونسأل الله مرافقتهم في الجنة مع (سائر) المسلمين.
ويا شيخنا الكريم أنت لست من المعصومين، ولا نحن كذلك، فإن كانت لديك فتاوى نريد سماعها في هذا الشأن حديث الساعة، فلتكن حول المعازف كلها ابتداءا من نغمات الهواتف حتى موسيقا السلام الجمهوري ! ولنسمع رأيكم الكريم في المعازف المصاحبة لمدائح السادة الصوفية ! ونطلب منكم شاكرين التركيز في الإعلام والمسجد على منع حفلات الزواج باستثناء الدفوف. ولتمارس الدعوة وتنزل في صالات الحفلات اليومية وحفلات التخرج، فهي فرصة رائعة لممارسة الحسبة بصورة مباشرة، وكالن البعض يتوقع ظهورك في قاعة الصداقة لتلقي بخطبة في جمع المسلمين الذين كنت تظن أنهم يمارسون الفجور هناك، فإن كانوا بمثل الصفات التي وصفتهم بها، فهم أحوج للدعوة ممن يدخل المسجد للصرة جماعة.
يا شيخنا الكريم كمال رزق لا تكن فظا غليظ القلب، إن كانت لديك تعليقات على عمل أي أمانة حزبية للحزب الذي اختلف البعض حول انتمائك إليه أم لإحدى تلك التيارات، فيمكنك أن تتحدث تنظيميا عبر المواعين التنظيمية وليس في الإعلام، لتعرف ما يجتهد فيه الآخرون في شأن الدعوة والفكر ولكن لا يتم إطلاع شخصك المفرد عليه، أما حديث الدعوة لعامة المسلمين فواجب عليك إعلانه في الإعلام والمنابر ولكن بالحكمة والموعظة الحسنة، و (بــعـــد) التيقن والتبين، وليس بالتشهير بالناس وبالحكومة ومسؤوليها وبالمجتمع السوداني وأبنائه وبناته، ظلما وانفعالا واندفاعا.. فلو كانت الدعوة الإسلامية بنهجكم هذا، لكان الرسول قد جاهر به من أول يوم مستنصرا بالله متوكلا عليه! وإن كان الإندفاع والإنفعال جزء من ممارسة الدعوة لدين الله، لقام رسولنا الكريم بالإندفاع للهجرة أمام أعين مشركي مكة غير آخذ بالأسباب المناسبة لكل بيئة وكل موقف وكل مجموعة... فما الذي كان يمنع رسولنا المؤيد بنصر الله وبحفظه وبقوته وبملائكته وبجند نعلمها وما نعلمها، أن يهاجر إلى المدينة علنا باندفاع وحماس غير محسوب العواقب بدون كل تلك الترتيبات الهادئة والسيناريوهات الدرامية التي رسمها على من شاهت وجوههم ؟
أما الإتهامات الكثيرة لك والتي عددناها جزءا من مسيرة تصاعدية للتمادي، فمنها اتهامك لوزارة التربية والتعليم التي وصفتها بالقطيع الذي يتبع منظمات حقوق الإنسان والطفل، حين تصديت لقرار منع ضرب التلاميذ في المدارس، وقلت أن التعليم بدون ضرب لا يصلح !! ثم استدللت ببريطانيا وأنها أعادت قانون الضرب في المدارس !!
فإن صح قولك يا شيخ كمال رزق، فمنذ متى كانت مرجعيتك هي أسلوب بريطانيا في التربية والتعليم ؟ هناك ما يمكن أن نستورده عن العلم والتعليم من بريطانيا أكثر من ضرب أبنائنا وبناتنا في المدارس يا أستاذ كمال رزق، والذي تدعو إليه.
ثم قمت بالإساءة إلى مسؤولي الطيران في البلاد ووزارة الدفاع، وقلت أن عقولهم معطلة ولا تعمل. ثم حذرت الحكومة من خلايا تحت الأرض وخارجها، تريد تطبيق الشريعة حسب قولك ملمحا إلى شمال مالي، وكأن الحكومة لا شرع لها !
ثم ذكرت أن الحكومة فقدت بوصلتها وسخرت منتقدا شكواها لمحكمة العدل الدولية ضد إسرائيل! كما سخرت من وزارة الخارجية ومسؤوليها. ثم هاجمت وزارة المالية ومسؤولي الإقتصاد وألمحت إلى أنهم بعيدون عن كتاب الله! ثم انتقدت المفاوضين رافضا أن نتفاوض مع السودانيين لتحقيق السلام. وانتقدت وزارة الداخلية في ضبطها، كما انتقدت ضمنيا وزارة العدل لما أسميته بضعف القوانين!
كما نصبت نفسك وصيا على نائب رئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان، مطالبا إياه ألا يضيع وقته بالحوار مع المعارضة السودانية !!!! (المسلمة). وهاجمت سعي مؤسسة الرئاسة لتحسين العلاقات مع دولة الجنوب. ثم ظلمت السفير المصري واتهمته بأنه كان في دار حزب الأمة لإسقاط حكومة السودان، وهو لم يكن هناك أصلا ولم يكن حزب الأمة يخطط لشئ في ندوته ! وانتقدت مجتمعنا وصرت مثل الإعلام الغربي تشوه صورته بقولك أن الجنس يمارس بين بعض الأقارب في المجتمع السوداني !!
وكم من مرة وصفتم بعض أبناء المجتمع السوداني وبناته بالفسق والمجون والخلاعة والميوعة، وغيرها من الألفاظ الكثيرة المسيئة للشعب السوداني وحكومته و التي تطلقونها كأنه لا رقيب عتيد !
ماذا تركت، وهل هناك داعية تكفيري يقول : (أنا تكفيري) ؟ وإنما البعرة تدل على البعير .
فكيف لا نطالب بأن يتم وضع ضوابط لحرية التعبير وللمتحدثين الرسميين بإسم الإسلام (أو ما أسماهم رئيس تحرير إحدى الصحف) بالمحتسبين الرسميين !!!
ومن يريد أن يضبط الآخرين، فليضبط نفسه بداية ليستطيع ضبط غيره، ولا تخرج منه الكلمة لا يلقي لها بالا تهوي به وببلادنا وأمتنا سبعين خريفا في النار ! فتخيل لو سمع تكفيري متعصب بدعوتك التحريضية وإطلاقك يد الشباب لإيقاف ما دعوته بالعبث في قاعة الصداقة ! ما الذي كان سيحدث ؟ نترك الإجابة لحفظة أمن البلاد وولاة أمرها.
ونذكر كل من يظن أنه ضمن الطائفة الناجية المنصورة، وأن الحكومة والشعب والمعارضة في اتجاه الكفر يسيرون، بقول أبو حامد الغزالي: من جعل الحق وقفا على طائفة ، فهو إلى الكفر أقرب.
أما بقية اتهاماتك لوزارة الإعلام، وللمسؤولين ومن اتهمتهم برعاية الماسونية، وللمجتمع السوداني بشرائحه، واتهاماتك وإساءاتك لهيئة علماء السودان الكريمة، ولمجمع الفقه الإسلامي، والذكر والذاكرين، وكل الدعاة الذين اتهمتهم بأنهم يتوارون خلف صياصيهم وخلف وظائفهم، فلن أدافع عن أحد منهم بأكثر مما قلت، فهم أبلغ في الرد عليك مني بعد أن يقرأوا مقالك.
أما لأثبت لك أن هناك منطلقات سياسية للبعض، فأنا أستغرب وتعقد حاجبي الدهشة حين أقرأ لك قبل سبعة أشهر في صحيفة أخبار اليوم:
"..أنه من المهم أن يلتزم المحتسب بالأسلوب الحسن، وألا ينصح أمام الناس فالنصح أمام الناس مشاكله كثيرة ومنهي عنه لأنه سيثير الحفائظ ويشجع الشيطان.. ".
ولكن يا شيخ كمال، لم نر لك أسلوبا حسنا في الحسبة مع رجال الدولة أو شرائح المجتمع ولم تتبين المعلومات الصحيحة بداية من مصادرها، ولا زلت تفتي في كل شأن تمارسه الدولة دون أن تجلس مع رجالاتها لتعرف منطلقاتهم ومبرراتهم وتحاورهم فيها وتجادلهم بالتي هي أحسن، وتتفهم لماذا صدر قرار، وكيف حدث خطأ وكيف يتم تعديله تسديدا ومقاربة، وغيرها من الشؤون التي لا يمكن أن يكون لديك وقت للبحث العلمي والديني فيها كلها !
ثم نراك قبل سبعة أشهر في صحيفة أخبار اليوم تحدثت عن أن النصيحة يجب أن تكون في زمن مناسب، وأن يوجد لها الوقت والبيئة المناسبتين !
ولكن يا شيخ كمال لم نجدك تفكرت وتخيرت أسلوبا أو زمنا، بل تعجلت بانفعال لتلقي الأحكام في المسجد (استنادا على موضوع وصورة بصحيفة اجتماعية كما أشرت)، كما تعجلت دون اختيار وقت مناسب، لترد على تقرير صحيفة السوداني بتاريخ الجمعة 29 نوفمبر 2013، ثم على عمود أ.ضياء الدين بلال يوم السبت 30 والذي أشار فيه إلى الشيخين (ولم يكن يقصد البخاري ومسلم) وأنهما لم يخجلا من أن تكون مصادر معلوماتهما قبل اتهام الحكومة والناس بالباطل، هي مقال لصحفيين اثنين بصحيفة اجتماعية.. أما أنا يا شيخ كمال فقد أرسلت لك رسالة لأتأكد من أنك كتبت ما كتبت بالإنتباهة، وطلبت منك برسالة ثانية تأكيد أو نفي أي معلومة أو جملة مكتوبة بالمقال، حتى لا نظلمك بالرد عليك.
أما قولك قبل سبعة أشهر أنه يستحسن البعد عن النصح المباشر كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا.."، وأنه من كان يرتكب المعصية فإنه يفهم إشارة الرسول الكريم.
فيا شيخنا لا نراك قد اتبعت نهج الرسول الكريم، بل سارعت لاتهام الحكومة وحزب المؤتمر الوطني وتسميتهما بالإسم المباشر، مخالفا النهج النبوي الذي دعوت المحتسبين إليه.
ولكن يا شيخنا ولا نبخس مجهوداتك الدعوية طيلة حياتك، نسأل الله السلامة من الفتن والغفلة والظلم، فهي تجري تحت أقدام أتقى الأتقياء وقليل من ينجو منها كما ذكرت.
ونكرر ألا دخل لأمانة الفكر والثقافة بالحفل الفني (غير الراقص)، إلا بمتابعة محتوى المسرحية الوطنية (عشانك يا سودان)، ومراقبة تدريبات الأطفال على الرسم والمسرح الإجتماعي، وبعض التوجيهات الدعوية عند زياراتنا التفقدية، إضافة لكلمة الختام والتي تحدثت عن وجوب احترام الضوابط الدينية والإجتماعية في العمل الفني، وعن العنصرية والقبلية المتفشية بين أهل القبائل، وعن صعوبة إدارة التنوع الثقافي والقبلي في السودان في ظل العصبيات الموجودة، وتمت إدانة ضرب مصنع الشفاء وإدانة الحصار الإقتصادي الظالم على السودان، وإدانة الهجمات الإعلامية لتشويه المنظر السوداني أمام العالم. وأرسلنا رسائل للوفد الأمريكي أن يعود لأمريكا ليقوم بالمساهمة في تحسين صورة السودان والشعب السوداني المشوهة لدى الذهنية الغربية، وتمت مطالبة الحكومة الأمريكية والكونغرس وجماعات الضغط بالتعرف بصورة أوثق بالسودان شعبا، وبالإفريقية تقاليدا، وبالعربية لغة، وبالإسلام دينا.
ونأتي باختصار مخل لرئيس تحرير صحيفة الإنتباهة، والذي قام بحشد أسلحته اللغوية وتعمير كلاشه والتصويب في التختة الخاطئة، ليس لقلة مهارة في التصويب، ولكن لأنه لم يستوثق ولم يسأل ولم يجالس (وفي ذلك نشكر دكتور بابكر عبدالسلام رئيس مجلس إدارة الإنتباهة على دعوته الكريمة لنا للإستماع والنقاش)، ولكن كان قد سبقها الإتهام البغيض المتعجل والتكفيري كذلك من رئيس تحرير صحيفته لنائب الأمانة بالحزب بأنه قد أجهز على القواعد الفقهية !! وإن ممارسة الوصاية الإسلامية على الإخوان المسلمين وبذر بذور التكفير هذه لا يجب أن تبدأ بالظهور في وسائل الإعلام إن أردنا الإبتعاد عن الفتنة، ولن تقبلها الدولة بمكوناتها من حكومة ومجتمع ومعارضة ودعاة معتدلون، ونحن نحترم مشائخنا ولا نقدسهم، ولا نسمح لأحد الدعاة أن يظن في نفسه الخير والتسديد الصائب في كل ما يقول، ولا أن يتهم الدعاة الآخرين بمثل ما اتهمهم به شيخنا الأستاذ كمال رزق.
هذا، ولن يطول الرد فأغلب ما ذكر رئيس تحرير هذه الصحيفة كان مبنيا على افتراضات خاطئة ومعلومات خاطئة أدت إلى تحليل خاطئ، فيكون من الظلم الرد عليه هكذا أو نجابه القسوة بالقسوة الإعلامية والعنف اللفظي أو الإجراء القانوني. ولكن نشير إلى أنه إذا كانت الدولة ممثلة في وزارتها قد رعت المجون كما ذكرتم، فهل تظنون أن القيادات الأمنية وأمن المجتمع والعائلات الحاضرة كانت ستسكت ؟ ولماذا لم تسحب الأسر السودانية أطفالها من ورش التدريب إن كان هناك ما لا يجب أن يراه أطفالنا ؟
أما ظنك بأن من يمسك مايكروفون المسجد يقول حديثا مقدسا، فافتحوا الباب للقاديانية والشيعة والبهائية ولتنظيم القاعدة ولكل الجماعات التي يتحدث مشائخها بإسم الإسلام ويستدلون بآياته الكريمات المقدسات، ليعتلوا منابر مساجد السودان ! فاعلم أن الضوابط التي طالبنا بوضعها، هي كيلا يتهم أحد أحدا بما ليس فيه، وكيلا يفسر أحد الآيات التي نزلت في الكفار بطريقته ليستخدمها ضد المسلمين، مثلما استدل شيخ كمال بآية سورة الحشر ضد إخوانه الدعاة في مجمع الفقه الإسلامي وهيئة علماء السودان! فما بالك بنا نحن عامة المسلمين ؟ وإلى أين سينتهي الصراع بين اثنين أقل من أولئك علما وقامة وربما حكمة ؟
أما حديثك المكرور عن أن مسؤولي الوزارة قد رعوا الرقص، فعلى الوزارة أن تشرع في إجراءاتها إن شاءت، أو أن تكرر لكم بصورة ودية أنه لم يكن كذلك وأن هذا ظلم وقع على كثير من خلق الله وحسبنا الله، فلا تلووا عنق الحقائق وليعترف أحدنا بخطئه إن أخطأ، فالظلم تعدانا إلى آخرين كثر، ولا تتهمنا بلوي أحكام الشريعة، فهذا اتهام تكفيري وسابقة نرجو ألا تتفشى في صحافتنا التي تعاني ما تعاني.. وتجعل الأجهزة الأمنية تتوتر وتعاني معها، ثم يتباكى البعض بعد ذلك على حرية التعبير !
ونكتفي بذلك فأغلب حديث رئيس تحرير الإنتباهة المتبقي كان شخصيا وموجها لشخصية أكثر منه موجها للحزب أو للدولة، وجزء آخر كان يوضح بجلاء أنه قرأ تقرير صحيفة السوداني على عجل دون أن يتفكر أو يركز فيه، فكثير مما قال استقاءا من التقرير يناقض ما جاء في التقرير! فلذلك نجتهد أن نتغاضى عنه حتى لا ندخل في أنفاق شخصية لا تفيد القراء شيئا، إلا الإثارة من وراء موضوع يصرف الأمة عن قضاياها، ويكفينا رجوعا بالأمة بالخطوات إلى الخلف، والله خير الشاهدين.
ونسأل الله أن يجمع شمل المسلمين على كلمة سواء، وألا نظلم أو نظلم، وأن يزيل ما في قلوبنا من غل (للذين آمنوا).
م. أُبي عزالدين عوض
Obay1975@gmail.com
1 ديسمبر 2013