متى تصدق الانقاذ ،، أعندما تقسم بالله ، أم تحلف بالطلاق؟!.

 


 

حسن الجزولي
12 December, 2013

 



* الذي يتابع  أحاديث وتصريحات أهل الانقاذ ومسؤوليه كباراً وصغاراً، يلاحظ أنها تفتقر لأبسط قواعد الديبلوماسية والكياسة الاجتماعية، وعدم مراعاة مشاعر الآخر، مختلفاً كان أم متفقاً، حيال محاولات تغييب عقله وفكره وافتراض الغباء والجهل بحقائق الأمور وما في جوف البئر بعد انكشاف غطائها!.
* وأقرب نموذج من بين التصريحات المتعددة لأهل الانقاذ في وجهة (التسطيح) بالبشر، هو حديث السيد رئيس الجمهورية بالأمس القريب الذي خاطب خلاله جماهير منطقة " قري " كما ورد في أخبار الصحف في 8 ديسمبر 2013، والذي تناول فيه بالتعليق أحداث الساعات القليلة الماضية  والمتعلقة بالتغيير الوزاري، حيث حاول فيه تقديم قراءات سياسية من مواقع إجبار الرأي العام على تبني مثل هذه القراءة غض النظر عن موضوعيتها أو تماسكها، ومن أجل ذلك، فإن سيادة رئيس الجمهورية يلجأ للقسم الغليظ بالله، ظناً منه أن مثل هكذا قسم يقف دليلاً على صدقية حديثه الذي لا يأتيه الباطل من أي جهة، وذلك حينما قال (أقسم بالله العظيم من يقول إن هناك صراعات أو خلافات أو مشاكل وراء استقالة طه  فهو كذاب) ومن عجيب الملاحظات في هذا القسم الغليظ أن سيادته يلجأ إليه، لا لكي ينفي أي شكوك حول استقالة نائبه الأول ، لا ، بل لكي يدمغ الآخر بالكذب الصراح!، دونما أي كياسة في افتراض حسن نوايا هذا الآخر أو الانتباه لافتراضات أخرى ليس من بينها هذا (الكذب) الذي يوصم به البشير الآخر في معرض تحليله لما وراء الخبر، أوليس من وارد الأمور أن تكون مثل الافتراضات التي وردت  بخصوص الاستقالة تعبر عن خطأ  في التحليل بأكثر منها كذب وتلفيق مثلاً؟!. أو حتى إذا جزمنا بأن المعنيين توصلوا إلى أن الأسباب الكامنة خلف الاستقالة هي بالفعل (صراعات وخلافات ومشاكل) فهل أن مثل هذه الأجواء لا تعشعش في أروقة وأركان أهل الانقاذ وداخل حزب المؤتمر الوطني؟، هل تستطيع أي جهة نفي ذلك؟!، عموماً لا ندري لماذا يصر  مسؤولو الانقاذ على معاداة الجماهير  بمثل هذه القسوة!.
* وفيما يخص الاشارة إلى أن النائب الأول كان قد تنحى فيما سبق، إبان اتفاق السلام في العام 2005 مع اتفاقية نيفاشا، فهل كانت تلك الاستقالة خالصة لوجه الله تعالى يا ترى ، أم أنها كانت (استراحة محارب) متفق عليها، حيث أن أهل الانقاذ كانوا على علم ودراية بشأن ما سيفضي إليه مستقبل الاتفاقية (المنفسة)؟!.
* ثم أضاف قائلاً:- (إننا نريد أن ندفع بمجموعة من الشباب لنؤهلهم ونهيئهم لقيادة هذه البلاد، مشيراً إلى أن كبار المسؤولين الذين ما زال عطاؤهم مستمراً ويمكن أن يستمر تنازلوا عن مواقعهم في الحكومة طوعاً واختياراً، وزاد هي لله والتعديل الجديد في الحكومة سيؤكد حقيقتنا إنها (هي لله).
ونحن هنا وبنفس مستوى ومناسبة قسمه السابق أعلاه، نقسم أيضاً بالله العلي العظيم أنه ما كان يمكن أن نعلق على هذه الجزئية لو لا أن سيادته قد أقسم  إن (هي إلا لله) ثم كررها (هي لله)!. وهو الأمر الذي يجعل أهل السودان (يتململون) إن وردت سيرة (الله) أو جاءت قضايا (الاستقامة) على لسان أهل (السلطة والجاه)!،، عليه نطرح سؤالاً، نرجو له أن (يُقبل) في إطار المناصحة، فإن كان كبار المسؤولين قد تنازلوا عن مواقعهم طوعاً واختياراً لافساح المجال للشباب، ياسيادة رئيس الجمهورية، فأين أنت من ذلك؟ ولا نزيد!.
* ثم قطع بأنه ( لا مجال للقبلية أو العنصرية أو الجهوية بيننا).
فإن لم  يلعب نظام الانقاذ لعبته في التفريط بسيادة البلاد وفصل جنوب البلاد، وإن لم تكن (الحرابة) التي أشعلها في دارفور وأطلق جنجويده كالكلاب المسعورة على أهل تلك الديار لتمزق النسيج الاجتماعي لحياتهم وتفرقم أيدي سبأ، وإن لم يلعب وما يزال على (أسفين) السؤال عن القبيلة في كل ما يتعلق بمعاملات المواطنين أمام نوافذ الخدمة المدنية، فكيف يا ترى تكون معاني (القبلية  والعنصرية  والجهوية) ؟!.
* وقال (إننا نريد إعادة تاريخ البلاد الذي زوره المستشرقون من جديد وإزالة كافة الشوائب التي حاول الاستعمار زرعها وسط الشعوب).
شنو (السالفة) بالضبط؟! ،، كيف تروم الانقاذ إعادة تاريخ السودان ، الذي زوره المستشرقون؟ ومن هم هؤلاء المستشرقون ، وبأي كيفية زوروا تاريخ بلادنا يا ترى، كما لا ننسى السؤال عن (شوائب الاستعمار) أيضاً!. حتى لا يكون الكلام تهويمات ونضمي ساكت!.
* وقال (إن السودان مستهدف من قبل قوى الشر وإن شياطين الإنس والجن يريدون هدم البلاد ولكن نقول لهم إن السودان محروس بالشيوخ والعلماء وأهل الدين وخلاوى القرآن).
إن شيوخنا وعلمائنا الأجلاء وكذا أهل الدين وخلاي البلاد، لهم مساهماتهم المبجلة والمقدرة في نشر الثقافة الاسلامية والقيام بأمور التربية الدينية وتحفيظ القرآن الكريم، كواجبات أساسية يتحملون أعباءها بأكثر من أي اجبات أخرى خارج نطاق تخصصهم، (وما كلف الله نفساً إلا وسعها)! ، فهل نفهم متأخرين جداً لماذا يتم استهداف البلاد من قبل بعض الجهات دون القدرة على التصدي للمستهدفينن سواء في بورتسودان لأكثر من مرة أو داخل مصنع اليرموك وغيرها؟، ألهذه الدرجة نحن نعول يا سيادة رئيس الجمهورية على (الشيوخ والعلماء وأهل الدين وخلاوي القرآن) على القيام بأعباء (وزارة الدفاع والقوات المسلحة) في هذه البلاد، وعليه نتوقع مع التغيير الوزاري الأخير إحالة  (الدفاع) لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية مثلاً ،، أم ماذا؟!.
* حتى نصل مع تصريحات سيادته لما هو مؤسف ولا يليق، فقد شدد في تصريحه ( على ضرورة مقاومة المحاولات الرامية لهدم أخلاق الشباب عن طريق المخدرات والإنترنت)!.
فإن كان البشير يعني ما يقول، إذن فإن على سيادته الكشف الفوري ودون تردد عن تلك الجهات التي ترمي لهدم أخلاق الشباب عن طريق (المخدرات والانترنت)، لأننا وحتى إن (بلعنا) تهمة (المخدرات) غض النظر عن أنها وردت من قبل على لسان (الراحل القذافي ) في اتهامه لمعارضيه (الشباب) بتعاطي حبوب الهلوسة، ومن بعده استخدمتها للأسف الشديد أحدى الصحفيات ورمت بها في عمودها الصحفي  شهداء هبة سبتمبر الأبطال في أوساط (الشباب)، فتحولت تصريحاتها لأضحوكة وسط الصحفيات والصحفيين، فإن كنا هكذا ، نقبل موضوع (المخدرات) على علاته كما ورد، فكيف بنا يا ربنا العزيز المقتدر أن نهضم (حجوة  الانترنت)؟! ،، حيث لو ثبت أن الانترنت، بالفعل موجه في الأساس لهدم أخلاق (الشباب)، وهو يماثل تماماً القوة التدميرية لمادة كالـ ( المخدرات) في أوساط الشعوب ومجتمعاتها، فلماذا لا تلجأوا يا سيادة رئيس الجمهورية لإصدار أمر جمهوري فوري بإيقاف جميع خدمات الانترنت  عن البلاد، والتعامل مع مثل هكذا أجهزة ليس باعتبارها تقنية المستقبل وحادي ركب العلوم الحديثة المؤهلة لقدرات الشعوب في تقدمها وتطورها ورقيها، بل عكس هذا الظن، أنها في واقع الأمر بمثابة العدو الأول المهدد لأخلاقنا وقيمنا، وعليك (كإمام للأمة) بدفع  الأذى عن (رعيتك)!.
* من جانب آخر صدقني يا سيادة الرئيس، فشباب السودان بناتاً وأولاداً في أتم العافية الأخلاقية والانسانية والوطنية، ولعلكم قد لمستم هذا الأمر تماماً، إبان كارثة الأمطار الأخيرة، أولئك الخيرين الذين انتظموا بكل مسؤولية وجسارة وطنية في (نفير) وطني، مساهمة منهم ومنهن لانقاذ أهلهم ومواطنيهم، فكان جزاء سنمار حصدهم بالرصاص على شوارع المدن وطرقاتها في انتفاضتهم الجسورة شهر سبتمر الماضي، غيلاً و(انتقاماً)!.
* فيا أهل الانقاذ وحزب المؤتمر الوطني ،، إن كنتم تعتقدون أن في أحاديثكم وتصريحاتكم سحر لبيان  أو لباقة لكلام ، تماماً كالشعر المرسل،  فإن ناقداً فذاً كحمزة الملك طمبل كان قد أوصى أقرانه في أوساط السودانيين، وهو يقول لهم في منتصف القرن الماضي :- (يا شعراء السودان ،، أصدقوا وكفى)!.   
____________
عن صحيفة الميدان

elgizuli@hotmail.com

 

آراء