أزمة جنوب السودان تتطلب إلتزاماً دولياً أقوى: بقلم: برنستون ليمان .. ترجمة : بابكر فيصل بابكر

 


 

 




بقلم: برنستون ليمان*

ترجمة : بابكر فيصل بابكر

نشر بنيويورك تايمز


لقد إستثمرت الولايات المتحدة في فترة حكم الرئيس جورج بوش الإبن والرئيس أوباما بشكل كبير في ميلاد جنوب السودان. في حقيقة الامر تعتبر أمريكا الدولة الكانحة الاكبر لجنوب السودان منذ أن نال إستقلاله في 2011.
لا يمكن للولايات المتحدة أو المجتمع الدولي تجاهل التهديد الذي يمثله النزاع الحالي في جنوب السودان, ولكن لا سبيل للعودة للوراء مرة أخرى للوضع السابق أو لعلميات الإغاثة الإعتيادية, فالأزمة الحالية كشفت حقيقة أنَّ المؤسسات السياسية في جنوب السودان ضعيفة للغاية وغير قادرة على إستيعاب الطموحات المتباينة والإحتياجات الأخرى للدولة الجديدة.
جيش جنوب السودان , وهو تحالف لمليشيات متنافسة أكثر منه جيشاً نظامياً, إنقسم على نفسه في الأزمة الراهنة.
يجب على المجتمع الدولي, ليس أمريكا وحدها ولكن الدول والهيئات الإفريقية والأمم المتحدة وشركائنا الأوربيين الإنخراط بصورة أكبر في أزمة جنوب السودان.
قبل كل شىء لا بد من أن تلعب بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب السودان دوراً أكبر من دورها الحالي. يتوجب على البعثة – مسنودة بمجلس الأمن الدولي- عدم قبول أية قيود تفرض على تحركاتها , وتحقيقاتها, ودورها في حماية المواطنين من قبل حكومة جنوب السودان.
وعندما يتم الإتفاق على وقف العدائيات, يجب أن توكل للبعثة مهمة مراقبة وقف إطلاق النار, والفصل بين القوات المتنازعة, وإبلاغ أية إنتهاكات للإتفاق لمجلس الامن الدولي, وبعد ذلك تقوم الأمم المتحدة والدول المانحة بالمساعدة في إنشاء جيش موحد وأكثر إحترافية لدولة جنوب السودان. 
وفوق ذلك يتوجب على المجتمع الدولي المساهمة المباشرة في مساعدة جنوب السودان على تطوير مؤسسات الحكم, والديموقراطية وحماية حقوق الإنسان, وهى المؤسسات الغير موجودة في الوقت الراهن. إنَّ أحد وسائل القيام بتلك المهمة يتمثل في وضع الدستور الدائم الذي تأخر كثيراً. ويجب أن توكل عملية صياغة الدستور للجنة قضائية محترمة ومستقلة مع ضمان وجود مشاركة مدنيّة وسياسية واسعة.
يتوجب كذلك توفير المساعدة من قبل مستشارين دوليين مع وجود لجنة خبراء مكونة من الإتحاد الإفريقي والولايات المتحدة والاطراف الاخرى الراغبة على أن تتزامن إنتخابات 2015 مع وضع الدستور الجديد.
في غضون ذلك يجب أن تركز حكومة جنوب السودان على إستعادة السلام وتعزيز المصالحة والإستثمار في التعليم والصحة والبنيات الأساسية وهى الأمور التي تحتاج إليها بصورة ماسة. ولبلوغ هذه الغاية يتوجب على المجتمع الدولي وضع ترتيبات للمراقبة لإدارة إقتصاد جنوب السودان الذي يعتمد بصورة كاملة على النفط. على سبيل المثال يمكن وضع آليات حكومية مشتركة من قبل الدول المانحة للإشراف على المنح, وكذلك يمكن تأسيس آليات رقابة خارجية على قطاع النفط.
ستكون هذه العملية طويلة, ولن تكون بأية حال من الأحوال أقل كلفة من الجهود السابقة بل أنها تحتاج منا أن نكون أكثر حضوراً وإنخراطاً, هذه التدابير وحدها الكفيلة بحماية الإستثمارات الهائلة التي قامت بها أمريكا في جنوب السودان حتى الآن.





*برنستون ليمان سفير سابق لأمريكا بنيجيريا وجنوب أفريقيا, خدم كمبعوث خاص للسودان وجنوب السودان في الفترة من مارس 2011 حتى مارس ,2013 وهو حالياً كبير المستشارين بمعهد السلام الأمريكي.

boulkea@gmail.com

 

آراء