موسفيني يبدأ حرب البسوس في الجنوب ؟
ثروت قاسم
21 January, 2014
21 January, 2014
Facebook.com/tharwat.gasim
Tharwat20042004@yahoo.com
1- الموقف العام؟
تستمر لعبة الكراسي الشيطانية بين الرئيس سلفاكير والدكتور رياك مشار ، سياسياً بين جوبا والناصر واديس ابابا ، وعسكرياً في الميدان .
عند كتابة هذه السطور ( الثلاثاء 21 يناير 2014 ) تسيطر قوات الرئيس سلفاكير ( الجيش اليوغندي ) على مدينة بور عاصمة ولاية جونقلي ، وعلى بانتيو عاصمة ولاية الوحدة ، وعلى ملكال عاصمة ولاية أعالي النيل .
في المقابل ، يسيطر الدكتور رياك مشار على معظم ، إن لم يكن كل ، آبار النفط الجنوبية في ولاية أعالي النيل وولاية الوحدة .
من المقرر عقد قمة طارئة لقادة دول منظمة الإيقاد ( جوبا – الخميس 23 يناير 2014 ) في محاولة لحلحلة أزمة الجنوب التي راح ضحيتها أكثر من 10 الف قتيل ، وأكثر من نصف مليون نازح ولاجئ ، مع غبائن ومرارات شخصية ما أنزل الله بها من سلطان .
ربما تغير هذا الموقف الميداني رأساً على عقب عند نشر هذه المقالة .
2 - مفاوضات أديس أبابا ؟
في يوم الثلاثاء 7 يناير 2014 ، بدأت مفاوضات أديس أبابا بين طرفي النزاع في إطار وساطة منظمة الإيقاد . بعد إسبوعين طويلين من بدئها ، لم تحرز المفاوضات أي تقدم يُذكر ، بل حاول الوسطاء تجاوزها ، مما أثبت عدم ثقة الوسطاء في تفويض المشاركين فيها من قادتهم ... الرئيس سلفاكير والدكتور رياك مشار !
نختزل أدناه بعض الأمثلة التي تؤكد تسفيه الوسطاء في منظمة الإيقاد والأتحاد الأفريقي وإدارة أوباما وعدم ثقتهم في تفويض ومرجعيات المفاوضين :
+ في يوم السبت 11 يناير ( بعد 4 أيام على بدء المفاوضات ) قابل السيد دونالد بووث ، المبعوث الرئاسي الأمريكي لدولتي السودان ( وفي معيته وسطاء الإيقاد الثلاثة ) الرئيس سلفاكير في جوبا ، والدكتور رياك مشار في مكان مجهول بالقرب من مدينة الناصر ، في تجاوز بين للمفاوضين في أديس ابابا . ولم يسفر لقاؤهم على أي إختراق للوضع العام المتأزم ؟
+ لا يزال السيد نيال دينق نيال ، رئيس وفد المفاوضات الحكومي في جوبا لإجراء ( مشاورات ؟؟) مع الرئيس سلفاكير ؟ أستغرقت ( مشاوراته ) أكثر من أسبوع ؟ وربما بقي في جوبا حتى يوم الخميس 23 يناير لحضور قمة الإيقاد ( جوبا – الخميس 21 يناير 2014 ) ؟ وعليه فالمفاوضات في أديس ابابا مجمدة ! ربما ريثما يستعيد جيش الحركة السيطرةعلى ولايات جونقلي والوحدة وأعالي النيل ، وآبار النفط في هذه الولايات . وبعدها يرجع السيد نيال إلى أديس ابابا للموافقة على وقف العدائيات وجيش الحركة مسيطر على هذه الولايات الثلاثة ، وعواصمها وآبار نفطها ؟؟
شطارة الشاطر حسن ؟
+ قلل وزير الدفاع في دولة جنوب السودان كول مانيانج جوك ( يوم الجمعة 17 يناير ) من فرص صمود أي إتفاقية ، يتم إبرامها في أديس ابابا ، لوقف العدائيات ووقف إطلاق النار بين طرفي النزاع ، معللاً ذلك بإن الدكتور رياك مشار ليست له سيطرة كافية على قواته ، التي هي عبارة عن أمارات حرب ، كل أمارة تحت سيطرة أمير حرب له نزواته وحربوياته ؟
+ إعترف السيد اتني ويك اتني ، المتحدث باسم الرئاسة في جوبا ( يوم الأحد 19 يناير 2014 ) بأن ( قضية السلام بالجنوب ليست متعلقة بمفاوضات اديس ابابا ) ؛ بعربي جوبا مفاوضات فشنك لذر الرماد في العيون لحين تدمير قوات الدكتور رياك مشار .
+ وجاءت الضربة القاصمة وتجاوز مفاوضات أديس ابابا بعقد قمة طارئة لقادة دول منظمة الإيقاد ( جوبا – الخميس 23 يناير 2014 ) في محاولة لحلحلة الأزمة بين الرؤساء مباشرة ، وفي تجاوز لمفاوضات أديس ابابا .
أعلاه يلخص الموقف السياسي والموقف العسكري الميداني عند كتابة هذه السطور ( الثلاثاء 21 يناير ) وربما أنقلب الوضع راساً على عقب عند نشر هذه السطور لاحقاً !
3- حرب البسوس ؟
أما البسوس فهي أمرأة من قبيلة بني شيبان أسمها البسوس التميمية . والحرب التي سماها العرب بإسمها ( حرب البسوس ) قد قامت بين قبيلة بني شيبان وقبيلة تغلب في الجزيرة العربية في عام 494 وإستمرت 40 عاماً ، هلكت فيها القبيلتين بين كر وفر ، وإنتصار لقبيلة على الأخرى مرة ، والأخرى على الأولى مرة أخرى .
هي حرب عبثية بإمتياز ، وتُضرب بها الأمثال في العبثية .
كان سعد الشيباني جاراً في السكن للسيدة البسوس ، وكان له ناقة معقولة ( مربوطة من رجليها ) بالقرب من خيامه .
مر سرب من عير السيد كُليب التغلبي بالقرب من ناقة سعد الشيباني ، ففضت الناقة عقالها ولحقت بسرب العير . رأى كُليب الناقة ( الغريبة ) فعرف إنها ليست له ولا من سربه ، فرماها بسهم ، ماتت على أثره .
عرف سعد الشيباني بمقتل ناقته ، فإشتكى لجارته البسوس ، وكانت شاعرة فحلة . أخبرت البسوس أبن أختها الجساس الشيباني بالحادث وطلبت منه الثار لناقة جارها ، فإمتثل لطلبها الذي صاغته في قصيدة شعرية رائعة ، وقتل الجساس الشيباني كُليب التغلبي ، ثاراً لناقة سعد الشيباني .
ثأرت قبيلة تغلب لمقتل إبنها كُليب وقتلت بعض الشباب من قبيلة بني شيبان . وإستمرت الحرب سجالاُ بين قبيلة تغلب وقبيلة بني شيبان 40 عاماً ، مات خلالها أغلب شباب ورجال القبيلتين ، حتى إندثرت القبيلتين من الوجود .
وكان السبب ناقة سعد الشيباني من قبيلة بني شيبان .
4- حرب البسوس اليوغندية ؟
بدأ الرئيس موسفيني تدخله في الجنوب في المرحلة الأولى ب500 جندي ، زادوا في المرحلةالثانية إلى 1300 جندي مع زيادة مماثلة في التجهيزات العسكرية من دبابات ومدافع ثقيلة وطائرات حربية . وسوف تستمر الزيادات في القوات اليوغندية بمرور الزمن لتضمن النصر المؤزر للرئيس سلفاكير .
ألم تزداد عددية الجيش المصري في اليمن من 12 مستشار عسكري في 26 سبتمبر 1962 في بداية ثورة السلال إلى 70 الف جندي بحلول سبتمبر 1965 ، وخرج المصريون من اليمن ( مَلْعُونِينَ ۖ أَيْنَمَا ثُقِفُوا ، أُخِذُوا ، وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا ) ؟
ألم تزداد عددية الجيش الأمريكي في حرب فيتنام من بضع مستشارين عسكريين في بداية التدخل الأمريكي إلى مليون و500 الف جندي بحلول عام 1974 ، وخسرت أمريكا الحرب ، وأستولت فيتنام الشمالية على فيتنام الجنوبية وطردت الأمريكان ؟
عمل عامل الغبينة الوطنية عامل السحر وأدى إلى فشل معظم إن لم يكن كل التدخلات العسكرية في البلاد الأجنبية !
قطعاً يعرف الرئيس موسفيني قصص التاريخ قديمه وحديثه عن مآلات التدخلات العسكرية في البلاد الأجنبية ، ولكن ماذا تقول مع سكرة النصر ، والرغبة القاتلة في حب الظهور بمظهر المُنقذ للحكومات الأفريقية المستضعفة ، إن كان في جنوب السودان أو الكنغو الديمقراطية أو جمهورية افريقيا الوسطى ؟
صار موسفيني شرطي افريقيا بإمتياز ؟
ولكن ماهي الأسباب التي دفعت الرئيس موسفيني للتدخل العسكري ، باهظ الكلفة خصوصاً في الأرواح اليوغندية ، في الجنوب ؟
وهل يبطل العجب بمعرفة السبب ؟
5- أسباب التدخل ؟
يمكن إختزال الأسباب التي دفعت الرئيس موسفيني إلى التدخل العسكري المهول في الجنوب في النقاط الآتية :
اولاً :
إستغاث الرئيس سلفاكير بصديقه الرئيس موسفيني ، وإنبرش له ، مذكراً إياه بإن 70% من عناصر جيش الحركة الشعبية من النوير ،وكذلك القائد العام ورئيس هيئة الأركان ؛ الأمر الذي سوف يؤدي إلى الإطاحة بنظامه الديمقراطي المتحالف مع نظام موسفيني ، وربما وصلت النيران إلى كمبالا من جوبا .
طلب الرئيس سلفاكير تدخل الرئيس موسفيني قبل أن تصدق المقولة ( أنج سعد فقدهُلك سعيد ) ؟
ثانياً :
طلبت إدارة اوباما من الرئيس موسفيني التدخل ( السياسي ) لحلحلة المشكلة بين الرئيس سلفاكير والدكتور رياك مشار ، وكذلك الأمين العام للأمم المتحدة ، بان كي موون . ولكن تطور التدخل من سياسي إلى عسكري ، لأن الدكتور رياك مشار لم يسمع الكلام . وعملت واشنطون وكذلك الأمم المتحدة أضان الحامل طرشة ، وهي تشاهد القوات اليوغندية داخل مطار جوبا ، ثم في طريق ياي – جوبا ، وفي طريق بور- جوبا ، وفي طريق نيمولي جوبا وهي تصد قوات الدكتور رياك مشار المتقدمة على كل هذه الطرق في كماشة حول جوبا ؛ وأخيراً دخلت القوات اليوغندية بور في طريقها إلى ملكال وبانتيو وحقول النفط الجنوبية .
أمنت القوات اليوغندية الوضع في ولاية جونقلي مما سمح لجيش الحركة التركيز على وإستعادة السيطرة على ملكال ؟
لم تقل أدارة اوباما ولا الأمم المتحدة ولا مجلس الأمن ( بغم ) ؟ الأمر الذي أعتبره الرئيس موسفيني كارت بلانش من المجتمع الدولي لتدخله ، حتى إنه تبجح ودق صدره أمام قادة دول منظمة البحيرات العظمي ( الأربعاء 15 يناير 2014 ) مفتخراً بتدخله السافر في الحرب الأهلية في جنوب السودان ، لصالح الحكومة الشرعية ، وبطلب منها .
ثالثاً :
للرئيس موسفيني مصالح أقتصادية وإستثمارات شخصية مهولة في دولة جنوب السودان ومحمية من الرئيس سلفاكير .ومن ثم الدافع الشخصي الغالب لدعم الرئيس سلفاكير حتى لا تُضار إستثمارات الرئيس موسفيني الشخصية .
رابعاً :
الرئيس موسفيني خاتيهو قرض مع الدكتور ريك مشار . يتهمه بكبائر الأمور ، ومنها :
+ المتمرد اليوغندي يوسف كوني ، قائد جيش الرب شوكة حوت في حلق الرئيس موسفيني منذ عقود . يختبئ كوني وجنده في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية . أخطرت إدارة اوباما الرئيس موسفيني بموقع تواجد كوني وجنده . أرسل الرئيس موسفيني تجريدة للقبض على كوني ، وتدمير قواته . هرب كوني وقواته قبل ساعات من وصول قوات موسفيني .
يتهم الرئيس موسفيني الدكتور ريك مشار ( وكان وقتها نائب الرئيس ) بأنه أخطر كوني بقدوم قوات موسفيني للقبض عليه ، مما مكن كوني وقواته من الهرب . إلتقطت وكالة المخابرات الأمريكية مكالمة هاتفية أجراها الدكتور ريك مشار مع كوني بتلفون الثريا ، قبل ساعات من وصول قوات موسفيني للقبض على كوني .
وغمتها الرئيس موسفيني للدكتور ريك مشار . وجاء اليوم الذي أعاد فيه الرئيس موسفيني الأسانسير للدكتور ريك مشار .
دقة بدقة ، والبادي أظلم .
+ التهمة الثانية هي إتهام الرئيس موسفيني الدكتور ريك مشار بالتواطؤ مع حكومة الخرطوم ، التي لا يكن لها الرئيس موسفيني كثيراً من الود ؟
يخشى الرئيس موسفيني إعادة تأهيل الدكتور رياك مشار ، وعودته للسلطة ، ثم تواطؤه مع حكومة الخرطوم ضد مصالح يوغندة الحيوية . ومن ثم إصرار الرئيس موسفيني علي هزيمة الدكتور ريك مشار والقبض عليه ومحاكمته بتهمة الخيانة العظمى وإعدامه .
حلف الرئيس موسفيني بمواقع النجوم بأنه سوف يقبض على الدكتور ريك مشار طال الزمن أم قصر ؟
السؤال هو متى ؟ وليس هل ؟
إنتظروا ؛ إنا معكم منتظرون!
/////////